الهجوم المظلي العربي للغذاء... لإشعال "ربيع غزة"! ــ د. نسيب حطيط

الأربعاء 28 شباط , 2024 09:37 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
بعد 150 يوماً على القتل والتهجير والجوع واغلاق معبر رفح المصري، شنّ حلفاء "اسرائيل" من العرب المطبّعين هجوماً جويلً بالقصف بمظلات الطحين والمعلبات، وقداشترك بهذا الهجوم الثلاثي: مصر والامارات والأردن.
للوهلة الاولى يظن البعض ان عليه توجيه التحية والشكر لهذه المبادرة - "المغامرة" التي كسرت قواعد الاشتباك في غزة وتحاول فك الحصار "الاسرائيلي" من الجو، وان هذا الثلاثي يدعم اهل غزة الذين ينتظرون الموت اما قصفاً واما جوعاً!
ما يلفت في هذه الهجوم المظلي توقيته بعد انقضاء 150 يوما والشاحنات تتكدس في صفوف طويله في الجانب المصري من رفح.. فلماذا استيقظ ضمير العرب من حلفاء "اسرائيل"؟
الهدف الاساس من هذا الهجوم المظلي المشبوه:
- تبييض وجوه المتآمرين على غزة من العرب، ونفي صفة الانحياز للعدو طوال الحرب.
- بدء مرحلة التعامل العربي مع اهل غزة مباشرة دون المرور بحماس وقوى المقاومة.
- تثبيت الغاء دور "الاونروا"، والذي طالبت به "اسرائيل".
- اثاره اهل غزة الجوعى ضد حماس وقوى المقاومة، والذين بدأت حملة لشيطنتهم، بلسان مصري وعربي، عبر تحميلها مسؤولية ما جرى من تدمير وجوع ومرض، لأنها لم تستطع تقدير الموقف وردة الفعل "الإسرائيلي" قبل القيام بعملية طوفان الاقصى، وبدء تامين الغطاء الشرعي لهذه الحملة الخبيثة بفتاوى وشروحات من مشايخ الوهابية ومشايخ السلطة في الدول العربية؛ باتهام حماس "بالتعاون مع الرافضة وقتل المسلمين في غزة"، دون إشارة للعدو "الإسرائيلي".
- هذه الحملات الجوية الغذائية ستثير الفوضى بين الجائعين والخلافات والتضارب للفوز بدجاجة او بعض المعلبات، واستغلال الجوع الفلسطيني، لتنظيم الاحتجاجات ضد المقاومة، لتفجير "ربيع غزة" ضد حماس، والضغط عليها في المفاوضات.
"اسرائيل" هي التي سمحت لهذا الهجوم الجوي الغذائي، ولم يكن رغما عنها، لأنها تستطيع منعه، كما تمنع وصول المساعدات من رفح، ومن يستطيع تجاوز "الفيتو الاسرائيلي" جوّاً كان باستطاعته تجاوز "الفيتو الاسرائيلي" براً، لكن "اسرائيل" تريده، وقد تكون هي التي طلبت هذا الهجوم، لزعزعة الجبهة الداخلية في غزة، ووضع الغزاويين امام هجوم "اسرائيلي" ساخن بالقصف، وهجوم عربي "ناعم" بالقصف بالجوع والمعلبات والطحين !
لو بقي العرب وتركيا على الحياد على الحياد لانتصرت غزة.
لو ساند العرب وتركيا غزة لانهزمت اسرائيل.
اميركا و"اسرائيل" والعرب وتركيا مستمرون في مشروع تهجير وتدبير غزة والغائها من الخارطة السياسية للقضية الفلسطينية، ولن يتوقف هذا المشروع الامني والديموغرافي والاقتصادي مهما كانت الظروف، الا بالقوة، ومن مصلحة "إسرائيل" اطالة الحرب، لان خسائرها اقل، وقدرة صمود للمدنيين في غزة صارت أصعب، مع ان المقاومة قادرة على الصمود عسكريا.
 ان التوقيت لهذا الهجوم المظلي الغذائي في لحظة المفاوضات والضغوطات على المقاومة، وعلى مشارف في شهر رمضان، سيكون وبالتكامل مع اجهزه المخابرات المتعددة الجنسيات، خصوصاً العربية، له الاثر الفعال في احداث الفوضى ومحاولة تامين انقلاب شعبي وسياسي (ربيع غزّاوي ضد حماس) وسلبها ورقة التنازل عن السلطة، عبر ابعادها عن السلطة بحراك شعبي.
يكرّر العرب جريمتهم؛ عندما ساهموا باغتصاب فلسطين في النكبة الاولى، ويتعاونون مع العدو لاغتصابها ثانية في نكبة غزة، وسيتعاونون ثالثة ورابعة وخامسة… لاغتصاب كل الأمة.
ويبقى الامل بالله سبحانه وتعالى في نصره المظلومين وعدم استسلام محور المقاومة، الذي استطاع مع كل الحصار الذي يتعرّض له ان يمد اليد لغزة يمد اليد لغزة، وان يساهم في اطالة زمن الصمود واعطاء جرعات معنوية، وتشتيت قوى المحور(الأمريكي - " الاسرائيلي"- العربي - التركي) مع عدم الوقوع في فخ الحرب الشاملة، والتي يريدها "الاسرائيلي" ويبقي نارها مشتعلة على جبهة لبنان، لتامين فصل المسارات وتفكيك وحدة الجبهتين اللبنانية والفلسطينية، استباقا لما سيقوم به العدو من استكمال مشروعه في غزه والقدس والضفة الغربية.
ليس العار ان تنهزم في معركة قاتلت فيها حتى الرمق الاخير، لكن العار ان تكون يداً وعيناً للعدو، والاكثر عاراً ان تستسلم.
لن نستسلم... وسنبقى نقاوم... وما النصر الا من عند الله.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل