تجمع العلماء المسلمين يوجه رسالة إلى الأمة الإسلامية بشكل عام واللبنانيين والفلسطينيين بشكل خاص بمناسبة يوم القدس العالمي

الخميس 06 أيار , 2021 02:33 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ لبنان

توجه تجمع العلماء المسلمين برسالة إلى الأمة الإسلامية بشكل عام واللبنانيين والفلسطينيين بشكل خاص بمناسبة يوم القدس العالمي تلاها رئيس الهيئة الإدارية الشيخ الدكتور حسان عبد الله هذا نصها:


يمر علينا يوم القدس العالمي هذا العام وقد بدأت تباشير انجازاته الكبرى بالظهور من خلال تشكيل محور المقاومة الذي بات اليوم قوة كبيرة يُحسب لها حساب، وبات يشكل تهديداً وجودياً للكيان الصهيوني يؤذن بزواله قريباً، هذا اليومَ الذي أعلنَهُ الإمامُ المقدّسُ آيةُ الله العظمى روحُ الله الموسويّ الخميني قُدِّسَ سرّه وقال عنه: "إنَّ إحياءَ يومِ القدسِ هو إحياءٌ للإسلام" ودعا الأمةَ لإحيائهِ بكلِّ الوسائلِ المتاحةِ، فتساءلتُ كيفَ يكونُ إحياءُ يومٍ باسمِ القدسِ إحياءً للإسلام. والجوابُ أن الإسلامَ إنْ لمْ يحرّكِ الأمةَ نحو عزّتها وكرامتِها لا يكونُ حياً في قلوبِ هذِهِ الأمةِ وإنَّ الإسلامَ إنْ لم يدفعِ الأمّةَ نحو الجهادِ الحقيقيِّ لا يكونُ حياً في قلوبِ أبنائها، وإن الإسلامَ إنْ لم يدْفَعْنا لتحريرِ قُدْسِنا أولى القِبْلَتَيْن وثالثِ الحرمينِ الشريفينِ لا يكون حياً في قلوبنا، لذا أرادَ الإمامُ قُدِّسَ سرُّهُ أن نعملَ لإحياءِ هذا اليوم لنؤكدَ على رفضِنا للاحتلالِ الصهيونيِّ لفلسطينَ، وسَعْيِنا لتحريرِها من براثِنِ العدوِّ الصهيونيِّ ورفَضْنا لكلّ محاولاتِ الصلحِ مع هذا العدوِّ والاستسلامِ له. وتأكيدِنا أننا إن لم تتوفرْ لنا الظروفُ الموضوعيةُ للتحريرِ اليومِ حيثُ إن التحريرَ يحتاجُ إلى أمّةٍ واحدةٍ وقيادةٍ واحدةٍ وجيشٍ واحدٍ فعلى الأقلِّ فليعملِ الشرفاءُ على إبقاءِ هذه القضيةِ حاضرةً في الأذهانِ حتى تتوفّرَ الظروفُ المناسبةُ ونخرُجُ من صراعاتِنا وضعفِنا وجمودِنا وانصياعِنا لإرادةِ الشيطانِ الأكبرِ أميركا من حيث ندري أو لا ندري لأننا إن تجاهَلْنا هذا الواجبَ وسكَتْنا ورضِينا بالواقعِ فلنْ نستردَّ حقوقَنا المغتصبةَ ولن نحرِّرَ أرضَنا ولن نستردَّ عزّتَنا وساعتئذٍ لن يكون هناك إسلامٌ حيٌّ في نفوسِنا بلْ سيكونُ بعيداً عن ساحةِ الوجودِ بما كَسَبَتْ أيدينا الآثمةُ، وهذا معنى قولُ الإمامِ الخميني (قدس سره) إحياءُ يومِ القدسِ إحياءٌ للإسلام.
واسمحوا لي أن أعرُضَ عليكم سؤالاً يسألُه ُكلُّ شابٍ مجاهدٍ اليومَ، لماذا لم تُحرّرَ فلسطينُ إلى اليوم؟ ولماذا استطاعَ ثُلّةٌ قليلةٌ في لبنان تحريرَ جنوبَ لبنان ولم تستطعْ جحافلُ العَرَبِ أن تحرّرَ فلسطينَ؟ ولماذا استطاعتْ ثلّةٌ مجاهدةٌ في غزةَ طَرْدَ الصهاينةِ منها ولم تستطعْ الطائراتُ النفاثةُ الضخمةُ وجحافلُ الجيوشِ العربيةِ أن تحررَ فلسطين؟؟!!
والجواب: 
-    لأننا لم نلتزمْ بالإسلامِ ولم نؤمنْ به حقَّ الإيمانِ بل كلُّ ممارساتِنا كانت كُفراً بأنْعُمِ الله فصَدَقَ فينا قولُهُ تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾.
-    لأننا لم نعتصمْ بحبلِ اللهِ وتَفَرّقْنا قبائلَ متناحرةً، فبدلاً من الوحدةِ سَعَينا للفرقةِ وأصبَحْنا نتعبّدَ للحدودِ الوطنيةِ كأنها من المقدّساتِ وضيّعنا أمرَ الله لنا بأن نكونَ أمةً واحدةً: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.
-    لأنّ حكّامَنا ربطوا مصيرَهُم بمصيرِ الكيانِ الصهيونيِّ وباتَ سقوطُ هذا الكيانِ سقوطاً لهم فدافعوا عنه وهاجموا وطعنوا بالظّهرِ كلَّ مقاومةٍ شريفةٍ أنتجتها الأمةُ، واليوم يلجأون للتطبيع معه ظناً منهم أن ذلك سيحميهم ولكنه سيتحول كابوساً يزيل عروشهم مع زوال الكيان الصهيوني.
-    لأنّ هذِهِ القياداتِ صوَّرتْ لنا أن العدوَّ الصهيونيَّ وجيشَهُ هو أسطورةٌ لا تُقهرُ لذلك كان غضبُهم على المقاومةِ عندما كشفتْ زيفَ أحدوثَتَهُم وأثبتتْ قوةَ الأمةِ المنيعةَ من الإيمانِ بالله ورسوله.
-    لأنَّ جيوشَنا العربيةَ إنما هي لقمعِ الشعوبِ وليست لتحريرِ الأوطانِ.
-    لأن أولوياتِنا تغيرتْ من أن تكونَ قتالاً لأشدِّ الناسِ عداوةً للذين آمنوا (اليهود) إلى قتالِ أعداءٍ مختَرَعِينَ اختاروهم لنا تحتَ عنوانٍ قَوميٍّ تارةً ومذهبيٍّ أخرى وعرقيٍّ ثالثةً، ولأنّ.. ولأنَّ.. والقائمةُ طويلةٌ، والحلُّ الصريحُ هو وبكلِّ اختصارٍ أمةٌ واحدةٌ بقيادةٍ راشدةٍ وجيشٍ واحدٍ يحرِّر فلسطينَ وإلى ذلكَ اليومِ واجبُنا إحياءُ هذه القضيةِ في نفوسِ أجيالِنا التي ستحملُ المِشْعَلَ من بعدِنا ولنْ نُقِرَّ لعدوِّنا احتلالَهُ لشبرٍ من أراضينا، ولا يحقُّ لأيِّ حاكمٍ عربيٍّ أن يتنازَلَ عن شبرٍ من فِلَسطينَ ولا يحقُّ حتى لأهلِ فلسطينَ أنفسِهم، ففلسطينُ وقْفٌ إلى يومِ القيامةِ.

باسمِ تجمُّعِ العلماءِ المسلمينَ نعلِنُ المواقِفَ السياسيةَ التاليةَ:
أولاً: على صعيد الوحدةِ الإسلاميةِ: يمكن لي أن أُعْلِنَ وبكلِّ صراحةٍ وبناءً لخبرةٍ وتجربةٍ أن مشروعَ الفتنةِ المذهبيةِ لم يحققْ أهدافَهُ وهو وإن أَحْدَثَ بعضَ النّدوبِ إلا أننا استطعنا الانتصارَ عليه وحدّدْنا وبشكلٍ واضحٍ أن الصراعَ في الأمةِ ليس صراعاً مذهبياً بل هو صراعٌ سياسيٌّ بين نهجَيْن، نهجِ مقاومةٍ تقودُهُ الجمهوريةُ الإسلاميةُ في إيران، ونهجِ استسلامٍ للشيطانِ الأكبرِ بقيادةِ الولاياتِ المتحدةِ الأميركية.

ثانياً: على صعيد فلسطين: ندعو الفصائلَ الفلسطينيةَ كافةً للتوحدِ في غرفةِ عملياتٍ واحدةٍ وقيادةِ حربٍ شعبيةٍ كي يشعرَ العدوُّ الصهيونيُّ بالثمنِ الباهظِ لاحتلالِهِ لأرضِنا وندعو لدعمِ الشعبِ الفلسطينيِّ للصمودِ في أرضِهِ من إعادةِ بناءِ ما هدّمهُ العدوانُ ورعايةِ عوائلِ الشهداءِ والجرحى، وبناءِ المدارسِ والمستشفياتِ، وندعو السلطةَ الفلسطينيةَ لإلغاءِ الاتفاقياتِ الأمنيةِ والسياسيةِ كافةً مع العدوّ الصهيونيِّ حتى لو كانَ الثمنُ ذهابَ السلطةِ، فلا باركَ الله بسلطةٍ لا تستطيعُ حمايةَ شعبِها.

ثالثاً: على صعيدِ لبنان: نؤكدُ على ضرورةِ دعمِ المقاومةِ في حربها ضدّ العدوَّيْنِ اللدودَيْنِ لهذه الأمة (العدو الصهيوني والتكفيري)، وأنَّ الثلاثيةَ الماسيةَ (الجيشَ والشعبَ والمقاومةَ) هي الحلُّ لحمايةِ لبنانَ والدفاعِ عنه، وندعو للإسراع في تشكيل حكومة إنقاذ وطنية تكنوسياسية تضم الكتل السياسية الفاعلة وتضع مشروعاً إنقاذياً يخرجنا من المأزق الذي نعيشه.

رابعاً: على صعيد الحرب الدائرة في المنطقة: نعتبرُ أن الحربَ التي يخوضَها الجيشانِ السوريُّ والعراقيُّ والمقاومةُ هي معركةٌ في حربِنا ضدَّ العدوِّ الصهيونيِّ وليستْ شيئاً آخرَ بل أصبحَ اليومَ إضعافُ الكيانِ الصهيونيِّ مقدمةً لإسقاطِهِ وزوالِهِ يكون بإزالةِ العدوِّ التكفيريِّ، لأنه اتخذَ منهُ درعاً يحميهِ من جهةٍ ويُضْعِفُ خطَّ المقاومةِ من جهةٍ أخرى.
أما في اليمنِ فهناك الظلمُ الفاضحُ، شعبٌ يُقتَلُ أمامَ أعينِ العالمِ ولا تستطيعُ الأممُ المتحدةُ أن تُصْدِرَ قراراً خجولاً لإدانةِ المعتدي السعوديِّ بل تتراجعُ أمامَ تهديدِ السعوديةِ لها بقطعِ التمويلِ عنها، ولكن مع ذلكَ فإن معركةَ اليمنِ هي آخرُ المعاركِ والنصرُ سيكون حليفَ الشعبِ اليمني الذي لن تكونَ سعادتُهُ وعزَّتُهُ إلا بعدَ رفعِ يدِ السعوديةِ عنه وعن مقدّراتِهِ وإمكاناتِهِ.

خامساً: على صعيدِ إيران: نتوجهُ باسمِ التجمعِ إلى الجمهوريةِ الإسلاميةِ الإيرانيةِ وسماحةِ قائدنا وعزِّنا وفخرِنا وإمامِنا ومرجِعِنا وسيِّدِنا آيةِ الله العظمى الإمامِ السيد علي الخامنائي (مد ظله) بأسمى آياتِ الولاءِ ونعلنُ أننا مع سماحتِهِ ولو خاضَ البحرَ لخضناهُ معهُ، ونحن سِلْمٌ لمن سالَمَهُ وحربٌ لمن حارَبَهُ لأنه اليومَ رمزُ الإسلامِ المحمديِّ الأصيلِ. ونشكرُ الجمهوريةَ الإسلاميةَ الإيرانيةَ على كلِّ ما قدَّمَتْهُ لأمتِنا العربيةِ وخاصةً في دعمِها للمقاومةِ وللقضيةِ الفلسطينيةِ مع ما كلَّفَها هذا الأمرُ من تضحياتٍ تحمّلَها الشعبُ الإيرانيُّ البطلُ بكلِ محبةٍ وفخرٍ، فشكراً إيران.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل