لبنان... بانتظار رئيس لا تنقله حقيبة سفر! ــ أمين أبوراشد

الأربعاء 31 أيار , 2023 09:32 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

إنطلقت المواكب السيارة في بعض مناطق عكار وطرابلس وبيروت، على وقع أزيز الرصاص والمفرقعات والهتافات، إحتفالاً بفوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية رئاسية جديدة، حتى قبل أن يبدأ "أهل العريس" بالإحتفال في تركيا، علماً بأن أقصى ما يحصل عليه المحتفلون في لبنان بأي عرس إقليمي، لا يتعدى "كرتونة إعاشة"، وتركيا اليوم وسط تداعيات الزلزال وانهيار الليرة، تحتاج لمن يُعِيشها ويغيثها، والفورات العاطفية الإنفعالية التي اعتاد عليها الشعب اللبناني، ليست من أجل علبة فول "مُنفِّخة" بقدر الرغبة في نفخ المذهبية ونثرها كما "الأرزّ المُسوِّس" في كل شارع طائفي على امتداد الأراضي اللبنانية الفالتة من كل أنواع الإنضباط الوطني.

ما يجب الإعتراف به، أن تركيا على المستوى الإقليمي، أعطت درساً في الديمقراطية على أعين مراقبين دوليين، شرَّعت لهم أبواب أقلام الإقتراع وكل الدوائر المُشرفة على العملية الإنتخابية، ونحن المحتفلين بديمقراطيتها في لبنان، شيَّعنا الديمقراطية الى مثواها الأخير عندما توافقنا على الديمقراطية التوافقية.

في رحلته الى الفاتيكان وفرنسا، يحمل البطريريك الراعي في حقيبته إسم جهاد أزعور كمُرشح يمكن أن يتوافق عليه المسيحيون- بصرف النظر عن رأينا بمسيرة جهاد أزعور وسيرة الحكومات الحريرية-وقد سبق البطريرك الى الخارج كثيرون، وقد يلحقه الكثيرون من الشخصيات اللبنانية الساعية الى تحقيق خرق رئاسي، وفي حقائبهم أكثر من إسم أساسي، إضافة الى أسماء رديفة على سبيل الإحتياط، تماماً كما تجارة الخُردة: إذا لم يعجبكم هذا فلدينا ذاك، ويعودون لغاية الآن بخُفَّي حُنين مع جوابٍ واحد من الأجانب الإقليميين والدوليين: توافقوا أنتم في الداخل على الرئيس.

أي توافق داخلي؟ وقد وصلت الرسالة الى البطريريك الراعي قبل أن يقطع تذكرة السفر إلى الفاتيكان وفرنسا، عن رفض أطراف أساسيين لجهاد أزعور، ولا حتى للأسماء الإحتياطية سواء كان زياد بارود أو مَن يليه في سُبحة الأسماء التي يحرقونها، في زمنٍ لم يعُد كما زمن البطريرك الحويك، كي لا نظلم البطريرك الراعي في أية عملية مقارنة.

ونحن في لبنان لم نعُد نُقارَن بأحد، لا بتركيا التي أعلنت عن فوز المرشح الرئاسي بعد ساعتين من إقفال صناديق الإقتراع، ولا بأية دولة قادرة على ممارسة ديمقراطيتها، لا على مستوى انتخاب رئيس جمهورية ولا حتى مختار ورئيس بلدية، وخزينة دولة منهوبة عاجزة عن مصاريف أية انتخابات، لا بل عن تأمين طابع ألف ليرة للطالب الراغب بتقديم امتحانات رسمية، لأن الطوابع ثمنها خمسمئة ضعف في السوق السوداء التي بلون قلوب طبقة سياسية معدومة المسؤولية والحياء.

نُفرقع ونُهلل للجميع إلا للبنان، ونحتسب أنفسنا ضمن ديمقراطيات العالم وسط عالمٍ عربي من الممالك والإمارات والتجديد لرؤساء على قاعدة 94% وما فوق، ورغم ذلك تأقلم البعض في الإقليم مع دكتاتوريتهم السياسية وبنوا دولهم، ونحن نتقاتل على ديمقراطية توافقية لأن طائفيتنا مرض ومذهبيتنا تنخر العظام.

وعلينا أن نُسلِّم جدلاً، أن كل إسم طُرِح لغاية الآن قد احترق من طارحيه قبل الآخرين، وليست العلة في سليمان فرنجية ولا جبران باسيل ولا ناجي البستاني ولا إبراهيم كنعان ولا حتى جهاد أزعور، ولا كل الأسماء التي تنهمر لتحترق بقاشوش الباصرة، بل العلة في الجالسين على الطاولة الذين يقول عنهم الغرب والشرق أن لا خلاص للبنان سوى بالخلاص منهم، حتى ولو اعتكفوا على طريقة وليد جنبلاط من الحزب الإشتراكي بهدف توريث تيمور!

ومشكلة الطبقة السياسية في لبنان ان الخارج يعرف حقيقتها اكثر من الداخل، مع الإختلاف، أن هذا الخارج يعاقبها سواء بالحصار أو بالعقوبات، ويدفع مساكين الداخل كل الأثمان، ولا يجب تحميل فرنسا أو سواها وزر التوافق على رئيس، طالما أن كل المبادرات الفرنسية تحمل "غرين كارت" أميركي ولكن، أية مبادرة يجب أن يتمّ ختمها في الرياض اولاً قبل وصولها الى بيروت، والتوافُق التاريخي بين الرياض وطهران مؤخراً، لا يعني أن السعودية قد تمرر بهذه السرعة مرشحاً محسوباً على إيران وسورية، لأن الملف اللبناني لا يحمل صفة العجلة بالمقارنة مع الملف اليمني وسائر الملفات الخلافية في الخليج العربي أو الفارسي لا فرق!

ولمَن يتساءل عن نهاية النفق الرئاسي في البحث عن رئيس أكبر من أن تنقله حقيبة سفر ومفروضاً على الجميع، فإن بصيص النور هو في لبنان وبأيادٍ لبنانية فقط، دون نكران التأثير السعودي الإيراني في الشارع الشعبي اللبناني، على شرط، أن يُكابر الكبار عندنا عن لعبة الكباش الداخلي مع الآخر الرافض لمن هم "يتكبَّشون" به وسط الفراغ المُوحِش، لأن كل المبادىء تفرغ من مضمونها مع فراغ جيوب اللبنانيين وبطونهم، ولن يدفع الثمن سوى بعض أصحاب لعبة الكباش، لأن الشعب لم يعُد لديه ما يدفعه ولا ما يخسره، ومَن يدري، قد يكون آخر الدواء الكيّ بالعماد جوزف عون أو مَن يُماثله ولكن متى؟ بعد كيّ اللبنانيين حتى الإحتراق؟؟؟ !!


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل