6 سنوات على معركة الجرود شرقي لبنان.. الإرهاب اندحر و"إسرائيل" ارتدعت

الإثنين 28 آب , 2023 08:41 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ لبنان

تعدّ عملية تحرير السلسلة الشرقية والمناطق السورية المقابلة من احتلال تنظيمي "جبهة النصرة" و"داعش" الإرهابيين، والتي توّجت أواخر شهر آب/أغسطس 2017 بإعلان القضاء على كامل الوجود الإرهابي في هذه المناطق وتحريرها في عملية اشترك فيها الجيشان اللبناني والسوري، من أهمّ وأوسع العمليات العسكرية التي نفّذها حزب الله في تاريخه، وأنجحها على عدة مستويات.

جاءت العملية بعد نحو 4 سنوات من بدء التموضع العسكري للإرهابيين في المنطقة، والذي تدرّج منذ عام 2013، حين أسّس تنظيم "داعش" نقاطاً على طول الحدود مع سوريا في شمالي شرقي لبنان، إلى صيف عام 2014. حينها، سيطر تنظيم "جبهة النصرة" على بلدة عرسال الحدودية ذات الجغرافيا الواسعة، والتي باتت تأوي آلاف اللاجئين السوريين في المخيمات، من ضمنهم عائلات عدة آلاف من عناصر النصرة و"داعش" وتنظيمات إرهابية أخرى.

وانطلاقاً من هذه المناطق الجردية ذات البيئة القاسية، شنّت التنظيمات الإرهابية هجمات ضد مواقع لحزب الله ومواقع للجيش اللبناني. كما قامت بخطف وقتل جنود لبنانيين، وبإرسال انتحاريين وسيارات مفخخة إلى عدة مناطق لبنانية، وبقصف قرى ومدن البقاع بالقذائف الصاروخية، على مدى هذه السنوات.

لكنّ العملية العسكرية المشتركة التي انتهت بتحرير الجرود الشرقية والمناطق السورية، جاءت نتيجة لعمل تراكمي عسكري وأمني قام به حزب الله منذ عام 2015، وأدّى إلى أن تكون "إن عدتم عدنا" عملية عسكرية يصحّ أن توصف بالنموذجية، حققت فيها قوات المقاومة بالاشتراك مع الجيشين اللبناني والسوري أهدافها القريبة والبعيدة، وتركت تبعات مهمة على صعيد الخبرات القتالية المكتسبة، وفي ردع العدو الإسرائيلي ضمن المعركة الأكبر والأساس.

هدف العملية الأساس:التحرير وإعادة الأمن إلى البقاع

منذ عملية القلمون الأولى عام 2015، التي وصفها الأمين العام لحزب الله بأنها "عملية أمنية ذات طابع عسكري"، واستمرّت على مدى أشهر وتخللها عمليات أمنية نوعية هدفت بالدرجة الأولى إلى تدمير مصانع السيارات المفخخة وتحرير المنطقة الاستراتيجية من سيطرة الإرهابيين، بدأ التخطيط لعملية تحرير بقية المناطق المرتبطة بنفس التهديد.

وشكلت جبال القلمون، التي تتصل بمحيط دمشق والغوطة الغربية من غربها إلى شرقها، وبالسلسلة الشرقية نحو سهل البقاع اللبناني، عارضاً جغرافياً استراتيجياً في المعركة السورية مع التنظيمات المسلحة، وفي ضمان أمن المناطق اللبنانية الحدودية، حيث تشرف على طريق دمشق -حمص-الساحل السوري، وعلى طريق دمشق-بيروت، وتؤمن إشرافاً بالرؤية والنيران على معظم الحدود الشرقية من وسط حتى شمالي البقاع.

وخلال مسار استمرّ لأكثر من عامين، قامت قوات حزب الله تدريجياً بتحرير منطقة القلمون وما يرتبط بها من مناطق إمداد ودعم، بعد معركة القصير (2013)، بدءاً من الزبداني ورنكوس وصولاً إلى جرود بعلبك وبريتال ونحلة ويونين وغيرها، والتي ساهمت تدريجياً في إعادة الأمن إلى المنطقة وتخفيض ملحوظ في مستوى العمليات ضد سكانها.

وحين انطلقت العملية الأوسع في مطلع آب/أغسطس، ضد "جبهة النصرة" في عرسال، ثمّ ضد "داعش" في جرود رأس بعلبك، من الجهة اللبنانية، وفي سوريا في المناطق الممتدة من جرود البريج وقارة شمالاً، مروراً بفليطة والجراجير وصولاً حتى جرود الجبة وعسال الورد، كان الهدف الأول تحرير منطقة تصل مساحتها إلى نحو 450 كم مربعاً، وتأمين منطقة البقاع مع عمقها السوري.

وإذا كان نجاح العمليات العسكرية يقاس بتحقيقها لأهدافها واستدامة نتائجها، فإنّ تحرير السلسلة الشرقية من التنظيمات التكفيرية أدّى إلى بسط سيادة الدولتين اللبنانية والسورية على طرفي الحدود، كما أدّى إلى استعادة الأمن في منطقة البقاع، التي لم تشهد منذ حينها أي عمليات إرهابية على غرار ما كان يحصل من تفجير سيارات مفخخة وقصف صاروخي، فيما استعاد أهالي المنطقة أراضيهم المحتلة.

وقد انعكس هذا الأمن على كامل لبنان، من شماله إلى جنوبه، إذ تخلّص من تهديد إرهابي ملاصق لمدينة بعلبك، وكان يبعد مسافة ساعتين بالسيارة عن عاصمته بيروت، ومدنه الرئيسية كجبيل وجونيه وطرابلس.

عملية عسكرية "صعبة" نفّذت بشكل محترف

خلال الفترة التي سبقت العملية، حشدت التنظيمات الإرهابية ما يقدّر بنحو 3000 مسلح، توزعوا في الجبال الصخرية العالية الممتدة على مساحة واسعة، أدّت إلى أن يستبعد العديد من المحللين والخبراء العسكريين إمكانية أن يقدم حزب الله على عملية عسكرية قد تكون تكلفتها مرتفعة جداً وإمكانيات نجاحها ضئيلة.

فقد مثّلت الجبال الصخرية المرتفعة والبيئة الجردية القاحلة معضلة طبيعية لأي قوة تريد مهاجمة هكذا منطقة، يضاف إليها تمركز المسلحين فيها منذ سنوات، وحفرهم لخنادق ودشم ومواقع ومغاور تؤمنهم من مخاطر النيران البعيدة، وتساهم في تسهيل تصديهم لأيّ قوة راجلة مهاجمة.

ولكنّ مقاتلي حزب الله تمكنوا من تحقيق إنجاز عسكري، عبر هجوم منسّق من الجهتين اللبنانية والسورية، وبدعم من الجيش العربي السوري والجيش اللبناني تركز على المساهمة في التغطية المدفعية والصاروخية، وفي تثبيت النقاط المحررة، والدعم الجوي من قبل طائرات "سو-22" السورية التي نفذت عشرات الغارات الجوية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل