بانوراما الصحافة اللبنانية | الدولار يقترب من 30 ألف ومصرف لبنان يتخذ تدابير لضبط سعر الصرف

الأربعاء 15 كانون الأول , 2021 08:46 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ بانوراما

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على التصاعد في الوضع الإقتصادي والإنهيار المالي، اذ فرض تحليق الدولار أمس متخطياً عتبة الـ28 الف ليرة، إيقاعه على مجمل الوضع الداخلي، ما استدعى تدخل مصرف لبنان لعقد اجتماع في السرايا الحكومية مساء أمس حضره وزير المال يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، "وجرى التداول فيه في السبل العائدة للجم تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية، وتم اتخاذ عدد من التدابير.

"البناء": الدولار يلامس الـ30000 ليرة… وسلامة يعلن إجراءات للسيطرة على سعر الصرف 

بداية مع صحيفة "البناء" التي اعتبرت أن الحكومة مجمدة والتحقيق مجمد، ورئيس الجمهورية يعلن يأسه من دعوات الحوار وينصح بتغيير المتحاورين، والمحقق العدلي يتهرب من جلسات تحقيق مع الملاحقين خشية دعاوى الرد وكف اليد، والدولار وحده حاكم بأمر العباد والبلاد، والحاكم المفترض أنه مسؤول عن استقرار سعر الصرف يراقب من بعيد حتى تصل الصرخة حد الوجع الخطير، الذي يهدد بالتفجير فيقترب ويصدر بياناً ويعلن عن إجراءات، لا تلبث أن تتلاشى كالتي سبقتها، وقد بات في لبنان للدولار خمسة أسعار، وربما يبتكر الحاكم سعراً سادساً هو سعر دولار الاتصالات أسوة بدولار المحروقات، للسير تدريجاً نحو رفع الدعم، كما تم في مسار المحروقات، واللبنانيون مسؤولين ومواطنين يتابعون ما يجري على منصات التواصل الاجتماعي وشبكات الأخبار، والذين ينزلون إلى الشوارع لم يعودوا يمثلون حالة شعبية كالتي شهدناها في انتفاضة تشرين قبل عامين، فقد غادر الشعب الشارع إلى غير رجعة، كما غادرت السلطة موقع المسؤولية إلى غير رجعة.

يزدحم المشهد الداخلي بحزمة أزمات وملفات خلافية ما زالت حلولها متعثرة ومؤجلة إلى أجل غير مسمى، في ظل ارتفاع قياسي وتدريجي بسعر صرف الدولار باتجاه الثلاثين ألف ليرة في السوق السوداء ما يفتح الباب أمام المزيد من الانهيار المالي والاقتصادي، وبالتالي اقتراب الانفجار الاجتماعي في الشارع وعودة الفوضى الأمنية في ظل معلومات باتت في حوزة مراجع أمنية وسياسية رسمية عن مشروع خارجي لتفجير الساحة الداخلية من عنوانين، الأول ملف تحقيقات المرفأ واستحضار مشهد الطيونة، والثاني التلاعب بالعملة الوطنية.

وسجل ملف المرفأ المزيد من المستجدات، فبعد أيام من تأكيد المحقّق العدلي في قضية المرفأ القاضي طارق البيطار، تنفيذ مذكّرة التوقيف بحق النائب علي حسن خليل في شكل فوري وعاجل وأحالها إلى النيابة العامة، أعادت الأخيرة المذكرة إلى الأجهزة الأمنية للتنفيذ خارج دورة الانعقاد العادي لمجلس النواب الذي ينتهي بعد أسبوعين. فيما أفيد أن البيطار مصرّ على تنفيذ «المذكّرة»، ما سيرفع نسبة التوتر السياسي والطائفي في البلد ويهدّد السلم الأهلي والاستقرار الداخلي.

ورأت مصادر قانونية وسياسية لـ»البناء» في إصرار المحقق العدلي على تنفيذ مذكرة التوقيف إمعان بمخالفة الدستور والأصول القانونية وتسييس الملف لأهداف مبيتة، في حين أوضح الخبير الدستوري والقانوني، د. عادل يمين لـ»البناء» أنه «استناداً إلى أحكام المادة 207 وما يليها من قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي رقم 17 تاريخ 6 أيلول 1990، فإنّ مدير عام قوى الأمن الداخلي وضباط قوى الأمن الداخلي والرتباء في القطعات الإقليمية وفي الشرطة القضائية، هم ضباط عدليون مساعدون للمدعين العامين، وتُوجِه السلطات العدلية مراسلاتها إلى قادة وآمري ورؤساء القطعات في قوى الأمن الداخلي، فيعمل هؤلاء على تنفيذ ما هو مطلوب منها، واستناداً إلى المادة الأولى من القانون ذاته تشمل مهام قوى الأمن الداخلي تنفيذ الإنابات والتكاليف القضائية والأحكام والمذكرات العدلية في مجال الضابطة العدلية، وبحسب أحكام المادة المادة 38 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، يقوم بوظائف الضابطة العدلية تحت إشراف النائب العام لدى محكمة التمييز، النواب العامون والمحامون العامون وبناء عليه القوى الأمنية ملزمة بتنفيذ المذكرة».

وفيما يسري الهمس في الكواليس أن بعض الجهات طرحت أن يقوم جهاز أمن الدولة بتنفيذ المذكرة بحال تخلف قوى الأمن الداخلي عن ذلك، أوضح يمين أن النيابة العامة أحالت المذكرة إلى الأجهزة الأمنية ومن ضمنها مديرية قوى الأمن الداخلي، وبالتالي يمكن أن ينفّذها أمن الدولة بحال وصلته الإحالة.

وفي حين رأت مصادر أخرى بقرار النيابة العامة تأجيل تنفيذ المذكرة حتى انتهاء دورة انعقاد المجلس «تسوية موقتة» لتأجيل المشكلة، اتهمت مصادر نيابية البيطار باستغلال اقتراب نهاية العقد العادي لمجلس النواب للدفع باتجاه تحريك مذكرة توقيف وزير المال السابق، ما يفضح التوقيت المريب والمشبوه الذي اختاره البيطار ومن يقف خلفه لإعادة تحريك الملف، بعدما تراجع لصالح البحث عن تسوية سياسية– قضائية في اللقاء الرئاسي الثلاثي في عيد الاستقلال، ما يعني بحسب ما قالت المصادر لـ»البناء» إن «جميع الحلول وصلت إلى طريق مسدود والبيطار ماضٍ في مشروعه المدعوم من جهات داخلية وخارجية لأهداف سياسية بحتة»، محذّرة من جرّ البلد إلى مشهد مشابه لأحداث الطيونة». ولفتت المصادر إلى أن «الكرة في ملعب المديرية العامة القوى الأمن الداخلي التي سبق وأبلغت المراجع السياسية والقضائية المعنية بأنها لن تستطيع تنفيذ المذكرة، كون ذلك يهدد السلم الأهلي»، مرجحة تكرار اللواء عماد عثمان تحفظه على المذكرة لصعوبة تنفيذها.

واستبق المفتي الجعفري الممتاز، الشيخ أحمد قبلان، الأخبار الآتية من قصر العدل، بهجوم عنيف على القاضي البيطار وذلك عبر كتاب مباشر وجهه إلى «الشعب اللبناني المظلوم» بحسب وصفه، متهماً المحقق العدلي بتنفيذ مشروع سياسي خارجي «حتى لو وصل الدم للركب».

وعكس موقف قبلان مناخاً من الغضب يسود أجواء ثنائي «أمل» و»حزب الله» الذي اتخذ القرار بمواجهة المحقق العدلي بشتى الوسائل، وصولاً إلى مرحلة العودة إلى الشارع، بحسب ما أكدت أوساط «الثنائي» لـ»البناء»، مشيرة إلى أن «مذكرة البيطار لا تقدّم ولا تؤخّر سوى أنها تزيد التوتر، والثنائي لا يعترف بكل القرارات والمذكرات التي يصدرها البيطار»، وحذّرت من أن أي «دعسة ناقصة أو اللعب بالتوازنات السياسية والطائفية وبأمن البلد، سيهدد السلم الأهلي ويدفع الأمور إلى انفجار واسع النطاق، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية والحقن الطائفي السائد على مسافة أشهر قليلة من الانتخابات النيابية».

وأشار قبلان إلى أن «ما يجري هو حرب مالية شاملة بأسوأ أدوات القتل، عبر «مركز قيادة ناظمة اسمها عوكر» التي تمارس دور غرفة عمليات اللعب بالدولار عبر أدواتها المالية من كارتيل المصارف وحاكم المركزي وعصابات مالية وصيرفية وتجار ووكلاء، يمارسون دور المقاول العابر للقارات بتنسيق هرمي كبير، توازياً مع قرار سياسي دولي محلي بحماية المندوب القضائي الأميركي طارق البيطار المصرّ على إغلاق البلد سياسياً حتى لو وصل الدم للركب».

ولفت قبلان إلى أنه «الآن البلد على قرن شيطان، فيما عفاريت التبعية المالية السياسية يصرّون على إغراق البلد وترويع الناس وتجويعها عبر الإطاحة بالليرة وسط تسونامي دولار وظيفته تمزيق البلد وتأمين شروط «خريطة تقسيم»، ولو على ركام من الأشلاء وسط دولة وإدارات ومؤسسات حكومية شديدة الإستهتار والتهرب. ولذلك، الحل بحماية لبنان من عصابات المال والسياسة​ التي تلعب دور الجيوش المحلية لواشنطن ولا يهمّها إلا الأرباح الخاصة، ودعونا من الطائفية لأنها ليست إلا شماعة واشنطن ودشمها، وبداية الحلّ تمرّ بالخيار السياسي مهما كان مراً إلا أنه أقل ضرراً من لعب دور «التبعية العمياء لواشنطن» التي ما تمكّنت من بلد إلا مزقته، وحوّلت وحدته الوطنية دويلات تتآكلها نيران الحرب الطائفية والجوع السياسي والانهيار المالي».

في سياق ذلك، أشار نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في لقاء «لتجمع العلماء المسلمين إلى أن السبب الأساسي للأزمة أن «بيطار خرج عن العدالة إلى مصلحة الاستنسابية، وكان واضحاً أنه يستهدف فريقاً في لبنان، وهو فريق المقاومة وحلفائها ومن معها. هناك ثلاثة طرق لمعالجة هذه المشكلة: من خلال مجلس القضاء الأعلى، ومن خلال المجلس النيابي، ومن خلال الحكومة، قبل أن يدعي أحد أنه بريء ولا علاقة له، وأن المؤسسات يجب أن تسير في شكل عادي وطبيعي، فليعالج المشكلة قبل أن تكبر، نحن عندما نصر على معالجة مشكلة البيطار فلأننا لا نريد لها أن تكبر أكثر، نريد أن ‏تسير العدالة بمسارها الطبيعي، وأهل الضحايا وشهداء المرفأ يأخذوا حقوقهم، ويعرف من هو ‏المذنب ومن هو المقصر، ويحاسب على العمل ولكن بعدالة، فأين العدالة إذا كان هناك عدد من الأشخاص الآن قيد الاعتقال والقاضي نفسه يقول هؤلاء ليسوا مذنبين، لماذا الاستمرار باعتقالهم؟ من يريد الحل عليه أن يذهب لحل المشكلة».

"الأخبار": سويسرا بدأت تسليم لبنان مستندات تخصّ التحقيقات حول سلامة | عون: أيّ مساعدة لا تمر بالدولة رشوة انتخابيّة

أما صحيفة "الأخبار" لفتت الى أن «الشعب اللبناني يكاد يختنق تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والانهيار المالي، فمن حق اللبنانيين أن يدلّهم أحد عن المسؤول عن ذلك». لهذا، تحديداً، كان التدقيق الجنائي مطلباً أول لدى رئيس الجمهورية ميشال عون منذ وصوله إلى سدّة الرئاسة. يقول عون: «نحن في أزمة مالية كبيرة، وهناك أخطاء فظيعة حصلت. لم أسمّ أحداً، وطلبت التدقيق الجنائي كي لا نتّهم أحداً. لكن العرقلة مستمرة ممّن وضعوا أنفسهم في موقع التهمة. هذا السلوك المتواصل في العرقلة يفرض استجواب المسؤولين عن السياسة المالية وعن الهدر».

وعن احتمال تقديم إخبار إلى النيابة العامة التمييزية ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حال عدم تعاونه مع الشركة المكلّفة إجراء التدقيق الجنائي والامتناع عن تزويدها بما تطلبه من مستندات، يردّ رئيس الجمهورية: «لا أستغرب إن حدث ذلك. ومعلوماتي أنه كان هناك استجواب لمسؤولين عن السياسة المالية، وأن هناك من عمل على وقفه. ولن أقول أكثر من ذلك»، لافتاً إلى أن انتهاء مفاعيل تعليق قانون السرية المصرفية في 29 الشهر الجاري لا يعني أن الشركة المكلفة بالتدقيق لا يمكنها أن تطلب استكمال البيانات التي تسلّمتها قبل انتهاء مفاعيل القانون.
يشار هنا الى أن التحقيقات التي تقوم بها النيابة العامة التمييزية في ملف حاكم مصرف لبنان شهدت تقدماً لافتاً تمثّل في تلقّي لبنان، للمرة الأولى منذ عام، جواباً من السلطات القضائية السويسرية حول أسئلة تتعلق بالنشاط المالي لسلامة وعائلته. وقد سبق للقضاء اللبناني أن حصل على نسخة من عقد شركة «فوري» الذي يظهر علاقة الحاكم بالأمر. لكن القضاء لا يزال في انتظار أجوبة عن «قضية شديدة الحساسية»، ليمكن الحديث بعدها عن دخول التحقيقات مرحلة الادّعاء على سلامة. وتنفي مصادر معنيّة ما أشيع أمس عن أن النيابة العامة، ممثّلة بالمحامي العام جان طنوس، كانت في صدد الادعاء على سلامة. وتقول إن هناك من اختلط عليه الأمر بسبب رغبة مرجعيات كبيرة في الادعاء على سلامة نظراً إلى مخالفته قرارات الحكومة حيال التدقيق الجنائي. وتلفت المصادر الى أن الجهات المعنية في وزارة العدل تدرس هذا الأمر وتبحث عن أساسه القانوني.
«اللي بدّو يجي لعندي من فرنسا، بدّو يكون على مستوى معيّن لكي أستقبله»!

رئيس الجمهورية، من جهة أخرى، أكد أنه بعد كتابه إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لتزويده بمحاضر الاجتماعات مع وفد صندوق النقد الدولي، منذ تاريخ بدء المفاوضات حتى الآن، «حُلّت القصة. لم يكونوا متنبّهين للأمر، وما حدث كان سهواً»، مؤكداً أن «التفاهم تامّ» مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
في سياق آخر، لا يخفي رئيس الجمهورية خشيته من «خطر على كل اللبنانيين. أخشى أن هناك محاولات لتفجير الوضع عبر التركيز على تطويق فئة معينة من اللبنانيين. وأنا لن أكون جزءاً من محاولة تطويق فئة من اللبنانيين وقسم من الوطن، سواء كنا زعلانين في السياسة أو متراضين. الموقف السياسي شيء والموقف الجوهري شيء آخر تماماً»، مشدداً في الوقت نفسه على أنه «لا يمكن الاستمرار في تعطيل الحكومة بعنوان غير محقّ. هناك بين 70 و80 بنداً على جدول أعمال الحكومة، بعضها يتعلّق بدفع أموال ورواتب كلّها مجمّدة. ولن أوقّع موافقات استثنائية لأن هناك حكومة أصيلة»، نافياً ما يتردّد عن أن رئيس الحكومة لا يرغب في انعقاد مجلس الوزراء على قاعدة أن «الحكومة ماشية».

ميقاتي وخليل وسلامة: خسائر إضافية للناس بحجة لجم الدولار

قرّرت الحكومة ومصرف لبنان ووزارة المال لجم تدهور سعر الليرة. كيف؟ شرح «المركزي» خطّته ببيان يتداخل فيه أمران: ضخّ الدولارات في السوق وبيعها على سعر «صيرفة» لامتصاص الكتلة النقدية بالليرة، وإجبار تسديد القروض التجارية بالدولار، بسعر 8000 ليرة. ويعتقد الثلاثة أن الخطوة الأولى التي عمل بها مؤقتاً لهذا الشهر، ستجفّف الليرات من السوق في مقابل ضخّ الدولارات إليه، أي التلاعب بالعرض والطلب ظرفياً، بما يؤدي إلى خفض سعر الدولار في السوق الحرّة، على أن ينعكس ذلك على سعر منصّة «صيرفة» الذي بلغ أمس 23 ألف ليرة لكل دولار. أما الخطوة الثانية، في اعتقاد الثلاثة، فتهدف إلى المزيد من امتصاص الكتلة النقدية بالليرة، رغم أن مفاعيلها ستكون هائلة لجهة زيادة كلفة تسديد القروض التجارية وانعكاسها على أسعار السلع. أتى هذا البيان بتضامن حكومي مع الحاكم في إطار هدف واحد: دهس المجتمع وإذلاله أكثر لإجباره على الخضوع أكثر مما هو خاضع.

مساء أمس، أصدر مصرف لبنان بياناً يشير إلى أنه بدعوة من رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، عُقد اجتماع في السرايا الحكومية، حضره إلى الحاكم رياض سلامة، وزير المال يوسف الخليل. ويختصر البيان مقرّرات الاجتماع الذي تداول في سبل «لجم تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية»، بخطوتين:
ــــ سيقوم مصرف لبنان بتزويد المصارف العاملة بحصّتها النقدية لما تبقّى من هذا الشهر بالدولار الأميركي النقدي، بدلاً من الليرة اللبنانية، وذلك على سعر صرف منصة صيرفة. وسوف يطلب مصرف لبنان من المصارف بيع الدولارات المشتراة على سعر صيرفة كاملة إلى مختلف عملائها عوضاً عن الليرات اللبنانية التي كانت مرصودة لدفعها بالليرة اللبنانية.
ــــ سيقوم مصرف لبنان بتنظيم سداد القروض التجارية بالعملات الأجنبية نقداً بالليرة اللبنانية على السعر المحدد في التعميم 151، أي 8000 ليرة حالياً، ما يساعد على خفض الطلب على الدولار ويزيد الطلب على الليرة اللبنانية في الأسواق.
من مفاعيل هاتين الخطوتين، أنهما تؤدّيان إلى خفض مؤقّت لسعر الصرف قد لا يتجاوز أياماً معدودة، لأن عرض الدولار في السوق سيكون محدوداً بالـ«كوتا» التي خصصها مصرف لبنان للمصارف لهذا الشهر فقط. ويتعزّز ذلك بأن الخطوتين مجتزأتان عن أي خطّة شاملة لمعالجة الأزمة، أي أنه حتى الآن لم تظهر ملامح «خطّة التعافي» التي تعدّها الحكومة والتي كان يفترض ألا تلغي خطّة الحكومة السابقة، بل تعديلها بما يتناسب مع التطوّرات الأخيرة في أرقام سعر الصرف والناتج المحلي الإجمالي والتضخّم...
لكن ما هو أخطر من ذلك، أن الخطوتين تحفّزان المزيد من ارتفاع الأسعار، سواء لجهة ارتفاع كلفة الحصول على النقد الورقي بالليرة، أو لجهة شراء السلع الأساسية. وبالتالي فإن قرارات كهذه ستؤدي حكماً إلى زيادة حدّة الركود التضخمي، فأسعار السلع ستتضخم أكثر وسط ركود اقتصادي كارثي.
عملياً، إن هاتين الخطوتين تستعيدان ما قامت به قوى السلطة في فترة ما من السنة الماضية عندما قرّرت اعتقال الصرافين وزجّهم في السجن للجم تدهور الدولار. يومها انتهى الأمر بخروج الصرافين من السجن ومنحهم «مكافأة» العمل مع مصرف لبنان وفي خدمة أهدافه للمضاربة على العملة بشكل منظّم ووفق أجندة الحاكم، وليس المضاربة على العملة بشكل عشوائي. فبحسب مصادر مطّلعة، إن الصرافين يعملون بأوامر مباشرة من مصرف لبنان لبيع الدولارات وشرائها. لا بل إن المصرف المركزي، من خلال تعاملات الصرافين مع مديرية العمليات النقدية ومع منصّة «صيرفة»، صار قادراً على شراء الدولارات الورقية المتداولة في السوق.

"النهار": الانهيار يتدحرج وإجراءات مالية رهن الإختبار

بدورها صحيفة "النهار"، رأت أنه فيما يواصل سعر الدولار الأميركي في السوق السوداء اللبنانية قفزاته "التاريخية" مقارباً خرق سقف الثلاثين ألف ليرة ربما في الساعات المقبلة، وبعدما تجاوز أمس سقف الـ 28 ألف ليرة من دون فرامل ولا ضوابط ولا روادع، لم يعد السؤال محصوراً بالتداعيات المالية والاقتصادية والاجتماعية لهذا الإنهيار المتدحرج وإنما إتسع أيضاً، وبقلق موضوعي ومبرّر، إلى الجانب الأمني - الاجتماعي وما يمكن ان ينشأ عنه من فوضى أمنية يصعب ضبطها. ذلك ان مشهد الإنهيار بدا في ذروة دراماتيكيته في ظل اشتعال سعر الدولار من جهة، وبداية حصول مؤشرات على تفلت أمني يستهدف المصارف والمتاجر مع حادث محاولة السرقة المسلحة التي استهدفت فرع مصرف بيبلوس في الزلقا، كما مع حادث سطو مسلح على متجر لبيع أجهزة الهاتف الخليوي في سن الفيل في وضح النهار، كما مع معالم نزول متجدد وفوضوي إلى الشارع وقطع الطرق في موسم الأعياد بما ينذر بمزيد من شلّ الحركة. كل ذلك يجري فيما اركان السياسة الرسمية يتعاملون مع الانهيار المتدحرج برتابة قاتلة على نحو إطلاق مواقف "تبرئة الذمة" التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون أمس، وكأن هاجسه الوحيد الدائم رمي الكرة في مرامي الجميع فقط من دون ان يعلم اللبنانيون أي خطوة يمكن ان يتخذها في مواجهة حليفه الذي يعطل مجالس الوزراء. وإذا كان عون أيد انعقاد مجلس الوزراء ولو قاطعه البعض، فإن ثمة من سأل هل يكفي هذا الموقف الكلامي أولاً للضغط على معطلي مجلس الوزراء وإثبات ان أقلية لا تتحكم بأكثرية؟

في أي حال تعيش البلاد على وقع الإنهيار المالي المتدحرج الذي أجهز تماماً على بقايا ملاءة الليرة اللبنانية، اذ فرض تحليق الدولار أمس متخطياً عتبة الـ28 الف ليرة، إيقاعه على مجمل الوضع الداخلي فيما لا يبدو أن ثمة أي افق للإفراج عن مجالس الوزراء لحكومة لا تزال محتجزة على يد شريك أساسي فيها، هو الثنائي الشيعي في انتظار تنفيذ شرطه بتنحية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار الذي يستمر في تحقيقاته. وبرز في هذا السياق تطور سيكون قيد الاختبار من اليوم على امل ان يؤدي إلى فرملة تفلت سعر الدولار. اذ أعلن مصرف لبنان مساء أمس في بيان انه بدعوة من رئيس مجلس الوزراء عقد اجتماع في السرايا الحكومية حضره وزير المال يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، "وجرى التداول فيه في السبل العائدة للجم تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية، وعلى أثر ذلك اتخذ مصرف لبنان التدابير الاتية:

• سيقوم مصرف لبنان بتزويد المصارف العاملة حصتها النقدية لما تبقى من هذا الشهر بالدولار الأميركي النقدي بدلا من الليرة اللبنانية، وذلك على سعر صرف منصة صيرفة. وسوف يطلب مصرف لبنان من المصارف بيع الدولارات المشتراة على سعر صيرفة كاملة إلى مختلف عملائها عوضاً عن الليرات اللبنانية التي كانت مرصودة لدفعها بالليرة.

• سوف يقوم مصرف لبنان بتنظيم سداد القروض التجارية بالعملات الاجنبية نقداً بالليرة اللبنانية على السعر المحدد في التعميم 151 أي 8000 ل.ل. حاليا ما يساعد على خفض الطلب على الدولار ويزيد الطلب على الليرة اللبنانية في الأسواق".
واما في تداعيات الموجة الجديدة للانهيار المالي فبرزت مخاوف جدية للمرة الأولى على الامن الاجتماعي والاقتصادي مع حادث تعرض بنك بيبلوس في فرعه في الزلقا لمحاولة للسرقة والسطو المسلح وإطلاق النار الامر الذي أدى إلى إصابة مدير الفرع بجروح وأشاع أجواء من القلق والخوف حيال الامن المصرفي كلا من الان وصاعداً.

ووسط "غربة" تامة للدولة بكل أركانها ومؤسساتها عن هذا الانهيار وما يتركه من تداعيات لدى الناس، جاءت رزمة مواقف جديدة لرئيس الجمهورية أمس خلال استقباله المجلس المنتخب لنقابة المحررين اشبه بجردة يراد لها إلقاء اللوم وتحميل التبعات الروتينية للآخرين. وأعلن في هذا السياق انه يؤيد الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء حتى ولو تمت مقاطعتها، "وبتنا امام وجوب الاختيار بين السياسة والقضاء، فلمن الغلبة؟ للصفة التمثيلية ام القضائية؟"، مشدداً على انه "لا يمكن ابقاء الحكومة معطلة، فهناك امور تحتاج إلى البت بها، ومنها مثلاً اقرار الموازنة لتسهيل مسائل الكهرباء وغيرها من المواضيع".

وأوضح عون "ان التفاهم قائم بشكل كبير مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وان وجود اختلاف في الرأي احياناً لا يعني الخلاف ولا يجب ان يسمى بذلك. اما عن العلاقة مع حزب الله، "فهناك امور يجب ان تقال بين الاصدقاء، ونحن ننادي بما يقوله الدستور، لان عدم احترامه يعني ان تسود الفوضى."


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل