تكية مخيم بلاطة شرق نابلس تسد رمق الأسر المتعففة في شهر رمضان

السبت 08 نيسان , 2023 10:06 توقيت بيروت فـلـســطين

الثبات ـ فلسطين

 ما أن تميل الشمس إلى الغروب في سماء مخيم بلاطة شرقي نابلس، حتى تشتم رائحة الطهي الشهي التي تفوح من أنحاء التكية الخيرية التابعة للجنة الشعبية للخدمات طيلة أيام شهر رمضان المبارك.


وتغدق بركة التكية يوماً بعد يوم على الصائمين والفقراء والمحتاجين من الأهالي الذين يخطون نحوها، وذلك بتغطية من أهل الخير الذين يقدمون تبرعاتهم المادية والعينية، إلى جانب ما تقدمه المؤسسات والجمعيات الخيرية والتكايا الأخرى في مدينة نابلس من مستلزمات غذائية، وما تنفقه عليها كذلك اللجنة الشعبية في المخيم من ميزانيتها الخاصة.


ويقول عضو اللجنة الشعبية للخدمات في المخيم، أحمد ذوقان: "إن عدد المستفيدين من هذه التكية يبلغ حوالي 120 عائلة، والعدد آخذ بالتزايد يوما بعد يوم، وبالتالي نعمل على مضاعفة الكمية التي يتم تحضيرها حتى نهاية الشهر الفضيل".


وبعد ظهيرة كل يوم، ما أن ينتهي تجهيز جميع وجبات الإفطار التي تصل إلى حوالي 600 وجبة، حتى يبدأ الأهالي المستفيدون من التكية بالتهافت عليها واحداً تلو الآخر، ليتسنى لهم الحصول على الوجبات حسب الحاجة، وتوزع الوجبات على العائلات بناءً على عدد أفراد كلٍ منها.


ويقوم طاهي التكية ومساعدوه بتحضير أصناف متعددة من المأكولات الشهية والغنية بالعناصر الغذائية التي تعطي الصائمين طاقة للقيام بالأعمال اليومية، حيث يطبخون في كل يوم صنفا جديدا، ويقدّم إلى جانبه الحساء (الشوربة) والخبز، وفي بعض الأيام يتم توزيع الحلويات.


ويضيف ذوقان: "هنا يتم تحضير أبرز أنواع المأكولات البيتية والمرغوبة لدى الجميع كالمنسف مع اللحم، والفاصولياء، والبامية، وصواني الدجاج، والملوخية واللبن، حتى يشعر الصائم بأجواء الطبيخ في البيت".


وأردف: "أحياناً نقوم بتوزيع ما يتوفر لدينا من مستلزمات غذائية من الأرز واللحم والسمك والزيت على عدد من الأسر المحتاجة؛ لتتمكن من الطبخ في بيوتها، كما أنه لدينا من هذه مستلزمات ما يكفي لأواخر الشهر المبارك".


ويشار إلى أن هذه التكية الخيرية قد افتتِحت منذ حوالي عشرين عاما، ضمن مشروع "المطبخ الرمضاني" الذي تنفذه اللجنة الشعبية، حيث كانت تُحضّر وجبات الإفطار بالتعاون مع مركز "شباب بلاطة"، ويتم تجهيزها داخل أروقة المركز، ولم يكن آنذاك مقر للجنة الشعبية في المخيم.


ومع مرور السنوات، أصبح خير التكية وفيرا لا ينقطع؛ ما دفع اللجنة الشعبية إلى توفير مكانٍ آخر يتسع لبركتها ويستمر عملها لتسند الأسر المتعففة وكل من يلجأ لها أيضاً، حتى أصبحت أحد روافد محاربة الجوع والفقر بين الأهالي الذين يعيشون فوق أقل من كيلو متر مربع واحد.


وتابع ذوقان: "إننا نسعى لإعادة تأهيل التكية وتوسعتها في العام القادم، وإحضار أدوات جديدة للمطبخ فيها حتى تصبح أفضل من ذلك"، مبيّناً أنه ليس باستطاعة اللجنة الشعبية الاستمرار بعمل التكية على مدار العام، لأن ذلك يحتاج إلى تنظيم محكم لإدارة مواردها وسبل الإنفاق عليها.


وأصبح لهذه التكية آثار هائلة تعود بالنفع على المستفيدين منها في شهر رمضان، لاسيما في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي انعكست حتى على الأغنياء ومتوسطي الدخل في محافظة نابلس.


وقد وجدت اللجنة الشعبية أنه من واجبها التطوع وعمل الخير –بحسب ذوقان- إلى جانب قيامها بالدور الخدماتي، وذلك لتحقيق التكافل المجتمعي في شهر الصيام، والتخفيف من وطأة الفقر الذي تعاني منه الأسر المحتاجة والمتعففة في هذا المخيم ذي الكثافة السكانية العالية.


وأضاف ذوقان: "البيوت أسرار، ونحن لا نعرف ما هي الأوضاع المادية لكل أسرة، ومن مسؤوليتنا إدراك هذا الأمر والبحث عن المحتاجين لمساعدتهم وتقديم العون لهم، خصوصاً في ظل ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في المخيم".


ومن الجدير ذكره أن التكية هي أحدى النماذج الحيّة التي توارثها الفلسطينيون عن أسلافهم منذ الحكم العثماني، حيث كانت ملاذ المنقطعين وعابري السبيل آنذاك، حتى غدت الآن ملجأً يتوافد إليه المحتاجون والفقراء خاصة في شهر رمضان المبارك، ويوجد العديد من التكايا الخيرية في نابلس ومختلف المحافظات الفلسطينية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل