الرئاسة اللبنانية: كلمة الفصل للمحور المنتصر... - حسان الحسن

السبت 13 تموز , 2024 03:49 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
بنظرةٍ واقعيةٍ وقراءةٍ موضوعيةٍ وهادئةٍ لمسار الانتخابات الرئاسية في لبنان في مرحلة ما بعد توقيع اتفاق الطائف في العام 1989، يظهر بوضوحٍ تامٍ أن هذه "الانتخابات" تخضع لتأثيراتٍ خارجيةٍ كبيرةٍ، مهما كثرت المواقف والخطب التي تشدد على ضرورة التضامن الداخلي،  وتأمين تأييد المكونات اللبنانيين لرئيس البلاد، ولكن يبقى العامل الخارجي هو الناخب الأقوى تأثيرًا، ليس فقط في مرحلة ما بعد الطائف فحسب، بل منذ تأسيس الجمهورية اللبنانية في العام 1943، وهذه الثابتة تؤكدها الوقائع وتبرهنها الأحداث في العقود الثلاثة الفائتة، وما قبلها أيضًا، بدليل انتخاب الرئيسين الراحلين رينيه معوض وإلياس الهرواي ثم الرئيس العماد إميل لحود، خلال حقبة التفاهم السوري - السعودي، التي تلت توقيع "الطائف"، الذي حظي بموافقة الولايات المتحدة الأميركية وبمباركةٍ دوليةٍ وقتذاك.
وبعد اختلال العلاقة بين الرياض ودمشق، إثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في منتصف شباط من العام 2005، اختلت معها "تركيبة" السلطة التنفيذية في لبنان، خصوصًا غداة استقالة حكومة الرئيس عمر كرامي الثانية، أو حكومة "التمديد". ثم ظهر هذا الخلل جليًا عند انتهاء الولاية الدستورية للرئيس لحود في 23 تشرين الثاني من العام 2007، يومها دخلت البلاد في فراغٍ دستوريٍ دام حتى انتخاب الرئيس ميشال سليمان في 25 أيار 2008، إثر "تسوية الدوحة"، بمبادرةٍ من دولة قطر، التي نالت مباركة كل من: سورية والسعودية، وحظيت أيضًا بموافقة الأطراف اللبنانيين، وفي طليعتهم حزب الله، لما له من حضورٍ سياسيٍ وشعبيٍ واسعٍ في لبنان.
بعد  ذلك دخلت البلاد في فراغٍ دستوريٍ "جديدٍ" أيضًا بانتهاء ولاية الرئيس سليمان في 24 أيار 2014، واستمر هذا الفراغ إلى حين انتخاب الرئيس العماد ميشال عون رئيسًا للبلاد في 31 تشرين الأول من العام 2016، بعدما تبددت أوهام الفريق المعادي المقاومة بسقوط مراهنته على هزيمة محور المقاومة في لبنان وسورية، الذي خاض بدوره حربًا ضروسًا ضد الإرهابيين التكفيريين في سلسلة جبال لبنان الشرقية وسواها وخلف الحدود، وكان التحوّل الكبير في معركة القصيّر في أيار 2013، ثم تطهير حلب من الإرهاب بالكامل في أواخر العام 2016... وذلك لما لسورية من موقع ودور مهمين في محور المقاومة ككل، خصوصًا لجهة دعم المقاومة الإسلامية في لبنان.
وعندما أيقن الفريق المعادي للمقاومة فشل مراهناته كعادته، دخل في تسويةٍ مع العماد عون، بعدما تمسك حزب الله بترشيح "الجنرال" للرئاسة الأولى، وبعد تأكيد الحزب أن "التفاهم مع "العماد الحليف" ممر إلزامي لانتخاب رئيس الجمهورية".
واليوم هكذا دواليك، بقي فريق المراهنات الفاشلة على غيه، ولم يتعظ من التاريخ، ولا يزال يراهن على متغيراتٍ إقليميةٍ يتوهم أنها ستصب في مصلحته، تحديدًا بعد عملية طوفان الأقصى في تشرين الأول الفائت، وقبلها أيضًا، فمنذ انتهاء ولاية الرئيس عون، يستمر الفريق عينه، بالمناورة و"اللف والدوران"، وإطلاق "المبادرات الرئاسية" العقيمة، لتقطيع الوقت، ظنًا منه أن نتائج الحرب الصهيونية على غزة، ستأتي وفقًا لحساباته ومصلحته.  ولكن تؤكد الأحداث فشل حساباته على الدوام ، "كإسقاط "الرئيس لحود، بعد ما يسمى بـ "حملة فل" في شباط 2006، ثم فشل مراهنة الفريق عينه على هزيمة المقاومة في عدوان تموز في العام المذكور، وبعدها فشل المراهنة على سقوط الدولة السورية خلال أسابيع في العام 2012...
وجتى الساعة لم يتعظ "فريق المراهنات الفاشلة"، فهاهو محور المقاومة يراكم الإنجازات من البحر الأحمر إلى فلسطين إلى جنوب لبنان، ويمضي بخطىٍ ثابتةٍ نحو تحقيق نصرٍ إستراتيجيٍ جديدٍ في المنطقة، ستكون له ارتدادات إيجابيةٍ على مجمل الأوضاع في لبنان، وفي مقدمها الشأن الرئيسي. لذا لابد من التسليم بأن في لبنان فريق لديه رؤى استراتيجية ناجحة للمستقبل، وتصميم وإرادة على صناعة النصر، وفريق آخر مرتهن لم يحصد إلا الخيبة والفشل، بحسب الوقائع المذكورة أعلاه.
 فلا بد للمنتصر أن يعزز حضوره ويفرض شروطه في أي تسويةٍ مقبلةٍ لإنهاء الصراع في المنطقة وعودة الاستقرار إلى ربوعها.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل