الرئاسة ليست أولوية ــ عدنان الساحلي

الجمعة 26 كانون الثاني , 2024 01:19 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يشكل انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، مع التطورات المحلية والإقليمية المتسارعة، خطين متوازيين لا يلتقيان، إلا إذا حدثت "معجزة" مثل تصويت كتلة سمير جعجع النيابية، أو كتلة جبران باسيل، لصالح سليمان فرنجية، بما يشكل غطاء مسيحياً ضرورياً، وهو أمر مستبعد حتى الآن.
وتستدل أوساط متابعة، في استبعادها لحصول عملية انتخاب رئيس جديد للبنان، بعد الفراغ الرئاسي الذي نتج عن انتهاء ولاية الرئيس السابق العماد ميشال عون، بأدلة كثيرة، تبدأ محلياّ برفض الكتلتين النيابيتين المسيحيتين (العونيين والقوات)، التصويت لصالح المرشح المدعوم من كتلتي حزب الله وحركة أمل، سليمان فرنجية، لأسباب يتقاطع فيها السياسي مع التنافس الماروني المعهود على منصب الرئاسة، وصولاّ إلى دور المصالح الخارجية في تفضيل هذا المرشح أو ذاك.
كما يبرز نشاط اللجنة الخماسية (الولايات المتحدة، فرنسا، مصر، السعودية وقطر)، في سعيها لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، جعجعة بلا طحين، فكل بلد فيها يعمل لما فيه مصلحته ولتحقيق غاياته في لبنان، التي قد لا تتلاقى مع مصالح وغايات كثير من اللبنانيين، خصوصاً أن اولوية أميركا هي حماية "إسرائيل" من الأخطار التي تهددها، وجر الدول العربية لإقامة علاقات علنية مع عدو العرب، الذي يحتل فلسطين ويرتكب المجازر بحق شعبها، فيما فرنسا والآخرين مجرد ملحقات بالموقف الأميركي تعجز عن تخطيه أو التأثير فيه.  
وتشير جهات سياسية إلى أن هذا الواقع لا يلغي أرجحية فرنجية بين كل الأسماء المتداولة، ضمن التوازنات القائمة، ففرنجية معروف بأنه حليف سورية أباً عن جد؛ وحليف المقاومة، منذ أن ترأس جده الرئيس الأسبق سليمان فرنجية "جبهة الخلاص الوطني"، عام 1983، التي قادت سياسياً مواجهة اتفاق 17 أيار مع العدو "الإسرائيلي" وأسقطته خلال حكم الرئيس الأسبق امين الجميل (كان أبرز قادة الجبهة مع الرئيس فرنجية، الشهيد الرئيس رشيد كرامي، الرئيس نبيه بري، الوزير السابق وليد جنبلاط ونواب وشخصيات وطنية وقادة أحزاب). وبالتالي، إذا كان حزب الله قد أوقف انتخابات الرئاسة أكثر من سنتين، ليتمكن من إيصال الرئيس السابق ميشال عون إلى قصر بعبدا؛ وهو كان خصماً للمقاومة وسورية وحلفائها في لبنان، قبل تفاهم مار مخايل، فمن الطبيعي أن يكون موقف المقاومة وحليفها نبيه بري أكثر صلابة في دعم فرنجية، خصوصاً أن الأخير كما قلنا حليف لسورية، ومن الطبيعي ان يسلف الرئيس بري مثل هذا الموقف لسورية ولفرنجية.
وتؤكد تلك الأوساط أن الدفة ضمن الأوضاع الحالية تميل بقوة لصالح فرنجية، فإضافة إلى أن حزب الله لم يتعود التراجع عن موقف درسه ومحصه بعناية، مثل دعمه لفرنجية، فإن عوامل عدة تعمل لصالح الأخير، مثل إعلان جنبلاط عدم ممانعته انتخاب فرنجية؛ وكذلك إعلان النائب في كتلة "الجمهورية القوية" ملحم رياشي أنه سينتخب فرنجية، وكذلك تلميح النائب في كتلة "لبنان القوي" آلان عون إلى ان انتخاب فرنجية ممكن، إذا اتفقت الأطراف السياسية على تسوية، تعطي كل طرف بعض مطالبه في السياسة والأمن والإدارة، وكذلك وجود عدد من النواب أصحاب الموقف الرمادي، الذين سينتخبون فرنجية عندما تهب رياحه، مما يؤشر إلى تراجع حظوظ المرشحين الاخرين.
وتشير تلك الأوساط بشيء من الإيجابية إلى ما صدر عن بكركي والرئيس أمين الجميل مؤخراً، من التمسك بلبنان الكبير، فهذا الموقف يقطع الطريق على من يرشحه دعاة التقسيم والفدرلة، خصوصاً رئيس "حزب القوات" سمير جعجع، الذي يدعو علناً لإيصال رئيس يستفز حزب الله ويتواجه معه، مما يهدد أمن البلد والعيش المشترك برمته؛ ويكون مدخلاً لعودة جعجع للمطالبة بالفدرالية والتقسيم، في ظل اشتعال المنطقة برمتها بالتداعيات النارية للعدوان "الإسرائيلي" على غزة؛ وانخراط الولايات المتحدة وبريطانية في هذا العدوان.
وفي هذا السياق، تشير الأوساط السياسية إلى أن سفور الموقف الأميركي في تبنيه للجرائم "الإسرائيلية" في فلسطين والمنطقة أضعف كثيراً من رصيد قائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي تطرح بعض الجهات ترشيحه مقابل فرنجية، فترئيس عون برأي البعض هو انتصار للأميركيين ولجماعاتهم في لبنان، نظراً للعلاقات التي نسجها عون معهم، بما فيها تمويلهم لدعم رواتب افراد الجيش؛ واحتكار اميركا تسليح الجيش بخردة سلاح مخازنها؛ وتوسيع التسهيلات العسكرية للقوات الأميركية، في ثكنات وقواعد الجيش اللبناني، خصوصاً في قاعدة حامات في البترون، إضافة إلى التنسيق اليومي بين اليرزة وسفارة عوكر خلال وجود السفيرة السابقة دوروثي شيا؛ والذي يبدو واضحاً أنه سيستمر مع السفيرة الجديدة ليزا جونسون، مما يقلل من حظوظ عون ويجعل وصوله تحدياً لكل من يعارض السياسة الأميركية في لبنان والمنطقة.
وتختم الأوساط ذاتها كلامها بالقول، بشيء من السخرية، إنها متأكدة من أن حظوظ فرنجية باتت متقدمة جداً، طالما أن سمير جعجع أشهر رفضه لانتخابه، فما عارض رئيس حزب القوات أمراً إلا وحصل، وما طالب بشيء إلا وفشل، ورفضه رئاسة فرنجية فال خير على الأخير وليس العكس.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل