المساعدات الأمريكية "لإسرائيل".. وسذاجة العقل العربي ــ د. نسيب حطيط

الإثنين 22 نيسان , 2024 11:41 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تدرك أجهزة المخابرات الأمريكية ومراكز دراساتها جيداً أن منظومة العقل العربي تتحكم به العاطفة أكثر من العقلانية، ويبني مواقفه على تصريح صحفي او خطاب شعبي، او بناء على مكالمة هاتفية مسرّبة لا يمكن معرفة صحتها او دقة مضمونها، سواء أكان العقل العربي على مستوى السياسي القيادي او الجمهور العام الذي يمكن ان تنقلب مواقفه سلباً او ايجاباً وفي لحظات بناء على تصريح او موقف لحظوي، فيصبح عضو الكنيست الإسرائيلي "مفكراً عربياً" ويصبح أردوغان شجاعاً ثم يبادر المحلّلون لإعلان اتساع الهوة بين بايدن ونتنياهو وتوسّع الخلاف بين امريكا و"اسرائيل" حول الحرب على غزة، ثم تبدأ التحليلات بأن نتنياهو صار معزولا وان امريكا تريد اسقاطه بالانتخابات المبكرة في "اسرائيل"..!
حتى تستطيع معرفة مواقف خصمك عليك ان تعرف طريقة تفكيره ودوافع اتخاذ موقفه؛ هل هي دوافع سياسية او اقتصادية او اخلاقية او إنسانية..؟ يبدو ان العقل العربي لا يزال يجهل او يتجاهل الدوافع اللاانسانية التي تتحكم بالقرار الامريكي؛ ابتداء من قنبلة هيروشيما الى حرب فيتنام الى غزو العراق وافغانستان، وما بينها من انقلابات وحروب.
يميل العقل العربي السياسي والشعبي الى لغة المبالغة والعاطفة، ويحاول الابتعاد عن الارقام او الاعتراف بالحقيقة ان كانت لغير صالحه، ويمكن في بعض المرات ان يقلب المفاهيم؛ فتصبح الهزيمة نصرا، مع محاولة فلسفة عناصر الربح.
غرق البعض في التحليل بان هناك خلافا أمريكياً - "اسرائيلياً" بالنسبة الى الحرب على غزة، وكاد البعض ان يصنف امريكا في خندق محور المقاومة ضد نتنياهو في منطقه تقاطع المواقف، وان نتنياهو صار مطلوبا على لائحة العقوبات الأمريكية وان "اسرائيل" صارت معزولة.. لكن سرعان ما كذّب الاميركيون هذه التحليلات غير الواقعية، وصفعوا كل هذه التحليلات بأرقام صادمة على مستوى المساعدات العسكرية، او على مستوى المساعدات الاقتصادية، او على مستوى المواقف السياسية في مجلس الامن وفي الهيئات والمؤسسات الدولية، حيث ان المساعدات والدعم الأميركي منذ الحرب على غزة ازداد ولم يتوقف.
المساعدات العسكرية والمالية منذ بدء الحرب على غزة:
- تخصيص 14.3 مليار دولار تشرين ثاني 2023.
- أقر مجلس النواب حزمة مساعدات بقيمة 26.4 مليار دولار "لإسرائيل" بأغلبية 366 صوتا مقابل 58 (أي بإجماع الحزبين الجمهوري والديمقراطي) في نيسان 2024.
- 14 ألف قذيفة ومعدات عسكرية أخرى بقيمة 106.5 مليون دولار، وقذائف مدفعية من عيار 155 ملم، بقيمة 147.5 مليون دولار.
-   تسليم 25 مقاتلة من طراز أف- 35 أيه ومحركات، شهر اذار 2024.
-   1000 قنبلة من 500 رطل MK84، وأكثر من 1000 قنبلة صغيرة القطر إلى إسرائيل،  شهر نيسان 2024وأشارت إدارة بايدن إلى أنها لا تخطط لتقييد أو تحديد شروط المساعدات العسكرية "لإسرائيل"!
-   أكثر من 5 آلاف قنبلة غير موجهة من طراز Mk82، وأكثر من 5400 قنبلة ذات رؤوس حربية من طراز Mk84 تزن ألفي رطل، وحوالي ألف قنبلة ذات قطر صغير من طراز GBU-39، وحوالي 3 آلاف قنبلة JDAM، التي تحوّل القنابل غير الموجهة إلى قنابل موجهة ذكية.
-   تزويد "إسرائيل" بقنابل ذات رؤوس حربية خارقة للتحصينات تُعرف باسم "بي إل يو-109" وهي مصممة لاختراق الخرسانة قبل أن تنفجر، و15 ألف قنبلة و57 ألف قذيفة مدفعية.
اما المساعدات السياسية والقانونية الأمريكية فكانت:
- التصدي ومنع اي قرار في مجلس الامن يتضمن مطالبة اسرائيل بإنهاء الحرب ووقف النار الشامل لأكثر من عشر مرات .
- استعمال حق الفيتو ومنع حصول دولة فلسطين على شروط كامل العضوية في الامم المتحدة.
-حشد حلف عربي وغربي لدعم "اسرائيل" وحصاري غزه وحركات المقاومة
بناء على الارقام والوقائع يبدو ان هناك اتساع في الهوة بين العقل السياسي العربي وبين الحقيقة واتساع الهوة بين الموضوعية والمبالغة العربية، ولابد من لفت انتباه الجميع ان الغرق في دائرة التضليل والخداع الامريكي عبر التصريحات والبيانات السياسية هو جزء من الحرب الأمريكية - "الإسرائيلية" على المقاومة، والمؤسف ان بعض الناطقين باسمها او الاعلاميين المناصرين لها يقعون في هذا الفخ.
ان اغراق الجمهور العام بتحليل غير واقعي بحجة التعبئة والتحفيز والتحشيد هو خطأ في استراتيجيا الاعلام وأن أفضل الطرق للتعبئة العاقلة والمحصنة ان تقول الحقيقة عن عدوك لكي تعرف كيف تواجهه وما هي الامكانيات التي يجب ان تحشدها لضمان الصمود بدأيه والنصر لاحقا.
قليلا من الموضوعية حتى لا نقع في الهوة او الهاوية بين الاحلام والرغبات وبين الواقع... اكتبوا الحقيقة مهما كانت، لكي تحصدوا النصرة ولو بعد حين.
لا تكرّروا تجربة صوت العرب والمذيع احمد سعيد  والمنهج التضليلي في حرب عام 1967.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل