سلسلة أسماء الله الحسنى ... اسم "الأول والآخر"

الخميس 12 أيلول , 2019 12:48 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات - اسلاميات

اسم الله "الأول والآخر"

 

ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "إنَّ لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة".

نقف اليوم مع اسمين عظيمين اسم الله "الأول والآخر"، قال الله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

وهذه الأسماء فسرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم تفسيراً كاملاً واضحاً فقال: "أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء".

"الأول": هو السابق للأشياء كلها، الكائن الذي لم يزل قبل وجود الخلق، فاستحق الأولية إذ كان موجوداً ولا شيء قبله ولا معه.

 "الآخر": هو الباقي بعد فناء الخلق، وليس معنى الآخر ما له، كما ليس معنى الأول ما له الابتداء، فهو الأول والآخر وليس لكونه أول ولا آخر. 

واسم الله "الأول" هو الذي ليس قبله شيء، و"الآخِر" هو الذي ليس بعده شيء، قال تعالى: {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.  

العبد فانٍ هالك مهما جَمَع مِن جاه الدنيا، وجنى مِن سلطانها، وتربَّع على كنوزها، وعلا مِن مراتبها؛ فقد خلقه الله مِن تراب، ثم هو صائر لا محالة إلى التراب.

ورحم الله القائل:

لِمَنْ نبني ونحن إلى تراب ... نصِيرُ كما خُلِقْنا من ترابِ

ألا وأراكَ تَبذُلُ يا زماني ... ليَ الدُّنيا وتُسرِعُ باستلابي

 

قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ جعل الهُمومَ هَمًّا واحدًا: هَمَّ الْمَعادِ - أي: الرجوع إلى الله الآخِر- كفاهُ الله هَمَّ دُنْياه، ومن تشعَّبتْ به الهُمومُ في أحوال الدنيا، لم يُبالِ اللهُ في أيِّ أوْدِيتِها هَلَكَ".

والله عز وجل باقٍ؛ لأنه لا أوَّل له، ولا آخِر له، يُحيط بالزمن، ولا يحيط به زمن، ويستولي على المكان، ولا يستولي عليه مكان، وهو الأول والآخِر برحمته، فلا أحد يملك الرحمة إلا بإذنه؛ قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "جعل الله الرحمة مائةَ جُزْءٍ، فأمسكَ عنده تسعةً وتسعينَ جُزْءاً، وأنزل في الأرض جُزْءاً واحداً، فمن ذلك الجزء يتراحَمُ الخَلْقُ، حتى تَرْفعَ الفَرسُ حافِرها عن ولَدِها خشيةَ أَنْ تُصِيبَهُ".

وهو الأول والآخر بإحسانه، فلا أحد أكرم ولا أكثر عطاءً منه؛ بل كَرَمُ المخلوقين مِن كرمه، وعطاؤهم من عطائه.

فإذا كان ربنا كذلك، فلنجعله مُرادنا وغايتنا، ولْنُرْضِه بأقوالنا وأفعالنا، ولنتقرَّب إليه بحسن عبادته، وجميل التزلُّف إليه، فالتعلق بالأول والآخر تعلُّقٌ بالحي الذي لا يموت، قال ربنا تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً}.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل