جامعة الولايات البريطانية الناطقة بالعربية

الأربعاء 06 آذار , 2024 08:32 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

في 24  شباط  1941، أي قبل 4 سنوات من تأسيس الجامعة العربية في العام 1945، ونتيجة الضغوطات التي تعرضت لها الدول الاوروبية اثناء الحرب العالمية  الثانية، رأت بريطانيا وفرنسا ضرورة قيام كيانات للدول العربية، وذلك للتخفيف من الاضطرابات داخل المستعمرات في البلاد العربية، فوعدت قادة تلك الدول بالاستقلال عقب انتهاء الحرب، واعربت عن تشجيعها قولا لاي اتجاه نحو الوحدة العربية كما جاء على لسان وزير خارجيتها انتوني ايدن في تصريح له لدى مجلس العموم البريطاني قال فيه: "لبريطانيا تقاليد طويلة من الصداقة مع العرب وهي صداقة قد اكدتها الاعمال وليس الاقوال وحدها، ولنا في العرب  عدد لايحصى ممن يرجون لنا الخير وان الحكومة البريطانية تنظر بعين العطف إلى كل حركة بين العرب ترمى إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والاجتماعية بل  والسياسية، وان العالم العربى قد خطا خطوات عظيمة منذ التسوية التى تمت عقب الحرب العالمية الماضية، ويرجو كثير من مفكرى العرب للشعوب العربية درجة من درجات الوحدة اكبر مما تتمتع به الان، وان العرب يتطلعون لنيل تأييدنا فى مساعيهم نحو هذا الهدف ولا ينبغى ان نغفل الرد على هذا الطلب من جانب اصدقائنا ويبدو انه من الطبيعى ومن الحق وجوب تقوية الروابط الثقافية والاقتصادية بين البلاد العربية وكذلك الروابط السياسية ايضا وحكومة جلالته"، وهنا يقصد ملك مصر فاروق.
شكلت المنطقة العربية قاعدة لبريطانيا على مر التاريخ، لم تكن لتكتمل الامبراطورية لولا السيطرة على بلاد العرب والتواجد في منطقة تشكل ممر هام لبريطانيا داخل هذه الامبراطورية، تعاملت بريطانيا مع البلاد العربية تعامل السيد مع العبد كما فعلوا في افريقيا ولم تنظر إلى هذه المنطقة الاستراتيجية الا من منظار النفوذ والمصلحة ونهب ثروتها.
يعود ارتباط مصالح بريطانيا بالمنطقة التي صارت تعرف بالشرق الأوسط منذ اواخر القرن الثامن عشر، وقد تغيرت طبيعة تلك المصالح من وقت لاخر، ودارت حول محاور مختلفة اقتضتها التغيرات التي طرأت على العلاقات الدولية وتوازن القوى بين الدول الكبرى، وكان المحور الرئيسي خلال معظم هذه الفترة هو الهند.
لذلك كانت سياسة بريطانيا تحاول على الدوام احاطة الهند بحلقة من الدول العازلة فكانت تهتم بالحفاظ على كيان الدولة العثمانية إايران للحيلولة دون اي توسع يستهدف الهند من جانب الامبراطورية الروسية او غيرها، وشكل النفط حافزا كبيرا لبريطانيا في المنطقة العربية،  فبعد اكتشاف النفط أصبح للمنطقة اهمية مباشرة خاصة، حتى قيل في حينه ان حدود بريطانيا لم تعد تنتهي في نهر الراين، بل انها تمتد إلى الشرق الادنى.
وكاي قوة محتلة كان يهم بريطانيا ان تعيش الدول التي تدخل في معاهدات معها بطريقة لا تثور شعوبها عليها، وذلك لاستمرار سلطانها على هذه الدول من خلال شرذمتها .
اصبحت الحدود التي رسمها الاحتلال الغربي على خريطة الارض العربية وفقا لمصالحه لا مصالح سكان البلاد ثابتة ليومنا هذا، ولحكام كل منها مصالحه وطموحه حتى اصبح الحديث عن الوحدة العربية تهديدا لاستقلال تلك الدول، وحقيقة الامر انه تهديد للمصالح الشخصية.
لقد وجدت بريطانيا سنة 1940 ان قيام جامعة الدول العربية يدعم نفوذها في البلاد العربية ويتفق مع مصالحها، فشجعت قيامتها وباركته وهناك تقرير اعدته وزارة الخارجية البريطاينة عام 1933 عن موقف بريطانيا من الوحدة العربية، بقلم جورج رندل رئيس الدائرة الشرقية .
يبدا التقرير الذي اصبح وثيقة غير سرية في الارشيف البريطاني بشرح مفهوم الوحدة العربية، ومن يجب ان يدخل فيها، على ان تضع  بريطانيا شروط العضوية وفق المصالح البريطانية "لا بد ان تعني الاتحاد بين دول ذات حكم ذاتي، بين كل الاقاليم العثمانية، حيث يؤلف العرب الاكثرية الساحقة بين سكانها"، ويشير التقرير إلى "ان اهم التطورات اللاحقة تمثلت في تولي ابن سعود للسلطة واستيلائه على القسم الاعظم من الجزيرة العربية بما في ذلك مملكة الحجاز" ويضيف "ان المنافسة العائلية بين الهاشميين والسعوديين تكاد تجعل من غير الممكن قيام اي ائتلاف وثيق او عضوي بين المناطق التي يحتلها كل منهما وتشير الى انه من المستحيل ان تدعم بريطانيا اي من المجموعات".  
في هذا الصدد اشار الملك عبد الله الجد الى الجامعة العربية في مذكراته بالقول "ان الجامعة العربية صوت فات به نوري باشا السعيد، وتلقفه مصطفى النحاس باشا، فهو جراب ادخلت فيه سبعة رؤوس، اليمن والعراق والشام ولبنان ومصر وشرقي الاردن بسرعة عجيبة".
من جهته ارسل السفير البريطاني في القاهرة مايلز كيلرن رسالة قال فيها "ازدادت المنافسات القديمة بين الدول العربية حدة خلال المناقشات التي اسفرت عن وضع ميثاق الجامعة العربية وفي هذه المنافسات دخلت مصر عصرا جديدا وقد اصبحت المنافسات بين مصر والعراق على الوحدة العربية واضحة منذ بداية المناقشات".
كان رد الخارجية البريطانية على السفير كيلرن  بالقول "لقد عقد العراق الان معاهدة الاخوة العربية مع المملكة العربية السعودية ومصر سوريا، اذ يستطيع هو ايضا ان ينضم اليها اذا شاء وقد تبين ان معاهدة الاخوة العربية في الواقع ليست كبيرة الاهمية في العلاقة بين هذه الاقطار كما انه ليس من المحتمل ان تؤدي المعاهدة المقترحة بين مصر والسعودية وسوريا الى نتائج اكبر اذا ما عقدت اصلا" واضافت "اغلب الظن ان مشاعر الغيرة التي تظهرها الدول العربية في هذه الايام المبكرة من محاولاتها لإيجاد اسس التعاون  ستكون سريعة الزوال  وسيكون من الخطأ ادخال تعديلات مستمرة على السياسة او تبني سياسات جديدة لمواجهتها".
في العام 1965 قال انطوني ايدن الذي يعتبر من خبراء بريطانيا في الشؤون العربية في رسالة الى وزير الخارجية آنذاك سلوين لويد "اعتقد أن الخطر الرئيسي الذي يواجهنا الان قد يكمن في القومية العربية التي تكتسح الشرق الاوسط  باجمعه".
سؤال يطرح هل استفتت القبائل العربية شعوبها بقرار انشاء كيانات عربية وتقسيم الارض العربية وفق اتفاقية سايكس - بيكو عام 1916 ومن ثم تأسيس جامعة لها؟ ام ان الثمن دفع مقدما وهو تسليم فلسطين لتضيع معها العروبة والثروات العربية، خدمة للمشروع الصهيوني مقابل الحصول على لقب ملك ورئيس وزعيم.
جعفر سليم
عضو اتحاد كُتاب وصحافيي فلسطين


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل