بانوراما الصحافة اللبنانية | التحالفات واللوائح الانتخابية تدخل مرحلة الحسم .. وعاصفة "فرنسبنك" تتفاعل

الخميس 17 آذار , 2022 09:03 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ بانوراما

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على ملف الإنتخابات النيابة المقبلة، إذ أخذت الاجتماعات والمشاورات تتكثفت منذ مطلع الأسبوع الجاري بين جميع الأطراف للبحث في التحالفات واللوائح الانتخابية وحسمها قبل انتهاء مدة تقديم اللوائح لوزارة الداخلية في 5 نيسان المقبل، وبات واضحًا أن الإصطففات أخذت تصب على ضفتين، الأولى المتمثلة بالمقاومة وحلفائها، والثانية الفريق المتمثل بأحزاب القوات والكتائب والاشتراكي والمجتمع المدني والرئيس السنيورة والمستقيلون من تيار المستقبل.  

كما تناولت الصحف مسألة القرار القضائي الذي أصدرته رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت القاضية مريانا عناني في 15 آذار، بحق مصرف ”فرنسبنك” في الحمرا وبدارو عبر المباشرة بإجراءات التنفيذ الجبريّ للحجز على جميع موجوداته، بما فيها الخزائن والأموال، وختمها بالشمع الأحمر، تمهيداً لطرحها في المزاد العلني، في حال عدم رضوخ المصرف وتسديده لكامل مبلغ الوديعة وملحقاته فوراً.

"الأخبار": المصارف تُحرّض: القضاء يحتجز أموالكم!

بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أن القضاء أحدث أمس، ثغرة في الجدار الحديدي للمصارف وأعطى جرعة أملٍ للمودعين بإمكانيّة استرداد أموالهم، ولو بقوّة الحجز الاحتياطي على أموال المصارف تمهيداً لبيعها في المزاد العلني. مصدر الأمل القاضيتان مريانا عناني ورولا عبدالله اللتان لم تخضعا للسلطة السياسية بعدما حاولت منع تنفيذ الحجز الجبري على «فرنسبنك». وهذا يفسّر هجوم جمعية المصارف على القضاء، وما سمته بـ«إجراءات غير قانونية»، فيما حاول «فرنسبنك» قلب الحقائق موحياً بأنه لم يعد قادراً على تسديد الرواتب الموطّنة، رغم أن قرار القاضية استثنى هذه الرواتب والتعويضات من الحجز باعتبار أن هدفها استرداد أموال المودعين لا حجز المزيد منها

ما إن تلقى مصرف «فرنسبنك» أمس، قرار رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت، القاضية مريانا عناني، بإنفاذ الحجز التنفيذي على كل أسهمه وعقاراته وموجوداته وفروعه وشركاته في كل لبنان تمهيداً لطرحها في المزاد العلني، حتى سارع إلى إصدار بيان يتجنّب فيه القول إنه خضع لقرار القاضية الذي يفرض عليه تسديد الوديعة لصاحب أحد الحسابات تحت التهديد ببيع موجوداته بالمزاد العلني لكي لا تتهافت الدعاوى عليه، محمّلاً القضاء مسؤولية إغلاق فروعه في وجه موظفي القطاع العام الذين لديهم حسابات توطين راتب لديه. لكن، ما تغافل عنه بيان المصرف قصداً، هو أنه كان يتفاوض مع صاحب الحساب لتسديد وديعته نقداً خوفاً من جدية القاضية في بيع موجوداته، وأن قرار القاضية يستثني الرواتب والتعويضات من الحجز.

ولأنّ الفرصة مؤاتية للضغط على المودعين، تضامنت جمعية المصارف مع «فرنسبنك» إزاء «الإجراءات غير القانونية والممارسات التعسّفية والضغوطات غير الواقعية وحملات التشهير المستمرة الصادرة عن العديد من الجهات الرسمية وغير الرسمية». كان هدف البيان واضحاً، وهو تخويف المودعين بطريقة غير مباشرة عبر تلويح الجمعية بالإقفال، إذ أعلنت «عزمها على دعوة الجمعية العمومية للانعقاد بأسرع وقت ممكن والإبقاء على اجتماعاتها مفتوحة لمواكبة التطورات، مع الاحتفاظ بحقها في اتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة صوناً لمصلحة المواطنين وللمصلحة الوطنية العليا». كلّ ذلك أعادته الجمعية إلى ما قالت إنه نابع من «حرصها على حقوق المودعين ولتجنيب القطاع المصرفي أضراراً إضافية».
أعضاء في الجمعية أكّدوا أن البيان جاء بعد التخبّط في الوصول إلى إجراء مشترك بين من يريد التصعيد بإعلان الإقفال، وهو توجّه يقوده رئيس الجمعية سليم صفير ومعه بضعة مصارف من بينها «فرنسبنك»، وبين من يرفض ذلك بحجّة أنه لم يتضرر حتى اليوم من الإجراءات القانونية. وبسبب عدم الوصول إلى قرار موحّد، احتفظت الجمعية بـ«العزم»، وإن كان الجميع يعلم أن الجمعية العمومية لن تعقد اجتماعاً واحداً لمناقشة ما حصل مع «فرنسبنك». وهذا ما أثار حفيظة إدارة المصرف التي اعتبرت أن عدم دعوة الجمعية العمومية والبيان الذي صدر عن الجمعية لا يرتقيان إلى مستوى ما تعرّضت له. لذا، أصدرت الجمعية بياناً ثانياً أفصحت فيه عما تتوق إليه أي «الكابيتال كونترول»، إذ دعت السلطات المعنية، بما فيها السلطة التنفيذية، إلى «الإسراع في اتخاذ كافة القرارات العاجلة اللازمة لوقف هذه المخالفات القانونية واتخاذ التشريعات اللازمة للتعامل مع الأزمة المالية والنقدية الحالية وعلى رأسها قانون الكابيتال كونترول، وإلا اضطرت المصارف إلى اتخاذ كافة الإجراءات التي تراها مناسبة صوناً لمصلحة المواطنين وللمصلحة الوطنية العليا».
إرباك الجمعية إزاء الإقفال لم ينعكس على هدفها الرامي إلى إرهاب المودعين والإيحاء بأن محاولاتهم للجوء إلى القضاء ستنقلب عليهم سلباً. هذا تحديداً ما قام به «فرنسبنك» رداً على الدعوى المقدّمة منذ شهرين من تحالف «متحدون» و«جمعية صرخة المودعين»، بوكالتيهما عن المودعَين المصريين عياد غرباوي إبراهيم وحنان الحاج، بعد إغلاق المصرف حساب الأخيرة تعسفاً وإيداع شيك مصرفي بمبلغ الوديعة لدى كاتب العدل. وبعد أسابيع من متابعة وكيل الدفاع عنهما المحامي رامي عليق رفضت القاضية المنفردة المالية في بيروت رولا عبدالله طلب وقف تنفيذ الحجز الاحتياطي الذي تقدّم به المصرف وأعادت الملفين إلى دائرة التنفيذ لمتابعة تنفيذ الحجز.
ورغم الضغوطات التي تعرّضت لها القاضية عناني وسيل الاتصالات من سياسيين وأمنيين ونافذين، أصرت على قرارها بإنفاذ الحجز التنفيذي في حال رفض المصرف تسديد كامل مبلغ الوديعة وملحقاته فوراً، والتي تبلغ أقل من 100 ألف دولار، وإعادة الحساب المصرفي. واستندت القاضية في متن قرارها إلى أن «الشيك المصرفي ليس وسيلة للإيفاء ولا يُبرئ ذمّة المصرف بمجرّد إيداعه لدى كاتب العدل وبالتالي عدم اعتباره بمثابة سند تنفيذي».

وبالفعل، أرسلت عناني أمس مأموري تنفيذ إلى فرعي المصرف في الأشرفية والحمرا قاموا بجرد الموجودات، بما فيها خزائن النقود، على أن يستكملوا في الأيام المقبلة جردتهم في الفروع الأُخرى. وخلال الجولة أعطى مأمورو التنفيذ 3 خيارات إلى إدارة المصرف: دفع المبلغ مع ملحقاته نقداً في الحال، أو تنفيذ الحجز بختم الموجودات بالشمع الأحمر. وفي حال رفض التنفيذ، يتم إخطار القوى الأمنية بغية تنفيذه بالقوة. حينها، اختارت إدارة المصرف دفع المبلغ. وسريعاً، بدأ مدير المصرف في المركز الرئيسي في الحمرا بجمع المبلغ إلى حين دخول أحد المسؤولين في الدائرة القانونيّة الذي رفض التنفيذ، وبدأت إدارة المصرف بالضغط على مأمورة التنفيذ ف. ع. التي ارتكبت خطأ بوضع الشمع الأحمر على 5 صناديق موصولة بالـATM ومخصّصة لدفع رواتب الموظفين، علماً بأن رواتب الموظفين وتعويضاتهم غير مشمولة بقرار القاضية. وحين عادت مأمورة التنفيذ أدراجها إلى الغرفة لإزالة الأختام عن هذه الصناديق بأمرٍ من القاضية التي أصرّت على تنفيذ قرارها بحذافيره، منعها بعض الموظفين في المصرف من ذلك، وقالوا لها حرفياً إنهم يريدون الإبقاء على الأختام على هذه الصناديق، قبل أن يتم تصويرها من قبل بعض الموظفين ونشر الفيديو للإيحاء بأن القضاء ختم الخزنة التي تحتوي على رواتب الموظفين بالشمع الأحمر. هكذا، عرف المصرف كيف يسوّق لهذا الخطأ لصالحه ويتلاعب بأعصاب المودعين.
محاولة تخويف المودعين من اللجوء إلى القضاء باءت بالفشل، إذ يتردّد بين المحامين أن هناك العديد من المودعين الراغبين في الادعاء على المصرف لاسترداد ودائعهم بعدما علموا أن قرار القاضية أتى بنتيجة ضدّ «فرنسبنك»، علماً بأن بعض هؤلاء حصلوا على شيكات مصرفية كوسيلة إيفاء من المصرف.

القرارات القضائية تتوالى

هناك العديد من الدعاوى التي تنتظر المصارف باعتبار أن قرار القاضية مريانا عناني فتح الباب أمامهم، إلى جانب قرارات قضائية أخرى مماثلة جرى التعتيم عليها. ففي مطلع 2020 نجحت مجموعة «الشعب يريد إصلاح النظام» في الاستحصال على قرار بإنفاذ الحجز التنفيذي على موجودات مصرف «بلوم بنك» ومنع سفر أعضاء مجلس إدارته قبل أن يقوم المصرف بردّ الوديعة للمدعي، وقبل نحو أسبوع قضى قرار قضائي ضدّ بنك الاعتماد اللبناني بردّ الوديعة أو بإلقاء الحجز الاحتياطي على موجودات المصرف ما أبقى فرع المصرف مغلقاً ليومين. القضية ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة.

"البناء": المقاومة وحلفاؤها لضمان الأغلبيّة… وسفارات واشنطن وباريس والرياض تنسيق لضمان الثلث المعطّل وتسليم بالفشل

بدورها، صحيفة "البناء" اعتبرت أن المواجهات تحتدم نحو صناديق الاقتراع، بين جبهتين، واحدة تضم المقاومة وحلفائها، ونواتها ثنائي حركة أمل وحزب الله، أما الحلفاء ففي مقدّمتهم التيار الوطني الحر، والجبهة المقابلة تحظى برعاية سفارات السعودية وفرنسا واميركا، وتضم أحزاب القوات اللبنانية والتقدّمي الاشتراكي والكتائب، وجمعيات المجتمع المدني وشخصيات مناوئة للمقاومة.

جبهة المقاومة والحلفاء تسعى لنيل الأغلبية بعدما صار واضحاً أنها تضمن عبور عتبة الثلث اللازم للمشاركة في رسم مصير الاستحقاق الرئاسي بحاصل ما سيحصده ثلاثي أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر، بحيث تصب كل المقاعد التي سيجنيها سائر الحلفاء في الطريق نحو نيل الأغلبية، بينما تجهد الجبهة المقابلة لنيل الثلث الذي يضمن مشاركتها في الانتخابات الرئاسية، بعدما سلّم رعاتها بالفشل في نيل الأغلبية كما كانت الأوهام قبل شهور.

في قلب هذه المواجهة يواصل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الإشراف المباشر على حشد الماكينات الانتخابية وكوادر حزب الله لاستنهاض الناخبين موضحاً الأهمية المفصلية لهذه الانتخابات، وضرورة العمل لضمان فوز الحلفاء بمثل العمل لفوز مرشحي الثنائي.

وأعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن «معركة الحزب في الانتخابات هي معركة حلفائنا، وسنعمل لمرشحي حلفائنا كما نعمل لمرشحينا».

وأشارت مصادر في فريق المقاومة لـ»البناء» الى أن «الاجتماعات والمشاورات تكثفت منذ مطلع الأسبوع الجاري بين أطراف فريق 8 آذار والتيار الوطني الحر للبحث بالتحالفات النيابية واللوائح الانتخابية وحسمها قبل انتهاء مدة تقديم اللوائح الى وزارة الداخلية في 5 نيسان المقبل»، موضحة أن التحالفات ستكون على أساس سياسي أكثر من انتخابي، على أن يتم التركيز على جمع كافة الحلفاء في لوائح واحدة لأن أي انقسام بينهم سيصب في صالح الخصوم». ولفتت الى أن «التشاور ينصبّ على تأمين الحواصل الانتخابية اللازمة لفوز مرشحي ثنائي أمل وحزب الله وباقي الحلفاء اضافة للصوت التفضيلي بشكل يسمح بحصد أكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية للحلفاء في مختلف الدوائر الانتخابية». وأوضحت المصادر أنه وبعد انكفاء الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل ستنصبّ أصوات الثنائي أمل وحزب الله على لوائح الثنائي أولاً كأولوية لضمان كافة المقاعد الشيعية في جميع الدوائر لقطع الطريق على أي خرق من قبل مرشحي السفارات للتسلل الى المجلس النيابي وتسجيل انتصارات وهميّة ليكونوا منصات لاستهداف المقاومة، وثانياً التركيز على ضمان نجاح مرشحي التيار الوطني الحر لقطع الطريق على فوز مرشحي القوات والكتائب اللبنانية وبعض منظمات المجتمع المدني الذين يرفعون شعار نزع سلاح المقاومة ودعم الأحزاب المتحالفة مع المقاومة كالحزب السوري القومي الاجتماعي وتيار المردة والحزب الديموقراطي اللبناني والوزير السابق وئام وهاب وسنّة المقاومة، وبالتالي لن تتسرّب أصوات الثنائي الى تيار المستقبل في بعض الدوائر والى الحزب الاشتراكي في دوائر أخرى لـ»ضرورات سياسية ومذهبية» كما حصل في انتخابات 2018». ما يعني بحسب المصادر أن المعركة الانتخابية ستتخذ الطابع السياسي بين فريقي 8 آذار والتيار الوطني الحر من جهة وأحزاب الكتائب والقوات والاشتراكي ومجموعات المجتمع المدني المرتبطة بالسفارات الغربية والعربية في لبنان من جهة ثانية، وبالتالي على الخيارات السياسية والاقتصادية للبنان».

ورأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، «أننا دخلنا صميم أخطر انتخابات نيابية مصيرية وأهمها، والمطلوب استنفار كل الطاقات والإمكانات لتأمين أكبر مشاركة بهدف حصد أغلبية نيابية وطنية تستطيع تأمين “قوة حكومية” قادرة على أخذ قرارات مصيرية في تاريخ لبنان». وأوضح أن هذه القرارات تتمثل بـ «الخيار الشرقي واعتماد برامج إنقاذ إصلاحي وتمرير العروض الصينية والروسية الإيرانية وغيرها للكهرباء والسدود والبنى التحتية وسكة الحديد وبناء المدن الصناعيّة وانتشال الاقتصاد من يد المصارف المتأمركة والقرار النقدي المحتل أميركيًا».

في المقابل تحشد أحزاب القوات والكتائب والاشتراكي والمجتمع المدني والرئيس فؤاد السنيورة والمستقيلون من تيار المستقبل لحصد ثلث المجلس النيابي على الأقل ويعقدون اجتماعات مكثفة بحسب معلومات «البناء» لتحديد التحالفات وحسم اللوائح وتعيين غرفة عمليات إعلامية انتخابية للترويج والتسويق للشعارات الانتخابية التي سترفع تتمحور حول استهداف حزب الله وسلاحه ودوره الإقليمي وقرار الحرب والسلم وتحميل الحزب مسؤولية الأزمات والظروف الاقتصادية التي يعاني منها الشعب اللبناني»، ويجري التركيز بحسب المصادر على الساحة السنية لتحشيدها ضد حزب الله لرفع نسبة الاقتراع لحصد نصف تركة الحريري والمستقبل على الأقل لخلق تكتل نيابي سني يكون واجهة الحرب على حزب الله.

وفي هذا السياق كشفت معلومات لـ”البناء” أن “السنيورة أرسل رسائل تحذيرية لعدد من المرشحين السنة من مغبة التحالف مع حزب الله لا سيما في دائرة بيروت الثانية، وذلك لقطع الطريق على أي مرشح سني يمكن أن يفوز بالأصوات التفضيلية الشيعية طالما أن الثنائي يستطيع تأمين 4 حواصل انتخابية في هذه الدائرة”.

وبعد إقفال باب الترشيحات منتصف ليل أول أمس، عممت وزارة الداخلية والبلديات أمس اللائحة النهائية بأسماء المرشحين وقد بلغ عددهم 1043 مرشحًا من بينهم 155 امرأة، وانطلقت ماكينات القوى السياسية إلى مرحلة عقد التحالفات الانتخابية لإعداد اللوائح. بدوره، أعلن وزير المال يوسف خليل بأنه تمّ تحويل كافة الأموال المخصصة لإجراء الانتخابات النيابية في 15 أيار المقبل.

وفي خطوة مفاجئة انتقل أمس، مأمورا التنفيذ في دائرة التنفيذ في بيروت إلى الفرع الرئيسي لـ”فرنسبنك” في الحمرا، وفرعه في بدارو، للمباشرة بإجراءات التنفيذ الجبريّ، وتحديداً الحجز على جميع موجودات فرعي المصرف المذكور، بما فيها الخزائن والأموال، وختمها بالشمع الأحمر، وذلك تبعاً للقرار الذي أصدرته رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت القاضية مريانا عناني في 15 آذار، والذي قضى بإنفاذ الحجز التنفيذيّ على جميع أسهم وعقارات وموجودات “فرنسبنك” وفروعه وشركاته في كل لبنان، تمهيداً لطرحها في المزاد العلني، في حال عدم رضوخ المصرف وتسديده لكامل مبلغ الوديعة وملحقاته فوراً.

وطلبت القاضية عناني من دوائر التنفيذ المختصة خارج بيروت، القيام بما يلزم لتنفيذ الحجز على فروع “فرنسبنك” في نطاقها وفق منطوق القرار.

وبعد تنفيذ قرار الحجز أعلنت إدارة “فرنسبنك” اعتذارها “عن عدم إمكانيته تلبية حاجات عملائه، وسيما دفع رواتب موظفي القطاع العام وغيرهم”. وأفيد أمس، أنه تمّ نزع الشمع الأحمر عن بعض الصناديق في فرع الحمرا لإتمام بعض العمليات المصرفية اليوم، لكنّ الخزنات لا تزال مقفلة والأعمال المصرفية معلّقة.

وفي المقابل أصدرت جمعية المصارف سلسلة بيانات تصعيدية متلاحقة، وأكدت أن “استمرار اتخاذ التدابير التعسفية وغير القانونية بحق المصارف تطيح بالقطاع المصرفي وتلحق أشدّ الضرر بمصالح المودعين، خصوصاً في ضوء التداعيات السلبية لعلاقاتها مع المصارف المراسلة الأجنبية”.

وتوقع مصدر سياسي وقضائي لـ”البناء” أن تسجل هذه المعركة تطورات دراماتيكية سيتداخل فيها العامل السياسي والمالي والمصرفي وستنقسم السلطتان السياسية والقضائية على نفسيهما، بين من يدعم القرار القضائي وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر وحزب الله وآخرون وبين من يعارضه كرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وتيار المستقبل وقوى أخرى”، فيما يترقب المصدر موقفي النائب العام الاستئنافي القاضي غسان عويدات والمدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم حيال هذه القضية، وهل سيدعمان القرارات القضائيّة الصادرة والتي من المتوقع أن تصدر أم سيتخذان قرارات قضائية لوقف تنفيذها، في ظل معارضة ميقاتي وقوى أخرى لها؟ وتوقعت مصادر أخرى أن يشجّع هذه القرار بحق “فرنسبنك” الكثير من أصحاب الودائع لرفع دعاوى قضائيّة في لبنان والخارج لاستعادة أموالهم عبر القضاء. لكن أوساطاً مصرفية تخوفت عبر “البناء” من الانعكاسات السلبية لهذه القرارات رغم أحقيتها، على القطاع المصرفي والاوضاع المالية لجهة استمرارية التعاملات المصرفية اليومية وعلاقة مصارف لبنان بالمصارف المراسلة والاجنبية فضلا عن الإرباك في الأسواق وارتفاع سعر صرف الدولار وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية في حال توقفت المصارف عن تحويل الأموال للمستوردين الى الخارج”.

وقد تزامن البيان الثاني لجمعية المصارف مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء، حيث استجاب الرئيس ميقاتي وحذر خلال الجلسة من أن “ما يحصل في الملف المصرفي غير سليم والطريقة الاستعراضية خطيرة ومن شأنها تقويض ما تبقى من ثقة بالنظام المصرفي وأخشى تطوّر الأمور إلى ما لا تُحمَد عقباه”.

وكان ميقاتي ترأس جلسة مجلس الوزراء في السرايا الحكومية وقرّر المجلس الموافقة على الخطة الوطنية للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء بعد تعديل تاريخ تعيين الهيئة الناظمة ليصبح في العام 2022 بدلاً من العام 2023. وتكليف وزارة الطاقة والمياه إعداد دفتر الشروط الخاص لإطلاق مناقصة عالمية لإنشاء معامل الإنتاج وتوزيع الطاقة وذلك بمهلة اقصاها شهران من تاريخه.

وأعلن وزير الطاقة والمياه وليد فياض بعد الجلسة أن “خطة الكهرباء أقرّت ومن ضمنها المخطط التوجيهي وتحديد المواقع لكل محطات إنتاج الطاقة الجديدة على اساس دراسة الجدوى الاقتصادية والمالية والبيئية، ولا شيء يتناقض مع ما أقريناه سابقاً”.

"النهار": عاصفة "فرنسبنك" تتفاعل وميقاتي يتقدم المحذّرين

أما صحيفة "النهار"، اشارت الى أنه وسط تعرض لبنان لعواصف متعاقبة ان في واقعه المزري الانهياري او عبر عواصف الطبيعة التي شهد معها قبل يومين ادنى مستوى من البرودة منذ خمسين عاما، يمكن وصف الفصل الطارئ الجديد الذي حصل امس من الصدامات بين المصارف و"جانب" قضائي بانه "عاصفة فرنسبنك" التي خرقت كل المناخ الانتخابي الذي تصاعد عقب اقفال باب الترشيحات منتصف ليل الثلثاء الماضي. هذه العاصفة اتخذت دلالات وأبعاداً ورتبت مفاعيل أشد وقعاً واكثر اثارة للذعر لدى المودعين من أي جولة سابقة من جولات ملاحقة القاضية غادة عون لعدد من المصارف. ذلك ان الحجز على مجمل ممتلكات وفروع "فرنسبنك" امس شكل سابقة بكل المعايير ولو كان الامر متصلا بمساءلة قضائية تتصل بالتزام احد فروع المصرف تسديد وديعة لاحد المودعين. الخطورة لم تترتب على ملاحقة قضائية وفق الأصول، لكن في ما اثاره اقفال فروع المصرف من تداعيات واسعة يخشى ان تتدحرج تباعا وان يكون المودعون مجدداً وقوداً وضحايا دائمين لهذا الصراع الذي يصعب تصور عدم وجود انامل سياسية تحركه بين القضاء والمصارف لغايات مريبة. ولم يكن الذعر الذي اثاره هذا التطور غريبا اذ يكفي ان يكون المصرف موضوع الملاحقة معنيا بدفع رواتب ومخصصات الجيش وقوى امنية أخرى لتصور حجم الذعر الذي اثاره تنفيذ اجراء قضائي مفاجئ عطله تماماً عن تقديم الخدمات فيما لاحت معالم مواجهة بالغة الخطورة بين المصارف والقضاء والسلطة السياسية عقب هذا التطور. الامر الذي يطرح بإلحاح واكثر من أي وقت مضى منذ انفجار الكارثة المالية والمصرفية التي احتجزت ودائع اللبنانيين موضوع الضمانات للمودعين وكيف ومتى تصبح الودائع مضمونة وغير مهددة بالضياع التام؟

إذن وفي سابقة قضائية – مصرفية نفذ الحجز فجأة امس على "فرنسبنك" عقب شكوى تقدم بها شخص حول استرجاع وديعة اكد المصرف انه استرجعها كاملة، فأقفل كل فروعه. وأثارت الخطوة احتمالات واسعة من انها قد تكون مفتاحا لخطوات أخرى قد يقدم عليها مودعون آخرون، يتابعون عن كثب نتائج ما حصل مع "فرنسبنك"، فيقدمون على إلقاء الحجز على موجودات بنوك أخرى، التي ستتوقف تاليا عن العمل، وهكذا دواليك الى أن يصبح لبنان بلدا خاليا من المصارف ومعزولا عن حركة الاقتصاد العالمي، ومتخلفا في قطاعه المالي.

وفي ظل ذلك اثارت مصادر مصرفية تساؤلات حول ما يمكن حصوله اذا ما فَعَّلَت الدولة وقضاءها "الحجز" على أملاك وموجودات المصارف، "وألا يخاف أو يعي من يجعل من هذا الملف ورقة مزايدات إنتخابية، أن تبدأ الدعاوى من خارج لبنان تنهال على المصارف ويبدأ الحجز الجماعي على ممتلكات الدولة ومعها ربما مصرف لبنان، ويدخل لبنان في نفق مالي مظلم لا نهاية له، فيخسر اللبنانيون العالقون ما بين العوز والفقر، وبين ندرة السيولة بعض المصل المالي الذي كان يمدهم ببعض القدرة على الصمود".

وكانت رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت القاضية مريانا عناني أصدرت قرارا قضى بإنفاذ الحجز التنفيذي على جميع أسهم وعقارات وموجودات "فرنسبنك" وفروعه وشركاته في كل لبنان، تمهيداً لطرحها في المزاد العلني، بحال عدم رضوخ المصرف وتسديده لكامل مبلغ وديعة تعود للمودع المصري عياد إبرهيم.

مصدر في "فرنسبك" أكد أنّ إبرهيم وافق على الحصول على وديعته التي تبلغ 60 ألف دولار بموجب شيك، وقد وقّع على الاتّفاق لدى الكاتب العدل، والمصرف الآن أبرأ ذمّته تجاهه. ووصف المصدر القرار الصادر بالشعبويّ، موضحاً أنّ "المصرف أبلغ القوى الأمنية قرار إيقاف العمليات المصرفية، وتالياً وقف حصول العناصر على رواتبهم إلى حين صدور قرار جديد معاكس للحاليّ" . وكان مأمورا التنفيذ في دائرة تنفيذ بيروت انتقلا إلى الفرع الرئيسي لفرنسبنك في الحمرا، وفرعه في بدارو وباشرا إجراءات التنفيذ الجبري وتحديداً الحجز على جميع موجودات فرعَي المصرف المذكور بما فيها الخزائن. واصدر مصرف فرنسبنك بيانا اعلن فيه "التزامه قرار القاضية عناني، واعتذاره عن عدم امكانيته تلبية حاجات عملائه، وسيما دفع رواتب موظفي القطاع العام وغيرهم. كما ويوضح فرنسَبنك بأن المتقدم بالشكوى عياد إبرهيم كان قد أغلق حسابه واسترجع كامل وديعته. ويبقى فرنسَبنك ملتزماً تحت سقف القانون".

وعلى الاثر، اصدرت جمعية مصارف لبنان بيانا اكدت فيه ان "المصارف لا يمكنها أن تبقى بالرغم عنها في مواجهة مع المودعين لأسباب لا تعود لها ولا تتحمل مسؤوليتها، كما أنها لا يمكن أن تقبل منذ الآن وصاعداً أن تتحمل نتائج سياسات مالية سابقة وتدابير مجحفة صادرة عن السلطات المختصة والتي جعلتها كبش محرقة تجاه المودعين، ولا أن تكون ضحية مواقف شعبوية تصدر نتيجة تموضعات سياسية أو أن تتحمل تدابير غير قانونية صادرة بحقها". وحذرت من إن "استمرار اتخاذ التدابير التعسفية وغير القانونية بحق المصارف يطيح بالقطاع المصرفي ويلحق أشد الضرر بمصالح المودعين خصوصاً في ضوء التداعيات السلبية لعلاقاتها مع المصارف المراسلة الأجنبية، كما أنها تشكّل الضربة القاضية لما تبقّى من الاقتصاد اللبناني". واعلنت عزمها دعوة الجمعية العمومية للانعقاد بأسرع وقت ممكن "مع الاحتفاظ بحقها باتخاذ كل الإجراءات التي تراها مناسبة صوناً لمصلحة المواطنين وللمصلحة الوطنية العليا".

موقف ميقاتي

وبرز في هذا السياق موقف اعتراضي متقدم لرئيس الوزراء نجيب ميقاتي مما وصفه بعشوائية هذه الإجراءات خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء اذ اعلن انه "مع احترامي الكامل للقضاء الا انه لا يمكننا كمجلس وزراء مجتمعا الا تكون لدينا اجابة عما يحصل في القضاء من عشوائية وانفعالية ، خصوصا وان هناك انطباعا عاما بأن بعض ما يحصل في القضاء لا يمت الى الاصول القضائية بصلة.ما يحصل في الملف المصرفي غير سليم.أولويتنا كانت وستبقى حقوق المودعين وهذا ما نركز عليه في كل الخطط التي نجريها ، لكن الطريقة الاستعراضية والبوليسية التي تتم فيها مقاربة ملف الحقوق والقضايا القضائية المرتبطة بالمصارف خطيرة ومن شأنها تقويض ما تبقى من ثقة بالنظام المصرفي ، وسيدفع المودعون مجددا الثمن واخشى ان تتطور الامور الى ما لا تحمد عقباه اذا لم يصر الى تصويب الشطط والخلل الحاصل.والملف سيكون موضع متابعة من قبل معالي وزير العدل لوضع المعالجات على السكة الصحيحة".

ويشار الى ان مجلس الوزراء خصص معظم مناقشاته لملف الكهرباء وقرر أولأ: "الموافقة على الخطة الوطنية للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء في لبنان المرفقة بكتاب وزارة الطاقة والمياه رقم 1968/و تاريخ 2-3-2022 بعد تعديل تاريخ تعيين الهيئة الناظمة ليصبح في العام 2022 بدلا من العام 2023.

ثانيا: التأكيد على ما ورد في خطة الكهرباء لجهة وجوب تنفيذ القانون رقم 469/2002 بصيغته الراهنة ، كما ولجهة تكليف وزارة الطاقة والمياه اعداد دفتر الشروط الخاص لاطلاق مناقصة عالمية لانشاء معامل الانتاج وتوزيع الطاقة وذلك بمهلة اقصاها شهرين من تاريخه".
وردا على سؤال قال وزير الاعلام زياد مكاري : "لم يسقط موضوع منطقة سلعاتا، كما لم يتم تحديدها، بل تم تحديد منطقة ساحلية نظرا لوجود مسائل لها علاقة بالاستملاكات وباعتراض بلديات". وأفادت معلومات ان مجلس الوزراء لم يوافق مرة أخرى على انشاء معمل لإنتاج الكهرباء في سلعاتا خلافا لما يطالب به "التيار الوطني الحر".

فرنسا والسعودية

في غضون ذلك نقلت مراسلة "النهار" في باريس رنده تقي الدين عن مصدر فرنسي رفيع قوله لـ"النهار" ان المحادثات التي اجراها وفد سعودي مع باتريك دوريل المستشار الفرنسي للشرق الاوسط كانت محادثات معمقة حول القضايا السياسية اللبنانية وكانت أيضا فرصة لتعزيز التنسيق بين البلدين حول المساعدات والدعم الانساني والتربوي والصحي للبنان. وقال ان اجتماعات اخرى ستتبعها للموضوع نفسه خلال الاسابيع المقبلة. ورأى المصدر ان هناك عودة اهتمام من المملكة السعودية بلبنان وذلك من اجل استقرار لبنان ومن اجل الشعب اللبناني برمته. وعما اذا كان السفير السعودي في بيروت سيعود اليها قال المصدر ان ذلك غير مؤكد حاليا.

الى ذلك يصل الى بيروت في الايام المقبلة الدبلوماسي الفرنسي بيار دوكان المنسق الخاص للمساعدات الدولية للبنان ليبحث مع المسؤولين موضوع الاصلاحات ومفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي الصعبة ولكن المستمرة رغم التعقيدات بحسب المصدر، كما ليبحث في المساعدات في اطار الشراكة الفرنسية السعودية لمساعدة لبنان التي اسسها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان عندما زاره في السعودية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل