لهذه الأسباب جاء العدوان "الإسرائيلي - التكفيري" المشترك على ريف حلب _ حسان الحسن

السبت 06 نيسان , 2024 02:32 توقيت بيروت أقلام الثبات

 أقلام الثبات

منذ ما قبل بدء الحرب الكونية على سوريا في منتصف آذار 2011، والاعتداءات "الإسرائيلية" لم تتوقف عن استهداف استقرار هذا البلد وأمنه، غير أن وتيرة الاعتداءات أخذت منحًا تصاعديًا بعد بدء الحرب المذكورة واستفحالها. كذلك تدخل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" مباشرةً في هذه الحرب، من خلال دعمه العسكري والأمني واللوجستي للمجموعات التكفيرية المسلحة، التي عاثت إرهابًا وإجرامًا في البلاد السورية، في محاولةٍ لتحقيق هدفٍ واحدٍ مشتركٍ مع العدو ومن يقف خلفه، وهو إسقاط الحكم في دمشق الداعم لحركات المقاومة والتحرر في المنطقة، ثم الإتيان بنظامٍ "معتدلٍ" متماهٍ مع السياسية الأميركية في المنطقة، و"منفتحٍ" على "مشروع التطبيع مع الكيان الإسرائيلي".

ولا ريب أن بعض الأحداث والمعطيات "الملموسة" خلال الحرب المذكورة آنفًا، تؤكد بما لا يرتقي إلى مستوى الشك، مقولة: إن "الصهيوني والتكفيري وجهان لعملةٍ واحدةٍ"، بدليل ضلوعهما بتنفيذ عدوانٍ مشتركٍ بالطائرات الحربية والمسيّرة  على مركز للبحوث والدراسات العسكرية، ومستودعٍ ذخيرةٍ للجيش السوري في ريف مدينة حلب ومحيطها، وبحسب بعض المعلومات غير المؤكدة، يعتقد بأن هذا المستودع، مخصص للدعم اللوجستي لحزب الله في لبنان، الذي يؤازر الغزيين، انطلاقًا من جنوب لبنان، لمشاغلة جيش الاحتلال "الإسرائيلي" الذي يخوض حرب إبادةٍ ضد الفلسطينيين في غزة وسواها.

 إذًا، الهدف واضح، وهو محاولة قطع خطوط إمداد المقاومة في لبنان عبر سورية من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى ممارسة المزيد من الضغوط عليها لمحاولة تطويعها، بالتالي إخراجها من محور المقاومة، مادامت تشكل "العمود الفقري"، لهذا المحور، نظرًا لموقعها الجغرافي ودورها الريادي. يذكر أن هذا الاعتداء "الإسرائيلي"- التكفيري المشترك الأخير على ريف حلب، "هو الأخطر على الإطلاق منذ العام "1973، برأي خبراء عسكريين. فقد أدى إلى ارتقاء 44 شهيدًا، ناهيك بالدمار والخراب. وجاء هذا الاعتداء في وقت يعاني فيه "التحالف "الإسرائيلي"- التكفيري" أزماتٍ شتى، بخاصةٍ بعد فشل ميداني غير مسبوق لهذا "التحالف" على جبهات فلسطين وسوريا ولبنان في آنٍ معًا. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الاعتداء المذكور، جاء بعد ساعاتٍ من فشل هجوم نفّذه مسلحون يتبعون لـ "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة - الفرع السابق لتنظيم القاعدة في سوريا) في تحقيق أي خرق على خطوط التماس مع الجيش السوري في منطقة «خفض التصعيد» في الشمال الغربي من البلاد، ليضيف فشلاً جديداً إلى محاولات الجماعة التي يتزعّمها أبو محمد الجولاني، التخفيف من وطأة الأزمة الداخلية التي تعانيها هذه الجماعة، إثر اندلاع موجات سخطٍ كبيرةٍ في إدلب، احتجاجًا على حملات الاعتقالات التي تقوم بها "جماعة الجولاني" في حق معارضيه، وتعذبيهم في المعتقلات. لذا نفذت "النصرة" هذا الهجوم، علّها تحرف الأنظار عن حقيقة ما يجري في إدلب، وأن تخفف من الاحتقان الشعبي ضدها. ولا ريب أن التدخل "الإسرائيلي" المباشر لشد أزر "النصرة" وأخواتها في سوريا، لاستنزافها ومحاولة إضعافها وتمزيق نسيجها الاجتماعي وتفتيت أراضيها وإخراجها من دورها في دعم المقاومة، يشكل مصلحة "إسرائيلية"- غربية، ما دامت متمسكةً بهذا الدور، خصوصًا في هذه المرحلة التي تنوي فيها "إسرائيل" الهجوم على رفح في فلسطين، وتوسيع جبهات القتال مع لبنان، بدليل استهداف بعلبك والبقاع الغربي وجبل لبنان، بعد مرور ستة أشهر على بدء الحرب على غزة، من دون أن تحقق "إسرائيل" هدف هذه الحرب، وهو "القضاء على حركة حماس". فبرغم كل المجازر التي ارتكبها حق الغزيين، لم ينجح جيش الاحتلال حتى الساعة في تحقيق هدفه المعلن. لذا لديه مصلحة في توسيع الحرب على جبهات الشمال، أي مع سوريا ولبنان، ما يؤشر بوضوح إلى أن الجيش "الإسرائيلي" "محشور" في غزة، وبات في حاجةٍ إلى توسيع قواعد الاشتباك في الشمال، علّه يحقق "إنجازاتٍ" ميدانيةٍ جديدةٍ، تخرجه من المأزق الذي يعانيه في غزة.

إذا تقاطعت المصالح، بين "الإسرائيلي" والتكفيري ومن يقف خلفهما على تنفيذ العدوان على ريف حلب، فكان الأمر.

أما عن تحديد المكان بعد اختيار التوقيت، فقد حدد جيش الاحتلال "الإسرائيلي" ضرب خطوط إمداد تابعة للمقاومة في ريف حلب، على اعتبار أن توزان الردع مختل راهنًا مع سوريا، التي تسيطر على بعض أراضيها قوات الاحتلال التركي والأميركي والتكفيري، والتنظيمات الانفصالية كـ "قوات سوريا الديمقراطية" في  شمال شرق البلاد، وفي ضوء الحصار الأميركي أيضًا، فقد تستغل قوات الاحتلال والمجموعات الانفصالية أي عدوانٍ إسرائيليٍ واسعٍ على سورية للهجوم عليها، بالتالي مساندة "إسرائيل" من الداخل،  لذا يتولى محور المقاومة  الرد على الاعتداءات "الإسرائيلية" على سوريا، كما على غزة، كما يحدث على جبهتي الإسناد من البحر الأحمر وجنوب لبنان. أما معادلة توازن الردع في لبنان فهي قائمة مع "إسرائيل"، فالضربة ترد بالضربة مباشرة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل