كيف انطلت الخدعة الأمريكية على زعيم الثوار الفلبينيين؟

الأربعاء 12 نيسان , 2023 10:26 توقيت بيروت دولــي

الثبات ـ دولي

وصلت الولايات المتحدة إلى ما هي عليه الآن من نفوذ وهيمنة وشهية كبرى للإملاء وإخطاع الآخرين بعد مسيرة طويلة أزاحت خلالها منافساتها الأوروبية التي تدور في فلكها الآن.

حربها مع إسبانيا بشكل خاص مثال ساطع لمشاريع غزوها وتوسعاتها الأولى التي طردت فيها مستعمرين قدماء لتحل محلهم، وهي تتظاهر بأنها "تحرر" شعوبا أخرى من نير "القوى الاستعمارية" الأوروبية.

حدث ذلك قبل أن تتطور الأمور في العقود الأخيرة، وتتحول الولايات المتحدة إلى لعبتها الجديدة المتمثلة في إخضاع الآخرين والاستحواذ على ثرواتهم تحث ستار التطوع بإيصال "الديمقراطية إليهم" بالحديد والنار.

قاتل الثوار الفلبينيون إسبانيا على مدى 300 عام من الاستعمار، ونشطت حركة الثورة أكثر أواخر القرن التاسع عشر، وأذكى نيرانها كتاب إصلاحيون في مقدمتهم جوس ريزال.

في عام 1896 اندلعت ثورة مسلحة في إسبانيا ضد الإسبان، وجرى إطلاق النار على ريزال وقتله بتهمة التحريض على الفتنة في 30 ديسمبر 1896، على الرغم من أنه كان يدعو إلى الإصلاح لا الثورة.

مقتل هذا الإصلاحي أشعل ثورة بقيادة الجنرال الشاب إميليو أغوينالدو، فيما كانت الولايات المتحدة تترصد إسبانيا في كوبا والفلبين لتطردها من هناك وتظهر لها من السيد في المنطقة.

أعلنت الحرب بين الولايات المتحدة وإسبانيا في أبريل، وتمكن العميد البحري الأمريكي جورج ديوي الي كان ابحر من هونغ كونغ من هزيمة الأسطول الإسباني في خليج مانيلا صباح يوم 1 مايو 1898، لكنه لم يستطع احتلال مانيلا إلى أن وصلت القوات البرية بعد ثلاثة أشهر.

في غضون ذلك أعلن الفلبينيون في 12 يونيو 1898، الاستقلال عن إسبانيا ونصبوا إميليو أغينالدو رئيسا لجمهوريتهم المؤقتة.

وفيما كان الأمريكيون يسيطرون على العاصمة مانيلا، خضعت بقية أرجاء البلاد للثوار الفلبينيين.

نقلت معاهدة باريس لعام 1898 التي وقعها ممثلا إسبانيا والولايات المتحدة في ديسمبر، السيادة الفلبينية من إسبانيا إلى الولايات المتحدة، إلا أن قادة جمهورية الفلبين الوليدة، رفضوا الاعتراف بسيادة الولايات المتحدة على بلادهم، ورفضت الولايات المتحدة من جانبها مطالب الفلبين بالاستقلال.

اندلع القتال على مشارف مانيلا ليلة 4 فبراير 1899، وسحقت القوات الأمريكية قوات الفلبينيين، وأعلن رئيس جمهوريتهم الحرب ضد الولايات المتحدة.

تواصل القتال بين القوات الأمريكي وقوات الفلبنين، واستولى الأمريكيون في 31 مارس على عاصمة الثوار المؤقتة، مالولوس.

الولايات المتحدة مضت في ألاعيبها وخداعها، وطلبت في مارس 1900 من مجموعة فلبينية خاضعة لها تشكيل حكومة للبلاد من أجل "السعادة والسلام والازدهار لشعب جزر الفلبين"، وتجاهلت واشنطن الجمهورية التي  كان يرأسها أغينالدو.

انتهى التمرد المنظم فعليا باعتقال أغينالدو في 23 مارس 1901، بخدعة حاك حبائلها العميد الأمريكي فريدريك فونستون.

بعد أن علم بموقع مقر أغينالدو السري من ساع تم أسره، مضى فونستون شخصيا لتنفيذ المهمة في جبال شمال لوزون، حيث تظاهر وحفنة من ضباطه بأنهم أسرى حرب، يسيرون تحت حراسة رتل من كشافة "المكابي"، المتنكرين في زي المتمردين. وهؤلاء المكابي، قوات من المرتزقة كانت تستعين بها إسبانيا في إخضاع الفلبينيين، وورثتها الولايات المتحدة منها بعد طردها.

انطلت الخدعة على أغينالدو الذي رحب بالمتنكرين ظانا أنها التعزيزات التي كان ينتظرها، ثم فوجئ بالقائد العسكري الأمريكي وهو يطالبه بالاستسلام.

قضت الولايات المتحدة على الثورة المنظمة، إلا أن المقاومة بأسلوب حرب العصابات تواصلت ضدها، فعمدت واشنطن إلى الرد بوحشية وبعشوائية عليها، وعدت في 16 ابريل 1902، ما تبقى من المقاتلين الفلبينيين ضدها "قطاع طرق".

مع كل ذلك، تواصلت مقاومة الفلبينيين حتى عام 1913، وبعد ذلك أحكمت الولايات المتحدة سيطرتها على أرخبيل الفلبين حتى عام 1946.

التقديرات تقول إن حوالي 20 ألف مقاتل فلبيني قتلوا في المعارك الرئيسة في تلك الحرب الكبيرة، كما لقي أكثر من 200000 مدني فلبيني حتفهم نتيجة للقتال أو الجوع والمرض.

أما الأمريكيون فقد قتل لهم في المعركة 1500 جندي من أصل 4300 مفقود، ولقي مصرعه ضعف هذا العدد بسبب الأمراض

قتل حوالي 1500 في المعركة، بينما توفي ما يقرب من ضعف هذا العدد من الأمريكيين بسبب الأمراض.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل