أوروبا أمام 3 مآزق كبرى ــ د. ليلى نقولا

الإثنين 25 آذار , 2024 11:50 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
يُعتبر عام 2024 مفصلياً للغرب بشكل عام، ولأوروبا بشكل خاص، حيث تبرز تحديات عدّة ترتبط بمحطات مفصلية ستلقي بظلالها على العالم لعقود قادمة، ونوجزها بما يلي:
1ـ الانتخابات الرئاسية الأميركية:
تشكّل الانتخابات الرئاسية هذا العام التحدي الأكبر الذي يواجهه الرئيس جو بايدن، حيث تتصاعد حظوظ المرشح دونالد ترامب، في ظل ارتفاع التضخم في الداخل، وازدياد القلق الأمني المتأتي عن الهجرة غير الشرعية، وفي ظل "تضخيم" متعمد للإخبار عن قيام المهاجرين بمصادرة البيوت الأميركية، مستغلين بعض الثغرات القانونية.
وفي ظل هذه التحديات الكبرى وارتفاع أسهم دونالد ترامب، والتحديات العديدة التي يعاني منها الحزب الديمقراطي، والتي ترتبط بموقف الادارة من الحرب الدائرة في غزة، بالاضافة الى الاحراج الذي تعاني منه الادارة بسبب سنّ بايدن وقدراته الذهنية، وفي ظل الاستقطاب الداخلي حول العديد من القضايا، منها المرتبط بالخلاف الثقافي الديني، ومنها ما يتعلق بصلاحية وسلطة الادارة الفيدرالية على الولايات، والنزاع المستجد بين ولاية تكساس التي تتهم بايدن بأنه يتساهل – أو يتآمر - في استقبال المهاجرين عبر الحدود "لاستقدام ناخبين لحزبه"، بحسب ما يزعم الجمهوريون وناشطو مواقع التواصل الاجتماعي.
2ـــ بقاء نتنياهو والجناح اليميني "الإسرائيلي":
في ظل الصور التي تنتشر عالمياً من قطاع غزة، حيث تنتشر المجاعة والمجازر وقتل المدنيين، يجد الغرب نفسه أمام مأزق الحفاظ على الحد الادنى من المصداقية في ظل اتهامات (دائمة) له بازدواجية المعايير، ونظرة الجنوب العالمي الذي بات يعبّر عن استيائه من الهيمنة الغربية.
ويبدو من العناد والانتقاد العلني الذي وجهه نتنياهو لرئيس الأغلبية في مجلس الشيوخ الاميركي، ومع ازدياد الكلام الشعبوي "الإسرائيلي" الرافض "لإملاءات" الخارج، يجد الغرب نفسه أمام معضلة من حدّين: مجاراة الادارة الأميركية في الدعم غير المحدود "لإسرائيل"، وذلك إرضاء للوبي اليهودي والنافذين اليهود المتمولين والحفاظ على المسار التقليدي للسياسة الغربية الداعمة دائماً "لإسرائيل"، والحدّ الثاني ازدياد الهوة بين المجتمع المدني في الغرب والسلطات الحاكمة، والتي باتت تستغلها بعض الأحزاب المعارضة للوصول الى السلطة كما حصل في بريطانيا.
3ــ العقدة الأكبر: أوكرانيا
لا شكّ ان العملية الارهابية التي ضربت موسكو ستلقي بظلالها على الازمة الأوكرانية، والقيود التي كانت روسيا تلتزم بها في السابق في هذه الحرب. وكانت الخلافات طفت على السطح في أوروبا بعدما أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون احتمال إرسال قوات عسكرية فرنسية للمشاركة في الحرب الاوكرانية، ليرد عليه العديد من المسؤولين الاوروبيين بأنهم يرفضون هذا الامر.
في ظل انقسام أوروبي واضح حول كيفية التعامل مع الحرب الاوكرانية في المرحلة المقبلة، يتخوف الاوروبيون من مجيء دونالد ترامب ما يعني ترك أوروبا وحدها في مواجهة روسيا وابتعاد الاميركيين عن دعم أوكرانيا وتركهم يواجهون أعقد وأسوأ قضية منذ الحرب العالمية الثانية لوحدهم.
ولم يتوانَ الأوروبيون – وفي مفارقة لافتة - عن الحديث عن تفضيلاتهم وقلقهم من الانتخابات الاميركية، حيث عبّر البعض عن تأييدهم لبايدن، بينما أعلن اليمين الاوروبي تفضيلهم دونالد ترامب. وكان رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، قد كتب مقالاً في صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية، قال فيه إن الأمن الأوروبي لا يمكن أن تحدده مزاجية الرؤساء الأميركيين والهزات التي باتت تصاحب المحطات الانتخابية الأميركية، وعلى الاوروبيين أن يستعدوا ويأمّنوا "اقتصاد الحرب" ويزيدوا موازنات الدفاع.
وهكذا تخرج صرخات الاوروبيين القلقة من "انتصار روسيا لانه سيكون كارثة على أوروبا" كما قال ماكرون، ونجاح دونالد ترامب سيكون كارثة على أوروبا، وحرب نتنياهو واليمين "الإسرائيلي" على الفلسطينيين، بالتزامن مع عدم تحقيق أهداف "إسرائيل" بالقضاء على حماس وتهجير الفلسطينيين من غزة سيكون كارثة على أوروبا... لكن الأكيد، أن الاتحاد الاوروبي يتناسى أنه أدخل نفسه طوعاً في أزمات كان بغنى عنها.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل