هذا ما دفع السعودية للعودة إلى سورية... وإنتهاء الأزمة مرهون بصدقية الإدارة التركية ــ حسان الحسن

السبت 25 آذار , 2023 10:37 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ما تشهده سورية من تطوراتٍ على مستوى إعادة تفعيل علاقاتها السياسية والدبلوماسية مع بعض الدول الخليجية، كان آخر هذه التطورات، إعلان عودة إفتتاح القنصليات بين سورية والسعودية، وزيارة وزير خارجية "المملكة" المرتقبة للعاصمة السورية في وقتٍ قريبٍ. لاريب أن هذه المستجدات المذكورة تشكّل إنفراجًا على صعيد العلاقات العربية- العربية، وأيضًا على صعيد العلاقات الإنسانية بين هذه البلدين المذكورين، بعد إنقطاعٍ في العلاقات السياسية والدبلوماسية منذ عقدٍ ونيّف.

ولعل أبرز نتائج عودة الحرارة إلى العلاقة بينهما، هي إستعادة سورية لمقعدها في جامعة الدول العربية، إثر عودة العلاقات المذكورة في شكلٍ رسميٍ. كذلك بعد إعلان دولة قطر دعمها للمبادرة الأردنية المزمع إطلاقها في سورية، التي تقوم على دورٍ عربيٍ مباشرٍ، ينخرط مع الحكومة السورية في حوارٍ سياسيٍ، يستهدف حل الأزمة، ومعالجة تداعياتها. فكل هذه المستجدات المذكورة آنفًا، تؤشر إلى قرب إسترجاع دمشق مقعدها في الجامعة العربية، بالتالي عودة التوزان في العلاقات العربية، الذي إختل بعد الحرب الكونية على سورية، وتعليق عضويتها في هذه الجامعة.

وكان من أبرز نتائج هذا التوازن وتأثيره المباشر في مجريات الأوضاع في المنطقة، وفي لبنان بخاصةٍ، هي رعاية سورية والسعودية لإتفاق الطائف 1990. هذا على سبيل المثال لا الحصر. وما أسهم في شكلٍ أساسيٍ في عودة الحرارة إلى العلاقات الثنائية بينهما، هو التغيير الذي إنتهجته المملكة في سياستها الداخلية، على المستويين الإقتصادي والتنموي، كذلك بعد إتجاهها إلى إعتماد السياسة "الصفر مشاكل" حيال جيرانها، ودول المنطقة، وفي مقدمها إيران، بعد إعلان عودة العلاقات الدبلوماسية الإيرانية- السعودية، ليتسنى للمملكة التفرّغ لإنجاح مسيرتها التنموية والتطويرية التي يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، التي تتطلب إستقرارًا في العلاقات مع دول الجوار.

فلاريب أن مشاريع التحديث الاقتصادية والتكنولوجية في السعودية تحتاج إلى استقرار لجذب المستثمرين. لذا لم يعد في سلم أولويات المملكة مواجهة "المد الفارسي" في المنطقة، ما إنعكس إيجابًا على تفعيل العلاقات السورية- السعودية. بعد إنخراط السعودية في الحرب الكونية على سورية، بذريعة "تحجيم" النفوذ الإيراني في المنطقة. أما المستجد الأبرز في السياسة الدولية السعودية، هو إنتهاج المملكة لسياسةٍ متوازيةٍ مع سياسة الولايات المتحدة الأميركية، على مستوى العلاقات الدولية، إذا صح التعبير.

فلا تزال تحافظ على علاقتها التجارية مع واشنطن. وفي الوقت عينه تقيم السعودية علاقاتٍ دوليةٍ متوازنةٍ مع الدول الكبرى، وفي مقدمها: روسيا والصين. أي أن حال المملكة اليوم، ليس كما كان في منتصف آذار 2011، تاريخ بدء الحرب الكونية على سورية. رغم هذه الإنفراجات على مستوى العلاقات الثنائية بين دول المنطقة، تحديدًا بين دمشق والرياض، ولكن كل ما ذكر آنفًا، لا يعني أن الأزمة السورية شارفت الإنتهاء، خصوصًا لناحية الإمعان الغربي في إستمرار محاولة عزل سورية عن المجتمع الدولي. ولا يمكن الحديث جديًا عن هذا الأمر، قبل عودة العلاقات السورية- التركية المرتقبة، على إعتبار أن تركية هي الدولة الأكثر تأثيرًا في الحرب على سورية. لما لها من حدودٍ مشتركةٍ طويلةٍ تبلغ مساحتها نحو 909 "كلم".

وكون أنقرة هي الداعم الأساسي للتنظيمات "المعارضة" المسلحة، كذلك تؤمّن الإدارة التركية الحماية والرعاية "للمعارضين" وعائلاتهم على الأراضي التركية والسورية المحتلة. فمعلوم ألا حل شامل للأزمة السورية، وعودة دمشق إلى ما كانت عليه قبل العام 2011، تحديدًا لجهة الإنفتاح الدولي عليها، قبل حل أزمة النزوح إلى دول الجوار، والبدء بالعملية السياسية، اللذين يشكلان المدخل الأساسي لإعادة الإنفتاح الدولي على سورية، وهذا الأمر مرهون بدايةً، بصدقية التعهدات التركية أمام الجانبين الروسي والإيراني، بتحديد جدول زمني لإنسحاب الإحتلال التركي من الأراضي السورية، الكف عن دعم الفصائل الإرهابية المسلحة، والإسهام في عملية إعادة النازحين إلى ديارهم.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل