"طوفان الأقصى" أغرق التسويات ورهانات التطبيع... ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 27 كانون الأول , 2023 09:42 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

عندما وُقِّعت اتفاقية أوسلو مع "إسرائيل" عام 1993، كان اللافت في الاتفاقية تعبير نبذ "الإرهاب والعنف"، ومنع المقاومة المسلحة، علماً أنه تمّ الاعتراف بما تسمى "دولة إسرائيل" على 78% من أراضي فلسطين؛ أي كل  فلسطين ما عدا الضفة الغربية وقطاع غزة، بما يعني أن توصيف الإرهاب ينطبق على كل مَن  يُطالب بتحرير فلسطين ودحر الاحتلال الصهيوني الى حدود ما قبل العام 1967، ويبقى على "عرب الاعتدال"، ومنهم منظمات فلسطينية، مراجعة روزنامة تطبيق باقي بنود "أوسلو" مع هكذا عدو عنصري، وعدد القرارات الدولية التي ضربت بها الحكومات الصهيونية عرض الحائط، وسياسة الاستيطان التي تنتهجها "إسرائيل" لتهجير الفلسطينيين من جديد، خاصة في بعض مناطق الضفة الغربية، ومحاولات تهويد مدينة القدس.

لسنا هنا في وارد سردية الصراع العربي الصهيوني، لأن هذا الصراع بات يحمل صفة إقليمية مع هذا العدو، بعد أن تخلى بعض عرب التطبيع عن الدور وعن القضية، لكن المشكلة أن هؤلاء العرب يزايدون على "إسرائيل" نفسها في توصيف حركة حماس بأنها منظمة إرهابية، وبأن حماس تحمل فكراً تكفيرياً، بصرف النظر عن تشبيهها بحركة "الإخوان المسلمين" أو بسواها من التنظيمات الراديكالية، ولكن إذا كان هؤلاء العرب لم يرصدوا معاناة الشعب الفلسطيني مع هذا العدو منذ العام 48، ولا كل الحروب التدميرية على قطاع غزة، ألا تكفيهم مشهديات الإجرام الشيطاني الذي يمارسه هذا العدو الآن مع المدنيين في غزة والضفة الغربية، حيث الضحايا بالآلاف والجرحى بالآلاف والمفقودين بالآلاف؟!

كل ما جرى على مدى خمسة وسبعين عاماً تفاصيل، وكل ما سوف يحصل ميدانياً بعد عملية طوفان الأقصى أيضاً تفاصيل، والواقع الحقيقي الذي لن يستطيع كل العالم تغييره، أن هناك مليونين ومئتي ألف فلسطيني في قطاع غزة، ينزحون من غزة الى غزة، ومن بيوت إسمنتية الى خيم بلاستيكية ويرفضون مغادرة غزة.

وبصرف النظر عن كل السناريوهات لإنهاء الحرب، وقبل أن تنهمر الاقتراحات الدولية والإقليمية/ الخليجية حول مَن سوف يحكم غزة بعد هذه الحرب، لتأمين أمن المستوطنات الصهيونية في الغلاف،  وكذلك الضفة الغربية التي بات فيها دور السلطة كما الشرطي البلدي لدى قوات الاحتلال، وسط الزحف الصهيوني العنصري للمستوطنات وتعريض الفلسطينيين لكل أنواع المضايقات، خاصة بعد تشريع تسليح المستوطنين وشرعنة عدوانيتهم،  فإن الجواب بكل اختصار: "إسرائيل" ستتعايش مع قنابل بشرية حلالٌ لها الانتقام لكل مدني بريء سقط في هذا العدوان، وعدد هذه القنابل سيكون عشرات الآلاف القابلة للتناسل عبر أجيالٍ قادمة.

كان الرئيس السابق لحكومة العدو ايهودا باراك يقول: مع مَن نتفاوض من الفلسطينيين ولديهم سبعة عشر فصيلاً، وفعلاً فعلتها حماس بصفتها أكبر فصيل في قطاع غزة، وضمَّت إليها خمسة فصائل لعل أبرزها الجهاد الإسلامي عبر سرايا القدس، وعلى مدى ثلاث سنوات ما بين العامين 2020 و2023، كانت التدريبات المشتركة لهذه الفصائل تتمّ بسرِّية مُذهلة لتحقيق نجاح عملية 7 أكتوبر.

أما وقد حصل ما حصل، وتوحدت بعض الفصائل الفلسطينية حول القرار المصيري والقضية الوجودية تحت لواء بندقية واحدة ذخيرتها كل محور المقاومة، فإن "إسرائيل" قادمة على مراحل مواجهة "الذئاب المنفردة" في أي مكان من فلسطين المحتلة يستطيع مواطن فلسطيني تحقيق هدف مقاوِم، والحرب الحقيقية الانتقامية على العنصرية الصهيونية ستبدأ بعد انتهاء هذه الحرب، والسلطة الفلسطينية انتقلت تلقائياً وفعلياً الى مَن يحمل بندقية المقاومة، وهذه المقاومة هي وحدها صاحبة القرار في كيفية تحصيل الحقوق، بلا قرارات أمم متحدة ولا بيانات قمم عربية...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل