هل تتوسّع المجابهة على جبهة لبنان مع فلسطين المحتلة؟

الثلاثاء 04 حزيران , 2024 09:57 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

بعد أن تلقت «إسرائيل» في شمال فلسطين المحتلة ضربات موجعة سدّدتها المقاومة الإسلامية من لبنان خرج رئيس حكومة العدو نتنياهو بموقف يعلن فيه أنه «أوْعز للجيش بأن يوسّع العمليات داخل لبنان» ترافق ذلك مع إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن بأنّ «إسرائيل» قدّمت مقترحاً لتبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية وانّ الأمور تتجه باتجاه وقف العمليات، ما يطرح السؤال عن مصير جبهة لبنان اذا تمّ الاتفاق، وقبل ذلك هل انّ الاتفاق أصلاً سيتمّ…؟
من الواضح انّ اليمين الإسرائيلي المتطرف والذي يعتبر شريكاً رئيسياً في حكومة نتنياهو، يرفض هذا الاتفاق ويصرّ على الاستمرار في الحرب في غزة من غير توقف حتى تدمير المقاومة فيه تدميراً كاملاً وتحقيق أهداف الحرب بالقوة. ويهدّد وزراء هذا اليمين المتطرف بحلّ الحكومة إذا قبل نتنياهو الاتفاق وأوْقف الحرب. هذا ما هدّد به كلّ من بن غفير وسموتريتش اللذين أنذرا نتنياهو بإسقاط الحكومة اذا أوْقف الحرب.
وفي المقابل يجد نتنياهو نفسه عرضة لضغوط أخرى معاكسة داخلية وخارجية تلزمه بقبول الصفقة ووقف الحرب في إطارها، حيث تشتدّ الضغوط السياسيّة من المعارضة الإسرائيلية ومن بعض الجيش ومن الجبهة الداخلية عامة وبالأخص من عائلات الأسرى من جهة وتظهر الولايات المتحدة الأميركية نوعاً من الجدية والرغبة في الصفقة ووقف هذه الحرب على حدّ ما قال به بايدن من إنه «آن الأوان لوقف هذه الحرب» في موقف يصدر للمرة الأولى بهذا الشكل عن أميركا التي أجهضت في مجلس الأمن أربعة مشاريع قرارات لوقف النار وشلت مواقف محكمة العدل الدولية بهذا الصدد. فـ لأيّ من الوجهتين سيستجيب نتنياهو في النهاية؟ وقبل ذلك ما هو موقف حماس والمقاومة الفلسطينية من المقترح الذي أعلنه بايدن لإتمام الصفقة؟
لقد تلقت حماس المقترح بالصفقة من قطر وتعكف على دراسته خاصة في المسائل النهائية التي حسم المقترح أمرها ولم يتركها للتفاوض، حيث انّ المقترح يشمل نوعين من الأحكام والبنود… الأول ما هو نهائي مبرم بمجرد الموافقة، والثاني ما هو متروك للتفاوض بين الأطراف ويجري العمل بما يتفق عليه وان وقع خلاف يتدخل الوسطاء الثلاثة (أميركا – مصر – قطر) لتسهيل الحلّ وإلا يتوقف المسار. وهنا تكمن خطورة المقترح وظهوره في مظهر القابل للنسف في أي مرحلة وعند أي عقبة تفاوضية. وقد يكون في هذا الأمر المخرج الذي سيدفع نتنياهو للقبول الأوّلي بالمقترح فيرضي أميركا، ثم ينسف الاتفاق في مرحلته الثانية التي فيها بيت القصيد أيّ وقف إطلاق النار بشكل شامل ونهائي فيتملص منه بشكل يرضي وزراء اليمين المتطرف ويحمي حكومته.
اذن على ضوء ما تقدّم نرى انّ المقترح الأميركي لإجراء الصفقة، هو مقترح قابل للنجاح في مرحلته الاولى اذا وافقت حماس وإبرام هذا الاتفاق محتمل بنسبة 55% على الأكثر حتى اللحظة الراهنة، فإذا تمّ ذلك فكيف سيكون مصير جبهة لبنان؟
عندما أعلن نتنياهو بانه أوْعز لجيشه بتوسيع العمل داخل العمق اللبناني، ايعاز ترجم بتصعيد ميداني قامت به «إسرائيل» عبر استهداف بيوت المدنيين في جنوب لبنان كما وتنفيذ عمليات اغتيال وملاحقة الدراجات النارية، عندما تمّ ذلك كان رد المقاومة الإسلامية في لبنان صارماً عبر توجيه ضربات نوعية موجعة للعدو وعبر استهداف مناطق ذات طبيعة استراتيجية مميزة، كما انها قامت بإظهار قدرتها على المناورة البرية ونصب الكمائن في المنطقة الحدودية داخل فلسطين المحتلة وتنفيذ عمليات محكمة ارادت المقاومة منها «اظهار قوتها وجهوزيتها» في مواجهة عدو مستنفر في اعلى درجات الاستنفار. وهي استراتيجية تعتمد من قبل من لا يريد الحرب ولكنه مستعد لها.
فالمقاومة الإسلامية في لبنان فتحت حرب الضغط على العدو من أجل التخفيف عن غزة وإسنادها ومن اجل منع العدوان على لبنان وقد حققت هذه الحرب أهدافها، ولما لوح العدو بالتوسع مع احتمل التدحرج الى الحرب المفتوحة قامت المقاومة بعرض القوة وإظهارها لإفهام العدو بان ما ينتظره في حال اعتدى وذهب الى الحرب المفتوحة فان ما ينتظره الكثير الكثير مما لا عهد له به وتعزز المقاومة بذلك معادلة الردع الاستراتيجي وتؤكد على قدرتها في منع الحرب وحماية لبنان دون ان تعطي العدو أي ذريعة للعدوان، فالمقاومة تعمل بمنطق «من لا يريد الحرب يستعد لها ويظهر القوة ويؤكد هذا الاستعداد».
اما «إسرائيل» فرغم كل ما قيل فإنها كما يبدو لن تجازف الى حرب مع لبنان ان لم تضمن الإسناد والدعم لا بل والمشاركة الأميركية. وهي مشاركة تبدو حتى الآن مستبعدة في ظل موقف أميركي جديد يرمي الى وقف الحرب القائمة ولا يقبل بالذهاب الى حرب جديدة قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية الأميركية.
في الخلاصة ووفقاً للمنطق نقول بانّ حرب غزة تقترب من هدنة الآن، وجبهة لبنان تقترب من التبريد تبعاً لذلك إلا اذا حكم الجنون في «إسرائيل»، عند ذلك لا يوجد للحمق قواعد تضبطه.

 

العميد د. أمين محمد حطيط  ـ البناء

 

 إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل