مشروع إعدام غزة يتقدّم... بتآمر الجميع _ د. نسيب حطيط

الجمعة 08 آذار , 2024 09:51 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات 

يبدو ان الامل بهدنة مؤقتة، بمناسبة شهر رمضان المبارك، لحفظ ماء وجه العرب العربي والمسلمين المطبّعين، بات معدوماً، لأن العدو "الاسرائيلي" لا يريد انهاء الحرب قبل تحقيق مشروعه، بقيادة وخداع أميركي وتآمر عربي - تركي.

الشعار الذي رفعه "نتنياهو" باسم التحالف (الامريكي - العربي - التركي)، ألا عودة إلى غزة كما كانت؛ سواء على المستوى العسكري او السياسي او حتى الديموغرافي، وانه لن يوقف الحرب حتى لو اضطر لاجتياح "رفح" حتى تحقيق هذا الشعار، الذي ربما سيحتاج الى عشرات الاف الضحايا الجدد، ويحتاج الى أشهر اضافيه، ربما لنهاية العام او أكثر.
توقفت المفاوضات لان "اسرائيل" وشركاءها لا يريدون مفاوضات، بل املاء شروط، ويدفعون المقاومة للتوقيع على استسلامها واعدام نفسها، وتضييع كل إنجازاتها، ولإتاحة الفرصة امام الجيش "الإسرائيلي" لتنفيذ المشروع السياسي الاقتصادي؛ بتهجير غزة وتحويلها الى مخيم كبير مسلوب القوة، فسارعت دول التطبيع العربي مع اميركا لمحاولة كتم الصراخ والاصوات المطالبة بفك الحصار وانقاذ غزة من الموت جوعاً ومرضاً وعطشاً عبر ما سمي "الهجوم المظلي الغذائي العربي" المخادع والسخيف، والذي لا يُسمن ولا يغني من جوع، ثم تطور الامر بأخذ الامارات اذنا من العدو "الاسرائيلي" للإغاثة من البحر،  ثم تطور الامر الى القرار الاميركي بالتزامن مع انهيار المفاوضات؛ ببناء ميناء اميركي في غزة، لإيصال المساعدات وفق خطةخداع وتضليل استخبارية، فمن يبني ميناء سيطلب حماية للميناء، ويتحول الميناء رويدا رويدا الى قاعدة عسكرية أميركية ثابتة ويبدأ اسقاط غزة دوليا كقناع عن اسقاطها "إسرائيليا"، وستتكاثر مراكز الإغاثة المتعددة الجنسيات؛ من إماراتية الى مصرية الى تركية، لبعث الاطمئنان "لحماس"؛ في عمليه خداع "اردوغانية" جديدة، ثم يتم تشكيل قوات فصل عربية - اسلامية (من الدول المطبّعة مع "إسرائيل").
المشروع الدولي السياسي والاقتصادي لغزة، يتقدم، وبإصرار، لأن معركة غزة خرجت من دائرتها الضيقة بين المقاومة والعدو "الإسرائيلي"، لتصبح المعركة البديلة عن مشروع الربيع العربي او المرحلة الثانية منه، والتي وُلدت واستغلتها اميركا وحلفاؤها لاستكمال "الربيع العربي".
وفق المشروع الامريكي لابد من القضاء على المقاومة المسلحة في الداخل الفلسطيني، والسماح بالوجود الفلسطيني وفق اتفاقيات "أوسلو" على مستوى الجغرافيا الفلسطينية كلها، بمعنى ان يكون الفلسطينيون مقيمون وليسوا مواطنين، ولن تتراجع اميركا عن هذا المشروع حتى لو بقيت تمارس تمثيلها المسرحي بالخلاف بينها ونتنياهو، لأنه إذا نجحت بالقضاء على ظاهرة "حماس" في غزة، فإنها ستكمل تعميم هذه التجربة على لبنان والعراق واليمن، ثم ايران.
احد نقاط القوة للمشروع الامريكي انه يستطيع حشد الغرب والعرب والمسلمين المتمولين والمطبّعين ، مقابل محور المقاومة الذي لا يستطيع التوسّع جغرافياً او زيادة عدد العناصر المشاركة على المستوى الاقليمي او الدولي، وسيبقى مقتصرا على اطرافه الحالية (لبنان العراق ايران اليمن سوريا)، في ظل تباطؤ وعدم رغبة صينية وروسية بتشكيل تحالف دولي يواجه المشروع والتحالف الأمريكي، ومع الحصار الذي يعيشه  اطراف محور المقاومة والعجز المالي، مقابل الملاءة المالية والتي والقدرات العسكرية الضخمة للتحالف الامريكي ولضمان الصمود وعدم الانكسار لا بد ان يبادر محور المقاومة والجهاد، لتغيير تكتيك المواجهة ومغادرة استراتيجية المواجهات العسكرية الثابتة في الجغرافيا وفق الحرب الكلاسيكية ،بسبب تفوق الخصم الجوي والعسكري والمالي والمسارعة للانتقال الى المواجهة، كما كانت هذه القوى عند انطلاقتها، بما يُعرف باستراتيجية "حرب العصابات" التي تُنهك العدو وتقلقه وتنزل به الخسائر، دون ان يكون لها مراكز ثابتة او وجوه معروفة، يستطيع العدو النيل منها كما هو الحال الان!
لا يمكن لحركات المقاومة ،الفوز بالحرب، إذا قرّرت تقليد الجيوش الكلاسيكية ،خاصه وانها لا تمسك بالسلطة ولا تعيش في ساحات نقية مؤيدة لها ولا تمتلك القدرات الاقتصادية والمالية حتى لو امتلكت القدرات العسكرية، فالحرب ليست رصاصا فقط وانما رغيف خبزا ودواء.
لابد بعد خمسة أشهر من حرب غزة وحرب الاستنزاف على جبهة لبنان والبحر الاحمر والعراق ان يعيد محور المقاومة قراءة خطته، والاستعداد لحرب استنزاف طويلة والتخلي عن استراتيجيات الجبهات الثابتةوالمفتوحة، لأنها لصالح العدو، لقدرته على تحمل الاستنزاف وتفوقه العسكري خاصة الجوي.
في الحروب تتغير خطط المواجهة وانماط العمليات العسكرية وفق وقائع الميدان المتغيرة ،لأنها تصبح ملك طرفين يتقاتلان وليس وفق طرف واحد.
بعد خمسة أشهر من الحرب واستعدادا لأشهر مماثلة او أكثر من الحرب لابد من تغيير الخطط وطرق المواجهة...وتفعيل العمل والحوار السياسي ..وتامين مقومات الصمود المعيشية، ومغادرة الجمود والتكرار الإعلامي.. دخلنا في حرب طويلة ومتعددة المحاور، ولا بد من توسعة جبهة المشاركين للتصدي والمواجهة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل