أقلام الثبات
قال الرئيس الإيراني مسعود بزشيكان، إنّ "مزاعم قادة أميركا والدّول الأوروبيّة الّذين كانوا يَعِدون بوقف لإطلاق النّار، إزاء عدم الرّدّ الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السّياسي السّابق لحركة حماس اسماعيل هنية، كانت كاذبة تمامًا"، معتبرًا أنّ "إعطاء الفرصة لهكذا مجرمين، يجعلهم أكثر تجرّؤًا على ارتكاب المزيد من الجرائم".
هي ليست المرة الأولى التي يتم فيها ممارسة الخداع الغربي والأوروبي، حتى باتت الدبلوماسية في عصرنا الحاضر تبدو وكأنها أداة في حروب الجديدة، حيث تتم ممارسة التضليل من أجل إيهام الخصم بقرب التوصل الى حلّ دبلوماسي وبعدها استغلال الفرصة للانقضاض عليه حربياً عسكرياً وتوجيه ضربات له بعدما يكون قد تخلى عن جزء من حذره، واستعدّ لمسار دبلوماسي سياسي للحرب.
ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، الأمثلة التالية:
- حرب أوكرانيا:
خلال لقاء مع القادة الأفارقة الذين قاموا بمبادرة لحل الصراع في أوكرانيا، كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنّ القوات الروسية انسحبت من كييف ومناطق أوكرانيا عام 2022، بعد "اتفاق سلام تمّ التوصل إليه في تركيا"، وقال إنه بعد أن انسحاب القوات الروسية طوعياً كجزء من الصفقة، قام الغرب بالطلب من أوكرانيا بعدم توقيع الصفقة واستمرار الحرب، وبعدها تمّ تسويق رواية غربية إعلامية تقول إن القوات الأوكرانية استطاعت أن تنتصر على الروس وتهزمهم وتطردهم من كييف ومحيطها.
- إيران
بالمثل، وكما كشف الرئيس الايراني، يبدو أن دول الغرب طالبت إيران بضبط النفس وعدم الردّ على اسرائيل كجزء من صفقة أكبر تشمل وقفاً لإطلاق النار في غزة، وبالفعل قامت إيران بتأجيل ردّ الفعل أملاً في عدم تقويض محادثات السلام.
وكان في وقت سابق، وبعد قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، أعلن البيت الابيض أنهم غير ضالعون ولم يكونوا على علم بالضربة الاسرائيلية مسبقاً وهم غير مشاركين فيها، وهددوا بأنهم سيقفون الى جانب اسرائيل في "الدفاع عن نفسها"، وبالتوازي بدأوا مساراً سياسياً مع إيران لضبط النفس وعدم الردّ على "اسرائيل".
فهم الإيرانيون من المماطلة الأميركية وادعائهم أنهم غير قادرين على اقناع نتنياهو بوقف الحرب على غزة، أن الأمر فيه خدعة، فقاموا بالردّ الشهير ليلة 13-14 ابريل عام 2024.
- لبنان
حصلت عملية اغتيال السيد حسن نصر الله وليلة القصف الجنوني على الضاحية الجنوبية في بيروت، بالتوازي مع مسار دبلوماسي بدأته الولايات المتحدة الأميركية وقالت إن "الاسرائيليين" موافقون على هدنة مؤقتة لمدة 4 اسابيع في لبنان وغزة، تمهيداً لبحث مسارٍ سياسي ينهي الحرب في غزة ولبنان. لكن، كما بات واضحاً الآن، كان الأمر مجرد خدعة تهدف الى إعطاء المجال "لإسرائيل" لترتكب جريمتها الكبرى في لبنان.
وعليه، قد تكون من نتائج حرب غزة، استخدام المسارات الدبلوماسية لخداع العدو وهو غير مسبوق تاريخياً. لقد شهد التاريخ، توقيع اتفاقيات دبلوماسية كفرصة للتحضير والاستعداد لحروب جديدة، لكن أن تستخدم كوسائل في القتال، فهذا شيء جديد على عالم الدبلوماسية وسيقوّضها بلا شكّ.