لغز "رواد الفضاء الوهميين"!

الأربعاء 03 أيار , 2023 12:15 توقيت بيروت منــوّعــــات

الثبات ـ منوعات

كانت الإنجازات السوفيتية في الفضاء نهاية الخمسينيات وأوائل الستينيات بمثابة صدمة كبيرة للولايات المتحدة والغرب. في تلك الحقبة ظهرت روايات عن "رواد الفضاء الصفريين".  

حقق الاتحاد السوفيتي تفوقا كبيرا في الفضاء في تلك الحقبة بإرساله أول قمر صناعي "سبوتنك" إلى مدار حول الأرض عام 1957، ثم أرسل في عام 1961 يوري غاغارين، أول إنسان يصل إلى الفضاء الخارجي ويدور حول الكوكب على متن المركبة فوستوك 1.

 في تلك الفترة روجت الصحافة الأمريكية والغربية لروايات تحدثت عن "رواد فضاء صفريين" أرسلوا إلى الفضاء في رحالات فاشلة انتهت بموتهم، ونسجت حكايات وأساطير لم تجد ما يسندها حتى الآن بعد أن تم الكشف عن قسم كبير من أسرار البرنامج الفضاء السوفيتي بما في ذلك الأحداث المأساوية.

استغلت الصحافة الغربية طبيعة البرنامج الفضائي السوفيتي السرية، وأيضا التجارب السوفيتية العديدة الأولية ومن خلالها دفعت بروايات وقصص في محاولة لإظهار أن السوفييت يستهينون بالحياة الإنسانية ويرسلون "انتحاريين " إلى الفضاء، وأنهم فشلوا في العديد من المرات.

تلقفت الصحافة الإيطالية هذه الفكرة، ونشرت في ديسمبر 1959 مواد تحدثت فيها عن أسماء أربعة رواد فضاء روس، انتهت عمليات إرسالهم إلى الفضاء بطريقة مأساوية، وبعد ذلك تمددت ظاهرة "رواد الفضاء الوهميين" في الصحافة الغربية.

في تلك "القائمة الرباعية" لرواد الفضاء الوهميين ذكرت امرأة قيل إن اسمها ميريا غروموفا، وأنها قادت في عام 1959، أي بعد عامين من إطلاق أول قمر صناعي، طائرة إقلاع عمودي مدارية وتوفيت في حادث.

الإثارة وصلت إلى أقصى مداياتها  مع الأخوين "جوديكا كورديغليا" وهما إيطاليان من هواة اتصالات الراديو كانا اشتريا "خردة" معسكرات أمريكية وبواسطتها أقاما محطة زعما أنهما تمكنا بواسطتها من رصد اتصالات في الفضاء وحتى سماع دقات قلوب رواد الفضاء. أغلب ما رصده الهاويان الإيطاليان يمكن تلخيصه بالشكل التالي: كل شيء حدث بشكل خاطئ، وفي النهاية مات الجميع.

في المجمل، زعم الأخوان "جوديكا كورديغليا" أنهما رصدا 9 إشارات فضائية في الفترة من 1960 إلى 1964. تسلسلها الزمني على الشكل التالي:

إشارة استغاثة من مركبة فضائية سوفيتية خرجت عن مسارها وضاعت في أعماق الفضاء في مايو 1960.

إشارة استغاثة مرسلة على شكل شفرة مورس بواسطة رائد فضاء سوفيتي في نوفمبر 1960.

تسجيل ضربات قلب رائد الفضاء زعم أنه كان على وشك الموت، في فبراير 1961.

قبل أيام قليلة من رحلة غاغارين، تسجيل إشارات من مركبة فضائية سوفيتية في المدار في أبريل 1961.

نداء استغاثة من الفضاء الخارجي في مايو 1961.

اعتراض حوار درامي بين "رائد الفضاء بيلوكونيف" والمركز الأرضي  في أكتوبر 1961.

أما الرواية الأكثر شهرة في سجل الأخوين "جوديكا كورديغليا"، فتتمثل في رصد إشارة استغاثة من رائدة فضاء سوفيتية قيل إن اسمها لودميلا.

تسجيل هذه الإشارة متوفر في الإنترنت، وفيه تقول امرأة تتحدث اللغة الروسية:

 خمسة... أربعة... ثلاثة... اثنان... واحد...

واحد... اثنان... ثلاثة... أربعة... خمسة ...

أشعر بالحر... أرى النيران!... ماذا؟ أرى النيران!... أرى النيران!...

أشعر بالحر.

وفي وقت لاحق أضيف إلى التسجيل الصوتي:"الظروف تزداد سوءا... لماذا لا تجيب؟.. السرعة تنخفض... العالم لن يعرف عنا أبدا".

هذه التناقضات طالت حتى يوري غاغارين، أول رأئد فضاء في التاريخ، حيث صنف فلاديمير إليوشن، نجل مصمم الطائرات الشهير، رائد الفضاء صفر في كتاب غينيس للأرقام القياسية لعام 1964، بالزعم أنه قام برحلة مدارية ناجحة على متن مركبة فضائية سوفيتية قبل غاغارين.

الرجل بنفسه رد حينها على ذلك بالقول إنه أصيب في صيف عام 1960 في حادثة سيارة وكان في الوقت المحدد الذي قيل إنه كان يسبح في الفضاء، في عيادة بمدينة هانغتشو الصينية، واصفا ما صدر عن الصحافة الغربية بأنه "حطم جميع الأرقام القياسية في الكذب".

تضخمت مثل هذه الشائعات والظنون بتكتم الاتحاد السوفيتي الشديد وعدم إبلاغه عن عمليات الإطلاق الفضائية الفاشلة، ولذلك ظهرت في الغرب بشكل مبالغ فيه للغاية، علاوة على دورها بالطبع في الحرب النفسية بين الخصوم.

مع كل ذلك، لا تزال هذه الروايات رائجة ويتم تداولها على الرغم من عدم وجود أي أدلة تسندها. ربما ستبقى لغزا مثل الكثير من الروايات والقصص الغامضة الرائجة عن الأرض وعن الفضاء.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل