تحولات في الحرب الاطلسية الروسية : الميدان والقيم يريدان الانتصار ــ يونس عودة

الثلاثاء 15 آب , 2023 10:15 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

دخلت الحرب الأطلسية ضد روسيا عبر البوابة الأوكرانية مرحلة شديدة الحساسية والخطورة, بحيث بات الطرفان المتمثلين بحلف شمال الاطلسي وامتداداته من جهة, وروسيا من جهة ثانية، أمام منعطف سيظهر خلال أسابيع قليلة سقوط مراهنات "الناتو" على تطويع روسيا, وكذلك سقوط عالم المفاهيم الغربية الشاذة عن المفاهيم الانسانية والاخلاقية.

لقد ظهرت مؤشرات في الغرب عموما وفي الولايات المتحدة خصوصاً، والتي تفجر وتقود الحروب في العالم, تدل على حقائق لم يعد بمقدور الآلة الغربية الإعلامية حجبها, فعلى المستوى الميداني هناك اقرار بفشل الرهان على الهجوم الاوكراني المضاد, وتلاشي آمال الانغلو ـــ ساكسون والنازيون الجدد والقدامى في الانتقام من روسيا التاريخ، بما في ذلك الانتصار في الحرب الوطنية العظمى بالانتصار على الفاشية والنازية, وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" في هذا السياق أن الغرب كان يأمل في أن يساعد الهجوم الأوكراني المضاد، إذا نجح، في إجبار روسيا على الدخول في مفاوضات بحلول هذا الشتاء، ولكن هذا غير وارد الآن.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين غربيين: "كان المسؤولون الأميركيون وغيرهم من المسؤولين الغربيين يأملون في أن يؤدي الاختراق الأوكراني الكبير إلى إلحاق ضرر بالقوات الروسية، بما يكفي لجلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طاولة المفاوضات هذا الشتاء لإجراء مفاوضات جادة حول التسوية، ويبدو أن فرص حدوث ضئيل حتى الآن، "وأشارت إلى أن الاستراتيجيين والسياسيين العسكريين في الغرب بدأوا في هجوم أوكراني محتمل ربيع عام 2024.

بكل وضوح هناك إقرار لا يرقى اليه شك بأن القوات الاوكرانية والمرتزقة من كل حدب وصوب فشلوا في تحقيق اي انجاز يمكن الركون اليه - وبالتالي سقوط الرهان الغربي المتقطع الانفاس مع ارتفاع خسائر القوات الاوكرانية التي تجاوزت 30 الف قتيل منذ بدء الهجوم المضاد وخسارة نحو الف وخمسمائة مدرعة بما فيها فخر الصناعة الاميركية والغربية على اشكالها بحيث بلغ مجموع ما تم تدميره منذ بداية العملية العسكرية الخاصة نحو 458 طائرة، و246 مروحية، و5708 طائرات بدون طيار، و429 منظومة صواريخ مضادة للطائرات، و11274 دبابة ومدرعة أخرى، و1444 راجمة صواريخ، و5862 قطعة من المدفعية الميدانية ومدافع الهاون، و12207 مركبات عسكرية خاصة.

هذه الارقام المهولة ربما ليست العامل الوحيد الذي دفع مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق جون بولتون ـــ المتعصب جدا ـــ لإلقاء باللوم على الحلفاء الغربيين والرئيس جو بايدن شخصيا في إخفاقات كييف في شن "هجومها المضاد عدم قدرة الأوكرانيين على تحقيق نجاح جاد هو نتيجة طبيعية للاستراتيجية الأميركية"، التي تهدف فقط إلى ردع القوات الروسية على الجبهة. في الوقت نفسه، بحسب بولتون، "حول جدوى استمرار النقاشات في الغرب بتزويد أوكرانيا بالأسلحة"، إلى جانب "الحذر الشديد" للقادة الأوروبيين أمام القوة النووية الروسية.

مؤشر اخر نقلته صحيفة "التايمز" البريطانية، عن ضابط عسكري أميركي درب القوات الأوكرانية، :"الناتو توقع حدوث معجزات وعد الأوكرانيون بها.. لكن لا يمكن شن حرب على أساس التفاؤل".وأشارت الصحيفة إلى "أن الإخفاقات في الهجوم المضاد أدت إلى تبادل الاتهامات بين كييف وحلفائها".

بالمقابل ترى الصحيفة، أنه ربما "قد حان الوقت للتفكير بجدية أكبر حول الخطط طويلة الأمد للحرب، وبالتالي فإن البت في مسألة التسوية السلمية بشأن أوكرانيا قد يكون خيارا مطروحا". لا شك ان الاحباط لدى الغربيين, المجردين من المشاعر الانسانية سيدفعون اكثر بالاوكرانيين الى مقتلة اكثر ايلاما، ليقينهم ان خسارة الحرب عبر البوابة الاوكرانية, تعني بكل بساطة, هزيمة مدوية لحلف الناتو, ليس عسكريا فحسب, بل في ما سينتج عن ذلك من تدمير للحلم الاميركي في السياسة والنفوذ والتسلط، وفرض ثقافة الشذوذ وملحقاتها، من خلال استخدام عدد كبير من الصواريخ بعيدة المدى والتكتيكات الإرهابية بشكل علني. وهذا الامر دونه جدال كبير داخل الناتو, وبالتالي تضطر روسيا للقيام بعملية واسعة النطاق مع حلول نهاية العام، او يكون البديل عن التصعيد اجبار الغرب على الدخول في مفاوضات سلام بشروط موسكو. هذا السيناريو محتمل للغاية، لكن بعد جلاء المشهد الميداني , وذلك لن يكون قبل الخريف بحيث تلحق هزيمة ساحقة بالقوات المسلحة الأوكرانية خلال هذه الفترة والمؤشرات هنا كثيرة من اوذيسا الى كييف الامر الذي سيعمق ازمة سلطات كييف والرئيس فلاديمير زيلينسكي على وجه الخصوص , وهذا ما لم يعد بمقدور البروباغندا الغربية اخفاءه وقد أشارت افتتاحية CNN،الى ان : "الهجوم الأوكراني المتوقف يمكن أن يضع زيلينسكي في ورطة كبيرة في الولايات المتحدة." أولاً، بين المواطنين الأميركيين. فهناك ما يقرب من 55٪ من الأميركيين يرون أنه لا ينبغي للكونغرس تخصيص أموال إضافية لتمويل أوكرانيا,سيما على ابواب الانتخابات الاميركية التي دخلت مدارها الجدي , بحيث ان النخب الاميركي اكثر ما يهمه هو الوضع الاقتصادي والمالي , فإذا كان الوضع الاقتصادي سيئًا، فإن الجمهوريين سيستخدمون العامل الأوكراني إلى أقصى حد ويتهمون بايدن بإنفاق الأموال على أوكرانيا". في مقابل ترويج إدارة بايدن لفكرة أن هذا الصراع وجودي بالنسبة للولايات المتحدة. واصرار جماعة بايدن على عدم الاعتراف بالهزيمة أيضًا.مقابل رفض التكيف مع مطالب الناخبين.الامر الذي سيطيح بايدن للحصول على فرصة للتوقف عن الإنفاق غير المجدي في تمويل الحرب التي اظهرت عدم اخلاقية الغرب في تأجيجها من جهة , واندثار القيم في الغرب بشكل عام.

في هذا الاطار قالت الكاتبة الأميركية، ليونيل شرايفر، أن "بوتين كان على حق عندما أعلن الحرب ضد الغرب الذي تجرد من روحه وقيمه، ولم يصبح مهدا للرأسمالية العالية وحسب، وإنما للدعاية الفاشية والمثلية الجنسية وازدواجية الجنس وداعمي فكرة تغيير الجنس".وشددت الكاتبة على أن اهتمام الغرب بمجتمع "الميم أو قوس قزح" تجاوز جميع الحدود الأخلاقية والفكرية على مدار العقد الماضي، لافتة إلى أنه سيتعين على الولايات المتحدة والغرب الإقرار بأن بوتين كان على حق وأنه لا يكذب أو يهول الأمور عندما ينتقد قيمهم. مشيرة إلى معضلة حقيقية تتمثل في أن قادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لا يختارون السياسيين والقضاة وضباط الشرطة والقادة العسكريين وأعضاء الحكومة والمدراء، وفقا لمؤهلاتهم، وإنما بناء على قيم ومفاهيم مغايرة تتطلب أن يكونوا من أصحاب البشرة السوداء أو اللاتين أو الشواذ والمتحولين جنسيا، وكذلك النساء". وخلصت الكاتبة، إلى "أن جل ما يقوله بوتين عن تدهور الحضارة الغربية مذكور في كل عدد من الصحف الغربية والأمريكية الوطنية".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل