بعد مياه الشرب.. أسلاك الكيان الشائكة من تركيا

الثلاثاء 26 آذار , 2024 09:24 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

كما جرت العادة، اتبع الرئيس إردوغان نهج الأنظمة العربية المتواطئة التي لم تعد تهتم بالعدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، مكتفية بحديثها عن ضرورة منع "الجيش" الإسرائيلي من اجتياح رفح وإيصال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى مليوني فلسطيني في غزة، ووفق الشروط الإسرائيلية.

وقد خفف الرئيس إردوغان لهجته العنيفة ضد الكيان الصهيوني بعدما كان يهاجم هذا الكيان بشدة في كل مناسبة وفي كل خطاب أو مقابلة تلفزيونية كانت تؤثر في الشارع الشعبي. ويبدو أنه لم يعد يبالي أيضاً بما يحدث في غزة فلسطين عموماً.

جاء هذا التغيير في موقف الرئيس إردوغان وأتباعه وأنصاره، وحتى إعلامه الموالي، بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية هاكان فيدان ورئيس المخابرات إبراهيم كالين لواشنطن، إذ تحدثت المعلومات عن احتمالات فتح صفحة جديدة في العلاقات التركية – الأميركية، أحد عناصرها هو استمرار التعاون التركي – الإسرائيلي على الرغم من تصريحات إردوغان العنيفة شكلاً ضد تل أبيب وحكامها. وتشير وسائل الاعلام باستمرار إلى الأرقام القياسية التي تتحقق كل شهر في العلاقات التجارية بين تركيا والكيان الصهيوني، وخصوصاً بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

ونقلت وسائل الإعلام المختلفة، ومعها قيادات أحزاب المعارضة، أرقاماً وتفاصيل عن حركة التجارة بين البلدين، وقيل إن معدل 8-10 سفن تقوم يومياً بنقل المنتجات والبضائع التركية إلى الموانئ الإسرائيلية، من دون أن يشمل هذا الرقم مشتقات البترول التي تغطي نحو 65% من استهلاك الكيان الصهيوني.

ويصل هذا النفط الأذربيجاني إلى ميناء جيهان التركي على الأبيض المتوسط بأسعار تفضيلية أقرتها باكو مقابل الدعم الذي قدمته "تل أبيب" لها في حربها ضد أرمينيا خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وتقول وسائل الإعلام إن السفن التي يملكها نجل الرئيس إردوغان والمقربون منه تقوم بإيصال هذا البترول ومشتقاته إلى ميناء حيفا، فيما تقوم سفن أخرى بنقل الحديد والصلب الذي تستخدمه "تل أبيب" في صناعة الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ والقنابل والرصاص وباقي المستلزمات الحربية التي يستخدمها الجيش الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية. 

وقد أحصى أحد المواقع الإخبارية الحركة التجارية بين البلدين يوم 21 مارس/آذار فقط، وقال إن 11 سفينة وصلت في ذلك اليوم إلى "إسرائيل" من تركيا، فيما كانت 7 سفن أخرى مستمرة في إجراءاتها لمغادرة الموانئ التركية، وذلك مقابل 13 سفينة أقلعت من الموانئ الإسرائيلية باتجاه تركيا، في الوقت الذي كانت 5 سفن على وشك أن تنهي إجراءات المغادرة. 

وتنشر وسائل الإعلام التركية بين الحين والحين أسماء الشركات والأشخاص الذين يملكون هذه السفن والشركات التي تتعامل مع "تل أبيب". وقد تبين أن معظمهم ينتمي إلى اتحاد رجال الأعمال المسلمين، وهم مقربون إلى الرئيس إردوغان.

وجاءت المفاجأة عندما قال الإعلام إن الكيان الصهيوني يستورد كل ما يحتاجه من الأسلاك الشائكة التي يستخدمها في غزة والضفة الغربية وعلى الحدود مع الأردن ولبنان من تركيا، وهو ما أكدت صحته أرقام مركز الإحصاء الحكومي الذي نشر تفاصيل كافية عن عملية البيع هذه.

واعترف وزير التجارة عبد القادر أورال أوغلو بهذه المعطيات، وقال: "ليس للحكومة أي علاقة بهذه الحركة التجارية التي تقوم بها الشركات الخاصة". وشملت أرقام المركز الحكومي للإحصاء معلومات وافية عن استيراد الكيان الصهيوني كميات كبيرة من مياه الشرب التي يستخدمها "الجيش" الإسرائيلي خلال عملياته الحربية في غزة والضفة الغربية وشمال فلسطين المحتلة إلى الحدود مع لبنان، إضافة إلى قطع غيار بعض الأسلحة، ومنها المسدسات وحراب البنادق.

وجاءت المفاجأة الأهم عندما منعت قوات الأمن 4 مواطنين رفعوا لافتة كتبوا عليها "اقطعوا العلاقات التجارية مع إسرائيل"، عندما كان الرئيس إردوغان يخطب في التظاهرة الانتخابية في أنقرة، وتم اعتقالهم، في الوقت الذي تحدث الصحافي يلماز بولات المقيم في واشنطن عن علاقات متشابكة بين أنقرة ومنظمات اللوبي اليهودي، وقال عنها إنها تسعى لإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي بعد التوصل إلى أي صيغة تنهي الحرب في غزة وفق مزاج الأنظمة العربية والإسلامية المتواطئة، حتى لو كان ذلك على حساب الشعب الفلسطيني برمته.

واستبعد بولات "أي توتر جدي بين أنقرة وتل أبيب، أيًا كانت تطورات الوضع في غزة"، وهو ما أشارت إليه الأوساط السياسية التي توقعت مصالحة جديدة بين إردوغان مع حكام "تل أبيب" بعد انتهاء الحرب فوراً، كما صالح حكام مصر والسعودية والإمارات بعدما قال عنهم ما قاله خلال السنوات الماضية. وقد سبقوه جميعاً في التطبيع مع الكيان الصهيوني؛ المستفيد الوحيد من سنوات ما يسمى بالربيع العربي، والوضع في غزة الآن هو نتاج هذا الربيع الدموي الذي أدى كل فيه دوره ببراعة بالغة.

وربما لهذا السبب شن زعيم حزب الرفاه الجديد فاتح أربكان هجوماً عنيفاً على الرئيس إردوغان، داعياً إياه "إلى التخلي عن شعاراته الجوفاء ومنع حركة التجارة مع إسرائيل فوراً والقيام بعمل ما وسريع لوقف العدوان الصهيوني على غزة".

ويبقى السؤال الأخير: لماذا سرّب الإعلام الروسي بعض المعلومات عن الإرهابي الذي نفذ الهجوم الأخير في موسكو، مع التذكير أن صاحب المكان الذي استهدفه الإرهابيون هو آراس أغالاروف، وهو يهودي من أذربيجان ومقرب إلى الرئيس بوتين، وهو لا يخفي انزعاجه من الدعم الإسرائيلي لليهودي زيلينسكي الذي يحظى بدعم بعض المجموعات الإرهابية التي تقاتل ضد روسيا في سوريا، وبشكل خاص إدلب! 

 

حسني محلي ـ الميادين

 

 إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل