رفقاً بالمقاومة فهي ليست دولة عظمى ــ د. نسيب حطيط

الأربعاء 03 نيسان , 2024 11:55 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تتعرّض حركات المقاومة لعتاب من اهلها واصدقائها، والمطالبة بزيادة الاسناد لغزة، وصولا للمطالبة بالحرب الشاملة لإزالة الكيان وهزيمة اميركا وحلفائها، بالتلازم مع تعرض حركات المقاومة لاستهزاء وادانة من خصومها القاعدين والمحايدين والصامتين، وفي بعض الاحيان الذين يحملون السلاح ضدها وضد الشعوب ولم يطلقوا رصاصة واحده ضد العدو "الاسرائيلي" او الاحتلال الاميركي.
يمكن فهم عتاب الاهل والاصدقاء وانفعالاتهم العاطفية عند كل ضربه تتلقاها المقاومة وخسارتها للشهداء؛ سواء كانوا قادة او مقاومين، فكلاهما شهداء في سبيل الله ولا فارق بينهما، ولهم الحق بطلب الرد، لكن دون تحديد ماهية الرد الذي يبقى قراره للمقاومة.
يشعر اهل المقاومة ومحبوها ببعض الهزيمة المعنوية والمادية، فيطلقون اصواتهم المطالبة بشن الحرب والاقتصاص والاخذ بالثأر، وهذا شعور طبيعي ومحمود وايجابي، لكن لابد من النظر بموضوعية وواقعية لقدرات المقاومة واهدافها ودورها على مستوى الصراع العربي - "الاسرائيلي" بداية، ثم مقاومه المشروع الأميركي - الغربي لإسقاط المنطقة.
ان المقاومة حركة تحرير وطني لتحرير الارض والدفاع عنه، انتقلت الى مرحلة ان تكون جزءاً من حركة تحرير الأمة، وفي مقدمتها تحرير فلسطين او اي احتلال اخر، وليست نائبة او وكيلة عن الأمة).
حركات المقاومة هي حركات شعبية مسلحة محدودة القوى، لجهة العديد البشري او امتلاك السلاح وتقنياته، ومقيّدة في اوطانها من انظمة الحكم او التنّوع المذهبي والطائفي والمناطق، وربما في بعض الاحيان من داخل الحيز المذهبي الذي تنتمي اليه.
مقارنه بسيطة بين قدرات وامكانيات حركات المقاومة لجهة السلاح وانواعه والقوة التدميرية والامكانيات المالية والاقتصادية مع المحور الاميركي "الاسرائيلي" وحلفائه، تكاد تكون مقارنة معدومة لا توازي فقدرات وحركات المقاومة لا توازي 2% من قدرات وامكانيات المحور المعادي، وفي مقارنة إضافية بين قدرات حركات المقاومة وروسيا العظمى التي تقاتل في اوكرانيا (والتي ليست اقوى من اسرائيل ولا مقارنه بينهما) وبعد مضي السنتين لم تستطع روسيا بكل قدراتها وعديدها ان تحسم المعركة لصالحها في أوكرانيا، ومع ذلك فقد استطاعت حركات المقاومة خلال العقدين الاخيرين افشال المشاريع الأمريكية من الربيع العربي الى تجميد صفقة القرن الى منع تصفية حركات المقاومة في اليمن والعراق ولبنان وفلسطين ولم تسقط دول المقاومة في سوريا والعراق وإيران.
ان المطلوب من حركات المقاومة: الصمود والقتال، لإبقاء ثقافة مقاومة الاستعمار والاحتلال المباشر او المقنّع وحماية ثقافة التحرر والاستقلال عند هذا الجيل، فان لم يستطع تحرير الأرض فعلى الاقل يمنع توقيع اتفاقيات بيعها واستعباد شعوبها، وهذا ما استطاعت حركات المقاومة القيام به حتى الان، وعليها ان تستمر في ذلك دون الدخول في مغامرة قتال (الانتحار) تحت وطأة العواطف والانفعالات وتبرير ادارة المعركة بشكل غير متسرع وغير انفعالي.
اول المطالب واهمها ان تُبقي حركات المقاومة على نفسها، والا تخوض معارك فوق طاقتها وفي بيئات شعبية لم تنضج بعد لخوض معركة التحرير الكبرى، وان انزلاق حركات المقاومة الى معارك "الانتحار" سيؤدي للقضاء على ما انجزته خلال العقود الأخيرة، وستغرق المنطقة وشعوبها في فراغ قاتل قد يستمر عقوداً لإعادة استيلاد مقاومة جديدة تحمي الدين والارض والناس.
المطلوب من حركات المقاومة وصولا لمناشدة قياداتها ان تستمر في موقف الحكمة والعقلانية والواقعية والموضوعية حتى تستطيع الاستمرار في المعركة التي بدأت منذ اجتياح عام 1982 وانجزت الكثير في كل ساحاتها مع تفهم مطالب اهلها وانفعالاتهم وعواطفهم لان هؤلاء الاهل والاصدقاء يعتبرون كل شهيد مهما كانت جنسيته من قوى المقاومة هو شهيدهم ويحلمون بالانتصار خصوصاً انهم عاشوا حالة تعبئة عامة منذ سنين، ووعدتهم بامتلاكها القدرة والقوة للانتصار.
الرأي قبل شجاعة الشجعان، والحكمة والعقل والصبر طريق الصمود لتحقيق الانتصار.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل