المجتمع المقاوم... وهشاشه المناعة الإعلامية ـ د. نسيب حطيط

الجمعة 29 كانون الأول , 2023 11:15 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
مشكلتنا كشرقيين أننا نغرق سريعاً بالشعارات العاطفية والتعبوية، حيث يمكن ان ينقلنا تصريح او خبر الى لحظة النصر والحسم النهائيَّين على العدو، ويمكن لتصريح اخر ان يثبط عزيمتنا ويُشعرنا بالهزيمة، ولا تفصل بينهما الا دقائق معدودات..!
من الاخطاء والامور الخطيرة في المجتمع المقاوم انه - في كثير من الأحيان - ضحية الاعلام المعادي والخصم، والذي يتمتع بتقنيات عالية، ويقتحم كل البيوت والعقول، لأنه يستطيع نقل الحدث المباشر من ساحة الميدان في أكثر من منطقة في العالم، ويبيع بضاعته للمشاهدين مقابل تلقيح عقولهم بما يريد، ولأنه يفهم العقل العربي فيعطيه كثيرا من المديح والعاطفة والمعنويات، ويدس ضمنها بعض ما يريد من سموم، ومثال ذلك:
- بعض القنوات العربية، وفي مقدمتها قناة الجزيرة، تمدح المقاومة وتعطيها المعنويات حتى يظن المشاهد انها قناة المقاومة، وفي ذروة الفرح بالنصر والعمليات تستضيف مسؤولاً في الجيش "الاسرائيلي"، او تنقل مؤتمراً صحفياً لرئيس الوزراء "الاسرائيلي"، او تعطيك مشاهد عن القصف داخل "اسرائيل"، فتصطادك (بالكمين الاعلامي) رغما عنك لتسمع هذا "الإسرائيلي" - العدو، لأنك ستنتظر انتهاء المقابلة او المؤتمر الصحفي لتكمل مشاهدة هذه القناة وضيوفها من المعلقين الذين يمدحون المقاومة ويظهرون انتصارات..
- مثال آخر: اننا نركز في بياناتنا واعلامنا على خسائر العدو (وهذا شيء جيد لرفع المعنويات ولتوضيح الصورة بإنجازات المقاومة)، لكننا نهمل خسائرنا في المدنيين، حتى ينطبع في اذهان العالم واذهان الناس المشاهدين من الجمهور المقاوم ان ألفاً او 2000 من العدو عسكريين او مدنيين قد قتلوا او جرحوا، لكن صورة وحكاية حوالي 90,000 شهيد وجريح ومفقود تكاد لا تجد مكانا لها في العقل والذاكرة والعاطفة عند الجمهور المقاوم، ولا حتى عند الراي العام العالمي... فيصبح "الاسرائيلي" مظلوما، ويصبح المقاومون واهلهم هم الظالمون ...!
- مثال ثالث: نكرر وننشر ان المستوطنين في الشمال الفلسطيني المحتل قد تم تهجيرهم او فرارهم حوالي 20.000 او 30.0000 (وهذا ايضا من انجازات المقاومة لأول مرة ان يكون التهجير في الجانب الاخر)، لكن عندما يقوم وزير الخارجية "الاسرائيلي" مصطحبا سفراء الدول الغربية لجولة على الحدود لإظهار مظلومية الشعب "الاسرائيلي" واعتداءات المقاومة، وهذا عمل "ذكي"؛ تحضيرا لأي عملية عسكرية ضد لبنان، وكأنها دفاع عن النفس، ولحمايه المواطنين، بينما نسكت، فلا نتحدث عن أكثر من 100,000 نازح من الجنوب، ولا نتحدث عن أكثر من 60 قرية تعطلت مدارسها ومحلها وورشها وعملها الزراعي، لأننا اذا تحدثنا - وهذا اعتقاد خاطئ - نظهر كضعفاء ومهزومين!
لم يصطحب وزير خارجية لبنان سفراءَ الدول الغربية، ولا الاعلام المقاوم الوكالاتِ الأجنبيةَ بجولة على القرى الحدودية للاطلاع على اوضاع الجنوب، وعلى حوالي 2500 وحدة سكنية تم تدميرها بشكل كامل او جزئي وتعطيل الحياةللقول ان العدو "الاسرائيلي" قد اعتدى على لبنان وخرق ال 1701.
- مثال رابع: نفرح ونبتسم بان جنود العدو قد اصيبوا بالعمى الجزئي او الكلي او العقم او الامراض المعدية والامراض المعوية وهذه إذا صدّقناها كما يقولها العدو... فلماذا لن نصدق بعد يوم او اسبوع ما سيصيب الفلسطينيين في غزة من امراض... يمكن ان يكون العدو قد شن حربا جرثومية لتهجير غزه ووضع البكتيريا في الابار او نشرها في الفضاء .
من يصدق ان العدو قد اصيب عليه ان يصدق ان الفلسطينيين اصيبوا دون مسؤولية العدو عن ذلك، وهذه خطة استعملها العدو في عام 1948 بقياده وزير دفاعه موشي دايان؛ بتسميم ابار القرى، وسميت العملية (#ارسل_لأخيك)
لإعادة تقييم الأداء الإعلامي، لأنه عنصر أساسي في الحرب والصمود..


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل