موقف الراعي من الحوار أحرج القوات والكتائب والمعارضة تعتبره انقلابا

الخميس 07 أيلول , 2023 12:18 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ لبنان

أحرج موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي قوى المعارضة المسيحية، خصوصاً حزبي "القوات اللبنانية" و"الكتائب"، من خلال تأييده دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي للحوار والبحث عن حلّ لإنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية، إذ عدّ نواب معارضون، سواء في منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي أو في تصريحات إعلامية، أن الراعي أضحى "طرفاً" في الخلاف القائم، وأن دعوته للمشاركة في الحوار تعدّ "انقلاباً" على مواقفه السابقة التي رفضت أي حوار قبل انتخاب رئيس للبلاد.

وتباينت التفسيرات حيال المغزى السياسي لكلام الراعي الذي ورد في سياق عظة مكتوبة خطياً وتلاها خلال قدّاس الأحد الماضي، فعدّ مواكبون لتصريحه أن "صياغة الجملة أوحت وكأن البطريرك يوجه لوماً لمن يرفض الدعوة إلى الحوار، لكن ما قصده أنه يريد حواراً يحترم الدستور وعملية انتخاب الرئيس".

غير أن مصدراً بارزاً في المعارضة لفت إلى أن "ما صدر عن البطريرك لجهة تأييده دعوة برّي للحوار يتناقض مع خطاباته منذ أشهر، التي كرر فيها أن أي حوار بغياب رئيس الجمهورية ساقط حكماً". وأكد المصدر لـ"الشرق الأوسط"، أن موقف الراعي الأخير "ولّد حرقة عند قوى المعارضة، باعتبار أن صاحب الغبطة يأخذ مساحات سيادية واسعة، ثم يطلق خطاباً يشكل انقلاباً عليها"، عادّا "المواقف المترددة في خطابه (الراعي) بين الحين والآخر، تخلق حالة من الأسى عن قوى المعارضة التي لا تجد نفسها مستندة إلى جدار صلب".

ورفض المطلعون على أجواء الصرح البطريركي الاتهامات التي توجّه إلى الراعي والتي تريد منه التموضع في معسكر معين. ولفت النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم إلى أن "موقف البطريرك الأخير فُهم خطأً، فهو يتمسّك بالدعوة أولاً وأخيراً لانتخاب رئيس للجمهورية والبدء ببناء الدولة".

ورأى مظلوم في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، أن "كلّ طرف سياسي يحاول استمالة البطريرك إليه، لكن بكركي كما سيّدها، تبقى مرجعية دينية ووطنية ليست محسوبة على أي جهة سياسية أو حزبية، وستبقى تطالب باحترام الدستور والقانون والشروع ببناء الدولة، الذي يبدأ بانتخاب رئيس، ومن ثمّ تشكيل حكومة جديدة وورشة إصلاحات تطال كل المؤسسات". وقال مظلوم: "برّي دعا إلى حوار يستمر سبعة أيام، تليه جلسات متتالية لانتخاب الرئيس، ويبدو أن الفريق الآخر غير مستعدّ للدخول بالحوار بل يريد رئيساً يتبعه حوار يديره الرئيس العتيد، لكنّ ما يهمّ البطريرك أولاً وأخيراً انتخاب رئيس للجمهورية، وإنهاء حالة الجمود القاتلة".

وذكرت "الاخبار" بانه برز في الأيام الماضية معطى مهم تمثّل في وجود "نعم" كبيرة للحوار مقابل "لا"، باتت محصورة في حزبَي الكتائب والقوات اللبنانية، ومعهما عدد من النواب المستقلين. لكن البارز أن الـ"نعم" لم تبق محصورة بالكتل النيابية، إذ كان الأهم بينها موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي دعا النواب إلى المشاركة من دون شروط، ما خلق إرباكا كبيراً لدى المعارضة التي ساق نوابها حملة ضد بكركي، ثم اضطروا إلى التراجع عنها لاحقاً.

وتبين أن كلام بكركي، معطوفاً على موقف الحزب التقدمي الاشتراكي الداعم للحوار، أربك بعض النواب المستقلين الذين أجّلوا حسم موقفهم. ووفق الأرقام، جمع بري في سلّته حتى الآن حوالي 91 نائباً من الكتل المؤيدة (حزب الله، حركة أمل، المردة، الاعتدال، التوافق الوطني، التيار الوطني الحر، الاشتراكي، الطاشناق وعدد من المستقلين)، مقابل 29 نائباً معترضاً "قوات وكتائب وتجدّد" ومعهم أيضاً نواب تغيير ومستقلون.

وحتى اللحظة، حسم أربعة من أصل 12 نائباً تغييرياً قرارهم بعدم المشاركة، وهم: وضاح الصادق، ميشال الدويهي، مارك ضو وياسين ياسين، الذي حرص على تمييز موقفه عن الثلاثة الأوائل، قائلاً لـ"الأخبار": "المقاطعة ليست في سياق الاصطفاف مع فريق في البلد ضد آخر، إنما انطلاقاً من احترام الدستور الذي لا يتحدّث عن حوار يسبق انتخاب رئيس الجمهورية".

وفيما تجنّبت النائبة نجاة صليبا الإعلان عن موقفها من دعوة بري، أكد النائب إلياس جرادة دعمه مبادرة بري وحضوره لجلسات الحوار التي اعتبرها "ضرورية لمدّ الجسور بين الأفرقاء". وعُلم أن النائبين نعمت افرام وجميل عبود لم يحسما أمريهما بعد، مع الإيحاء بأن تلبية الدعوة ليست مستبعدة، انطلاقاً من "المصلحة الوطنية التي تحتّم الاستعجال في انتخاب رئيس للجمهورية". أما على صعيد نواب صيدا - جزين، فلم يُعرف بعد توجّه النواب: أسامة سعد وعبد الرحمن البزري وشربل مسعد.

وذكرت مصادر مطلعة إن تأييد الغالبية النيابية للحوار، من بينها كتلة سنية واسعة أراحت رئيس المجلس وفقَ ما نُقِل عنه، يعكس وجود اعتراض خارجي على الدعوة. وقد تركت الزيارة الأخيرة للسفير السعودي وليد البخاري لبكركي انطباعاً بوجود تأييد لموقف البطريرك.

مع ذلك، تبقى هناك أسئلة حول من يترأس الحوار، علماً أن مصادر قريبة من عين التينة قالت إن بري اقترح على لودريان سابقاً أن يترأس نائبه الياس أبو صعب طاولة الحوار، باعتبار أن بري هو طرف ولن يكون حاضراً بل سينوب عنه النائب علي حسن خليل، ليفاجأ بعد ذلك بأن أبو صعب لم يكُن من الشخصيات التي شملتها دعوة لودريان الى الحوار، وهو ما استغربه بري نفسه.

وفي السياق، نقل النائب سجيع عطية عن مصادر لم يكشفها ان باريس مرتاحة لخطوة الرئيس نبيه بري بالدعوة الى حوار لسبعة ايام في المجلس النيابي، ثم جلسات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية.

وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ"اللواء" أن هناك رهانا على زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي من أجل تزخيم دعوة بري الى الحوار، وأوضحت أن ردود الفعل المضادة على الحوار تجعل من نتائجه غير قابلة للحياة مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه لا يمكن الجزم منذ الآن ان لقاءات الموفد القطري من شأنها تحريك الملف الرئاسي.

‎ورأت هذه المصادر أن ما من مبادرة قطرية جديدة وفي الأساس هناك مساع غير منفصلة عن العنوان العريض الذي خرج به الاجتماع الخماسي.

‎وعما اذا كانت قطر تسعى إلى تسويق قائد الجيش العماد حوزف عون، فإن المصادر اعتبرت أن هذا الكلام لبس بجديد إنما المسألة مرتبطة بمدى توافر الظروف المهيئة لذلك.

الخطوة التالية قريباً

ووفق معلومات "الجمهورية" فإنه على الرغم من المواقف الاعتراضية، وكذلك المواقف التي وصفت بأنّها غير مشجعة، فإنّ الخطوة التالية لبري، المرتبطة بمبادرته، سواء لجهة تحديد موعد الحوار وتوجيهات الدعوات الى الاطراف المعنية بهذا الحوار، قد يبادر اليها رئيس المجلس خلال فترة اقصاها الاسبوع المقبل". وعلى ما يقول معنيون بالمبادرة لـ"الجمهورية": ما طرحه رئيس المجلس قاله بصراحة وعلناً امام الجميع في الداخل والخارج، وقدم للاطراف السياسيين فرصة اخيرة للحل الرئاسي، وليتحمّل كل طرف مسؤوليته امام اللبنانيين وكل العالم، في سلوك واحد مِن سَبيلَين، امّا الذهاب الى حوار تعقبه جلسات انتخاب متتالية ومفتوحة حتى يتصاعد الدخان الابيض وننتخب رئيس الجمهورية، وامّا الامعان في الخطيئة التي ترتكب بحق لبنان واللبنانيين".

ولفتت المصادر الى ان حوار السبعة ايام إن انعقد، نتائجه غير محسومة سلفاً، لا لناحية فشله او نجاحه في تحقيق خرق. وقالت ان المهم والمطلوب هو جلوس الاطراف الى طاولة الحوار، ومن بعدها نذهب الى جلسات انتخاب لا بد لها في نهاية المطاف من ان تستولِد رئيساً للجمهورية، لأن الفشل هذه المرة نتيجته الحتمية الدخول في المجهول.

الى ذلك، وفيما تابع السفير الفرنسي الجديد في لبنان هيرفي ماغرو زياراته امس، حيث التقى قائد الجيش العماد جوزف عون ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، اكدت مصادر سياسية مسؤولة رداً على سؤال لـ"الجمهورية" انّ موعد وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان قد اقترب، وربما الاسبوع المقبل، ولم نتبلّغ حتى الآن اي تغيير او تعديل في هذا الموعد".

بدورها، أكدت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ"الجمهورية" ان لودريان سيزور بيروت في الايام القليلة المقبلة، ولا تبديل في برنامجه حتى الآن".

وردا على سؤال عن مبادرة بري الحوارية، اكتفت المصادر بالقول: "انّ ما يعني باريس بالدرجة الاولى هو ان يتحاور القادة السياسيون ويتفقوا فيما بينهم على انتخاب رئيس للجمهورية".

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل