هل أجهض العرب وتركيا طوفان الأقصى؟ ــ د. نسيب حطيط

الخميس 22 شباط , 2024 11:12 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
في الشهر الخامس لطوفان الأقصى والمذبحة "الإسرائيلية" في قطاع غزة، بغطاء عربي ودولي، وبقيادة أميركية تمنع قرار وقف إطلاق النار في مجلس الأمن، يساهم العرب وأكثر المسلمين بقيادة تركيا في "إجهاض" طوفان الاقصى، رغم كل بيانات الاستنكار الكاذبة لرفع العتب وادعاء عدم تحمل المسؤولية عما يجري في غزة.
تعهّد العرب والمسلمون الأتراك بعزل ما يجري عن في غزة عن الشارع العربي والاسلامي، وانحازوا كحكومات بشكل فاضح للعدو "الاسرائيلي"، ولم يقطعوا العلاقات الدبلوماسية، بل ساهموا في فك الحصار الذي حققّه أنصار الله في اليمن؛ بإقامة جسر بري معلوم وجسر جوي غير معلن.
لم تتقدم أي دوله عربية او اسلامية لمحكمة العدل الدولية او أي مؤسسة دولية لمحاكمة "اسرائيل" ووقف العدوان، بل بادرت جنوب افريقيا لذلك، فظهرت غزة يتيمة حتى تبنتها دوله بعيدة لا قرابة بينهما الا الإنسانية.
تطوّعت مصر لتكون فك الكماشة الثاني الذي يطبق الحصار على غزة من معبر رفح، وكانت قد تطوّعت قبل اسبوع للضغط على حماس، بتصريح وزير خارجيتها واعلانه ان "حماس" خارج الاجماع الفلسطيني، وانه يجب محاسبة من عزّز قوتها وقام بتمويلها، ليعلن بالنيابة عن "الاسرائيليين" والاميركيين عناوين "اليوم التالي" لوقف الحرب على غزة، واليوم التالي لن يكون هناك فيه مقعد لحماس في العملية السياسية لحكم غزة، واقصى ما يمكن ان يُعطى لها ان تكون شريكة في الحكم مقابل الاعتراف بدوله "اسرائيل".
يضغط العرب وتركيا على حماس للقبول بالشروط "الإسرائيلية"؛ بإطلاق الرهائن مقابل ادخال المساعدات الغذائية وإطلاق بعض الاسرى الفلسطينيين، وليس تبييض السجون، وهدنة مؤقتة،لتستعيد "اسرائيل" "اسراها" وتعود ثانية لاستكمال الحرب على غزة.
تهدّد "اسرائيل" باقتحام رفح لتحقيق شروطها، بالتعاون مع اميركا والعرب وتركيا، وتضع المقاومة امام خيارين: اما القبول بالشروط "الإسرائيلية" دون دخول رفح، او القبول بالشروط "الإسرائيلية" باجتياح رفح.. وقد ضغطت امييكا واجبرت مصر وتركيا لإجراء مصالحة بينهما، لتكون تركيا طرفاً رئيسياً يمثل حماس في المفاوضات التي يمكن ان تتطور لتشكيل "قوة ردع مصرية - تركية" تدخل الى غزة بديلا عن جيش الاحتلال، ثم يتم تلقيحها بعناصر من السلطة الفلسطينية، للبدء بتأسيس المشهد السياسي في غزة بعد انتهاء الحرب.
تعاون العرب وتركيا مع العدو "الاسرائيلي" واميركا لعزل حماس "مذهبيا"، ولاتهامها بانها صارت في الخندق "الشيعي" مع إيران والمقاومة في لبنان والعراق واليمن، مما يحاصرها على مستوى العالم "السني" ويضطرّها للدفاع عن نفسها، فتصمت عن اي شكر لمحور المقاومة والجهاد، وتقلل لقاءاتها مع إيران وحركات المقاومة، وتفيض بالشكر لمن يحاصرها ويطبع مع اسرائيل"؛ من مصر وتركيا وقطر والسعودية".
يضغط العرب وتركيا على حماس وقوى المقاومة في غزه بوجوب الخضوع والعودة الى البيت العربي والتركي وفك التحالف مع إيران، وسيبدأ ضخ الوثائق المفبركة والتصاريح المظللة على ان إيران ومحور المقاومة قد خذلوا حماس في غزة ولم يقاتلوا معها ويجتاحوا شمال فلسطين.
يضغط العرب وتركيا على حماس وقوى المقاومة ويهددوا بأنهم لن يساهموا بإعمار غزه وتامين التمويل اللازم إذا بقيت حماس على شروطها، وإذا امتنع العرب عن تمويل الاعمار فستعود غزة مخيما كبيرا للنازحين في الخيم؛ يماثل اللجوء عام 1948 .
مساعي العرب لإجهاض طوفان الاقصى وعمليات الاسناد لمحور المقاومة مستمرة، مع دعم "اسرائيل" اقتصاديا وسياسيا، في وقت يُسقطون الصواريخ والمسيّرات اليمنية والعراقية، ويهددون بإعادة الجماعات التكفيرية الى ساحات القتال.
استطاع العرب وتركيا بالتعاون مع "اسرائيل" وأمريكا اهدار وتضييع دم 100.000 شهيد وجريح، والتسبب بمعاناة مليوني نازح فلسطيني، وتدمير غزة، وتقويض انتصارات طوفان الاقصى، ومنع هذا الانتصار من حصاد نتائجه السياسية والاستراتيجية الى مستوى متواضع؛ بتامين مساعدات غذائية مشروطة دون ضمانات واي تعهدات للمستقبل السياسي للدولة الفلسطينية مع الربح "الاسرائيلي" غير المرئي بتمشيط الضفة وبناء احياء يهودية في القدس!
سينقل بعض العرب وتركيا القضية الفلسطينية من قضية إسلامية - انسانية الى قضية "سنية" ومذهبتها، لإبعاد "الشيعة" عنها، وهو انجح العناوين لإشعال الفتنة المذهبية ونقل الصراع من عربي - اسلامي بمواجهة "إسرائيل" الى صراع إسلامي - اسلامي.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل