تحذيرات من "الإنتقام" الأميركي.. أخطر سيناريوهات الرّد على الإتفاق السعودي-الإيراني! ـ ماجدة الحاج 

الأربعاء 15 آذار , 2023 09:35 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات 

رسالة "ثلاثيّة" ساخنة عبرت اليوم "الى من يهمهم الأمر" على متن انطلاق مناورات بحريّة مشتركة بين ايران-روسيا والصّين شمال المحيط الهندي، بُعّيد ايام قليلة على "قنبلة" الاتفاق السعودي-الايراني التي فجّرتها الصّين بوجه الولايات المتحدة في أَوج حراكها المكثّف في المنطقة و"تحشيد" دوَلها سيّما الخليجيّة وقرع طبول الحرب ضدّ "العدوّ المشترك"..لتأتي الصّفعة المدوّية في يوم جمعة "اسود" على الثنائي الأميركي-"الإسرائيلي" معا لتخلط كلّ الاوراق في لحظة مفصليّة قاتلة.. فجاءت "صدمة" الإعلان عن اتفاق سعودي –ايراني لعودة العلاقات بينهما برعاية " العدوّ الأكبر" للولايات المتحدة..الصّين، لتدخل عبره كقوّة عظمى على الساحة العالميّة، والتي آثرت "تفجير" قنبلة نجاحها في في جمع "النّقيضَين" تحت خيمة الاتفاق التاريخي، تزامنا مع زيارة وزير الحرب الأميركي للمنطقة التي اعتُبرت ايذانا بقرب الهجوم على ايران. 

اتفاق سعودي-ايراني اتى في توقيته بمثابة "زلزال سياسي كبير" فاجأ الجميع في لحظة الاعلان عنه، وسجّلت فيه الصّين-كما روسيا التي كان لها دورها ايضا في التوصّل اليه، وبطبيعة الحال الجهود العراقية والعُمانية.. نصرا كبيرا في وجه الولايات المتحدة خصوصا وانّ كل محطات التفاوض التي جرت على مدى عام  ونصف العام، احاطها الرّاعي الصيني بتكتّم شديد وصولا الى المحطّة الأخيرة في بكين، وجاء وقع الاعلان عن الاتفاق ومكانه ومشهد توسّط كبير الدبلوماسيين الصّينيين وانغ يي، الامين العام للمجلس الاعلى للأمن القومي الايراني علي شمخاني، ومستشار الأمن القومي السعودي مسعد بن محمد العيبان، "صادما" في الولايات المتحدة-التي لم تستطع طيلة هذه المدة رصد اي خيوط لما يتمّ حبكه في المعسكر الآخر.. 

ولعلّ ما علّقت عليه صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية غداة الاعلان عن الحدث الكبير، يوصف بدقّة مدى " قساوته" في الاروقة الاميركية حيث اعتبرت الصحيفة "انّ تجديد العلاقات الايرانيّة-السعودية نتيجة الوساطة الصّينيّة هو خسارة وخسارة وخسارة للمصالح الأميركية"، مضيفة انّ هذا الاعلان يُمثّل "تحدّيا جيوسياسيا للولايات المتحدة وانتصارا للصّين"، فيما جاء وقع هذا الاتفاق كالصاعقة على رأس "اسرائيل"- وبنيامين نتنياهو تحديدا، وهو الذي منّى نفسه بقرب التطبيع مع  السعودية لتشكّل "رافعة" الدول الخليجية خلف "اسرائيل" عند الهجوم على ايران.. 

امّا وانّ هذا الإتفاق ليس بالحدث العادي الذي يمكن ان "تهضمه" الولايات المتحدة، بل هو حدث جيو-استراتيجي كبير وانتقال الى معسكر آخر من شأنه ان يخلط كلّ الاوراق في الساحة الدولية، في وقت "تستميت" الادارة الأميركية لكسر روسيا في المنازلة المحتدمة على المسرح الأوكراني للإنتقال الى مقارعة الصّين.. وأما وانّ العالم قبل الحرب الروسيّة-الأطلسيّة لن يكون كما بعدها، فنظام عالمي جديد قيد التشكّل "متعدّد الأقطاب" بعيدا عن الهيمنة الأميركية المطلقة، بات يحتّم "فرط" اصطفافات معهودة وحبك أخرى..وعليه بدأت  السعودية "تكويعة" لافتة بعيدا عن المظلّة الأميركية التاريخية، حين رفضت تنفيذ املاءات الرئيس الاميركي جو بايدن خلال زيارته للمملكة بخفض اسعار  النفط، وذهبت بدل ذلك الى توقيع اتفاقيات استراتيجية مع الصين إبّان زيارة الرئيس الصيني لها نهاية العام الماضي. 

يصبح السؤال الكبير ومتفرّعاته:  

"ماذا بعد هذا الحدث –الزلزال؟ وهل التفاؤل الكبير الذي ارساه لناحية انعكاس  نتائجه في "تبريد" ساحات المنطقة الملتهبة يُعتبر مشروعا؟ هل ستقف الولايات المتحدة متفرّجة ازاءه خصوصا وانّ دولا خليجيّة وعربية اخرى لطالما ركنت تحت عباءتها  قد تلحق بركب السعودية في الانفتاح على ايران والتوجّه شرقا؟  هل ستتفرّج الولايات المتحدة على " فرط عقد" تابعيها التاريخيين وتوجههم الى معسكر " عدوّها اللدود"؟  

فهي نفسها الولايات المتحدة التي جرّت اوروبا كلها الى الحرب ضدّ روسيا  وأجبرتها على التخندق حيث تريد.. وهي نفسها الولايات المتحدة الواثقة بقدرتها على افتعال ايّ حدث عسكري في المنطقة لخلط الاوراق مرّة اخرى وإعادة  "المتمرّدين" الى" بيت طاعتها " والاصطفاف وراءها عند وقوع المواجهة مع ايران.. فكيف ستردّ الولايات المتحدة على هذا الاتفاق؟ وفي ايّ ساحة؟ هل تُلوّح بملفّ حقوق الإنسان للتصويب على السعوديّة؟ اليوم بادر اعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي، الى المطالبة بالرّد على المملكة عبر هذا الملف.. ام  تذهب ابعد من ذلك عبر احداث انقلاب يُطيح بوليّ عهدها؟ ام تتجاوز الأمر الى ما هو اخطر؟ كأن يُعاد سيناريو اغتيال الملك فيصل عام 1973 ؟ ام تسدّد ضربات –عبر الذراع "الإسرائيلية" على المنشآت النوويّة الايرانية؟ او التحرّش عسكريّا بساحات المحور الأخرى لإعادة خلط الأوراق؟ .. العبث بالدّاخلَين اللبناني والسوري ليس مستبعدا ايضا في هذه المرحلة. 

يقول المحلّل السياسي الروسي الكسندر نازاروف،" إنّ هجوم الولايات المتحدة و"اسرائيل" على ايران هو مسألة وقت لا اكثر، والتحرّك السعودي-الايراني  المشترك لتطبيع العلاقات بينهما خفّض من قدرة الولايات المتحدة على تحقيق  اهدافها ولكن، للمفارقة، جعل الحرب اقرب الى حدّ كبير، واذا لم يحدث ذلك عاجلا فسيحدث عند اول اشتباك عسكري مع الصّين بضمان 100 %". ويرى نازاروف  انّ واشنطن لن تتأخّر كثيرا في بدء هذه الحرب "لأنّ قتال دول الخليج في صفّ الولايات المتحدة يتضاءل مع كل شهر يمضي". 

ثمّة من يرى انّ من مصلحة الولايات المتحدة الان المبادرة الى "قلب الطاولة"  على رؤوس الجميع لإعادة خلط الأوراق مجددا..هل تسعى الى محاولة تفجير المنطقة من البوّابة الايرانية وهي الغارقة "حتى اذنيها" في مواجهة روسيا على الارض الاوكرانيّة لكسرها حتى لو ادّى ذلك الى نفاذ مخازن اسلحتها وأسلحة "الناتو".. فهل تستطيع الإنخراط في حربَين في آن واحد؟..حربٌ ثانية في المنطقة تتورّط فيها الولايات المتحدة لن تكون "مزعجة اطلاقا" لروسيا-بوتين في اوج  استعار الحرب الأوكرانية، بل "نعمة مطلقة" للرئيس بوتين – وفق توصيف  الباحث في معهد هادسون الأميركي والتر راسل..طالما انها سترفع اسعار النفط ما يؤدي الى ملء خزائن موسكو بالمليارات ويزيد الضغوط على اوروبا.. 

تكشف معلومات صحفيّة روسيّة-نقلا عن "مصدرّين بارزَين في المنطقة"، عن  ايعاز اميركي لتكثيف الضربات "الإسرائيلية" على سورية في المدى المنظور.. ماذا لو طالت هذه المرّة منشآت حيوية او عسكرية تندرج ضمن الخطوط الحمر؟ امرٌ حمله الرئيس السوري الى موسكو وتمّت مناقشة تفاصيله بين وزيرَي دفاع البلدَين-وفق اشارة المعلومات، والتي رجّحت حصول "تطوّر خطير" قد يكون  مرتقبا على الحدود الشمالية ل "إسرائيل".. الا انّ اللافت عدم استبعادها "هزّة" ضخمة في الداخل "الاسرائيلي" يُعيد سيناريو اغتيال اسحاق رابين الى الواجهة!


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل