فضل طلب العلم في الإسلام

السبت 20 شباط , 2021 02:13 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات - إسلاميات

 

فضل طلب العلم في الإسلام

 

كلنا يعلم أن أول ما نزل من القرآن الكريم أن أمر الله تعالى نبيه بالقراءة: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ}، ومنّ على الإنسان بالإنعام عليه بالعلم: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}، ثم أقسم في ثاني سورة بالكتابة وأدواتها {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ}، ثم تتالت الآيات في بيان فضل العلم كقوله تعالى: {هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا}، وفي الحث على التعلم كقوله تعالى: {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ}، وفي تكريم العلماء كقوله جلّ وعلا {قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}.

وتمت معجزة الدين الجديد بالقضاء على ظلام الجهل والخرافة والأمية، ونشر مشاعل العلم والحكمة والحضارة والمعرفة في أرجاء الأرض، وليس هناك من دين سماوي أو نظام وضعي حض على العلم وقدسه وأمر بتحصيله وتحكيمه في كل خطوة من خطوات الحياة وفي كل ميادينها كما فعل الإسلام.

ففي وقت كان العلم محظوراً على الرعاع من الناس، ومقصوراً على طبقة الأشراف والنبلاء، لم يبح الاسلام العلم وإنما جعله فريضة على جميع معتنقيه، قال صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" رواه ابن ماجه  وتبرأ من كل جاهل فقال عليه الصلاة والسلام: "ليس مني إلا عالم أو متعلم" رواه الديلمي. وجعله بمنزلة الحيوان الأعجم فقال: "الناس رجلان: عالم أو متعلم، ولا خير فيمن سواهما" رواه الطبراني عن ابن مسعود.

وجعل العلم طريقاً الى الفوز بالجنة فقال صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً الى الجنة" رواه مسلم، وجعل طالبه حبيب الملائكة الذين يقومون بتأييده ومعونته، قال عليه الصلاة والسلام: "إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاء بما يصنع" رواه أبو داود عن أبي الدرداء، وبين أن القليل منه، خير من كثير العبادة فقال صلى الله عليه وسلم: "لأن تغدو فتتعلم باباً من العلم خير من أن تصلي مائة ركعة" رواه ابن عبدالبر عن أبي ذر، وقال: "فضل العلم خير من فضل العبادة" رواه الطبراني والحاكم. وجعل طلبه جهاداً في سبيل الله فقال عليه الصلاة والسلام: "من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع" رواه الترمذي عن أنس، وأجره كأجر من ظفر بحجة تامة فقال: "من غدا الى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه كان له كأجر حاجّ تاماً حجّته" رواه الطبراني عن أبي أمامة.

 وسبباً في مغفرة الذنوب وتكفير الخطايا فقال: "ما انتعل عبد قط ولا تخفف ولا لبس ثوباً في طلب علم إلا غفر الله له ذنوبه حيث يخطو عتبة داره" رواه الطبراني عن علي، وأمر بطلبه إن فقد في بلده ولو في آخر الدنيا فقال عليه السلام: "اطلبوا العلم ولو بالصين" رواه ابن عدي والبيهقي عن أنس.

وجعل أثره بعد موت صاحبه عملاً مستمراً له وأجراً باقياً وثواباً جارياً في صحيفته فقال صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم عن أبي هريرة.

ولئلا يفهم الناس أن المقصود من العلم هو علم العبادات والمناسك فقط حث القرآن في آياته على تتبع علوم الكون كله، واستنباط أسراره وتعلم قوانينه والاستفادة من نظامه ودقة نواميسه قال سبحانه: { أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ}، وقال تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ}.

 وأشار في محكم تنزيله الى بعض علوم السماء والأرض، والنبات والحيوان، والأجنة والفلك، والسياسة والاجتماع، والمعاملات الاجتماعية والعلاقات الدولية، ومن وحي هذه التعاليم الاسلامية لم تمض فترة وجيزة إلا وصار كل بيت قبلة، وكل سوق مدرسة، وانقلبت الصحاري والمراعي الى منابع للنور والحكمة وفنون العلم والمعارف، ثم انطلق المسلمون الى أصقاع الأرض ينشرون هذا العلم بين الناس، ويبصرونهم سبل سعادتهم، ويدلونهم على حقيقة إنسانيتهم، وأسرار خلقهم.. ويبثون حضارة ما عرفت الإنسانية أعظم منها هدفا ولا أنبل منها غاية ولا أرحم منها على بني الإنسان.

إنها رسالة الإسلام التي لخصها صاحبها عليه الصلاة والسلام بقوله: "إنما بعثت معلماً، إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" رواه أحمد والحاكم عن أبي هريرة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل