الإماراتي خلف الحبتور يؤسس قناة تلفزيونية في لبنان.. لنشر "السعادة" أم التطبيع؟

الخميس 09 أيار , 2024 09:39 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

بينما يهرب المال الخليجي من لبنان منذ عام 2021 وتحذر الإمارات رعاياها من البقاء فيه منذ بدء عملية "طوفان الأقصى"، جدف رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور عكس التيار.

إذ أعلن الحبتور رسميا مطلع مايو/ أيار 2024 عن إطلاق قناة تلفزيونية (لم يحدد اسمها) في لبنان.

"الحبتور"، الذي اشتكى قبل 4 أشهر فقط من المناخ الطارد للاستثمار في لبنان والمضيق على استثماراته، لم يكتف بإعلان تدشين قناة "ستخلق مئات الوظائف، وتبعث طاقة إيجابية" على حد وصفه، بل وإنشاء "مدينة استوديوهات".

وزعم الحبتور أنه لا يضع نصب عينيه تحقيق أرباح أو استفادة مادية مجزية من مشروع القناة الجديدة، وهدفه خدمة وتشغيل شباب وشابات لبنان.

و"الحبتور" مجموعة عائلية تضم محفظتها شركات تعمل بقطاعات السياحة والتشييد والعقارات والتعليم والسيارات، وهذه أول مرة تعمل في مجال الإعلام.

لماذا لبنان؟

جاء الإعلان الرسمي عن هذه القناة في منشور لرجل الأعمال الإماراتي على منصة إكس، حيث أكد أنه تواصل مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، ووجد لديه الدعم الكافي. 

وزعم أنه اختار لبنان دونا عن غيره من الدول مقرا للقناة التلفزيونية الجديدة، بهدف خلق فرص عمل للشعب اللبناني وتشغيل الشباب والشابات، والمساهمة في تعزيز الظروف الاقتصادية والاجتماعية في لبنان. 

حاول الإيحاء أن هدف مجموعة الحبتور من إطلاق القناة، ليس مجرد بث تلفزيوني، بل تشغيل اللبنانيين و"المساهمة بشكل إيجابي في إحياء اقتصاد لبنان".

وتوقعت مجموعته في بيان لها أن توفر القناة ومدينة الاستوديوهات فرصا لأكثر من 300 لبناني في مجالات مثل الصحافة والإنتاج والفنون وغيرها.

وتحدثت عن تطوير مدينة استوديوهات في لبنان على مساحة 100 ألف متر مربع، "ستصبح مركزا رئيسا لإنتاج الأفلام والبرامج التلفزيونية".

قالت إن "برامجها مصممة لتلهم وتحفز شباب لبنان والعالم، وتشجعهم على اعتناق الإيجابية وملاحقة أحلامهم"، على حد وصفها. 

وكان خلف الحبتور قد ذكر عبر مجموعته في 8 أبريل/نيسان 2024 ثم في فيديو مصور 17 أبريل أنه يسعى لإطلاق "قناة تنشر الإيجابية والتفاؤل، وتُخفف حدة الأخبار السلبية التي تتداولها وسائل الإعلام".

تحدث عن "استثمار رائد في قناة تلفزيونية جديدة مكرسة لنشر السعادة"، في عصر يغلب فيه صخب الأخبار السلبية على لحظات الفرح والنجاح.

وصف قناته الجديدة، قبل إعلانها رسميا بقرابة شهر، بأنها "ليست مجرد توسع لمحفظة مجموعة الحبتور المتنوعة".

ولكنها "صُممت لنشر السعادة حول العالم"، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت قناة مخصصة لـ "اللهو" لا السياسة، وتم اختيار لبنان بوصفه المكان الأنسب لذلك.

ووصف الحبتور مشروعه بقوله: "نحن محاطون بالأخبار السلبية والخوف أينما التفتنا في العالم، لذا نحن بحاجة إلى التركيز على الإيجابية وتسليط الضوء على النجاحات والأخبار الجيدة لتحفيز الناس على أن يكونوا أكثر سعادة وإنتاجية".

وأسس  الحبتور شركته الخاصة عام 1970 وأطلق عليها آنذاك اسم شركة الحبتور للمشاريع الهندسية، ثم توسع في نشاطه.  

ويعد خلف الحبتور أحد المليارديرات وأثرياء إمارة دبي، وهو مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور ورئيس مجلس إدارة شركة دبي الوطنية للتأمين وإعادة التأمين.

كما أنه عضو سابق في المجلس الوطني الاتحادي وفي مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي ورئيس مجلس إدارة بنك دبي التجاري.

لماذا الآن؟

الكشف عن القناة الإماراتية الجديدة في التوقيت الراهن أثار تساؤلين بين مراقبين وناشطين:

الأول: لماذا الآن؟، حيث تساءلت مواقع لبنانية عن دوافع الإعلان عن القناة التلفزيونية الإماراتية، خاصة أن القنوات التلفزيونية لم تعد ذات ربحية تجارية.

أشارت لاحتمال أن يكون هدفها دعائيا من أجل التطبيع والدفاع عن إسرائيل وأنها مجرد اسم ولافتة وراء القناة التي قد تكون مدعومة من أوساط صهيونية وأميركية

وقال الكاتب والإعلامي اللبناني "شوقي عواضة" إن المشروع الصهيوني يقف خلف الحبتور في لبنان، وأنه "واضح وجلي"، والأمر ليس حبا بلبنان ولا بشعبه وإنما صفقة استثمار في دماء اللبنانيين لاستهداف المقاومة التي جاهر بضربها والقضاء عليها.

وأشار لهذه الطبيعة الصهيونية المشبوهة لهذا المشروع أيضا، البروفيسور اللبناني في جامعة كاليفورنيا "أسعد أبو خليل" الذي رأى أن القناة ضمن "إعلام التطبيع من لبنان".

وقال إنه لو حاول لبناني –بالمقابل-فتح قناة تناصر المقاومة وتعادي إسرائيل، في الإمارات، لزُج به في السجن على الفور.

وردا على قول الحبتور أنه يستثمر في لبنان لخلق وظائف، سأل "أبو خليل" الحبتور عن سر تناقض موقفه الجديد بآخر سابق.

أوضح أن الحبتور و"فريق التطبيع الإبراهيمي" يعايرون لبنان ليل نهار بأنه خاضع لـ "الاحتلال الإيراني"، ومع هذا حين أراد فتح محطة تلفزيونية لم تجد في هذا العالم العربي الشاسع إلا البلد الذي يخضع للاحتلال الإيراني.

التساؤل الثاني: أن لبنان بلد يعاني من انهيار مالي وحروب، فهل من الطبيعي الاستثمار في بلد مضطرب سياسيا واقتصاديا، أم أن الأهداف ليست مادية؟

ولماذا يسير الحبتور عكس التيار ويستثمر في لبنان خاصة أن الإمارات ظلت تحذر في الآونة الأخيرة عبر إعلامها أن لبنان مختطفة من حزب الله وإيران ودعت رعاياها لمغادرته عقب طوفان الأقصى؟

ولماذا الحبتور نفسه، وهو الذي اشتكت مجموعته التجارية لبنان في يناير 2024، ووجهت إخطارا كتابيا إلى حكومة بيروت حول نزاع ‬‬‬‬‬‬يتعلق بانتهاك اتفاقية الاستثمار الثنائية بين الإمارات ولبنان والإضرار باستثمارات المجموعة في البلاد؟!

ويتعلق النزاع باستثمارات الحبتور في لبنان في قطاع الفنادق الفاخرة (مليار دولار) وفرض مصرف لبنان المركزي قيودا منعت المجموعة من تحويل أكثر من 44 مليون دولار من البنوك اللبنانية، بحسب "سكاي نيوز" 10 يناير 2024.

أيضا سبق أن أغلقت مجموعة إم.بي.سي السعودية مكاتبها في لبنان بمعداتها وموظفيها في نوفمبر 2021 وتوجهت إلى السعودية، غضبا من تصريحات وزير الإعلام وقتها جورج قرداحي التي عدت مسيئة للسعودية، وأدت لانسحاب رأس المال الخليجي من الإعلام اللبناني.

وفي الفترة الأخيرة، تقلصت مساحة العمل الإعلامي، ودخلت كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، إضافة إلى المواقع الإلكترونية، في سياق الإعلام الحربي والطائفي، ولم تعد مصنعا لإنتاج الأفكار وبلورة النقاش العام بل صارت استكمالا للأعمال الحربية. 

أيضا عدم تدشين هذه القناة من استوديوهات أبو ظبي مثل نظيرتها "سكاي نيوز عربية"، أو وسائل إعلام إماراتية أخرى، واختيار لبنان الذي يخيم عليه الخراب الاقتصادي والفوضى السياسية، أثار تساؤلات عن السبب.

لكن علاقة الحبتور بإسرائيل ودعوته الدول العربية للتطبيع معها، وكذا توقيت الإعلان عن القناة وسط حرب إعلامية بين معارضي العدوان الإسرائيلي، ومؤيدي إسرائيل، أعطي انطباعات أكثر وضوحا حول دور هذه القناة ومدينة الاستوديوهات.

الحبتور وإسرائيل

استثمار الحبتور في لبنان الذي يشارك في الحرب، وفي ظل تصاعد انتفاضة عالمية ضد العدوان الصهيوني على غزة، وتجييش الاحتلال وأوساط صهيونية وسائل إعلام وخططا دعائية لترميم الصورة الصهيونية المنهارة بفعل إبادة غزة، أثار تساؤلات.

إذ إن رجل الأعمال الإماراتي، له علاقات ومشاريع مع إسرائيل ويدعو باستمرار لتطبيع عربي مع تل أبيب، في مختلف المجالات. 

ومع أن الحبتور، صرح عقب طوفان الأقصى بتصريحات تدين العدوان على غزة، فقد جاءت تصريحاته من منطق اقتصادي بحت خشية تأثر مشاريعه في العالم العربي والعالم الذي انتفض ضد إبادة غزة.

حيث قال خلال مقابلة مع أحمد موسى على قناة "صدى البلد" في 3 مارس 2024 إن "عملية حماس في 7 أكتوبر-سواء كانت صح أو خطأ- أثبتت أن القوات الإسرائيلية لم تكن كما كنا نتصورها كعرب، أصبحوا مرتبكين وخائفين والرعب دخل نفوسهم وتفككوا".

ومع أنه قال في اللقاء أنه "يجب معاقبة إسرائيل عالميا ويجب وقف تصدير الأسلحة لها"، فلم يعلن وقف مشاريعه مع الإسرائيليين.

وأطلق الحبتور تصريحات تؤكد أن اقتصاد إسرائيل بعد طوفان 7 أكتوبر 2023 "صفر"، قائلا: "بناء على معلوماتي من شخصيات مهمة أؤكد أن اقتصاد إسرائيل صفر ومتعب جدا، لكنهم لا يكشفون عن الحقيقة".

وهو ما يؤكد تواصله مع رجال أعمال إسرائيليين أبلغوه بهذه المعلومات ويخشى تضرر مشاريعه معهم، حيث أشار إلى هجرة العديد من العائلات من إسرائيل.

ولفت إلى أن الإسرائيليين الذين يزورون دبي يخشون التحدث باللغة العبرية، قائلا إن “الإسرائيليين الذين يأتون لدبي يتكلمون إنجليزي لا عبري لأنهم خائفون مع أن الإمارات تحميهم”.

تاريخ من التطبيع

بعد أسبوع واحد من اتفاق الإمارات وإسرائيل على إقامة علاقات دبلوماسية وتجارية، قالت مجموعة الحبتور يوم 20 سبتمبر/أيلول 2020 إنها ستفتح مكتبا لتمثيلها في إسرائيل، بحسب وكالة "رويترز".

وقالت "رويترز" إن مجموعة الحبتور، تجري محادثات مع شركة الطيران الإسرائيلية لتدشين رحلات تجارية مباشرة بين البلدين.

ويوم 2 أكتوبر 2020 أجرت قناة "يورونيوز" مقابلة مع الحبتور قال فيها: "دعوت للتطبيع منذ وقت طويل، وقلت إنه علينا أن نتواصل مع إسرائيل وإن إسرائيل عليها أن تتواصل بشكل عام معنا، أعني العرب والفلسطينيين، إنه أمر مهم للغاية، هل تعلم، أنه لا يوجد لدينا حدود معهم"!

وتابع الحبتور: "لدي الكثير من العلاقات مع إسرائيليين ويهود في جميع أنحاء العالم، وأعتقد أنه سيكون مربحا بالنسبة للبلدين لأن الإسرائيليين متقدمون جدا في مجال التكنولوجيا، ونحن نريد أن نتعاون معهم في هذا المجال".

كما أعلنت مجموعة الحبتور عن تعاونها مع شركة "موبيلاي" ومقرها إسرائيل، وتعمل على تطوير مركبات ذاتية القيادة وخرائط ثلاثية الأبعاد للمدن الذكية.

ويوم 6 أكتوبر 2020 كتب الحبتور مقالا في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية زعم فيه أن ملايين اللاجئين الفلسطينيين لن يعودوا أبدا إلى ديارهم التي خرجوا منها عقب نكبة عام 1948، ووصف تمسك الفلسطينيين بحق العودة بـ"التعنت".

وقال أيضا إن اللاجئين الفلسطينيين “ينقلون آمالا كاذبة إلى أولادهم ويسلمونهم مفاتيح المنازل التي كانت لآبائهم أو أجدادهم، ويبقون الكراهية الشديدة للإسرائيليين حية من جيل إلى آخر؛ وهذا تصرف غير عادل لكلا الجيلين”.

ولاقى مقال الحبتور أصداء مرحبة في الأوساط الإسرائيلية، إذ أشاد بمواقفه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية للإعلام العربي حسن كعبية، وفي المقابل، وجه الكثير من الناشطين انتقادات لاذعة بالخيانة للحبتور.

وقبل هذا نشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية في 27 نوفمبر 2019 مقابلة أجراها الصحفي اليهودي الأميركي شالومي زييانتس، في دبي مع الحبتور، لصالح مجلة عامي ماغازين الأسبوعية الناطقة باسم الجالية اليهودية في الولايات المتحدة.

وقال موقع الخارجية على تويتر إن الحبتور دعا في اللقاء الصحفي دول الخليج إلى التطبيع مع إسرائيل، وأن تبدي بشكل علني رغبتها في إقامة علاقات مع إسرائيل.

وأكد أن "العرب واليهود هم أبناء عمومة وأنه من الغباء أن يتقاتلوا"، مضيفا أنه "يريد أن تكون علاقات الإمارات مع إسرائيل مفتوحة وأن يكون بإمكان كل منهما الاستفادة سياسيا واقتصاديا من تلك العلاقات".

 

مواقع الكترونية

 

 إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل