أقلام الثبات
يعلن بعض المسؤولين اللبنانيين - على اختلاف مواقفهم المناهضة للعدو "الاسرائيلي" او المؤيدة او المحايدة - عن مطالبتهم بتطبيق القرار الدولي 1701 الذي صدر بعد انتصار المقاومة في حرب تموز 2006، والذي وافقت عليه الحكومة اللبنانية (ولم تعارضه قوى المقاومة؛ وفق ما ذكر مجلس الامن حول موافقة الحكومة اللبنانية "بالإجماع"، والتي كانت قوى المقاومة ممثله فيها).
القرار 1701 اعطى في (البند الثامن_ الفقرة ب) للعدو "الاسرائيلي" المنطقة العازلة المنزوعة السلاح والمسلحين، وبمعنى اخر انه اعطاها "شريطا حدوديا" يماثل الشريط الحدودي الذي احتلته "اسرائيل" في اجتماع عام 1978، والذي توسّع في اجتياح عام 1982، لكن العدو "الاسرائيلي" لم يستطع البقاء او حماية هذه الشريط الامني حتى مع وجود عملاء لبنانيين من جيش "لحد" بفعل عمليات المقاومة، وينص البند الثامن من القرار 1701 (الفقرة ب) على "اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، بما في ذلك إنشاء منطقـة بـين الخـط الأزرق ونهر الليطاني خاليـة مـن أي أفـراد مـسلحين أو معـدات، بخـلاف ما يخص حكومــة لبنــان وقــوة الأمـم المتحـدة المؤقتـــة فـــي لبنـان، وفـق مـا أذنـت بـه الفقرة ١١ وينشر في هذه المنطقة"، والأخطر في القرار ما جاء في البند رقم 12: "وإذ يتـصرف تأييـداً لطلـب حكومـة لبنـان نـشر قـوة دوليـة لمـساعدتها علـى ممارسة سلطتها في جميع أنحاء أراضي لبنـان"، أي توسعة مهام القوات الدولية على كل الأراضي اللبنانية، وعدم حصرها في الجنوب شمالي الليطاني!
لقد كانت الوقائع الميدانية في حرب تموز لصالح المقاومة، وخسارة إسرائيلية استمرت 33 يوماً، ولم تكن الامور توحي بإمكانية انهزام المقاومة وانتصار العدو، ومع ذلك استطاع العدو "الاسرائيلي" ان يفرض شروطه في القرار الدولي لأسباب ثلاثة:
- سيطرة اميركا والغرب على مجلس الامن الدولي.
- انقسام الموقف اللبناني الذي أدى لموافقة الحكومة اللبنانية على المشروع، بما فيها قوى المقاومة.
- "القصور" و"التقصير السياسي" لقوى المقاومة؛ بما يتناقض مع قوتها وثباتها وبأسها في الميدان.
ان التمسك بالقرار 1701 بصيغته الحاضرة يعطي الحق والشرعية للمطالب "الإسرائيلية" والدولية، ويظهر لبنان المُعتدى عليه وكأنه هو الذي يخرق القرار 1701 ولا يلتزم بمدرجاته، ويتم التغاضي واغماض العينين عن كل الخروقات "الإسرائيلية" المستمرة براً وجواً طوال فتره 18 عاما!
ان اي مفاوضات سياسية وعسكرية لا تنطلق من تعديل القرار 1701 والغاء (البند الثامن الفقرة ب) فيه خسارة للمقاومة وللبنان، ونزع لشرعيتها الوطنية والدولية، واتهامها بخرق القرار وتبرئة للعدو "الاسرائيلي" .
ليس عيباً ان ننهزم في معركة او نفشل في رد مشروع نتيجة عدم توازن القوى في الهيئات الدولية، لكن من الامور السيئة ان لا يتم الاعتراف بهذا الخسارة او الفشل وتغطيتها امام الجمهور العام وإخفاء او تجميل بعض الوقائع السيئة والخاسرة، بل الوصول للمديح بالإنجاز.. العيب يكمن في ألا نتعلم من أخطائنا، فنكرر الوقوع بمثيلاتها كرّات ومرّات.
لقد استطاعت "اسرائيل" بدعم أميركي_ ودولي ان تجعل لبنان يوقّع "لإسرائيل" على "شيك" سياسي وأمني عام 2006، وتطالبه الآن بصرفه؛ في لحظة عجز تحتاج فيها ان تجمع ديونها القديمة.
لا لتنفيذ القرار الدولي 1701 بصيغته الحالية.
نعم لتعديل القرار 1701؛ بما يحفظ مصالح لبنان ويحمي مقاومته وحرية عملها، ويحقق التوازن على طرفي الحدود.
نعم لتعديل القرار 1701 والغاء البند 12 الذي يسمح بنشر قوات دوليه على كل الاراضي اللبنانية، بما فيها الحدود اللبنانية السورية.
لتعديل القرارة 1701 ومطالبه العدو "الاسرائيلي" بدفع التعويضات عن الاضرار التي خلّفتها القنابل العنقودية والقصف "الإسرائيلي".
المشكلة اننا نسجل الانتصارات في الميدان ونتقن فن الشهادة والاستشهاد، لكننا لا نجيد حصد واستثمار انتصاراتنا او حمايتها سياسيا واجتماعيا وحتى قانونيا...
فهل نعيد مراجعة الاداء السياسي والقانوني، حتى لا تتكرر خساراتنا مع كل انتصاراتنا وقوتنا كما في القرار 1701، وكما في الخط 29 و "كاريش" والحدود البحرية، وحتى لا نخسر ثالثة في المفاوضات الجديدة، ولنحمي تضحيات المجاهدين والمقاومين.