أقلام الثبات
إنتهت الهدنة بين الكيان "الاسرائيلي" وحماس صباح اليوم الجمعة لتعود لغة النار هي السائدة في غزة.
وزير الحرب يؤاف غالنت، هدّد ليلة امس بأنّ القتال المرتقب سيكون في جميع انحاء القطاع، داعيا للإستعداد، للإنتقال سريعا الى القتال في ايّ لحظة".. وفيما بدأت وسائل اعلام عبرية التركيز على "التجهّز الاسرائيلي" لشنّ هجوم كبير على جنوب غزة بعد انتهاء الهدنة، انهمكت اروقة سياسية وامنية في لبنان، بتحليل مضمون رسالة حُمَلت الى الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الذي حطّ في بيروت منذ ايام، وفيها تحذير من "عمل اسرائيلي ما مرتقب ضدّ لبنان".. قبل ان تكشف معلومات عن هجوم "اسرائيلي" نُفّذ امس على مستودعات صواريخ دقيقة وطائرات بدون طيّار تتبع لحركة "انصار الله" في صنعاء اليمنيّة- حسبما ذكرت قناة "الحدث" السعودية..
ووسط التساؤلات الان حيال وُجهة الميدان في غزة بعد انتهاء الهدنة، عقب تأكيد المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري مصادقة رئيس الاركان على خطة العملية العسكرية جنوب القطاع.. يبرز التصويب "الاسرائيلي" على خان يونس – حيث تتهم "اسرائيل" زعيم حماس في غزّة يحي السنوار بإدارة عمليّات الحركة من انفاق المدينة، وترجّح وسائل اعلام عبريّة ان تكون خان يونس هي وُجهة الهجوم "الاسرائيلي" المزعوم الاولى، "وحيث من المرجّح ان يكون القتال هناك أسوأ مما حدث في شمال غزة"- حسبما رجحت صحيفة "ايكونوميست" البريطانية منذ ايام، قبل ان تؤكد صحيفة "فاينانشل تايمز" اليوم، "انّ اسرائيل تنوي اجتياح جنوب غزّة، ونقلت عن مسؤول عسكري "اسرائيلي" وصفته ب "رفيع المستوى"، قوله "إنّ اهداف الهجوم ستشمل بشكل اساسي تصفية ثلاثة من كبار قادة حماس وهم يحي السنوار، محمد الضيف ومروان عيسى"!
صحيفة "ايكونوميست" التي توقعت "مرحلة قتال تعقب الهدنة اصعب وأكثر إثارة للجدل"، كانت لفتت الى انّ "عملية تبادل الرهائن قد تستمر بضعة ايام اخرى، لكنها ستنتهي"،واعتبرت انّ "هكذا هجوم ستعترضه عقبات كثيرة اهمها انّ المنطقة مكتظّة بالمدنيين النازحين".. لكنّ حسابات ادارة الرئيس جو بايدن تناقض ما توقعته الصحيفة البريطانية. فالاخير بات في سباق مع الوقت مع بدء العدّ العكسي للانتخابات التمهيدية المرتقبة في كانون الثاني القادم، ويجهد الان للإبتعاد عن اي ضوء اخضر يسمح بهجوم "اسرائيلي" واسع النطاق على جنوب غزة كما فعل حيال شمالها، ولربما بات هدفه الان احتواء الحرب في المنطقة قبل حلول موعد الانتخابات، فالحرب على غزّة وما رافقها من مجازر مروّعة بحق المدنيين ادّت الى احتجاجات عارمة حول العالم نُصرة لغزّة وشكّلت ضغوطا شعبية قصوى في الداخل الاميركي نفسه، وباتت ادارة بايدن تواجه معارضة داخلية وُصفت بغير المسبوقة في تاريخ واشنطن.. وعليه، سارع بايدن الى ارسال وزير خارجيته انطوني بلينكن الى تل ابيب، ليصطدم بتصلّب بنيامين نتنياهو ووزير حربه حيال عزم استمرار عملياته العسكرية بعد انتهاء الهدنة. " اللقاء كان مشحونا مع المستوى السياسي في اسرائيل"-وفق ما ذكرت وسائل اعلام عبرية، كاشفة انّ وزير الحرب ابلغ بلينكن انّ العملية العسكرية ستستغرق اشهرا، ليردّ عليه بلينكن بشكل حاسم" لديكم اسابيع وليس اشهرا".
فهل يتخطّى بنيامين نتنياهو "التحفّظ" الاميركي ويبادر الى شنّ هجوم واسع النطاق على جنوب غزة؟ ماذا لو مضى وصقور فريقه بالإصرار على تنفيذ عمليته العسكرية؟ وهل استطاع اصلا "كسر"حماس في شمال القطاع؟ رغم عمليات الابادة الجماعية بحقّ سكانه والتدمير غيرالمسبوق الذي مسح احياء بكاملها؟ من اين أخرجت حماس الرهائن "الاسرائيليين"؟.. لربما عليه التوقف عند كلام الجنرال احتياط السابق اسحاق بريك وقوله" إنّ حماس تُخرج المختطفين من الاماكن التي يُفترض اننا نسيطر عليها في شمال القطاع، ونحن بعيدون جدا عن الاهداف في غزة، والحركة لا زال لديها عشرات الالاف من المقاتلين".
رغم تقاطع معلومات دبلوماسيّين غربيين وعرب حيال امكانيّة التوصل الى وقف مستدام لإطلاق النار في غزّة وترقُّب تسوية قادمة الى المنطقة.. الا انّ الخشية تبقى من جنوح نتنياهو وصقور فريقه الوزاري الى المحظور. خصوصا انّ متشدّدي ائتلافه هدّدوا بأنّ "ايقاف الحرب على غزّة، يعني لا حكومة، وخروج من الائتلاف".ونتنياهو لن "يبلع" هزيمة السابع من اكتوبر المدوّية امام حماس، وتداعياتها الخطيرة على مسيرته السياسية، وبات هدفه تحقيق "انجاز عسكري كبير" مهما كلّف الامر يخفّف من وطأة مسائلته وسقوطه الحتميّ.. وربما دخوله السجن، وسيما انّ محاكمته لن تنتظر على ما يبدو الى حين انتهاء الحرب، "وستُستأنف جلسات الاستماع لمحاكمته الاسبوع القادم على الرغم من تزامنها مع القتال في غزة"-حسبما ذكرت القناة 12 في التلفزيون العبري مساء الخميس 30 نوفمبر الفائت.. فهل يغامر بتوسيع دائرة العمليات العسكرية ويشنّ هجوما واسع النطاق على جنوب غزة؟ ام انّه يخطط لضربة غادرة ضدّ لبنان في غفلة عن الجميع؟ ماذا عن التسريبات العبرية التي تتحدّث عن عزم نتنياهو تسديد ضربة استباقية ضدّ اهداف لحزب الله في لبنان؟ وهل زيارة الموفد الفرنسي الى بيروت تصبّ في هذا الاتجاه وحملت تحذيرا "الى من يهمه الامر من عمل اسرائيلي ما ضدّ لبنان"؟
معلومات مواكبة لزيارة لودريان، لفتت الى انّ الاخير المح امام بعض الشخصيات اللبنانية التي التقاها، الى " انّ اسرائيل قريبة من شنّ عدوان على لبنان، غامزا من قناة خشية المستوطنين الاسرائيليين العودة الى بيوتهم في المستوطنات الحدودية مع لبنان، طالما انّ مقاتلي حزب الله على الحدود".. لتبرز الرسالة "الاسرائيلية" واضحة في جعبة لودريان: " ضرورة الشروع بقيام منطقة عازلة منزوعة السلاح جنوب الليطاني".. وما لم يُعلنه الموفد الفرنسي على الملأ، تكفّل بإعلانه رئيس حزب القوات اليميني سمير جعجع بعد لقائه.
وفيما تشخص الأنظار صوب الجبهة الجنوبية اللبنانية والتي شهدت تحرّشا "اسرائيليا" مرّة اخرى لجرّ حزب الله الى ما تريده تل ابيب،عبر استهداف منزل في بلدة حولا الحدودية ادّى الى استشهاد امرأة ونجلها.. تؤكد معطيات لبنانية انّ هذه المرحلة قد تحمل مفاجآت خارج الحسابات "الإسرائيلية".. بدءا من غزة- وصولا الى الضفّة الغربية، وسط تحذيرات محللين "اسرائيليين" من مغبّة استكمال التحرّش ب "ملعب الضفة"-"وحيث يبدو انّ العمليات المرتقبة هناك ستكون مرعبة".. وحريّ التوقف عند تحذير الكاتب جدعون ليفي للجيش "الاسرائيلي" في مقال له بصحيفة "هآرتس" متوجها اليه بالقول" حذارِ، فإنّ ما ينتظركم في الضفّة، دموي جدا".
.. ولربما ستكون المفاجأة المدويّة المرتقبة من البوابة اليمنيّة ردّا على هجوم جيش العدوّ امس على صنعاء-والذي لم تؤكده حركة "انصار الله" حتى اللحظة.. والتي اعلنت بالأمس انّ عملياتها المرتقبة -ردا على استئناف العدو لعدوانه على غزة، ستشمل هذه المرّة اهدافا قد لا يتوقعها في البرّ او في البحر.. وسط تسريبات فلسطينية المحت الى مفاجآت أعدّها يحي السنوار-زعيم حركة حماس في غزّة، "ستكون كفيلة بإحداث زلزال اخر في الكيان "الاسرائيلي"!