طريق الوصول إلى الله سبحانه وتعالى

السبت 21 أيلول , 2024 01:39 توقيت بيروت تصوّف

 الثبات ـ التصوف  

لا شك أن الدين الإسلامي جاء يُقوّم الأعمال الظاهرة التي تربط الناس بعضها ببعض كمعاملات وغيرها، وكذلك جاء ليقوِّم سلوك الإنسان الباطني والروحي، فالإنسان روح وجسد ولكل منهما حق بالتقويم، وهذا من كمال الدين الإسلامي، ولا ريب أن الباحث عن مرضاة الله تعالى عليه أن يسلك طريق الوصول إليه سبحانه وتعالى، وذلك عبر المقامات القلبية، كالتوبة ومحاسبة النفس، والخوف والرجاء، والمراقبة، وعبر التحلي بالصفات الخُلُقية كالصدق والإخلاص والصبر، ليتذوق معرفة الله ويصبح من مقام أهل الإحسان، ويتهيأ قلبه للدخول على حضرة الله تعالى القائل في وصف سيدنا إبراهيم عليه السلام: {إذ جاء ربَّهُ بقلبٍ سليم} وقال أيضًا: {إني ذاهبٌ إلى ربي سَيَهْدين}.   

وليس المراد بالطريق الطريق الحسي، وإنما الطريق المجازي، لأن الله تعالى لا يحده مكان أو زمان، قال تعالى:{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}، وكما قال ابن عطاء الله السكندري: (وصولك إلى الله  وصولك إلى العلم به، وإلا فجَلَّ ربُّنا أن يتصل به شيئ، أو يتصل هو بشيء).   

وقال الإمام الغزالي: (ومعنى الوصول هو الرؤية والمشاهدة بسر القلب في الدنيا...فليس معنى الوصول اتصال الذات بالذات، تعالى الله عن ذلك علوًّ كبيرًا). 

ولكي يصل الإنسان إلى الله تعالى لا بدَّ له من مجاهدات نفسية ومواصلة للذكر والمراقبة والمحاسبة والخلوات، فهذا المقام لا يُنال بالتشهي والتمني، بل لابد من إيمان وتقوى، وصدق في القصد، وإخلاص في الغاية،  وعند ذلك يكرم الله السالكين إليه بالوصول والمعرفة، والسعادة القلبية. 

قال الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي: (إن طريق الوصول إلى علم القوم الإيمان والتقوى قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب} والرزق نوعان: روحاني وجسماني، قال الله تعالى:{ واتقوا الله ويعلمكم الله} أي: -بسبب تقواكم ومراقبتكم لله- يعلمكم مالم تكونوا تعلمونه بالوسائط من العلوم الإلهية). 

ولا بد لمن يسلك هذا الطريق أن يصحب رجلًا من رجاله، عرف مساره، لأن له مخاطر وعوائق وقُطّاعًا وفيه مزالق وعقبات، كما للطريق الحسي، فلا بد لقائد يُسَيّرك فيه، ويُرغِبك به، ويحذرك من مخاوفه ومخاطره، ومن هنا يظهر فضل الدليل والمرشد، والصحبة الصالحة فيه للسائر، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} وقال: { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}.

فالقرآن الكريم يدعونا لأن نسلك طريق التقوى مع أهل الصدق، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو القائد والقدوة في هذا الطريق، حين فرَّ إلى ربه، ولجأ إليه بعيدًا عن الجو الوثني وعبادة الأصنام والأحجار وصخب الحياة، فلابد للإنسان المسلم أن ينهج منهج النبي صلى الله عليه وسلم، ويجلس مع الذين سلكوا مسلك التقوى، والصدق، وأن يخلوا بنفسه ليرى أين وصلت في طريق الوصول إلى الله تعالى.  


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل