بانوراما الصحافة اللبنانية | بعد تحديد موعد الاستشارات.. الضبابية تحيط بالاستحقاق الحكومي

السبت 18 حزيران , 2022 08:53 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ بانوراما

اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بالشأن الحكومي، على بعد أيام قليلة من الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد لمجلس الوزراء.
وإن كانت الصورة لا تزال صبابية حول شخصية الرئيس المقبل، بقي نجيب ميقاتي المرشح الأوفر حظًا، إلا أنه لا إشارات واضحة حول توافق بين مختلف الكتل عل ىتسمية ميقاتي، خاصة وأن رئيس التيار الوطني الحر سبق وأعلن علنُا عدم تسميته لرئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي.
وتبقى الأمور مرهونة بالساعات الأخيرة، وما يمكن أن يحدث من تسويات وتفاهمات بين مختلف القوى السياسية.

"البناء": ميقاتي مرشح وحيد… والباقي تصويت سلبيّ

على الصعيد النيابي والحكومي يسيطر البحث والتداول بتسمية رئيس جديد للحكومة في الاستشارات النيابية الملزمة يوم الخميس المقبل، بينما يبدو الرئيس نجيب ميقاتي المرشح الوحيد، فيما يجري البحث عن أسماء لتغطية التصويت السلبي ضد ميقاتي، وليس منافسته.

بانتظار خميس الاستشارات تُسابق الكتل النيابية والقوى السياسية الوقت قبل حسم مواقفها من استحقاق تكليف رئيس لتشكيل الحكومة الجديدة، مع ترجيح أكثر من جهة نيابية لـ»البناء» إعادة تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في ظل غياب أي مرشح آخر جدي وعجز السفير السعودي في لبنان وليد البخاري عن توحيد أحزاب القوات اللبنانية والكتائب والاشتراكي وقوى التغيير حول مرشح واحد وسط الخلاف الحاصل بين نواب الـ13 الذين سيذهبون للاستشارات فرادى وليسوا كتلة واحدة. فضلاً عن تحصّن ميقاتي بدعم «الثنائي» أمل وحزب الله ودعم النواب المتحدرين عن تيار المستقبل وعلاقاته مع نواب مسيحيين يؤمنون له الميثاقية المسيحية.

وأكدت مصادر كتلة التنمية والتحرير لـ”البناء” أن “الكتلة تتجه لتسمية ميقاتي لكونه الخيار المتوافر في الوقت الراهن ويملك الخبرة المطلوبة والاطلاع على الملفات الأساسية الاقتصادية والمالية التي اضطلعت بها الحكومة الحالية، وبالتالي يستطيع مواجهة التحديات التي تفرضها المرحلة المقبلة. كما أنه استطاع تمرير المرحلة الماضية بأقل خسائر ممكنة وتوفير حد أدنى من الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، وكذلك يملك التغطية الخارجية لا سيما من الفرنسيين”، مستبعدة التوافق على بعض المرشحين الذين يتم التداول بهم. ولفتت المصادر الى أن الاتصالات والمشاورات تتركز على تأمين الأكثرية النيابية والميثاقية لإعادة تكليف ميقاتي.

وفي سياق ذلك، يشير مطلعون على موقف حزب الله لـ”البناء” إلى أن “الحزب لا يمانع عودة ميقاتي الى رئاسة الحكومة ولن يسير بمرشح آخر لكون عمر الحكومة المقبلة ثلاثة أشهر ولا تستأهل افتعال مشاكل وأزمات في ظل الظروف الصعبة الحالية والأفضل أن يبقى لاستكمال ما بدأته الحكومة على الصعد الاقتصادية والاجتماعية وقد تضطر كتلة الوفاء للمقاومة الى تسمية ميقاتي، وهذا مرتبط بمواقف الكتل الأخرى”، ولا يخفي المطلعون “ارتياح الحزب لأداء ميقاتي على مستوى إدارته السياسية للمرحلة الماضية وسعيه وتعاونه مع الوزراء لمعالجة الأزمات ولو قصرت الحكومة في ملفات عدة بسبب الخلافات السياسية وتضارب المصالح المالية والتأثيرات الخارجية”.

ووفق معلومات “البناء” فإن معظم الكتل الأساسية ترفض استمرار حكومة تصريف الأعمال حتى نهاية العهد الرئاسي الحالي، بل تسعى لتأليف حكومة جديدة حتى لو عاشت مدة قصيرة لقيادة البلاد في مرحلة الفراغ الرئاسي إن حصل.

وبينما لم يحسم رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط موقف كتلته النيابية حيال التكليف، أشارت أجواء اشتراكية لـ”البناء” الى أن جنبلاط ينتظر مواقف الكتل الأخرى لا سيما القوات والمجتمع المدني وإذا ما كانوا سيتوحدون على مرشح واحد، لكنه يفضل التصويت لميقاتي لكونه المرشح الأفضل في هذه المرحلة.

وأكدت كتلة اللقاء الديمقراطي في بيان بعد اجتماعها، ضرورة تأليف الحكومة بأسرع وقت، وبحثت في المواصفات المطلوبة في رئيس الحكومة الذي يجب تكليفه، ودعت إلى بحث جدّي في شكل الحكومة التي تنتظرها مهمات أساسية، ما يُوجب أن تكون حكومة إنتاج وعمل فعلي، لكي تتولى تطبيق الإصلاحات الضرورية ومتابعة مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي والتصدي للأزمة المالية والمعيشية والاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية الخطيرة على المواطنين، وهذا للأسف ما فشلت الحكومة الحالية في تحقيق أي منه. كما شددت الكتلة على “رفض أية محاولة لإعادة طرح البدعة المسماة الثلث المعطل، ورفض منطق الوزارات السيادية وغير السيادية وضرورة الخروج منه، بحيث تكون كل الوزارات متاحة أمام ممثلين من كل الفئات من ذوي الكفاءة والجدارة وبعيداً عن سياسة الاحتكار المعتمدة حتى الآن من قبل بعض القوى لبعض الوزارات”.

ويبدو أن المشاورات بين القوات وقوى التغيير فشلت حتى الساعة في الاتفاق على اسم موحد، وتربط القوات موقفها باتفاق قوى التغيير على اسم موحد، وأوضحت أوساط قواتية مطلعة لـ”البناء” الى أن “المشاورات لم تنضج مع القوى التغييرية ولا مع الاشتراكي، وما زال العمل يتركز على شقين أساسيين، الأول توفير أكبر كمية ممكنة من مكونات المعارضة على اختلافها بدعم تسمية شخصية واحدة، وإذا لم يتوافر هذا الأمر فإن ميقاتي سينتزع ورقة التكليف مجدداً ولذلك الجهد يتركز على ضرورة توحّد مكونات المعارضة، أما الشق الثاني فهو ضرورة البحث بالاسم وأن يملك المواصفات المتفق عليها”.

ويصرّ التيار الوطني الحر على موقفه برفض تكليف ميقاتي ويتجه لعدم تسمية أحد في الاستشارات وأنه يربط التكليف بالتأليف لكي لا يؤدي الى استنزاف ما تبقى من العهد بالصراع على الحصص، وفق ما تشير مصادر التيار لـ”البناء”، والتي تتساءل عن الملفات الأساسية التي أنجزها ميقاتي خلال هذه الحكومة على صعيد الكهرباء والمشاريع النفطية والتدقيق الجنائي وحاكمية مصرف لبنان ومكافحة الفساد والملاحقات القضائية للفاسدين؟ وتعتبر المصادر أن الاتفاق على ملامح التأليف قبل التكليف يسهل عملية تشكيل الحكومة الجديدة لكي تنطلق لمواجهة التحديات الكبيرة ومعالجة الأزمات.

في المقابل لفتت أوساط مقربة من ميقاتي لـ”البناء” الى أنه “حتى الساعة لم ترتسم خريطة المواقف حيال استحقاق التكليف، ومن المبكر الحديث بتفاصيل الاستشارات ومازالت القوى السياسية في طور البحث والمشاورات على قدم وساق، لكن باستثناء لبنان القوي الذي لن يصوت لميقاتي والموقف الغامض لقوى التغيير الذين سيذهبون فرادى الى الاستشارات، فالمتوقع أن ينال ميقاتي، 65 صوتاً أو أكثر بقليل، أي الرقم الذهبي الذي سيكون حاضراً في مجلس النواب في جميع الاستحقاقات الكبرى».

وأبدت الأوساط استغرابها للفارق الشاسع بين الإعلان عن موعد الاستشارات وبين موعدها، والواضح أن رئيس الجمهورية يريد منح فرصة للتيار الوطني الحر للقيام بالمشاورات اللازمة لتحديد موقفه، لافتة الى أنه “ليس خافياً أن لبنان القويّ لا يريد ميقاتي رئيساً للحكومة المقبلة باعتبار أنه وقف في الحكومة الماضية سداً منيعاً في وجه طموحات النائب جبران باسيل ولا يريد إعادة التجربة من جديد”.

ولفتت الأوساط الى أن أي أمر يتعلق بالتكليف قبل التأليف هو اعتداء على الدستور، مشيرة الى أن “باسيل يحاول وضع اليد على الحكومة لاعتباره أنها الأخيرة في العهد الحالي وستقود الفراغ الرئاسي إن حصل، لذلك يحاول باسيل أن تكون له الكلمة الفصل في الحكومة والإتيان برئيس يدور في فلكه السياسي ويفرض شروطه من ثلث معطل وانتزاع وزارات أساسية وسيادية”.

ونفت الأوساط حصول تواصل بين ميقاتي وباسيل، كاشفة أن “ميقاتي أبلغ جميع الأطراف بأنه لن يخضع لأية شروط وهو مستعد لإكمال المهمة الوطنية التي بدأها في حكومة معاً للإنقاذ في حال توافق النواب على تسميته”، موضحة أن “النواب يسمون الرئيس المكلف، وعليه أن يسارع لاستشارات نيابية غير ملزمة ثم تأليف الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية ثم يذهب للمجلس النيابي لنيل الثقة”.

وشددت الأوساط على أن “ميقاتي لا يستطيع تأليف حكومة على قياس تيار سياسي ولا يقبل بشروط ولا هو يفرض الشروط، بل يسعى لاستكمال ما بدأته حكومته على صعيد ملفات ثلاثة: استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، إقرار خطة التعافي، إنجاز ملف الكهرباء، وهذا يحتاج الى ورشة وطنية إنقاذية”.

واستبعدت أن تدفع السعودية باتجاه تكليف الوزيرة السابقة ريا الحسن، وتساءلت: هل الحسن خارج المنظومة السياسية لكي تطرح من قبل قوى التغيير والقوات كمرشحة خارج الاصطفافات وسبق أن تولت مناصب وزارية ممثلة عن تيار المستقبل؟ وأكدت أوساط ميقاتي أن العلاقة مميزة بين ميقاتي والمفتي عبد اللطيف دريان، وكشفت أن العلاقة مع الرئيس سعد الحريري جيدة والاتصالات معه مستمرة.

وعن زيارة السفير السعودي الى دار الفتوى أوضحت مصادر سنية لـ”البناء” أنها “زيارة عادية تشاورية بالوضع السياسي والسني عموماً، موضحة أن “لا علاقة للمفتي بعملية تأليف الحكومة، ودعت المصادر الى قراءة الواقع السني الذي أفرزته الانتخابات النيابية، والقرار أصبح لمجلس النواب في ظل غياب كتلة سنية وازنة قريبة من تيار سياسي تستطيع فرض مرشح لرئاسة الحكومة”.

ووفق معلومات “البناء” فإن السعودية تفضل رئيساً غير ميقاتي لتأليف الحكومة المقبلة، لكنها لا تمانع إعادة تكليفه إن لم تنجح بتأمين أكثرية لمرشحها، فضلا عن تمسك الفرنسيين بميقاتي”، ورجحت المعلومات حصول اتصالات فرنسية مع السعودية للتشاور بهذا الملف. كما علمت أن لا تواصل مباشر بين ميقاتي والسعودية إلا عبر قنوات معينة، لكن العلاقة جيدة مع السعودية لم تعلن أي موقف بدعم مرشح على آخر.

وكشفت قناة “المنار” أن “السعودية تراجعت عن حماستها بدعم تسمية رئيس مكلف، بسبب تلمس السفير السعودي في بيروت بأن لا أمل بتسويق مرشح للرياض لرئاسة الحكومة”.

ووجّه ميقاتي من طرابلس سلسلة رسائل باتجاهات مختلفة لا سيما باتجاه بعبدا واللقلوق، مناشداً الجميع “الإسراع في اختيار رئيس جديد للحكومة، وتقديم كل التسهيلات لتشكيل الحكومة الجديدة لأنّ ترف الوقت لم يعد متاحاً أبدًا”.

وقال: “لن أتردّد في رفض أية محاولة لإدخالنا في تسويات لا مصلحة للوطن فيها، أو في مساومات سياسية مخالفة لقناعاتنا”، مضيفاً: “مخطئ مَن يعتقد أنّ رفع الصوت وافتعال الغبار السياسي والإعلامي في وجهنا، يمكنه أن يلزمنا بأن نزيح قيد أُنملة عن قناعاتنا”، كما كشف “أننا على الاستعداد للخدمة العامة بقناعات وطنية وشخصية واضحة، ولكننا نرفض تحويل موقع رئاسة الحكومة وشخص رئيس الحكومة مادة للتسويات”.

"الأخبار": 8 آذار: ميقاتي أو مرشح مواجهة

تتواصَل مفاوضات الشوط الأخير قبل موعِد الاستشارات النيابية، الخميس المقبل، في محاولة للوصول إلى «توافقات» حولَ اسم رئيس الحكومة المكلف، فيما لم يُسجّل أي تقدم في هذا الشأن، لا بين حزب الله والتيار الوطني الحر، ولا بين القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، فيما لم يتفق نواب «التغيير» الـ 13 بعد ما إذا كانوا سيلتقون رئيس الجمهورية كتكتّل أم فرادى.

في غضون ذلك، يبقى الرئيس نجيب ميقاتي، حتى الآن، متقدّماً على مرشّحين «غير جدّيين»، ربطاً بعدد الأصوات التي سينالها، إلا إذا طرأ ما يخلط الأوراق قبل الموعد. وحتى مساء أمس كانت الأجواء كالآتي:

- لم تصل مُشاورات حزب الله والتيار الوطني الحر إلى نتيجة، بعد قرار النائب جبران باسيل بعدم تسمية ميقاتي، فيما يعتبر الحزب أن الأمر «قابل للدرس»، خصوصاً أن الأسماء التي يطرحها باسيل غير «مستساغة»، وهي تبدأ من النائب عبد الرحمن البزري ولا تنتهي بالنائب نبيل بدر.

- يلتزِم الرئيس نبيه بري تسمية ميقاتي، وكان يُراهِن على النائب وليد جنبلاط الذي أثار تردّده المستجدّ علامات استفهام، ربطاً بتحرك السفير السعودي في بيروت وليد البخاري. وقد أبلغ جنبلاط بري أنه سيكون محرجاً مع حلفائه السياسيين وحتى مع المجتمع المدني في حال قرروا السير بغير ميقاتي، وأنه يفضل توافقاً على طريقة تشكيل الحكومة. وفي حال اقتنعت القوات اللبنانية بالمشاركة فربما يعود الطرفان إلى دعم تسمية ميقاتي بعد الاتفاق على توزيع مختلف للحقائب وللحصص الوزارية. إلا أن معلومات تؤكد أن كتلة «اللقاء الديموقراطي» حسمت في اجتماع أول من أمس عدم تسمية ميقاتي من دون أن تختار بديلاً عنه، وأن الحزب الاشتراكي، بحسب مصادره، «لم يقرر بعد المشاركة في الحكومة». أما بالنسبة إلى «القوات» فلا تزال ترفض تسمية ميقاتي، ولم تحسم أمر المشاركة بعد، وسيُعقد اجتماع غداً مع الحزب الاشتراكي للوصول إلى اتفاق، علماً أن المصادر تشير إلى أن جنبلاط يفضل تسمية مرشح مشترك بدلاً من عدم التسمية فيما لا تزال معراب تدرس الأمر.

- يرصُد فريق 8 آذار التنسيق بين المختارة ومعراب بحذر، ولا يفصله عن السياسة السعودية في لبنان. إذ لا شيء يفسّر تراجع جنبلاط عن تسمية ميقاتي إلا ضغط سعودي، بعدما كان بعث برسائل تشير إلى عدم ممانعته في ذلك. وثمة فكرة، تتداول على نطاق ضيق، عن إمكانية اختيار مرشح واحد لفريق 8 آذار في حال كان هناك قرار بتسمية مرشح مواجهة من الفريق الآخر.

لا شيء يفسّر تراجع جنبلاط عن تسمية ميقاتي إلا ضغط سعودي

- بينما لا يعارض الفرنسيون والأميركيون تسمية ميقاتي مجدداً، لفتت مصادر متابعة إلى التكتم الذي يحيط به البخاري حركته على عكس «الصراحة» التي اتسمت بها حركته قبل الانتخابات النيابية. وقالت إنه يعمد إلى الاستماع أكثر من الكلام، التزاماً بالتعليمات التي سمعها في المملكة. ورغم أن الموقف السلبي من ميقاتي صارَ معروفاً، لكن السفير لم يُفصِح عن أي اسم بديل، علماً أنه كان سابقاً يردّد اسم الوزيرة السابقة ريّا الحسن. وترجّح المصادر أن يكون هدف الدخول السعودي «تخريب» عملية التكليف والتأليف، من خلال التنسيق والعمل تحديداً على النواب السنة.

- حتى الآن لم تُصدِر دار الفتوى موقفاً واضحاً من الاستحقاق متبعة نهج «الحياد» الذي التزمته بعد خروج الرئيس سعد الحريري من المشهديْن السياسي والانتخابي. لكن مصادر متابعة أكدت أن للدار مرشحاً هو خالد قباني.

- لا يزال الضياع يطبع مناقشات نواب التغيير الذين يؤكدون أنهم سيتوحّدون خلفَ مرشّح واحد، إذ إنهم اتفقوا على المعايير ولكنهم يبحثون في خيارات عدة. وتقول أوساطهم إن الاجتماعات ما زالت مفتوحة، ويُفترض أن تستمرّ حتى الأسبوع المقبل والبحث يتركز حالياً على «إجراء تعديل في الشكل، يسمح لهم بالاجتماع بالرئيس عون بشكل موحد»، وثانياً على «التسمية، إذ لا يزال هؤلاء يطرحون أسماء جديدة آخرها السفير اللبناني السابق في القاهرة خالد زيادة. ويقول هؤلاء إنهم أنهوا ما يُمكِن تسميته بدفتر الشروط والذي يتضمن برنامج العمل المُرتكز على قضايا مالية واقتصادية وقضائية تتصل بإصلاح القضاء والدفع قدماً بتحقيقات انفجار مرفأ بيروت، مع إشارة إلى البيان الوزاري لكن بشكل غير واضح لا سيما في ما يتعلق بموضوع المقاومة.

- على مستوى النواب السنة المستقلين، من المفترض أن يُعقَد اجتماع مطلع الأسبوع في منزل بدر للبت في موضوع التسمية. مع العلم أن الغالبية، بحسب أوساطهم، تعتقِد أن ميقاتي أفضل خيار في الوقت الراهن، تبعاً لضيق المهلة وعدم جدوى خوض معركة حكومية طاحنة لحكومة لن يتجاوز عمرها أشهراً. وبينما نفت مصادرهم وجود تنسيق مع تيار «المستقبل» ونواب التغيير، ذكرت بأن موضوع الاجتماع مع الرئيس فؤاد السنيورة سيتم بحثه في حينه.

"الجمهورية": تكليف فمعركة تأليف.. الاستحقاقات: إحتمالات مفتوحة

الصورة اللبنانية بشكل عام باتت مربوطة بثلاثة استحقاقات كبرى، من شأنها أن تحدّد الوجهة التي ستسلكها الأزمة الداخلية، إن في اتجاه انفراج يَتوق اليه اللبنانيون ويضع حداً للواقع المأساوي الذي يعيشونه اقتصادياً ومالياً واجتماعياً وحياتياً، او في اتجاه انفجار كارثي يعمّق هذه الأزمة أكثر ويُفاقم من آثارها المدمّرة على كل المستويات.

الاستحقاق الأول، هو الملف الحكومي، المحكوم بعبور محطّتين تطوّق كلاً منهما تعقيدات وحسابات سياسية متناقضة تعزّز احتمالات العسر في هذا الملف أكثر من احتمالات اليسر. وتقع المحطّة الأولى على مسافة ايام قليلة، ويفترض ان تحسمها استشارات الخميس المقبل لتسمية رئيس حكومة ما بعد الانتخابات.

بازار

وعلى ما تؤشر الأجواء السّابقة لاستشارات الخميس، فإنّ عبور محطة التكليف دونه ما يمكن تسميتها بـ«حرب صامتة» تدور حول الشخصية التي سيرسو عليها التكليف. وبحسب معلومات «الجمهورية» من مصادر معنية بحركة الاتصالات الجارية على هذا الصعيد، فإنّ هذه الإتّصالات عالقة في بازار مفتعل، يسعى من خلاله بعض الأطراف إلى تفصيل «رئيس مكلّف تشكيل الحكومة،على مقاس شروطه ومواصفاته».

واكّدت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، انّ الرئيس نجيب ميقاتي هو المتصدّر الوحيد في نادي المرشحين لرئاسة الحكومة، وانّ بورصة الاسماء القليلة او بالأحرى المحدودة التي تمّ التداول بها في الأيام الاخيرة، لم تحمل اسماً موازياً له يمكن ان تلتقي حوله أكثرية نيابية معيّنة تسمّيه في استشارات الخميس، ما يعني انّ تكليف ميقاتي بات شبه محسوم الخميس المقبل.

الّا انّ ما يثير الاستغراب في رأي المصادر الموثوقة، «هو جنوح بعض الاطراف (غامزة في هذا السياق من قناة «التيار الوطني الحر») إلى خوض معركة حتى مع طواحين الهواء، على غرار ما فعلته في انتخابات رئاسة المجلس النيابي، وذلك في مرحلة شديدة الحساسيّة على كل المستويات، تفترض بالحدّ الأدنى تغييراً في الأداء والسياسات السابقة، ومبادرة كل الاطراف إلى تغليب الأساسيات على الثانويات والاعتبارات السياسية والشخصية، وتقديم تسهيلات لتشكيل حكومة تتشارك مكوناتها في صياغة العلاجات للأزمة الخانقة».

وإذا كانت المصادر تقرأ في محاولة قطع الطريق على ميقاتي محاولة لدفعه إلى القبول بشروط معيّنة تُملى عليه من قِبل بعض الاطراف، فإنّها اكّدت في المقابل، على أنّ ميقاتي في مدار آخر، وينأى بنفسه عن أي اشتباك، ويقارب الحملة المفتعلة عليه بنَفَس هادئ، وبالتالي فهو في المراحل السابقة لم يسبق له ان قيّد نفسه بأيّ شرط مهما كان، ولن يفعل لا الآن ولا بعده. مع الإشارة هنا إلى انّ جهات سياسية فاعلة تبلّغت ما مفاده، انّ ميقاتي ليس لاهثاً خلف الموقع، ولن ينجرّ إلى معارك هامشية مع أي كان.

المسألة شخصية... وسياسية

ولفتت مصادر مطلعة على خلفيات اعتراض بعض الأطراف على اعادة تكليف ميقاتي، إلى انّ «الدافع لذلك يختلط فيه السياسي بالشخصي، وهو ما تراكم على خط العلاقة بين ميقاتي و«التيار الوطني الحر» ورئيسه جبران باسيل على مدى سنوات، وصولاً الى النزاع الاخير حول خطة الكهرباء، وردّ ميقاتي على سحب وزير الطاقة والمياه وليد فياض لملف الكهرباء قبل طرحه في مجلس الوزراء، قبل دخول حكومة ميقاتي مرحلة تصريف الاعمال».

وفي هذا السياق، أبلغت مصادر وزارية الى «الجمهورية» قولها، انّ «الاستشارات قد أُخّرت عمداً، افساحاً في المجال لمحاولات من قِبل بعض الاتجاهات النيابية والسياسية لدفع الميزان النيابي لأن يميل في اتجاه اسماء اخرى غير ميقاتي، الّا انّ هذه المحاولات كما يبدو، قد عاكست رغبات أصحابها، فصار همّهم الأساس والأوحد أن يأتي تكليف ميقاتي، إن كان سيحصل، بأصوات أكثرية نيابية هزيلة». وقالت: «حتى الآن لم تبدر أي كلمة عن الرئيس ميقاتي مرتبطة بالاستشارات وما يتصل بمواقف الكتل النيابية ووجهة اختياراتهم. ولن يدخل في أي مهاترات. وفي أي حال، من الآن وحتى موعد الاستشارات الملزمة الخميس المقبل يخلق الله ما لا تعلمون».

ورداً على سؤال قالت المصادر: «انّ الحديث عن شروط امر مرفوض، كما هو مرفوض إدخال استحقاق مرتبط برئاسة الحكومة في دائرة الابتزاز. وفي أي حال، فإنّ ما نحن واثقون منه، بل وجازمون به، هو انّه بمعزل عن الشخصية التي سيتمّ تكليفها تشكيل الحكومة الخميس المقبل، لن يشكّل حكومة جبران باسيل أو حكومة غيره، بل حكومة تراعي واقع لبنان ومصلحة لبنان لا مصالح بعض السياسيين وحساباتهم».

ميقاتي

وكان ميقاتي، قد دعا خلال حفل تخريج طلاب جامعة «العزم» في طرابلس، إلى الإسراع في اختيار رئيس جديد للحكومة وتقديم كل التسهيلات لذلك، معتبراً أنّ «ترف الوقت لم يعد متاحاً أبداً».

وأبدى ميقاتي رفضه «تحويل موقع رئاسة الحكومة وشخص رئيس الحكومة مادة للتسويات»، وقال: «مستعدون للخدمة العامة بقناعات وطنية وشخصية واضحة، ومخطئ مَن يعتقد أنّ رفع الصوت وافتعال الغبار السياسي والاعلامي في وجهنا يمكنه أن يلزمنا بأن نزيح قيد أُنملة عن قناعاتنا».

واكّد أنّه «لن يتردّد في رفض أي محاولة لإدخالنا في تسويات لا مصلحة للوطن فيها، او في مساومات سياسية مخالفة لقناعاتنا».

موقف الكتل

وإذا كان بعض الكتل النيابية قد حسمت خياراتها مسبقاً من استشارات الخميس، وحدّدت مرشّحها مثل «كتلة التنمية والتحرير» و»الوفاء للمقاومة» و»المردة» و»الاحباش»، إلى جانب عدد كبير من النواب المستقلين، لصالح التصويت لميقاتي في هذه الاستشارات، فقد بات محسوماً موقف كتلة «حزب الكتائب» التي لن تسمّ احداً، والامر نفسه ينسحب على «نواب التغيير» الذين حسموا خياراتهم مسبقاً بعدم تسمية الرئيس ميقاتي لرئاسة الحكومة. وما استرعى الانتباه إزاء هؤلاء النواب، انّهم سيشاركون في الاستشارات الملزمة بشكل منفرد، وليس عبر كتلة تغييريّة واحدة. ما يعني ان لا اتفاق في ما بينهم على اسم معيّن لرئاسة الحكومة.

وإذا كانت «القوات اللبنانية» و»الحزب التقدمي الاشتراكي» قد دخلا قبل ايام في نقاش حول توحيد الموقف حيال الملف الحكومي، فإنّ مصادر سياسية تستبعد تكامل موقف الطرفين في الاستحقاق الحكومي، ذلك انّ لكل منهما اعتباراته وغاياته وأهدافه السياسية.

وما هو مؤكّد للمصادر، هو انّ «القوات» التي لم تسمّ ميقاتي في الاستشارات السابقة، قد لا تبادر الى تسميته في استشارات الخميس، كما قد لا تبادر الى تسمية أي شخصية لن تكون قادرة على تأليف حكومة.

الّا انّ المصادر نفسها تتحدّث عمّا تصفه احتمالاً ضعيفاً، انما هو احتمال قائم، بأن ينحى موقف «القوات» في اتجاه آخر، وخصوصاً انّ اصواتاً قواتية بدأت ترتفع في الآونة الأخيرة، رفضاً للشروط التي يحاول باسيل طرحها على خط التكليف، وآخرها ما قاله أمس عضو «كتلة الجمهورية القوية» النائب زياد حواط وحرفيته: «لا قرار لدى «القوات» او «الاشتراكي» في ملف رئيس الحكومة، لكننا تفاهمنا على خريطة طريق ومواصفات الرئيس العتيد للحكومة، والتي قد تنطبق على ميقاتي في حال لم يخضع لشروط رئيس التيار الوطني الحر».

اما في ما خصّ موقف «الحزب التقدمي الاشتراكي»، فقد استمهل الى مطلع الاسبوع المقبل لكي يحدّد الموقف النهائي من استشارات الخميس. علماً انّ المشاورات التي اجراها وفد «اللقاء الديموقراطي» في الايام الاخيرة، وعلى ما تقول مصادر واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية»، لم تعكس ميلاً الى الصدام السياسي مع أي طرف، وخصوصاً مع الرئيس نجيب ميقاتي.

محطة التأليف

المحطة الثانية، في الملف الحكومي، هي محطة التأليف، حيث انّ الاجواء السابقة لها تؤشّر الى مرحلة من التجاذب العقيم حيال الحصص والاحجام داخل الحكومة الجديدة.

ووفق معلومات مصادر موثوقة فإنّ الصراع سيتبدّى بين فريق يتمسّك بإبقاء التوزيعة الوزارية على نحو ما هي عليه في حكومة تصريف الاعمال، وفريق آخر يشدد على ان تأتي الحكومة مُلبية للمتغيرات التي شهدها لبنان مع الانتخابات النيابية، والتي توجِب أن يستفاد من خلل المرحلة السابقة، وإدخال دم جديد الى الحكومة من نواب تغييرين او مستقلين.

واشارت المصادر الى انّ المُصرّين على إبقاء القديم على قدمه في الحكومة، ينطلقون من انّ عمر الحكومة الجديدة قد يطول الى ما بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، وانّ هذا الامر يفترض ان يبقى موقع الطرف الحليف لرئيس الجمهورية معزّزاً في هذه الحكومة، ومحافظاً على الحقائب نفسها التي يتولّاها في حكومة تضريف الاعمال وعلى وجه الخصوص وزارة الطاقة. وهذا الطرف يعتبر انّ هذه الفرصة هي الاخيرة التي ستسنح له في الحفاظ على امتيازاته، اذ انها لن تتكرر مع خروج الرئيس عون من القصر الجمهوري، وتَخلّيه عن قلم توقيع مراسيم تأليف الحكومة، ومن هنا فإنّ هذا الطرف سيمارس أقصى درجات التصلب في المطالبة بحصص واحجام طالما انّ قلم توقيع مراسيم الحكومة بيد الرئيس عون.

الّا انّ هذا الامر في رأي المصادر عينها قد لا يكون عامل تعجيل في تأليف الحكومة، بل عامل تعطيل لها، بحيث انّ أي رئيس سيكلّف تشكيل الحكومة، بمعزل عما اذا كان ميقاتي او غيره، لن يستطيع ان يُماشي مثل هذه الرغبات، بل قد يَجد نفسه مضطراً لأن يُبقي ورقة التكليف في يده، من دون ان تتشكّل الحكومة، وتستمر بالتالي حكومة تصريف الاعمال الى ما بعد انتهاء ولاية الرئيس عون وانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية. والمشكلة الكبرى التي يمكن ان يقع فيها لبنان إن انتهت ولاية رئيس الجمهورية من دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومن دون ان تُناط صلاحياته في حال فراغ سدة الرئاسة الى حكومة كاملة الصلاحيات والمواصفات، حيث لا يمكن بحال من الاحوال ان تحلّ مكانها حكومة تصريف الاعمال.

الاستحقاق الثاني

أمّا الاستحقاق الثاني فهو الانتخابات الرئاسية التي يفترض ان تجري خلال الستين يوماً الفاصلة عن انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في آخر تشرين الاول المقبل. وحتى الآن يُحجب هذا الاستحقاق بسحابة كثيفة من الغيوم السياسية، تصعب رؤية أيّ اتجاه سيسلك ضمن المهلة المذكورة، وأيّ شخصية سيرسو عليها الاختيار لرئاسة الجمهورية.

واذا كان ما أعلنه الرئيس ميقاتي من عمان قبل ايام قليلة من انّ انتخاب رئيس الجمهورية قد يتأخر، إنما هو سيحصل في النهاية، قد حَفّز كثيرين على محاولة سبر اغوار هذا الكلام واي معطيات استند اليها لتدفعه الى افتراض التأخير، فإنّ معلومات مرجع سياسي يبرّر ما ذهب اليه ميقاتي بقوله انّ ما قاله رئيس حكومة تصريف الاعمال قد يكون منطلقاً من تشخيص للواقع السياسي الراهن وما فيه من «غباش» يحيط بكل الاستحقاقات سواء الحكومية او الرئاسية. ومن شأن هذا الغباش ان يعزز كل الاحتمالات، بما فيها احتمال تأخير انتخاب رئيس الجمهورية».

الا انّ اللافت على الخط نفسه ما اكدت عليه مصادر مجلسية مسؤولة لـ»الجمهورية» حيث قالت انّ جهد الجميع يجب ان يَنصبّ في اتجاه عدم تكرار الوقوع بذات حال الفراغ التي مَررنا بها قبل انتخاب الرئيس ميشال عون، حيث لا شيء يستدعي ذلك على الاطلاق، فضلاً عن انّ الظروف السياسية التي كانت سائدة في تلك الفترة، مغايرة تماماً للظروف السائدة حالياً.

واشارت المصادر الى انّ فترة الستين يوماً ستبدأ بالسريان اعتباراً من أول ايلول المقبل، أي بعد نحو عشرة اسابيع، وهذه الفترة بالتأكيد ستكون كافية لتحديد وجهة الاستحقاق الرئاسي، ومحاولة تحديد هوية الرئيس الجديد للجمهورية، علماً انّ عدد الشخصيات المارونية المتداولة لرئاسة الجمهورية محدود جداً، وتستطيع القوى السياسية وغير السياسية ان تُفاضل فيما بينها.

وكشفت المصادر نفسها انّ الاولوية في هذا الاستحقاق يجب ان تكون لإتمامه خلال شهر ايلول، بما يُفضي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، رئيس يتمتع بقوة حقيقية، وليست قوة حزبية او سياسية، بل انّ قوة حقيقية اقوى من السياسة والاحزاب، تتمثّل بقدرته على ان يكون رئيساً جامعاً لكل اللبنانيين وليس رئيساً محسوباً على هذا الطرف السياسي او ذاك.

ورداً على سؤال قالت المصادر: ايّ فراغ رئاسي نتيجته وحيدة، وهي دفع البلد اكثر في أعماق الهاوية.

الاستحقاق الثالث

امّا الاستحقاق الثالث، فهو الاستحقاق البحري ومستقبل ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، حيث انّ صورة هذا الاستحقاق وأيّ وجهة سيسلكها، يفترض ان تَتبدّى من الآن وحتى آخر حزيران الجاري، اي بعد اقل من اسبوعين.

وفي انتظار عودة الوسيط الاميركي في ملف الحدود البحرية آموس هوكشتاين بالرد الاسرائيلي على المقترح اللبناني، أعربت مصادر ديبلوماسية غربية عن «املها في ان يكون الطريق قد اصبح مُمهداً لبلوغ لبنان واسرائيل اتفاقاً حول حدودهما البحرية يُنهي الصراع القائم بينهما».

واعتبرت المصادر «انّ المقترح اللبناني من شأنه أن يدفع بالمفاوضات الى الامام، خصوصاً انّ هذه المفاوضات سبقَ لها أن بلغت مراحل متقدمة، وإنّ الجانبين عازمان على بلوغ اتفاق يساهم في تعزيز الاستقرار في المنطقة. الا انّ المصادر نفسها حذّرت من إغراق مهمة هوكشتاين بالشروط المتبادلة، فهذا من شأنه ان يعيد الامور الى الوراء ويفتح المنطقة على توترات وتعقيدات».

ولفتت المصادر الى «انّ المبادرة في يد الوسيط الاميركي لِحمل الطرفين على تجاوز خلافاتهما، واعطاء اولوية قصوى لحسم هذه المسألة بما يُتيح للجانبين الاستفادة من ثروتهما البحرية»، كاشفة «انّ واشنطن تعتبر انّ الفرصة مؤاتية لاستنئناف سريع للمفاوضات بين الجانبين وتضييق الفجوات القائمة بينهما، وبالتالي التوصّل الى اتفاق، وهذا يشكّل مصلحة مشتركة للبنان واسرائيل».

وخَلصت المصادر الديبلوماسية الى التحذير من «انّ هذه الفرصة محدودة بزمن قصير، ونفادها قد يدفع بالامور الى مزيد من السلبية والتعقيد والمخاطر».

رعد

وفي سياق متصل، قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد «إنّ اللبنانيين يترقّبون بحذر كبير النتائج التي ستُسفر عنها تدخلات المبعوث الأميركي في ملف الحدود البحرية للبنان». ورأى أنّ «من حقّهم أن يتمكنوا بأقل كلفة وأقصَر وقت وأيسَر السبل من أن يستثمروا ثروتهم الوطنية من الغاز الطبيعي وأن يستخرجوها من دون عوائق أو مُكابدة نزاع».

وفي الشأن المعيشي قال: «إنّ ارتفاع سعر صرف الدولار تجاوزَ قدرة المكلّف اللبناني على التحمّل وباتَ هذا الأمر يُثقل كاهل المواطنين ويشلّ الحياة الإقتصادية والتنموية والإجتماعية في البلاد».

وأكد انّ «الأولوية تقتضي بعد تكليف رئيس حكومة، أن يتم اعتماد سياسات من شأنها تخفيف كلفة المعيشة وخفض سعر الصرف وتثبيته وتوفير الأدوية لمعالجة المصابين بالأمراض المستعصية والمزمنة، وكذلك ما تفتقده الأسواق من مواد رئيسية غذائية أو ضرورية. هذا كله فضلاً عن أولوية حماية أموال المودعين واسترداد الأموال المحوّلة الى الخارج واستئناف درس الموازنة العامة وإقرار قانون تَيسير وضبط التحويلات وإعادة النظر في بنية المصارف وأدائها».

"اللواء": التأليف قبل التكليف: عضّ أصابع بين ميقاتي وباسيل

إن صحَّ أن لبنان ومصر سيوقعان الثلاثاء ألمقبل (21 حزيران الجاري) اتفاقية استجرار الغاز المصري عبر سوريا، وفقا لاعلان وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، فإن ذلك، يندرج في إطار دفعة على الحساب، من الجزرة الأميركية في مسيرة منع قطاع الطاقة في لبنان من الإنهيار.

وهذه الدفعة، متصلة بالعودة المرتقبة، مع الجواب الإسرائيلي على ردّ لبنان في ما خص النزاع على حقل كاريش، وعملية ترسيم الحدود البحرية على الجملة، والذي من المتوقع ان يحمله إلى بيروت أوائل تموز المقبل آموس هوكشتين الوسيط الأميركي في ملف التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.

وبين الموعدين توقيع اتفاقية استجرار الغاز المصري عبر سوريا وعودة الوسيط الأميركي، يختبر البلد قدرته على تسمية رئيس جديد للحكومة الخميس المقبل، يتمكن من تأليفها، وسط تحديات بالغة الخطورة، ليس أقلها وقف الانهيارات المتلاحقة في مالية الدولة، وعمل الإدارة وارتفاع الأسعار من المحروقات إلى المأكولات، على الرغم من الترويج الدائم لموسم سياحي واعد، إذا ما استمر الاستقرار عند الحدود وفي عموم المنطقة.

ولئن كان الأسبوع المقبل، يبدأ على وقع مشاورات تأليف الحكومة، بعد تسمية الرئيس العتيد، فإن أوساطاً سياسية مطلعة أكدت لـ«اللواء» أن شد حبال حكومي ستشهده الساحة السياسية منذ الآن والى حين حلول  الاستشارات النيابية الملزمة وما بعدها.  وقالت إن هناك احتمالا بأن تسلك هذه الاستشارات الطريق المعهود في قصر بعبدا بشكل عادي كما محدد لها ويخرج الرئيس مكلف بأصوات الكتل التي سمته ووفق الدستور.

وأوضحت أن لا تفاهمات مسبقة حتى الآن على توزيع الحقائب أو على إعادة توزير بعض  وزراء  حكومة تصريف الأعمال ولم يصل النقاش بعد إلى نقاط مفصلية.
وتتحدث الأوساط عن أولويات معينة للعهد كما النائب جبران باسيل كان قد عبر عنها في مقابلات صحافية، وأولويات الرئيس المكلف ولاسيما اذا كان الرئيس نجيب ميقاتي، ومن هنا تبدأ الصورة غير واضحة في ما خص كيفية ترتيب الأمور والوصول إلى تسوية لم تتبلور.

وتترقب الاوساط السياسية  مسار المشاورات النيابية الملزمة ،لتسمية رئيس جديد للحكومة واتجاهاتها التي تؤشر الى مبارزة سياسية حادة،  تبدو بداياتها، بين الرئيس ميقاتي المرجح حصوله على تسمية اكثرية النواب استنادا الى ما تسرب من مواقف اكثر الأطراف فاعلية، وبين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي يهيمن على قرارات الرئاسة ويعارض علنا عودة ميقاتي لتشكيل الحكومة العتيدة، الا ضمن سلة من المطالب والشروط، نقلها بالواسطة، تبدأ بجدول اعمال الحكومة المرتقبة، وتمر بما اصبح معروفا، بازاحة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من منصبه، وبجدول التغييرات في الادارات والمؤسسات العامة  واسماء المرشحين العونيين لملئها، وانتهاء بحصول التيار الوطني الحر على اربعة حقائب وزارية، الخارجية  والعدلية والطاقة والبيئة، للتحكم بالسياسة الخارجية ومعظم القرارات الحكومية، فيما تكمن أهمية وزارة البيئة،بمبلغ المليار دولار المرصود لها بمقررات مؤتمر سيدر، اما اصرار باسيل على هذه المطالب، فمرده إلى ان الحكومة الجديدة، إذا تم تشكيلها،عدا عن كونها الاخيرة في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، ويجب أن تكلل بسلة التعيينات المذكورة، وانما يرجح أن تتولى مهمات رئيس الجمهورية، في حال لم تجر الانتخابات الرئاسية بموعدها الدستوري، لاي سبب كان،وبالتالي لا بد وان يكون للتيار العوني اليد الطولى بقراراتها وتأثيرها.

وتؤكد الاوساط السياسية رفض الرئيس ميقاتي لمطالب باسيل، كما نقل الطرف الوسيط عنه، باعتبار الحكومة الجديدة، لن تكون حكومة متاريس او تصفية حسابات، لباسيل اوغيره،بل هي حكومة محددة المهام، ولا بد أن تنجز ما هو مطلوب منها، لا سيما استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وانجاز خطة التعافي الاقتصادي والمعيشي  والمباشرة بالخطوات العملية لتلزيم معامل الكهرباء، ووضع الخطوات التنفيذية لزيادة ساعات التغذية بالتيار الكهربائي للتخفيف من معاناة اللبنانيين.
وتنقل الاوساط عن ميقاتي بأنه في حال رست تسمية الرئيس المكلف عليه، انه سيعمل مافي وسعه لتشكيل الحكومة التي ستتمكن من اكمال ما بدأته الحكومة المستقيلة، وانه لن يخضع لأي من الشروط التعجيزية، ولن تكون الحكومة نسخة عن حكومات الخلافات ومراكز القوى والتعطيل، لا هواء ومصالح خاصة، كما حصل سابقا.

مواقف من الحكومة

إذاً، لم يظهر ما يشير الى توافق اكثري على شخصية معينة لتأليف الحكومة، في ظل استمرار البحث في مواصفات الرئيس العتيد والحكومة المرتقبة على أمل أن تتظهّر المواقف بشكل واضح اعتباراً من الاثنين المقبل. وفي هذا الصدد، ووسط الحديث عن شروط معينة لتسمية الرئيس نجيب ميقاتي،  ينقل مقربون منه عنه انه «يرفض الخضوع لإبتزاز هذا الطرف وشروط ذاك الطرف، وانه يستمع لما يُقال ويكتفي بالقول: ليختار النواب من يريدون، ومن جهتي لا مساومات ولا بازارات».
وتقول اوساط ميقاتي: انه ومنذ انتهاء الانتخابات النيابية يُركز على امر واحد قبل البحث في تكليفه او تكليف غيره، وهو انهاء ملف كل الاصلاحات المطلوبة لإنهاء التفاوض مع صندوق النقد الدولي والحصول على الدعم الدولي المنتظر، واذا لم يحصل تعاون تام من كل الاطراف لإنجاز الخطوات المطلوبة فلا ارى مقومات نجاح لأي حكومة.
وتضيف الاوساط: بالنسبة لتسمية رئيس للحكومة: الرئيس ميقاتي حازم في عدم الدخول في اي بازار سياسي، وموقفه بات معروفاً. التعاون بين الجميع لتحقيق الاصلاحات وإنجاز التفاوض مع صندوق النقد، لذلك هو اقفل الباب بوجه كل كلام آخر.

ومن طرابلس، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى الإسراع في اختيار رئيس جديد للحكومة وتقديم كل التسهيلات لذلك.
وفي حفل تخريج طلاب العزم أبدى ميقاتي رفضه «تحويل موقع رئاسة الحكومة وشخص رئيس الحكومة مادة تسويات».
وقال ميقاتي: مخطئ من يعتقد ان رفع الصوت، وافتعال الغبار السياسي والإعلامي في وجهنا يمكنه ان يلزمنا بأن نزيح قيد انملة عن قناعاتنا.

والمواقف من تشكيل الحكومة، اكدت كتلة اللقاء الديمقراطي في بيان بعد اجتماعها بحضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الكتلة النائب تيمور جنبلاط والنواب، «ضرورة تأليف الحكومة بأسرع وقت، وبحثت في المواصفات المطلوبة في رئيس الحكومة الذي يجب تكليفه، ودعت إلى بحث جدّي في شكل الحكومة التي تنتظرها مهمات أساسية، ما يُوجب أن تكون حكومة إنتاج وعمل فعلي، لكي تتولى تطبيق الإصلاحات الضرورية ومتابعة مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والتصدي للأزمة المالية والمعيشية والاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية الخطيرة على المواطنين، وهذا للأسف ما فشلت الحكومة الحالية في تحقيق أي منه».

كما شددت الكتلة «على رفض أي محاولة لإعادة طرح البدعة المسماة الثلث المعطل، ورفض منطق الوزارات السيادية وغير السيادية، وضرورة الخروج منه بحيث تكون كل الوزارات متاحة أمام ممثلين من كل الفئات من ذوي الكفاءة والجدارة، وبعيداً عن سياسة الاحتكار المعتمدة حتى الآن من قبل بعض القوى لبعض الوزارات».
وقال عضو تكتل قوى التغيير النائب ياسين ياسين: سنشارك في الاستشارات النيابية ككتلة واحدة تحت اسم «كتلة التغييريين» واجتماعاتنا لا تزال مفتوحة.
وكشف النائب وليد البعريني عن «اتصالات تجرى لإعلان تكتل جديد ضمن احتمالات ثلاثة: الاول هو كتلة نواب عكار الاربعة، او كتلة تجمع نواب عكار وسائر نواب الشمال، اما الاحتمال الثالث فهو يضم مستقلين على مستوى لبنان، معلناً عن اجتماع الاثنين المقبل لاتخاذ القرار» .
وقال البعريني: انه في حال الخروج بكتلة موسعة من المستقلين، سيتم الاتفاق على الرئيس المكلف بناء على مشاورات ذات صلة بتمثيل الكتلة في الحكومة العتيدة.
اما في حال عدم الوصول الى هذه الكتلة فقال: انا شخصياً ضمن كتلة نواب عكار وعلى تواصل مع الجميع. وان اسم الرئيس المرشح لم يحسم بعد بما في ذلك باتجاه الرئيس نجيب ميقاتي او غيره.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل