عشية دخول العملية الروسية في أوكرانيا عامها الثاني.. مواقف استراتيجية لبوتين

الثلاثاء 21 شباط , 2023 09:42 توقيت بيروت دولــي

الثبات ـ دولي

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعليق مشاركة بلاده في معاهدة الأسلحة الاستراتجية والهجومية، معتبرًا أن حلف "الناتو" يريد إلحاق "هزيمة استراتيجية" بروسيا، وبعد ذلك يريد أن يشرف على منشآتها النووية.

وخلال خطابه السنوي أمام الجمعية الفيدرالية اليوم الثلاثاء، قال بوتين: "في أوائل شباط/ فبراير من هذا العام، أصدر حلف شمال الأطلسي بيانًا يتضمن مطالب فعلية لروسيا، على حد تعبيرهم، بالعودة إلى تنفيذ معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، بما في ذلك قبول عمليات التفتيش على منشآت الدفاع النووي الخاصة بنا. حسنًا لا أعرف حتى ماذا أسميه إنه نوع من السخف. نحن نعلم أن الغرب متورط بشكل مباشر في محاولات نظام كييف لضرب قواعد طيراننا الاستراتيجي".

وأضاف بوتين: "من خلال الإدلاء ببيانه الجماعي، قدم "الناتو" بالفعل طلبًا للانضمام إلى معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية. نحن نتفق مع هذا. علاوة على ذلك، نعتقد أن مثل هذا البيان طال انتظاره. بعد كل شيء، لا يتألف الناتو من قوة نووية واحدة فقط، فالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تمتلك أيضًا ترسانات نووية. إنهم يتحسنون ويتطورون. وهم أيضًا موجهون ضد روسيا".

وتابع بوتين: "أنا مضطر لأن أعلن اليوم أن روسيا ستعلق مشاركتها في معاهدة الأسلحة الهجومية الاستراتيجية. أكرر، ليس الانسحاب من المعاهدة. لا، بل بالتحديد تعليق مشاركتها. ولكن قبل العودة إلى المناقشة، يجب أن نفهم لأنفسنا، ما الذي تريده تلك الدول مثل فرنسا وبريطانيا العظمى وكيف سنأخذ في الاعتبار ترساناتهما الاستراتيجية، أي القدرة الضاربة المشتركة لتحالف (شمال الأطلسي)".

وأكد أن تنفيذ أهداف العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا سيكون خطوة بخطوة بثبات وعناية، وقال: "منذ عام، من أجل حماية الناس على أراضينا التاريخية، ولضمان أمن بلدنا، ولإزالة التهديد الذي أتى من نظام النازيين الجدد الذي ظهر في أوكرانيا بعد انقلاب عام 2014، تقرر إجراء العملية العسكرية الخاصة. نحن خطوة بخطوة وبعناية وسنحل باستمرار المهام المطروحة أمامنا".

وأضاف: "قمنا بكل ما بوسعنا لحل هذه المسألة بالأساليب السلمية، وأجرينا المحادثات للخروج من هذه الأزمة الصعبة، وكانت هناك عدة سيناريوهات وتأكيدات من الغرب بأن السلام سيعم في دونباس، لكن ثبت أنه مجرد خداع بل قاموا بالتنكيل بالسياسيين والمواطنين وحتى رجال الدين في دونباس".

وتابع بوتين: "في الفترة الماضية نزفت الدماء في دونباس، ونحن نتحدث عن الحل السلمي، في حين كانوا يخدعوننا (الغرب)، وهم استخدموا أسلوب الخداع في الكثير من المناطق، في دونباس وسورية وغيرهما".

ولفت إلى أنه لا يوجد بلد في العالم لديه مثل هذا العدد من القواعد العسكرية في الخارج مثل الولايات المتحدة الأميركية، هناك المئات منها، وقال: "هناك، مئات القواعد حول العالم، الكوكب كله ممتلئ، وتحتاجون فقط إلى إلقاء نظرة على الخريطة".

وأكد بوتين أنه قبل بدء العملية العسكرية جرت مفاوضات بشأن توريد أسلحة ومعدات لأوكرانيا ونتذكر محاولات نظام كييف الحصول على أسلحة نووية، وقال: "روسيا كانت منفتحة على الحوار البناء مع الغرب وعرضت العمل على نظام أمني مشترك لسنوات عديدة".

وأوضح أن الدول الغربية أنفقت بالفعل أكثر من 150 مليار دولار لمساعدة وتسليح نظام كييف، منوهًا إلى أن دول مجموعة السبع خصصت بحسب جمعية التعاون الاقتصادي والتنمية نحو 60 مليار دولار في 2020-2021 لمساعدة الدول الأكثر فقرًا في العالم، "وفي الوقت نفسه، تدفق الأموال للحرب لا ينخفض".

وشدد بوتين على أن روسيا ليست في حالة حرب مع الشعب الأوكراني، "لقد قلت هذا مرارًا، لقد أصبح شعب أوكرانيا نفسه رهينة لنظام كييف وأسياده الغربيين، الذين احتلوا هذا البلد بالفعل بالمعنى السياسي والعسكري والاقتصادي".

وأضاف بوتين: "في الواقع، أصبحت النخب الغربية رمزًا لأكاذيب غير مبدئية وشاملة"، لافتًا إلى أن هذه النخب لا تخفي هدفها المتمثل في إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا والقضاء عليها إلى الأبد"، مؤكدًا أنه من المستحيل هزيمة روسيا في ساحة المعركة.

وأشار إلى سياسة الغرب المعادية لروسيا، وقال: "هدفهم هو إشعال حرب في أوروبا بالوكالة والقضاء على المنافسين. وإن الحكومات الغربية تتعامل بالقهر والتسلط مع شعوبها الرافضة لسياساتها".

واعتبر بوتين أنه "كلما زاد مدى بُعد أنظمة (الأسلحة) الغربية التي تحصل عليها أوكرانيا من الغرب، كلما أبعدت روسيا التهديدات أكثر عن حدودها، مضيفًا "سنضطر إلى إبعاد التهديد بعيدًا عن حدودنا، وهذا أمر طبيعي".

وأضاف: "الغرب حاول سحق الاقتصاد الروسي وجعل المواطنين يعانون، ما هي الوسائل التي استخدمت ضدنا في عدوان العقوبات هذا؟ لقد حاولوا قطع العلاقات الاقتصادية مع الشركات الروسية، وفصل النظام المالي عن قنوات الاتصال من أجل سحق اقتصادنا، وحرماننا من الوصول إلى أسواق التصدير من أجل التأثير على الدخل، سرقة احتياطياتنا من النقد الأجنبي، ومحاولات لانهيار الروبل وإثارة تضخم مدمر".

وأردف: "لقد تم تشجيع النازيين الجدد الأوكرانيين بشكل متزايد على الانخراط في أعمال إرهابية في دونباس. ودربت الأكاديميات والمدارس الغربية ضباط الكتائب القومية، وزودتها بالأسلحة. وأود أن أؤكد أنه حتى قبل بدء العملية العسكرية الخاصة، جرت مفاوضات بين كييف والغرب بشأن إمداد أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي والطائرات المقاتلة وغيرها من التقنيات الثقيلة".

وأكد بوتين أن الدول الغربية دربت ضباطًا من الكتائب القومية الأوكرانية وزودتها بالأسلحة، وأن كييف كانت تتفاوض مع الغرب بشأن توريد الأسلحة قبل بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.

وأشار إلى أن كييف لم تحل مشاكل دونباس، لكنها لعبت بالوقت ببساطة، وارتكبت اغتيالات سياسية وسخرت من رجال الدين، وقال: "كانوا يلعبون فقط من أجل كسب الوقت، ومارسوا الخداع (في الغرب)، وغضوا الطرف عن الاغتيالات السياسية، وعن قمع نظام كييف للذين اعترضوا عليه، وعن الاستهزاء بالمؤمنين".

وأكد بوتين، أن سكان مناطق دونيتسك، ولوغانسك، وزاباروجيه، وخيرسون، حددوا مستقبلهم رغم الإرهاب وقرروا أن يكونوا مع وطنهم الأم.

وخاطب سكان هذه المناطق قائلًا: "أنتم بأنفسكم، أيها الأصدقاء الأعزاء، أنتم حددتم مستقبلكم في الاستفتاءات، واتخذت خيارًا حازمًا، على الرغم من تهديدات وإرهاب النازيين الجدد"، وتابع بوتين: "لقد بدأنا بالفعل وسنواصل بناء برنامج واسع النطاق للانتعاش الاجتماعي والاقتصادي وتطوير هذه المناطق الجديدة".

وأعلن بوتين إنشاء صندوق خاص لتقديم المساعدة الموجهة لعائلات الجنود الذين قضوا وقدامى المحاربين في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا. 

وقال: إن أسرة كل فرد شارك في العملية لعسكرية الروسية الخاصة يجب أن تكون محاطة بالرعاية والشرف... واجبنا هو دعم العائلات التي فقدت أقاربها وأحباءها ومساعدتهم على تنشئة وتربية الأطفال ومنحهم التعليم والمهن، وتابع: "إن روسيا ستزيد من سرعة ترميم وتطوير المناطق الجديدة، وإنعاش الوظائف والبنية التحتية".

وتطرق بوتين إلى المخططات الغربية لإفساد المجتمعات وقال: "إن الملايين من الناس في الغرب يدركون أنه يتم دفعهم إلى كارثة روحية حقيقية، والنخب، بصراحة، قد أصيبت، ببساطة، بالجنون، ويبدو أن هذا لم يعد ممكنًا علاجه".

وأكد أن الكهنة في الغرب مجبرون على "مباركة زواج المثليين، وتركهم يفعلون ما يريدون... انظروا إلى الأديان والكتب المقدسة المختلفة، كل شيء يقال هناك، بما في ذلك أن الأسرة هو اتحاد بين رجل وامرأة، ولكن حتى هذه النصوص المقدسة موضع تساؤل بالنسبة لهم".

ولفت بوتين إلى عدم تأثر الاقتصاد الروسي بالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا وقال: "إنّ حصة الروبل في المعاملات الدولية بالمقارنة مع كانون الأول/ ديسمبر 2021 قد تضاعفت، وأصبحت تشكل الثلث (التعاملات)، ومع عملات الدول الصديقة أصبحت أكثر من النصف".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل