الناتو في الشرق الأوسط... لماذا الأردن وليس دول الخليج؟ - د. ليلى نقولا

الإثنين 15 تموز , 2024 10:09 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

أعلن حلف الناتو في مؤتمره السنوي هذا العام، أنه سيفتتح أول مكتب اتصال له على الإطلاق في منطقة الشرق الأوسط في عمان، عاصمة الأردن، وذلك بعدما تمت مناقشة هذا القرار خلال قمة العام الماضي، وتمت الموافقة عليه هذا العام، وهو "يمثل علامة فارقة مهمة في الشراكة الاستراتيجية العميقة بين الأردن والحلف"، وفقًا لإعلان الناتو.

وبالرغم من أن الأمر يعتبر رمزياً من الناحية الدفاعية والأمنية، وهو لا يشكّل التزاماً من قبل الحلف بأمن الاردن؛ كما هو الحال مع أعضاء الحلف الذين يتمتعون بالحماية والدفاع المشترك بموجب المادة 5 من اتفاقية منظمة حلف شمالي الأطلسي، إلا أن بيان الحلف اعتبر أن القرار "يعترف بالدور المهم للأردن كمنارة للاستقرار في السياقات الإقليمية والعالمية، وكبطل منذ فترة طويلة في مكافحة التهديدات العابرة للحدود الوطنية، بما في ذلك الإرهاب والتطرف العنيف".

والأكيد ان الانسحاب من أفغانستان في آب/ أغسطس 2021 وحرب روسيا وأوكرانيا في 2022، حوّلا التركيز العالمي لحلف الناتو الى التركيز على أمن أوروبا، وبالتالي إن فتح المكتب في الاردن لا يعني بأي شكل من الأشكال أن الناتو يبحث عن مسرح عمليات جديد. لكن: لماذا لم يقم حلف الناتو باختيار دولة خليجية لهذا الغرض؟

لهذا الامر أسباب متعددة، قد يكون أبرزها:

-        الموقع الجغرافي للأردن؛ في جوار "اسرائيل" التي يضع الحلف حمايتها وأمنها نصب عينيه، وخاصة أن الاردن كانت الدولة الوحيدة التي أقرّت علناً بمساعدة الولايات المتحدة و"اسرائيل" في ردّ الصواريخ والطائرات بدون طيار التي أطلقتها إيران في ردّها غير المسبوق على "اسرائيل" بعد قصف القنصلية الايرانية في دمشق.

-         عدم رغبة الدول العربية في الخليج في الاضطلاع بهذا الدور مع حلف الناتو. منذ عام 2022، توازن دول الخليج العربي بين علاقاتها مع الولايات المتحدة ودول الناتو ومع الروس بحيث رفض الخليجيون الانخراط في العقوبات الغربية على روسيا. كما يحاول الخليجيون بعد التفاهم السعوي الايراني أن يوازنوا في علاقاتهم الاقليمية وأن لا ينخرطوا في محاور عسكرية في المنطقة ترتد سلباً على أمنهم واستقرارهم وقدرتهم على الازدهار، وهذا ما جعلهم في وقت سابق يرفضون الانخراط في ما سمي "الناتو العربي"، الذي أعلن الملك الاردني أنه مستعد للانخراط به قبيل زيارة بايدن الى المنطقة عام 2022.

-        تعكس الاهداف التي أعلن الحلف في بيانه حول فتح المكتب في الاردن، الاهتمامات الحقيقية للحلف في ما خص الشرق الاوسط، لأن الأولويات الاستراتيجية لحلف الناتو حاليًا هي ردع التهديدات من الجهات الفاعلة مثل روسيا وإدارة صعود نفوذ الصين، لذا من المرجح أن يظل الدور الجماعي لحلف الناتو في الشرق الأوسط مقتصرًا في الغالب على المساعدات العسكرية الأصغر نطاقًا، والتدريب، وبناء القدرات بدلاً من العمليات القتالية المباشرة لقوات الحلف، وهو ما يمكن لمكتب الأردن القيام به.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل