آداب العلماء في الإسلام

الخميس 18 شباط , 2021 12:48 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات - إسلاميات

 

آداب العلماء في الإسلام

 

للعلماء الحقيقيين صفات بها يعرفون، وأخلاق عليها مجبولون، وآداب بها متصفون، نذكر منها ما يلي:

 

1- لزوم العلم ومحبته والشغف به، وبذل الوقت للاستزادة منه على الدوام، قال الله تعالى: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً}، وعن عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أتى عليّ يوم لا أزداد فيه علماً، يقرّبني الى الله عز وجل فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم" رواه الطبراني وأبو نعيم في الحلية.

2- العمل بالعلم، لأن العالم الحق لا يخالف فعله قوله، ومن كان قدوة للناس بفعله وسلوكه قبل كلامه وتوجيهه، ومن دعاهم الى الله بسيرته وأخلاقه، قبل دروسه وخطبه، ومن علّم الناس بحاله قبل قاله.

وقال أحد الشعراء:

يا أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم

ابدأ بنفسك فانهها عن عيّها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم

3- خشية الله تعالى كلما ازداد علماً، ومخافته كلما ازداد معرفة بعظمته وقدرته، قال أحدهم:

على قدر علم المرء يعظم خوفه ... فما عالم إلا من الله خائف

فآمن مكر الله بالله جاهل ... وخائف مكر الله بالله عارف

4- الترفع عن سفاسف الدنيا، ولغوها ولهوها ولعبها، وبهرجها وزخارفها وشهواتها الرخيصة. روي أن رجلاً من بني إسرائيل جمع ثمانون تابوتاً من العلم ولم ينتفع به، فأوحى الله الى نبيهم أنه قل لهذا الجامع " لو جمعت كثيراً من العلم لم ينفعك إلا أن تعمل ثلاثة أشياء: لا تحب الدنيا فليست بدار المؤمنين، ولا تصاحب الشيطان فليس برفيق المؤمنين، ولا تؤذ أحداً فليس بحرفة المؤمنين"، قال تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}.

5- التواضع لعباد الله، والشفقة على المتعلمين، والرفق بهم، والتأني في تعليمهم، ومعاملتهم كأبنائه المحتاجين، واحتمال إعراضهم وجفائهم وجهالتهم، والحرص على إنقاذهم من ظلمات الجهالة الى نور العلم والفقه في الدين، قال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ}.

6- الإخلاص في تعليم العلم وبذله للناس، وإرادة وجه الله تعالى به، وطلباً لرضاء الله عز وجل وقربه إليه، فلا يطلب أجراً ولا جزاء ولا ثناء ولا شكوراً، قال الله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ}.

7- التثبت من العلم والتوسع في دقائقه، واصابة لبه، وأن يبلغ فيه مداه، فلا يكتفي ببعضه ولا بقشوره، ولا يعلم بعض مسائله ويجهل ما هو من مستلزماتها ومتمماتها.

8- الالتزام بالحلم والوقار، والأناة وسعة الصدر، إذا لا يزين العلم إلا الحلم ومكارم الأخلاق، وتجنب الرعونة والحمق والطيش والخفة والغضب والتهور وسرعة الانفعال..

9- الصبر على جفاء الجاهلين، وإيذاء الحاسدين، وافتراء الكاذبين وعداوة الجاحدين، قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ}.

10- بذل العلم لأهله، وتبيانه وإيضاحه، وتجنب كتمان شيء منه ضناً به أو ترفعاً على من يطلبه، قال تعالى: {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}.

11- استماع الحجة والقبول بها، والانصياع للحق وإن كان من الخصم، وتجنب الإصرار على الخطأ، قال الشافعي: وددت أن الناس انتفعوا بهذا العلم وما نسب ألي شيء منه، وما ناظرت أحداً قط فأحببت أن يخطئ.

12- الجرأة في الحق، وإظهار عزة العلم، وأن لا يخشى في الله لومة لائم أو غضبة حاقد وإن كان مرا وذلك بالحكمة والعقل والموعظة الحسنة، قال تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء}.

13- إعطاء المتعلم على قدر فهمه، فلا يلقي إليه ما لا يبلغه عقله فينفره، ثم يتدرج به من رتبة الى رتبة. قال الإمام علي: "حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله" رواه البخاري.

14- بذل العلم لمن يقدرونه وينتفعون منه، وإمساكه عمن غيرهم، عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم، وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب" رواه ابن ماجه.

15- إصلاح ظاهره بالاستقامة على الشريعة المحمدية، وباطنه على التقوى وتزكية النفس ومراقبة الله تعالى، لأن العلم ليس لقلقة باللسان، وكلمات جوفاء لا تتجاوز الآذان، وإنما هو نور القلب بخرج من روح متصلة بالله مستقر في القلوب والأرواح لينقلب الى عمل وسلوك، قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}.

16- تجنب الفتيا بغير علم أو تثبت أو تأكد من المسألة، وإحالة الباب الذي لا يعرفه إلى من هو أعلم منه، وعدم الحرج من قول لا أدري أو الأنفة من ذلك، قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}.

17- تجنب المنَّة على المتعلمين ورؤية فضله على أحدهم إذا تعلم وتهذب وتزكى، لأن ذلك مما يحبط الأجر والثواب، ولكن يطلب ذخره عند الله، ويرى الفضل للمتعلم الذي كان السبب في رفع درجاته، وزيادة حسناته.

18- أن يتبع طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في زجر المقصرين، ومحاسبة المذنبين وذلك بالتعريض دون التوبيخ، وبالتلميح دون التصريح.. كأن يقول " ما بال أقوام".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل