الانتخابات المحلية التركية: الاقتصاد واللجوء السوري وغزة ــ د. ليلى نقولا

الإثنين 01 نيسان , 2024 12:14 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
وسط أجواء مشحونة بالتوقعات والآمال، توجّه الناخبون الأتراك إلى صناديق الاقتراع لاختيار رؤساء البلديات الكبرى، وأعضاء مجلس البلدية، ورؤساء بلديات المناطق، ومخاتير الأحياء، وأعضاء مجلس الأحياء، بعد أشهر من التنافس الانتخابي المحتدم والحملات الدعائية الشرسة.
وتغلبت المعارضة على حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات التركية المحلية خصوصاً في المدن الكبرى التي تسيطر عليها المعارضة منذ الانتخابات المحلية السابقة، والتي أشارت بشكل لا يقبل الشك إلى أن أردوغان يتمتع بشعبية عالية في الأرياف ولدى المتدينين، بينما تسيطر المعارضة على المدن ويؤيدها العلمانيون والليبراليون، في وقت تشكّل الأزمات الاقتصادية عاملاً أساسياً حاسماً.
وكان رئيس بلدية إسطنبول؛ إمام أوغلو، وجه لأردوغان وحزب العدالة والتنمية أكبر ضربة انتخابية منذ عقدين في السلطة بفوزه في انتخابات اسطنبول عام 2019، حيث أنهى 25 عاماً من حكم حزب العدالة والتنمية وأسلافه من المحافظين في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة، وهو ما رسخه اليوم بفوز حزبه في المدن الكبرى بفارق كبير، مع العلم أن أردوغان استطاع في عام 2023 هزيمة إمام أوغلو وإعادة انتخابه رئيساً للبلاد، والفوز بأغلبية برلمانية مع حلفائه القوميين.
وبالنسبة للمواضيع غير الاقتصادية، هناك عاملان خارجيان يؤثران على انتخابات تركيا المحلية وهما: اللاجئون السوريون وغزة.
1- اللاجئون السوريون:
كما ترامب في الولايات المتحدة واليمين الاوروبي، تسيطر الهجرة واللجوء على برامج المرشحين المتنافسين، ففي حين فتحت تركيا أبوابها للاجئين السوريين، وقدمت للعديد منهم جنسيات تركية، تدرج المعارضة قضية ترحيل السوريين إلى بلادهم كأولوية، وهو ما كان يسعى أردوغان لتقليص تأثيره في هذه الانتخابات عبر التقارب مع الرئيس السوري بشار الاسد، عبر وساطة إيرانية -روسية، بالرغم من أنها لم تنجح وأتت حرب غزة لتضع كل القضايا في المنطقة في ركود وسبات لغاية انجلاء الوضع هناك. وهنا يمكن القول إن اللجوء والهجرة - وكما معظم دول الغرب - باتا عاملاً مهماً في الانتخابات الداخلية.
2- حرب غزة:
حاول أردوغان أن يستفيد من خطاباته الشعبوية الداعمة لفلسطين للتسويق لحزب العدالة والتنمية، الذي يعتبر أن إعادة إرث الدولة العثمانية هو من ضمن رؤيته لمجد تركيا القادم تحت عنوان “القرن التركي الجديد".
ويستخدم اردوغان الحرب في غزة لتكريس رؤيته في السياسة الخارجية التركية، وكوسيلة ضغط لاستعادة الماضي الإمبراطوري العثماني للبلاد، وهو ما لا تؤيده المعارضة. يتأثر فهم حزب العدالة والتنمية للصراع "الإسرائيلي" - العربي بتطلعاتهم إلى إحياء الإرث العثماني، خصوصاً السلطان عبد الحميد الثاني الذي رفض إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين .
وينظر المحافظون الأتراك (ومنهم حزب العدالة والتنمية) إلى السلطان عبد الحميد باعتباره بطل الوحدة الإسلامية، ورمز مقاومة الإمبراطورية العثمانية للتدخل الغربي، ويعتبرون أنه لو لم يتم عزل عبد الحميد، لما عانت الإمبراطورية من الدمار الذي عانت منه في الحرب العالمية الأولى، وبالتالي يعتقد "الإسلاميون الأتراك" أن إعادة بناء الإمبراطورية تتطلب البدء من حيث انتهت، أي باسترجاع ارث السلطنة العثمانية، خصوصاً ارث السلطان عبد الحميد.
في المحصلة، الاقتصاد يلعب دوراً أساسياً في الانتخابات التركية المحلية التي لن يكون لها تأثير على السياسة الخارجية التركية، وستبقى تلك السياسة مدفوعة بما يريده الرئيس اردوغان الى أن تنتهي ولايته الحالية، في حال لم يقم بتغيير القانون للتمديد لنفسه كما تتهمه المعارضة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل