من ذاكرة بلاد الشام ... "ثلجة الأربعين" في حلب

الإثنين 14 كانون الثاني , 2019 03:54 توقيت بيروت منــوّعــــات

تمتلئ ذاكرة مجتمعاتنا العربية بالعديد من الأحداث المميزة التي تركت تأثيراتها الإيجابية أو السلبية على مسيرة الحياة، وفي مختلف جنياتها الاجتماعية والاقتصادية والتي بقيت محطات هامة في الذاكرة خاصة في بلاد الشام. وتركت لنا تلك الأحداث مصطلحات شائعة لدى المؤرخين والمواطنين الذين اعتمدوها لتحديد التواريخ المحلية لمناطقهم، ومن تلك الأحداث الهامة ما سمي بـ” ثلجة الأربعين” في حلب.

كان ذلك في عام 1911م، حيث تساقطت الثلوج بشكل غير مسبوق على حلب لمدة 40 يوما، ما أدى لتقطع اوصال المدينة، حيث انخفضت خلالها درجات الحرارة في أغلب الأيام إلى ما دون 17 درجة مئوية.

وتوفي على إثر ذلك مئات المدنيين من مدينة حلب بسبب البرد والأمراض، ومن الذين انقطع الطريق بهم، إضافة إلى عرب البوادي الذين كانوا يسكنون الخيم.

ووصلت سماكة الثلج في معظم شوارع المدينة إلى مترين. وأدت ثلجة الأربعين إلى توقف حركة القطارات والنقل وانعزلت حلب عن دمشق لمدة ثلاثين يوم، نفقت الحيوانات وقدر عدد الأغنام النافقة بنصف مليون في المناطق حول حلب.

وألزمت الحكومة أصحاب حمامات السوق أن يفتحوها ليلاً لمبيت الفقراء التماساً لدفء الحمامات العامة التي لا نار فيها.

وتشققت الأعمدة الحجرية في بعض المساجد والتي يزيد عمرها على ستمائة سنة من شدة البرد مما يدل على أنه لم يأت مثل هذا البرد منذ ستمائة سنة قبل ذلك.

وكان لهذا الحدث عمق وتأثير على حياة المواطنين في مختلف مجالات حياتهم، وبات مصطلح ” ثلجة الأربعين” يتردد كثيراً في أحاديثهم حتى اعتمدوه، وأصبح تأريخاً يرتبون بموجبه أحداثهم المحلية، الاجتماعية، الاقتصادية وغيرها.

وبقي مصطلح “ثلجة الأربعين” عالقاً في الذاكرة الشعبية حتى اليوم، وصار نقطة مميزة اعتمدها الناس لتحديد تواريخهم وترتيبها بموجبه، كأن يُسأل شخص عن تاريخ ولادته، ويجيب بعد “ثلجة الأربعين”، أو قبلها.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل