الثبات - مقالات
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
الكمال الإلهي
الدكتور عباس محمود العقاد
مجمل ما يقال عن عقيدة الذات الإلهية التي جاء بها الإسلام أنَّ الذات الإلهية غاية ما يتصوره العقل البشري من الكمال في أشرف الصفات، وقد جاء الإسلام بالقول الفصل في مسألة البقاء والفناء، فالعقل لا يتصور للوجود الدائم الوجود الفاني صورة أقرب إلى الفهم من صورتيهما في العقيدة الإسلامية، لأنَّ العقل لا يتصور وجودين سومديين، كلاهما غير مخلوق، أحدهما مجرد والآخر مادة، وهذا وذاك ليس لهما ابتداء وليس لهما انتهاء.
ولكنه يتصور وجوداً أبدياً يخلق وجوداً زمانياً، أو يتصور وجوداً يدوم ووجوداً يبتدئ وينتهي في الزمان.
وقديماً قال أفلاطون وأصاب فيما قال: "إنَّ الزمان محاكاة للأبد ... لأنَّه مخلوق، والأبد غير مخلوق".
فبثاء المخلوقات بقاء في الزمن، وبقاء الخالق بقاء أبدي سرمدي لا يحده الماضي والحاضر والمستقبل، لأنَّها كلها من حدود الحركة والانتقال في تصور أبناء الفناء، ولا تجوز في حق الخالق السرمدي حركة ولا انتقال.
فالله سبحانه وتعالى هو:
{الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ}
{هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}
{ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ۚ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}