بانوراما الصحافة اللبنانية | اجتماع اليوم في قصر بعبدا لحسم الخطة المالية الاقتصادية

الخميس 30 نيسان , 2020 09:25 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ بانوراما

ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة صبيحة اليوم من بيروت على جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد اليوم في قصر بعبدا من أجل إنجاز إقرار الخطة المالية والاقتصادية الموعودة.

وكان مجلس الوزراء أنجز معظم النقاط في هذه الخطة، إذ بقيت نقاط أساسية فيها عالقة في انتظار جلسة اليوم

ويبدو أن هناك ملامح لخطّة إصلاح حكومي بدأت تتبدّل، فنسخة 28 نيسان فيها الكثير من التعديلات التي تستند بمجملها إلى تحرير سعر صرف الليرة اعتباراً من 2020 على أساس 3500 ليرة مقابل الدولار بناء على نصيحة صندوق النقد الدولي وعلى مسار خصخصة واضح أيضاً.

النهار”: الحكومة تسلّم بصندوق النقد والحاكم يرد بأرقامه

بداية مع صحيفة "النهار" التي رأت أنه اذا لم يكن ممكنًا تجاهل أهمية البيان – الرد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة على المضبطة الاتهامية التي وجهها اليه رئيس الحكومة حسان دياب الأسبوع الماضي ودلالاته في صراع غريب نادر بين رئيس حكومة وحاكم مصرف مركزي، فان ذلك لم يحجب إصرار الرئيس دياب في عز الاحتدام المالي والسياسي والاجتماعي على المضي في مسار التصعيد ضد المعارضة كأنه ما ان يقفل جبهة يندفع او يدفع نحو فتح جبهة أخرى جديدة. والحال ان مداخلة دياب امس في مجلس الوزراء وحتى لو صح ان لدى الأجهزة الأمنية أسماء من قاموا بأعمال شغب واعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة، عكست منحى الاستخفاف والاستسهال حيال اطلاق الاتهامات الجاهزة والمعلبة والمعدة مسبقًا لديه في اتجاه معارضي الحكومة، كما لو انه يهرب الى الامام باثارة غبار المعارك العبثية التي لا تحجب استرهان جهات سياسية معروفة للتوجهات الحكومية وجعلها واجهة تتخفى وراءها بما يضاعف مأزق الحكومة ورئيسها في الظهور مظهر حكومة فئوية تخدم سياسات أحادية.

وما حملة دياب الحادة أمس واتهاماته المفخخة لجهات معارضة لم يجرؤ على تسميتها بصراحة، وكان عليه ان يفعل ذلك لإثبات صدقية الاتهام وتحدي من يسميهم الا للايحاء بان حكومته ليست هدفا للانتفاضة الغاضبة التي عادت الى الشارع عشية انتهاء فترة السماح المحددة بمئة يوم والزعم تكرارًا ان الانتفاضة تستهدف السياسات السابقة فقط ولا علاقة لحكومته بمجريات دراماتيكية تدور أيضا مذ تولت الحكومة الحالية الإمساك بإدارة الازمات. ولعل المفارقة اللافتة ان الحكومة التي تتجه اليوم في جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد في قصر بعبدا الى انجاز إقرار الخطة المالية والاقتصادية الموعودة للقيام على أساسها بما كان يعتبر حتى الامس القريب من المحرمات أي اللجوء الى صندوق النقد الدولي بغية فتح الباب امام حصول لبنان على دعم مالي دولي في ازمته لم يشأ رئيسها التحصن وراء أجواء تحمي خطة حكومته بل ذهب نحو اثارة مزيد من مناخات التحدي. وجاء ذلك في معرض تناول دياب في جلسة مجلس الوزراء امس في السرايا ما حصل في طرابلس وبعض المناطق، وإذ اعتبر ان الشغب الذي حصل هو من “مؤشرات خطة خبيثة” عمد الى تحييد حكومته عن “صرخة الناس الطبيعية بعدما اكتشفوا ان السياسات الماضية أدت الى انهيار اقتصادي ومالي واجتماعي” واتهم “جهة او جهات بمحاولة التحريض وركوب الموجة وتشويه التحركات الشعبية..وهناك من يسعى الى الفتنة بين الجيش والناس…”.

يشار الى ان مواجهات محدودة تجددت بين الجيش والمتظاهرين ليل امس في طرابلس بعد انحسار خلال النهار كما شهدت صيدا والنبطية تجمعات احتجاجية امام فرعي مصرف لبنان في المدينتين كما أقيم تجمع امام مصرف لبنان في الحمراء. وسجلت تعزيزات للجيش ليلا على الطريق الساحلي بين جونية وجبيل. وسجل قطع العديد من الطرق بالإطارات المشتعلة في بيروت والبقاع ومناطق أخرى.

وكان مجلس الوزراء أنجز معظم النقاط في الخطة المالية للحكومة وبقيت نقاط أساسية فيها عالقة في انتظار الجلسة التي ستعقد اليوم في قصر بعبدا. ويبدو واضحًا وفق مصادر وزارية معنية ان الحكومة نالت اخيرًا ضوءًا اخضر من “حزب الله” للتوجه نحو صندوق النقد الدولي ضمن ضوابط جرى العمل عليها عبر التعديلات الشاقة التي أدخلت على الخطة المالية والتي يفترض ان تخرج اليوم الى النور. اما النقطة التي شغلت مناقشات مجلس الوزراء امس فتمثلت في اقتراح اثار انقساما وزاريا ويقضي باقتطاع نسبة 2 في المئة من الودائع المصرفية من 500 الف دولار وما فوق على ان يعوض على أصحابها بتملك اسهم في المصارف توازي القيمة المقتطعة. وسيعاد طرح الاقتراح اليوم وسط خشية واسعة من تداعياته باعتباره عملية “هيركات” يجري نفي اللجوء اليها يوميا على السنة المسؤولين. كما ان الوزراء لم يحسموا امس موضوع التحرير التدريجي لسعر صرف الليرة.

"الأخبار": خطّة الإصلاح: استعادة «المال المنهوب»... وتحرير الليرة والخصخصة

بدورها صحيفة "الأخبار" اعتبرت أن هناك ملامح لخطّة إصلاح حكومي بدأت تتبدّل. نسخة 28 نيسان فيها الكثير من التعديلات التي تستند بمجملها إلى تحرير سعر صرف الليرة اعتباراً من 2020 على أساس 3500 ليرة مقابل الدولار بناء على «نصيحة» صندوق النقد الدولي وعلى مسار خصخصة واضح أيضاً. إلا أنها في المقابل تطرح إجراءات شجاعة نحو استعادة بعض من «الأموال المنهوبة»، لتغطية الخسائر عبر «هيركات» بأشكال مختلفة، مثل استعادة الفوائد، والتدقيق الجنائي في حسابات «الأشخاص المكشوفين سياسياً» (PEP) وأصحاب المصارف والمستفيدين من الاحتكارات المنظّمة قانوناً، وكل من هرّب أمواله لشراء سندات أو عقارات. إذاً سيدفع المجتمع كلفة تحرير سعر صرف الليرة، وستتآكل مداخيل الناس مقابل استعادة بعض من الأموال المنهوبة بطرق شرعية وغير شرعية.

طرأت مجموعة من التعديلات على خطّة الإصلاح الحكومي بنسختها الصادرة في 28 نيسان، من أبرزها رفع قيمة الخسائر من 83 مليار دولار إلى 159 مليار دولار، وتحرير سعر صرف الليرة ليبلغ 3500 ليرة مقابل الدولار اعتباراً من هذه السنة وصولاً إلى 4300 ليرة في عام 2024، فضلاً عن تحديد اتجاه أوضح نحو التعامل مع أصحاب المصارف ومودعيها، ومع أصول الدولة، واتجاه أكثر وضوحاً في التعاطي مع الخارج للحصول على 10 مليارات دولار.

الخسائر تتعاظم

حدّدت الخطّة خسائر يجب التعامل معها، بعد إعادة الهيكلة، بقيمة 241 ألف مليار ليرة (159 مليار دولار على سعر صرف 1507.5 ليرات). تتوزّع هذه الخسائر كالآتي:
- 73 ألف مليار ليرة خسائر إعادة هيكلة الدين.
- 66 ألف مليار ليرة خسائر متراكمة في ميزانية مصرف لبنان.
- 40 ألف مليار ليرة خسائر المصارف على محافظ التسليفات.
- 62 ألف مليار ليرة خسائر صافية في ميزانية مصرف لبنان والمصارف بسبب تدنّي قيمة العملة اللبنانية إلى 3500 ليرة مقابل الدولار.
- الخسائر بلغت 177 ألف مليار ليرة (117 مليار دولار).
ستتحمل المصارف خسائر برساميلها كاملة، والبالغة 31 ألف مليار ليرة، ما سيترك عليها خسائر بقيمة 33 ألف مليار ليرة. وسيتحمل مصرف لبنان خسائر برأسماله أيضاً بقيمة 6000 مليار ليرة. وستكون هناك تصفية أو مقاصة لالتزامات على مصرف لبنان بقيمة 36 ألف مليار ليرة، وخسائر مدوّرة لديه بقيمة 14 ألف مليار ليرة، إضافة إلى ما يوازي 15% من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، ما يترك عليه خسائر بقيمة 121 ألف مليار ليرة.

تحرير الليرة أولاً

تقول الخطّة إن «تجاهل هذه الخسائر سيترك خيارات ضيقة ومحدودة، ما يمكن أن يمنع أي مساعدة دولية ذات معنى، ويعيق التفاوض على إعادة هيكلة الدين مع الأجانب، ويفضح لبنان أمام الدائنين، ويمنع النهوض الاقتصادي».
لذا، وضعت الخطة أول بند تحرير سعر صرف الليرة إلى 3500 ليرة، على أن يرتفع تدريجاً إلى 4300 ليرة في 2024. بحسب المعطيات، جرى نقاش حول هذه النقطة يتعلق بأي سعر صرف يجب البدء به في عملية التحرير. وجهة لازار، تشير إلى وجوب تحرير سعر الصرف على أساس السعر السوقي، لكن ثمة من قال إن الأمر سيثير نعرات اجتماعية. عندها اقترح وزير الاقتصاد راوول نعمة 3500 ليرة. لكنّ مصادر أخرى قالت إن وضع هذا المطلب على رأس الخطة هو اقتراح من صندوق النقد الدولي أساساً روّجه الوزير.
وتنطلق الخطة من أن ازدواجية سعر الصرف بين السوق النظامية والسوق الموازية، ليس مصمّماً على المدى البعيد، فضلاً عن أن الكابيتال كونترول المفروض بقوّة الأمر الواقع من المصارف يفاقم الطلب على الدولار، كما أن السوق الموازية لا تسمح بتكريس التوازن بين العرض والطلب على الدولار.
أما ما يقوم به مصرف لبنان لجهة فرض تحويل الودائع بالدولار إلى ليرات، فهو أيضاً يفاقم خفض سعر الليرة مقابل الدولار. لذا، «يستحيل الاستمرار في تثبيت سعر الليرة، ويجب التخلي عنه كجزء من خطة الحكومة».
كذلك، تشير الخطة إلى ضرورة الانتقال من الكابيتال كونترول غير النظامي إلى الكابيتال كونترول النظامي من أجل العدالة بين المودعين.

"البناء": الخطة الاقتصاديّة اليوم… ونفي لما تسرّب منها… وتريّث بالتعليق على سلامة

أما صحيفة "البناء" لفتت الى أنه لليوم الثالث بقي التصعيد سيد الموقف في الشارع، وتحوّلت زجاجات المولوتوف الحارقة من مفردات التصعيد باستهدافها فروع المصارف بما فيها المصرف المركزي الذي استهدف بالحرق فرعه في صيدا، بينما تعرّضت فروع مصارف تجارية في طرابلس والشويفات للحرق بزجاجات المولوتوف، فيما واصل الجيش والقوى الأمنية السعي للسيطرة على الموقف، بينما شهدت طرق المنية والمينا والبداوي شمالاً القطع، ومثلها طريق قصقص في بيروت وتعلبايا في البقاع، ما زاد من منسوب القلق من دخول لبنان حال الفوضى الأمنية وضياع خطط مواجهة وباء كورونا في حمى الحشود ومخاطرها. وزاد في القلق حجم التصريحات الخارجية التي تلبس ثوب الحرص على لبنان وتحذّر من العنف، بصورة لم تسمع من قبل من أصحاب التصريحات، كالخارجية الأميركية والجامعة العربية، ما فهم كتحضير سياسي وإعلامي متعمّد لمناخات تصعيد يزداد خلاله العنف.

سياسياً، هدأت نسبياً مناخات المواقف التصعيدية، التي تزامنت مع كلام رئيس الحكومة حسان دياب وما تمّ تناقله عن طرح فرضية إقالة حاكم مصرف لبنان في جلسة الحكومة الأسبوع الماضي، ما أوحى بأن أمر التصعيد كان مرتبطاً بحملة استباقية خاض خلالها أصحابها بسقوف عالية حرب حماية حاكم المصرف، داخلياً وخارجياً، أو أن الاتصالات السياسية التي جرت خلال اليومين الماضيين وشملت قيادات محلية وسفارات ودبلوماسيين، قد أكدت تراجع حظوظ استبدال سلامة، وغياب إجماع الأغلبية النيابية حول هذا الملف، فطمأنت الذين هبّوا للدفاع عنه بأن الأمر قد طوي وأن لا مبرر للمزيد من التصعيد.

على الجبهة الحكومية، اجتماع اليوم في قصر بعبدا لحسم الخطة المالية الاقتصادية، التي تمّ تسريب نصوص منسوبة إليها، نفت الحكومة صحتها بعدما تحوّلت مادة لتعليقات سلبية، فيما تضمنته من إشارة لاقتطاعات من الودائع بمسمّيات جديدة. وكانت مصادر حكومية قد أشارت إلى أن الخطة التي ستقر اليوم هي حصيلة تشاور بين مكوّنات الحكومة السياسية والنيابية، وليست مجرد حصيلة لعمل الخبراء والاستشاريين، مستعيدة ما قاله نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عن خطة تفصيلية اقتصادياً لدى الحكومة، منوّهاً بما فيها، وما نقل عن وزير خارجية فرنسا ووزير ماليتها من إشادة بعناوين الخطة التي تبلغتها هيئات مالية فرنسية متابعة لوضع لبنان، من ضمن متابعتها لمؤتمر سيدر الذي عاد الحديث عنه بعد الاتصالات اللبنانية الفرنسية.

الكلام لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة كان اليوم بعد انتظار ما سيقوله وما سيحمله من أجوبة للبنانيين. وفي الشق الذي خصصه سلامة للرد على رئيس الحكومة، قالت مصادر حكومية إن الرئيس دياب يفضل التريث في التعليق، بانتظار دراسة كلام سلامة، وربما يعلق في مستهلّ جلسة الحكومة اليوم، بينما الشق المتعلق باللبنانيين، الذي طمأن فيه سلامة لمصير الودائع، ولتمسكه بالحفاظ على سعر الصرف فقد كانت أغلب التعليقات سلبية لجهة عدم اقتناعهم بما قاله سلامة، لأنه لم يقدّم لهم توقيتاً معيناً أو آلية محددة يمكن معهما أن تعود ودائعهم متاحة لهم، أو يعود الاستقرار إلى سوق صرف الدولار.

مصادر متابعة علقت على كلام سلامة عن عدم مسوؤليته عن الأزمة، لأن المصرف موّل الدولة، ومسؤولي الدولة هم مَن يتحمّل المسؤولية عن الإنفاق وعن الهدر وعن عدم الإصلاح، فهو وفر الأموال وليس من أنفقها، فقالت المصادر، إن سلامة كان قبطان سفينة المال والنقد لقرابة ثلاثة عقود، والقبطان الذي يقود السفينة للغرق ولو ذهب ضحية الغرق يبقى مسؤولاً. وهذا ما لم يُجِب عليه سلامة، فهل كانت قيادته للملف المالي والنقدي صحيحة في توقعاتها واحتياطياتها وتنبهها للمخاطر، وإن كان ذلك فلمَ وقعت الواقعة؟ وإن كان التحذير من المخاطر للمسؤولين ودعوتهم لتغيير المسارات فأين هي الوثائق التي تخاطب بها حاكم المصرف معهم، وتظهره يقرع جرس الإنذار، ونحن لم نقع فجأة كحال الذين وقع الركود عليهم بداعي تفشي كورونا؟ وهو في حديثه يقول إن إقدامه عام 2016 على الهندسات المالية كان لشراء الوقت لأنه استشعر الخطر، فماذا كانت خطته للخروج من الخطر، لأن سيدر يوفر أموالاً تشتري المزيد من الوقت بكمية أكبر وكلفة أقلّ من الهندسات، لكن ما هو الحل، لردم الفجوة في الميزان التجاري وميزان المدفوعات، في ظل شلل إنتاجي ناجم عن ارتفاع الفوائد، وزيادة في الاستهلاك ناتجة عن زيادة وهمية للقدرة الشرائية بسبب تثبيت سعر الصرف بصورة مفتعلة، وفي ظل معالجة الدين بالمزيد من الدين وارتفاع الفوائد بالمزيد من رفع الفوائد؟

ووصفت مصادر سياسيّة واقتصاديّة خطاب حاكم مصرف لبنان بأنه مرافعة مالية واقتصادية ونقدية عن ثلاثة عقود سابقة للدفاع عن نفسه، بعدما بات في قفص الاتهام الرسمي والشعبي، كمسؤول عما وصلت اليه الاوضاع.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل