أميركا: عودة "الكاوبوي" الى الساحات _ أمين أبوراشد

الأربعاء 06 تشرين الثاني , 2024 10:52 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

البعض من منطلق ربما عاطفي، يأسف لخسارة "المُهاجرة الوديعة كاميلا هاريس" المتضامنة مع الأقليات والطبقات الفقيرة والمهاجرين، أمام دونالد ترامب الأميركي المهاجر الى أميركا مثلها، لكنه مؤمن بعظمة بلاده ولديه حنين الى عصر ال"Cowboys"، ويمتطي حصاناً لتأديب القطعان، لكنه لم يخُض حرباً واحدة في ولايته الأولى، وهو على حد قوله ضد منطق الحروب، والشعار الذي رفعه خلال حملته الانتخابية: "Make America Great Again"، فلأن أميركا في عهد جو بايدن، ارتكبت بحق نفسها ما لم يرتكبه بها خصومها عبر العالم، وأسقطت عن نفسها الهالة المزعومة، عبر انخراطها المباشر بالحروب من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، وأظهرت في عهد بايدن، ضعفاً أمام الصين وروسيا وكوريا الشمالية، ما يماثل ضعفها في حماية حدودها مع المكسيك، بحيث بات هناك بين المهاجرين غير الشرعيين في شوارعها، ما يقارب 15 ألف مطلوب للعدالة هاربين من المكسيك وكافة دول أميركا الجنوبية.

ترامب حرص في أول خطاب له بعد الفوز، على شكر العرب الأميركيين والمسلمين الأميركيين على دعمهم له، لأن لهؤلاء ذاكرة تحفظ جيداً مقولة جو بايدن التي كان يكررها دائما: "ليس بالضرورة أن تكون إسرائيلياً كي تكون صهيونياً"، وشهدوا على مجازر عهد جو بايدن في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن ترامب الذي نقل خلال ولايته الأولى سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، واعترف بسيادة "إسرائيل" على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، ويُنقل عنه رغبته بمساعدة "إسرائيل" على توسعة مستوطناتها في الضفة الغربية التي يُزعم أنها "يهودا والسامرة"، ترامب هذا ليس على يديه دماء 43 ألف شهيد من أبرياء غزة، ولا عشرات الآلاف من الجرحى والمفقودين، ولا على يديه غبار من دمار بيوت الصفيح على رؤوس المدنيين الأبرياء.

من حق شعوب العالم الثالث المظلومة من سياسات أميركا، أن تعتبر فوز ترامب على هاريس أنه خيار بين السيء والأسوأ، ومن حق هذه الشعوب -ونحن في لبنان منها- ألا تعطي ترامب براءة ذمة سابقة عن ولايته السابقة، ولا براءة ذمة مسبقة عن ولايته اللاحقة، لكن ما ارتكبه جو بايدن ومعه ربيبته هاريس بحق غزة والضفة الغربية ولبنان، من شراكة مُعلنة في حرب الإبادة هي التي تعتبر غير مسبوقة.

وما بين السيئ والأسوأ بالنسبة للبنانيين، ليس الخيار بين ترامب وهاريس، بل السيء الأسوأ، هو في ربط لبنان بنعل رئيس أميركي راحل ورئيس أميركي قادم، وذلك على مدى ثلاثة عقود على الأقل، ما جعل من قيمة السلطات السياسية اللبنانية  ذاتبمستوى النعال و"الشحاطات"، من خلال تسوُّل السيادة من الخارج البعيد أو الخارج القريب.

وقبل أن تبادر السلطات اللبنانية لإرسال برقيات التهنئة إلى الرئيس ترامب، عليها أن تعلم، أن كل دولة تحترم نفسها وتحترم دستورها وتحترم إرادة شعبها، ترسل برقية واحدة من رئيس الدولة إلى رئيس دولة، باستثناء لبنان، الذي يتباهى بأن لديه ثلاث رئاسات، وثلاثة رؤساء، عسى رئيس مجلس النواب، ورئيس حكومة تصريف الأعمال في برقية كل منهما إلى الرئيس ترامب، طلب المساعدة لانتخاب رئيس للدولة، خصوصاً أن لبنان اعتاد عبر تاريخه، ومنذ زمن السلطنة العثمانية، أن يتسوَّل سيادته وقراره من والي الشام ووالي عكا، وبما أن والي الشام مشغول بهموم بلاده، ووالي عكا مشغول بعدوانه علينا، وولاة الخليج قد كفروا بنا من زمن اتفاق الطائف إلى زمن مؤتمر الدوحة، عسى والي بلاد العم سام يشفع بنا ويستولد لنا رئيساً على صورته ومثاله، بانتظار أن يكبر لبنان يوماً ويبلغ سن الرشد بعد أن يرحل بعض صغار القوم عن السلطة وعن سما هذا الوطن.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل