غارة السفارة.. مخطط "إسرائيل" ما بعد غزة ــ د. نسيب حطيط

الثلاثاء 02 نيسان , 2024 11:57 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
يتصرّف العدو "الاسرائيلي" انطلاقاً من ان غزة قد انتهت بالمعطى العسكري، وان رفح التي سيقتحمها ان لم يحقق اهدافه بالمفاوضات مسألة وقت ومضمونة النتائج لتحقيق خططه وأهدافه للتخلص من عبء الاسرى، سواء بقتلهم او تحريرهم بأبخس الاثمان، بالإضافة للقضاء على المقاومة المسلحة في غزة كخطوه اولى على انهاء المقاومة المسلحة في الداخل الفلسطيني، وما تبقى من غزة هو المشروع السياسي والاداري لها، سواء تم تكليف السلطة الفلسطينية المدعومة بقوات عربية ودولية او بقائها تحت الإدارة "الإسرائيلية" عبر اطالة الحرب والحصار في الاشهر المقبلة.
ارتكازاً على هذا الفهم او الاعتقاد "الإسرائيلي"، فان "اسرائيل"،  وبايعاز اميركي وموافقة عرب التطبيع، تريد استكمال مشروع القضاء على حركات المقاومة بقيادة إيران، والذي استطاع تأسيس منظومة سياسية وشعبية وعسكرية، بالتوازي مع منظومة الأنظمة العربية القائمة، والتي تدين بالولاء والتأييد في اغلبها الى امريكا والتحالف مع "اسرائيل".
ان الغارة "الإسرائيلية" على السفارة الإيرانية في دمشق هي رسالة بالنار المباشرة لإيران واستدراجها للميدان خاصة وان "إيران" قد نجحت عبر محور المقاومة بخوض معركة متعددة الجبهات ومتنوعة على مستوى الجغرافيا وعلى مستوى الانتماء المذهبي   والقومي ،دون ان تشارك ا مباشرة، بالتلازم مع وقوع اميركا وبريطانيا في فخ الميدان على الجبهة اليمنية والعراقية، مما سجّل نقاطا لصالح إيران وجعلها في موقع مدير غرفة العمليات ضد المشروع الامريكي "الاسرائيلي" والعربي، دون مواجهة مباشرة مع شراكة بالمفاوضات والميدان، لأن ايران لا تريد الحرب المباشرة، بعد المحنة التي عاشتها في الحرب العراقية الإيرانية التي كادت ان تطيح بالثورة ولا زالت اثارها حتى الان في ذاكرة الإيرانيين وفي حيالتهم.
بعدما فشلت "اسرائيل" استدراج المقاومة في لبنان الى الحرب التي لا تريدها المقاومة ولم تستطع فرض شروطها  وبعدما لمست اسرائيل ايضا من خلال بعض التسريبات او السلوكيات والتصريحات الإيرانية منذ بداية الحرب على غزة، بعدم نية ايران المشاركة بالحرب حتى لو اشتعلت جبهة الجنوب اللبناني برمزيتها واستثنائية دورها واهميتها بالنسبة لإيران، فسارعت الى صفع واستفزاز ايران بأكثر من مرة منذ 7 اكتوبر واغتالت اكثر قياداتها في سوريا الى ان وصلت لقصف قنصليتها واغتيال قيادة فيلق القدس في لبنان وسوريا ،لإجبار ايران للرد المباشر وهذا ما يفسح المجال "لإسرائيل" واميركا وبابتسامة عربية كبيرة الى تنفيذ التهديد "الاسرائيلي" القائم منذ اكثر من 10 سنوات لقصف المفاعلات النووية الإيرانية.
إن التزمت إيران الصبر الاستراتيجي وعدم الانفعال وقامت بردود غير مباشرة سواء عبر حلفائها او عبر اجهزتها الأمنية ،سيعرضها لضرر معنوي على مستوى محور المقاومة ويفتح النوافذ لخصومها باتهامها انها تقاتل بحلفائها او ما يصفونه بأذرعها من حركات المقاومة.
والسؤال ..هل تنجح "اسرائيل" واميركا باستدراج إيران الى الحرب - المقصلة؟
استنادا الى تاريخ العمل السياسي والعسكري الايراني وارتكازا على الرد الايراني بعد اغتيال الشهدين قاسم المهندس ووفق تاريخ الثورة الإسلامية التي اعتادت على اغتيال قياداتها حتى من انطلاق الثورة وفي مقدمتها اغتيال "بهشتي" وكل اعضاء الحكومة وقيادات الثورة السبعين في الاعوام الاولى للثورة، فان استراتيجية ومنهج ايران، خلاف المنهج العربي عموما ،حيث تعتبر ان القادة والعلماء والجنرالات والجنود هم بمثابة جنود للثورة و وان الرد على اغتيالهم اذا كان يهدّد الثورة والدولة، فانه يمكن استيعاب هذا الاغتيال من باب "الاستشهاد" ولا يقايضون الافراد بالثورة ومستقبلها والفرد مهما كان مستواه ووظيفته هو في خدمة الثورة، وليس العكس.
ولذا فان الأرجحية هو ثبات الموقف الايراني على الصبر وعدم الانزلاق الى المواجهة المباشرة لعدم جهوزية إيران والمقاومة في هذه اللحظة للحرب الشاملة والتي لم يخططوا لها في هذا التوقيت، بالإضافة لاعتقاد الايرانيين ايضا وحلفائهم ان حرب الاستنزاف والمشاغلة المتعددة الجبهات، أفضل وأكثر ضررا وايذاءً للعدو "الإسرائيلي"، بناء لتركيبته السكانية والعسكرية ومنظومته الاقتصادية، وربما سيتم الرد بتصعيد على بعض الجبهات، من ناحية نوعية الأهداف.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل