رجال أسهموا في إنجاز التحرير... سيد المقاومة: قاتلنا بالسلاح السوري... وانتصرنا ـ حسان الحسن

الجمعة 26 أيار , 2023 09:01 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يحتفل العالم الحر في هذه الأيام بعيد المقاومة والتحرير، في الذكرى الثالثة والعشرين لاندحار الاحتلال الإسرائيلي وعملائه من الأراضي اللبنانية المحتلة في الجنوب. لاريب أن هذا الإنجاز العظيم في تاريخ العالم العربي والمنطقة، وما تلاه من إنجازاتٍ كبيرةٍ، حققتها المقاومة اللبنانية، وفي طليعة هذه الإنجازات، انتصار هذه المقاومة على العدوان الإسرائيلي في تموز 2006، ثم تحرير الأسرى اللبنانيين وسواهم من معتقلات هذا الاحتلال. إلى تثبيت معادلة الردع الاستراتيجي التي فرضتها المقاومة لحماية لبنان من العدو عينه، يعود كل ذلك بالفضل الكبير لسورية وقيادتها وجيشها، بتأكيد قائد المقاومة الأمين لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي قال في كلمةٍ له في تموز 2012، " إن أهم الأسلحة التي قاتلنا بها العدو في تموز 2006، هي من سورية". وقبل ذلك، في تسعينيات القرن الفائت، قال سيد المقاومة: "لولا الشقيقة سورية لطعنّا خناجر في خواصرنا". وهنا نستذكر أيضًا، الحديث القدسي الذي كان يردده السيد نصر الله في خطبه: "من لا يشكر الناس لايشكر الله". لذا لا بد من الإضاءة قليلًا على مواقفٍ وطنيةٍ مشرّفةٍ، ودعمٍ غير محدودٍ أو مشروطٍ، أسهمت بفاعليةٍ في إنجاز انتصاري أيار 2000 وتموز 2006، وقبلهما إرساء ما سميّ بـ"تفاهم نيسان" 1996 الذي أسس لإنجاز (التحرير 2000) ، حيث تم تشكيل لجنة لمراقبة تطبيقه ضمت ممثلين عن كل من: الولايات المتحدة، فرنسا، سورية، لبنان، والكيان الصهيوني. وقد أقرّ هذا التفاهم المكتوب هذه المرة وبرعاية الأمم المتحدة، بأحقية المقاومة في تنفيذ عمليات عسكرية لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، وحماية المدنيين اللبنانيين، فمن الواجب الأخلاقي والوطني، وعرفانًا بالجميل لأصحاب هذه المواقف وداعمي لبنان ومقاومته حتى الساعة، من دون أي انقطاعٍ، وفي أحلك الظروف وأصعبها، لا بد من استحضار بعض من هذه المواقف، واستذكارها في يوم التحرير، على اعتبار أنها المساهم الأساس في تحقيقه.

وكان في طليعة أصحاب المواقف النبيلة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، والرئيس اللبناني السابق فخامة المقاوم العماد إميل لحود، كما أطلق عليه السيد نصر الله. هتان القامتان الكبيرتان اللتان حمتا المقاومة وإنجازاتهما. ففي العام 1991، وغداة تسلم العماد لحود قيادة الجيش اللبناني موحدًا، قام بجولةٍ ميدانية على وحدات الجيش المنتشرة في الجنوب، تحديدًا على الخطوط الأمامية في مواجهة العدو الإسرائيلي، وطلب من قادة هذه الوحدات تسهيل مهمة المقاومة في تلك المنطقة، شرط أن لا يقترب مجاهدوها من المواقع العسكرية. من دون أن تربط العماد لحود أية علاقةٍ أو معرفةٍ بقادة ومسؤولي هذه المقاومة، والدافع الوحيد خلف تعليمات قائد الجيش، هو تحرير الأرض، وهنا بدأ التأسيس الأول لعهد المقاومة والتحرير، بإسهام كبيرٍ من سورية وقائدها الرئيس حافظ الأسد. وكان التحوّل الكبير في مسار حماية المقاومة ودورها في العام 1993، يوم اجتمع مجلس الوزراء اللبناني، بطلبٍ خارجيٍ، وبغطاءٍ من الأمم المتحدة، وطلب في حينه من قائد الجيش العماد إميل لحود، نشر الجيش اللبناني في الجنوب، والقضاء على المسلحين، على حد تعبير رموز السلطة اللبنانية. وذهب رئيس حكومة أسبق إلى حد الطلب من لحود، حرق المقاومة بـ “lance flame” الذي يستخدم لحرق الأعشاب اليابسة.

وفي السياق، لم يخفِ وزير خارجية أسبق بغضة للشباب الذين دافعوا ويدافعون عن لبنان، وقال لقائد الجيش: "بدك تخصلنا بقى من لي مسمايين حالهم مقاومة". غير أن القائد كان رده حاسمًا بالقول: " فتشوا على قائد جيش غيري". إثرها اتصل بزوجته، وقال لها: "سنذهب إلى منزلنا في بعبدات، حيث سنمضي فيه فترة نقاهةٍ، لأنني سأستقيل من قيادة الجيش". وبحسب المعلومات الواردة في حينه، فقد زار مساعد مدير المخابرات في الجيش اللبناني العقيد جميل السيد دمشق، والتقى معاون نائب مدير إدارة المخابرات العامة في سورية اللواء محمد ناصيف المقرّب من الرئيس حافظ الأسد، وأخبره السيد بقرار مجلس الوزراء المذكور آنفًا، وبرد قائد الجيش على رئيس الحكومة. فقام ناصيف بدوره، بإبلاغ الأسد بما حدث في لبنان. إثر ذلك، طلب الرئيس السوري من رئاسة الأركان في الجيش السوري، دعوة قائد الجيش اللبناني إلى سورية، وتنظيم جولةٍ له على أبرز مقار القوات المسلحة، والجندي المجهول، ثم القصر الجمهوري، لعقد لقاءٍ بين الأسد ولحود. عندها ظن أن الهدف الأساسي من دعوته إلى دمشق، هو للضغط عليه، لتنفيذ قرار مجلس الوزراء المذكور أعلاه. وبعد انتهاء جولته العسكرية، عقد لحود لقاءً مع الأسد الأب، الذي بادره بالسؤال "لماذا رفضت قرار مجلس الوزراء، الذي تخضع القوات المسلحة لسلطته؟"، فأجاب الجنرال قائلًا :"يا سيادة الرئيس، ضميري لا يسمح لي أن أوجه ضربةً عسكريةً لشباب أرادوا تحرير أراضيهم من الاحتلال الإسرائيلي، وأنا تربيت في منزل والدي على رفض أي أمرٍ، لا يرضي ضميري". وتابع لحود: "في كتير غيري بيتمنوا، عندها رد الأسد بالقول: "نحن كنا نتابعك، منذ كنت تلميذًا في الكلية الحربية، فأنت نجل الضابط ابن جبل لبنان، الذي درس في الكلية الحربية لجيش الشرق في دمشق في زمن الانتداب الفرنسي، التي انتقلت إلى حمص، فكان التلميذ الضابط جميل لحود، يبارز ويتحدى أي تلميذاً آخر، يستهزئ بالعروبة، أو يقلل من شأنها. وتوجه الرئيس السوري إلى الجنرال بالقول: "سورية كانت وستبقى داعمةً للخيارات الوطنية، عندها زال الشك الذي راود لحود. وعاد إلى مكتبه في اليرزة مطمئنًا بعد لقائه الأسد. ومذاك، بدأت مرحلةٌ جديدةٌ، من مسيرة دعم المقاومة التي قادها لحود، ومهّدت الطريق أمامه للوصول إلى قصر بعبدا في العام 1998، فكان عهد المقاومة والتحرير، الذي حقق لبنان خلاله انتصاري أيار وتموز.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل