أقلام الثبات
بعد إعلان وقف اطلاق النار بين المقاومة اللبنانية والعدو الإسرائيلي لإنهاء شهرين من الحرب المتوحشة بادرت تركيا عضو "الناتو" والحليف الاستراتيجي "لإسرائيل" لغزو الأراضي السورية تحت عنوان المعارضة السورية والجماعات التكفيرية المتعدّدة الجنسيات لوضع الرئيس الأسد امام خيارين، إما التفاوض مع "أردوغان" وتلبية طلبه للمصالحة تحت النار او إسقاط النظام وإدخال سوريا في حرب أهلية، لتفكيكها الى دويلات واقاليم طائفية تكون لتركيا الحصة الكبرى فيها، عبر الإقليم السّني ومحاولة القضاء على مشكلة الأكراد في سوريا حماية للنظام التركي ولسد المنافذ على أي حراك للأكراد داخل تركيا مع الضربات الدائمة للأكراد في العراق.
إن الغزو التركي ،لسوريا لتنفيذ المشروع الأميركي - "الإسرائيلي" لاجتثاث محور المقاومة، كحركات شعبية مسلّحة او دولاً، تقف عائقاً أمام مشروع التطبيع مع العدو وامام مشروع مصادرة الثروات من النفط والغاز من شاطئ غزة الى الشواطئ اللبنانية ثم الى شواطئ سوريا ولذلك فإن هذا الغزو باسم المعارضة السورية يختلف عن بدايات الربيع العربي عام 2011 حيث كانت المعركة ضد النظام لإسقاطه اما اليوم فإن المعركة ضد محور المقاومة لتفكيكه وإسقاطه وإطباق الحصار على المقاومة في لبنان وقطع طرق الإمداد، وحصارها براً وبحراً وجواً، مما يشابه حصار غزة، لضمان هزيمتها في أي حرب قادمة، حيث اعلن رئيس الوزراء "الإسرائيلي" نتنياهو أنه وقّع على وقف النار وليس على انهاء الحرب.
ما يجري في سوريا تعتريه الضبابية والغموض حول الأسباب التي دعت القيادة السورية للانسحاب من المدن الكبرى "حلب وحماه "وتسليمها دون قتال.
هل هو اختراق للجيش والمسؤولين من قبل اجهزه المخابرات المعادية؟
هل هو تكتيك عسكري لاستيعاب الهجوم المفاجئ والاحتفاظ بالقوى العسكرية لحماية العاصمة برمزيتها للنظام وحماية حمص والساحل وحماية نقطة التواصل مع لبنان؟
هل كان الانسحاب لوضع إيران وروسيا امام مسؤولياتهما الميدانية ،لأن هذه الحرب تمسهما مباشرة، كما تمس النظام ،لأنه إذا سقط فإن الوجود الروسي في سوريا سيكون مستحيلا وستخسر إيران ساحة اساسية على مستوى الشرق الاوسط وبالتالي لابد لهما من القتال الميداني وليس عن بعد..
إن الساعات والأيام القادمة ،ستؤشر في أي اتجاه ستكون الأوضاع السياسية والعسكرية ،لأن المعارك الأساسية ستكون في حمص والساحل وفي العاصمة دمشق ،فإذا نجح الجيش السوري باستيعاب الهجوم وصد الهجمات، والانتقال الى مرحلة الهجوم المضاد بدعم روسيا وإيران، لتعذّر المشاركة الميدانية الواسعة للمقاومة اللبنانية التي لا زالت في ميدان الحرب التي لم تنته والتي ستضطر الى نشر عناصرها على الحدود اللبنانية - السورية، لمنع التسلل التكفيري الى البقاع خصوصاً.
تمثل معركة سوريا الآن، المعركة ما قبل الأخيرة ضد محور المقاومة التي يشنها التحالف الأميركي العالمي وصولاً الى الرأس في إيران ويمكن ان تكون بداية الحرب الإقليمية على الساحة السورية ،بمشاركه أميركا واسرائيل وروسيا وإيران والعراق وتركيا.. وربما الأردن.
السؤال المطروح: هل من مصلحة اميركا و"اسرائيل" تحويل ساحة سوريا الى ساحة صراع تشابه افغانستان او ليبيا بموقعها الجيوسياسي الذي يقع في قلب المنطقة ويمس الامن "الإسرائيلي" والاردني واللبناني والعراقي والتركي، وبالتالي يجعل الجغرافيا غير آمنه للوجود والاستثمار الامريكي؟
إن الغزو التركي لسوريا هو المرحلة الثانية من الحرب على المقاومة في لبنان سياسياً وامنياً وعسكرياً والتي تمثل آخر خندق مقاوم في الأمة ، ويمكن تفسير اقتراح مستشار "ترامب" بالشرق الاوسط بتأجيل الانتخابات رئاسة الجمهورية ،شهراً او شهرين لاعتقاده أن المشروع الأميركي سينجح في سوريا وبالتالي يمكن إنزال الهزيمة السياسية والعسكرية بالمقاومة أكثر وشطبها من التأثير السياسي في انتخابات الرئاسة او تشكيل الحكومة وهذا ما سيجعل المقاومة في دائرة الدفاع والاستنفار الدائم ، مما يؤشر الى اننا امام سنوات عجاف من التوتر الأمني والسياسي.
إذا نجح الغزو التركي لسوريا سيكون مشروع "اسرائيل" الكبرى قد تقدم خطوة إضافية.
الغزو التركي لسوريا.. ومشروع "إسرائيل الكبرى" _ د. نسيب حطيط
السبت 07 كانون الأول , 2024 02:16 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة