النفاق الأميركي - العربي.. والدولة الفلسطينية

الخميس 01 شباط , 2024 09:51 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

في كانون الثاني من العام 1949 تقدمت حكومة العصابات الصهيونية بطلب انضمام إلى الأمم المتحدة تحت ما يسمى الحكومة المؤقتة "لدولة إسرائيل" وفي الجلسة التي عقدها مجلس الأمن لمناقشة الطلب، جرى حوار قانوني صاخب بين المندوب السوري آنذاك فارس الخوري ومندوب الولايات المتحدة حول مدى انطباق شروط العضوية على الكيان الصهيوني، فقد أصر المندوب السوري على أن "الكيان الصهيوني ليس دولة بالمعنى المذكور في القانون الدولي، فحدودها غير محددة، بالإضافة إلى كونها ليست محبة للسلام ولا أدل على ذلك من مسؤوليتها عن قتل الوسيط الدولي الكونت فولك برنادورت ومساعده الفرنسي  وطابعها العدواني"، أما المندوب الأمريكي فراح يحاول التأكيد على جدارة الكيان الصهيوني بالعضوية، نافياً شرط الحدود المحددة والمعرفة لقبول اي دولة في عضوية الأمم المتحدة، ضارباً عرض الحائط بمعاهدة مونتيفيدو الموقعة بتاريخ 26/12/1933م، والتي تنص على أنه "لكي تعد الدولة في القانون الدولي لا بد من أن تتوافر فيها حدود اقليم محدد"، وفي جلسة 2/12/1948م بدا واضحاً أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي فقط هما الدولتان الوحيدتان في مجلس الأمن اللتان كانتا متحمستين للتوصية بقبول عضوية الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة، أما باقي الدول فقد كان رايها ان قبول الكيان المحتل سابق لأوانه، وأحالت طلب القبول إلى لجنة قبول الأعضاء الجدد، التي أعلنت عدم تمكنها من جمع المعلومات الضرورية التي تخولها اتخاذ قرار البت في الطلب، ورغم ذلك قرر مجلس الأمن التصويت على الأصوات السبعة المطلوبة، وفي شباط 1949م عاودت العصابات الصهيونية الكرة وجرى التصويت في 4/3/1949م، حيث صوت 9 اعضاء إلى جانب قبولها وهي الأرجنتين، كندا، كوبا، فرنسا، النروج، اوكرانيا ،الاتحاد السوفيتي، الولايات المتحدة، في حين عارضت مصر، وامتنعت بريطانيا عن التصويت.
 فيما يلي نص قرار مجلس الأمن رقم 69|1949 القاضي بتوصية قبول الكيان الصهيوني عضواً في الأمم المتحدة:
"إن مجلس الأمن تلقى طلب أن إسرائيل دولة محبة للسلام، وقادرة وعازمة على تنفيذ الالتزامات التي يتضمنها الميثاق، وبناء على ذلك يوصي الجمعية العامة بقبول اسرائيل لعضوية الأمم المتحدة".
جاء هذا القرار المشؤوم بموافقة 37 دولة ومعارضة 13 دولة، وامتناع 9 دول عن التصويت، وبهذا أصبح الكيان المؤقت العضو التاسع والخمسين في الأمم المتحدة بمقتضى قرار الجمعية العامة رقم 273 الصادر بتاريخ 11/5/1949م، بشرط إقامة دولة فلسطينية ومرهون باحترام الكيان الصهيوني لقرار الأمم المتحدة، وتدويل القدس وعودة وتعويض اللاجئين.
لكن لبنان اقترح إرجاء قبول العضوية حتى يعلن الكيان الصهيوني بوضوح قبوله تدويل القدس واعادة اللاجئين، لكن الاقتراح رفض، كما اقترحت تشيلي تعديل مشروع قرار القبول بإدخال فقرة تنص على قبول الكيان قرار التقسيم 181الصادر بتاريخ 29/11/1947م وقرار العودة والتعويض 194الصادر بتاريخ 11/12/1948م، وهو ما تم التصويت عليه.
كان رد فعل الفلسطينيين بأن قرروا عقد مؤتمر في القدس ضد الدعاية الصهيونية بأن القدس عاصمة "إسرائيل" والزعم انها لليهود وحدهم، وقد عقد المؤتمر بالقدس برئاسة اللبناني كميل شمعون في 11كانون الثاني عام 1949م، شرح فيه شمعون الغرض من المؤتمر، وحض في الوقت نفسه شعب فلسطين "على الاستمرار في الكفاح حتى الوصول إلى حقوقه"، كما ركز الخطباء الذين تلوه على أهمية القدس الروحية عند المسلمين والمسيحيين، فتحدث عارف العارف (المؤرخ الفلسطيني) عن صلات العرب بالقدس التي تمتد إلى 3000 سنة قبل المسيح، وقال "إن اليهود كانوا دائما غزاة فلسطين ولم يكونوا ابدا أهلها الأصليين، أما نغمة أرض الميعاد فهي الحجة الكاذبة التي اخترعوها لغزوهم لها".
كما تبنى المؤتمر القرار التالي:
فلسطين أرض عربية يسكنها شعبها العربي منذ زمن قبل التاريخ ولا يقبل شعب فلسطين العربي ابداً بقرار التقسيم الذي وضعته الأمم المتحدة لان هذا الشعب هو صاحب الحق في تقرير مصيره، ولشعب القدس الحق في اختيار نوع الحكم بنفسه ولا يجوز اجباره على القبول بمشروع الأمم المتحدة، وتم التذكير بما قام به الصهاينة من تدنيس للأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في فلسطين، وتم الابراق إلى رؤساء وملوك العرب والمطالبة بضرورة عقد مؤتمر قمة عربي لمناقشة القضية الفلسطينية من جديد ورسم استراتيجية جديدة لاستعادة فلسطين.
لغاية اليوم تعقد مثل هذه المؤتمرات وتبدأ حفلة التكاذب عن الاخوة العربية ودعم الاشقاء الفلسطينيين! وتصدر بيانات الاستنكار والتنديد ضد الاعتداءات الصهيونية، فيما الدعم الفعلي هو للكيان الغاصب في السر والعلن، وآخرها ما يحصل اليوم من فتح الاجواء الجوية لطائرات العدو، اضافة الى المرافئ لإمداد الاسواق التجارية بالمواد التي توقف وصولها بفعل الضربات اليمنية المباركة.
جعفر سليم
عضو اتحاد كتاب وصحافيي فلسطين


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل