السفير السوري: سورية مستعدّة لتقديم المساعدة للبنان في أي أمر تَقدر عليه

الإثنين 06 أيلول , 2021 08:57 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ لبنان

لطالما رُفعت الأصوات المطالبة بضرورة التّواصل اللّبناني الرسمي مع سوريا. منذ سنوات ونحن نسمع فئة من اللبنانيين تحثّ على إعادة مياه العلاقات إلى مجاريها لمصلحة لبنان قبل سوريا. الأخيرة تعتبر بوابة لبنان إلى الخارج، وما بين البلدين أبعد من جغرافيا وتاريخ. ثمّة أواصر كثيرة تربط بيروت بدمشق، وغياب أفضل العلاقات يعني خسارة بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معنى. وعليه، مهما "تهرّب" البعض من فكرة إقامة أفضل العلاقات مع سوريا سيكتشف لاحقًا أنّ السياق الطبيعي والمنطقي للأمور يفترض ذلك. وعلى قاعدة "أن تأتي متأخرًا خير من أن لا تأتي أبدًا" أتت زيارة الوفد اللبناني الرسمي إلى سوريا بغض النّظر عن التّوقيت ونوايا البعض. أتت الزيارة بعدما يقارب 10 سنوات من شبه القطيعة للبحث في مسألة تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية. فما أهمية الزيارة الرسمية للوفد اللبناني إلى سوريا؟ وهل يُبنى عليها للإنفتاح نحو ملفات أخرى؟. 

علي: العلاقة بين لبنان وسوريا تفرضها مصلحة البلدين 

السفير السوري في لبنان علي عبدالكريم علي يقرأ في حديث لموقع "العهد" الإخباري في أبعاد الزياة التي قام بها المسؤولون اللّبنانيون إلى سوريا فيتحدّث عن أهمية الزيارة، موضحًا أنّ كثرًا من المسؤولين اللبنانيين زاروا سوريا ولكن قيمة هذه الزيارة تكمن بأنّها جاءت  بتوقيع وإعلان مباشر من رئيسي الجمهورية والحكومة. يشدّد علي على أنّ الزيارة لها إيجابية يمكن أن يُبنى عليها، فرغم الدوافع التي أدّت إلى الزيارة أو الضوء الأخضر الذي أتى من جهات معينة ولكن العلاقة بين لبنان وسوريا تفرضها مصلحة البلدين خصوصًا أنّ العائلات مترابطة، وثمّة اتّفاق تعاون وأخوّة وصداقة واتّفاقات كثيرة بين البلدين.

وينوّه علي إلى الكلام الذي أدلى به سفير لبنان في سوريا خلال المحادثات، والذي أكّد فيه أنّ هذه الزيارة كان يجب أن تتمّ قبل 4 سنوات وأنّ الإتفاقيات يجب أن تفعّل بين البلدين منذ زمن. وهنا يشير علي إلى مستوى التّطابق في وجهات النظر فالتوافق بما يخصّ المحاذير بالنسبة للغاز والكهرباء التي يجب أن تُستجر عبر سوريا لناحية ضرورة أن يكون الغاز مصريا والكهرباء أردنية عبّر عنه الوفدان اللبناني السوري، متمنيًا أن يتطوّر هذا التوافق للتكامل لأنّ مصلحة لبنان في ذلك خصوصًا وسط الأزمة الخانقة التي يعانيها والحصار الاقتصادي الذي فرض على سوريا، فقانون "قيصر" سُمّيت فيه سوريا ولكن العقوبات طالت لبنان بنفس القدر الذي عوقبت فيه سوريا. 

نحن شعب واحد في بلدين

ويُشدّد علي على أنّ سوريا مستعدّة لتقديم المساعدة للبنان في أي أمر تستطيع أن تقدّم المساعدة فيه، فنحن شعب واحد في بلدين. وهنا يشير علي إلى أنّه وإن كان لكلّ بلد قوانينه ولكن الشعب واحد والجغرافيا مع بعضها ليست كبيرة، فـ"إسرائيل" هذا الكيان الغاصب أقفلت الحدود ما يجعل سوريا بمثابة حدود لبنان.

المدى الزمني لإنجاز الإتفاق

وحول المدى الزمني لإنجاز اتّفاق تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية يؤكّد علي أنّ هذا الأمر مرهون بلجم الإرهاب الذي يستثمر فيه ضدّ سوريا ولبنان. وفق قناعاته، فإنّ أميركا والغرب اقتنعوا بأنّ هذا الإرهاب صار خطرًا على مموّليه ومسلّحيه وداعميه، وعندما يتوقفون عن دعم الإرهاب والإستثمار فيه يمكن إنجاز الإصلاحات في خطوط الغاز والكهرباء بزمن قياسي. وهنا يوضح علي أنّ لا إشكال بموضوع الخطوط بين حمص والدبوسية، لكن بين الحدود الأردنية وسوريا ودرعا تحتاج الأمور أوّلًا إلى ضمان الأمان والقضاء على جيوب الإرهاب هناك ما يعني أنّ إصلاح الخطوط يمكن أن تأخذ زمنًا لكن يمكن اختصاره إذا كان هناك جدية من كلّ الأطراف بعد التأكد من إمكانية وصول غاز مصري وكهرباء أردنية الى سوريا.

ويضيف علي:"نحن نتفاءل ونبني على ما حدث ونرجو أن يتطوّر وأقدّر أنّ الإندفاعة تفرض هذا التّطور وما تحدّث به الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله عن المحروقات الآتية من إيران حرّض جوانب معيّنة، وضاغطين دوليين لرفع ضغوطهم، وكل هذا مفيد". وفق علي، نحن نريد أن نستثمر بالإيجاب ولا نغفل أنّ هناك دوافع كثيرة لها دور وقوى سياسية -بكلّ أسف- ترفع شعارًا وتفعل عكسه بما يخصّ السيادة ومصلحة لبنان. 

لسورية مصلحة في لبنان قوي ومستقل 

وفي معرض حديثه، يؤكّد علي أنّ الصين وروسيا ليست جمعيات خيرية ولكن عندما تأتي الصين بمشاريع متعدّدة وبشركات ورأس مال كبير وهي الأكثر سيولة نقدية في العالم فمن مصلحة لبنان أن يرحّب بها دون أن يلغي علاقته بالغرب وبدول أخرى في الخليج وآسيا. وفق علي فإنّ روسيا والصين خيار للبنان، ولسوريا مصلحة فيه فالتكامل الروسي الصيني الإيراني يخدم لبنان الذي لا يجب أن يقطع علاقته بالغرب بل يسعى ليتكامل هذا  الخيار مع الخيارات الأخرى. وهنا يعرب علي عن اعتقاده بأنّ الوصول اللّبناني إلى العراق والخليج والغرب والشرق لا يتمّ إلّا عبر سوريا، وبالتالي فإنّ الإنفتاح على مختلف الخيارات من مصلحة سوريا ولبنان وليس فقط لبنان. الأخير ربّما أحوج ولكن سوريا أيضًا لديها مصلحة في لبنان قوي ومستقلّ يمتلك اقتصادًا جيدًا ولنا مصلحة أن يكون لبنان آمنًا أيضًا لأنّ "إسرائيل" كعدو يتربّص بالبلدين معًا وهذا يُسعد أميركا و"اسرائيل" إذا كانت التّناقضات كبيرة بين الفرقاء السياسين في لبنان وبين لبنان وسوريا.

وردًا على سؤال حول ما إذا كانت زيارة الوفد اللبناني إلى سوريا بداية كسر الحصار الأميركي عن سوريا، يقول علي :"هذا الذي حدث في أفغانستان، فكيفما جمّلت أميركا صورة انسحابها فهو هزيمة، وبالتالي فإنّ انسحابها من سوريا والعراق حتمي، الأمر الذي يجعلها بحاجة لإعادة النظر وقراءة مصالحها لتخفيف الخسائر ما أمكن والحفاظ على المصالح والحدود التي تتّفق فيها مع أبناء المنطقة والعالم". 

الحرارة توحي بأنّه قد يكون هناك انفتاح وتعاون لملفات أخرى 

وحول ما إذا كان ثمّة زيارات سيقوم بها المسؤولون السوريون إلى لبنان، يقول علي :"لا أدري ولكن عندما تكون المبادرة اللبنانية واضحة ومستمرة بالتأكيد سنشهد إيقاعا موازيا إن لم يكن بحرارة أعلى"، أمّا عن زيارات جديدة لمسؤولين لبنانيين إلى سوريا فيقول علي:" نقدّر أنّ مصلحة لبنان تقتضي ذلك وسوريا مرحبة". وهنا يشير علي إلى أنّ الإشارات كانت إيجابية والحرارة توحي بأنّه قد يكون هناك انفتاح وتعاون لملفات أخرى ولكن هذا يحتاج إلى خطوات عملية وترجمة، متمنيًا أن يكون للقوى السياسية الوطنية وهي نسبة كبيرة ووازنة دورًا سواء في البرلمان والحكومة أو في القواعد والقيادات السياسية. 

لخروج الجميع من منطق الإرتهان للتردّد أو انتظار الأوامر 

وفي الختام، يدعو السفير السوري إلى خروج الجميع من منطق الإرتهان للتردّد أو انتظار أوامر من جهات قد تكون مصالحها لا تراعي مصلحة الشعب اللبناني الشقيق، مضيفًا :"نحن حريصون على الأخوة مع هذا البلد العزيز وبالتالي فإنّ المصلحة مشتركة والمخارج تفرض الشراكة وهذا ممكن، وعندما نتّحد ونتّفق ونتكامل سنهزم كلّ الشروط الصعبة التي تحيط بالبلدين ونفكّ الحصار، فالحصار يصبح محاصرًا عندما نتّفق وننفتح على الشرق. وفق قناعات علي، فإنّ منطق السيادة يفرض بأن لا يُسمح لدولة مهما كانت أن تكون وصيّة على دولة أخرى.

 

المصدر: العهد


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل