أزمة الصمت والإعلام اللبناني.. أي واقع وأي مستقبل؟

الخميس 27 كانون الأول , 2018 01:50 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

تتلاحق أزمات الإعلام اللبناني، المكتوب والمرئي والمسموع، جراء تراجع الواردات التجارية والاعلانية،  وتوسع انتشار ما يسمى "الاعلام البديل" أو "الجديد" من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، يضاف إليها، تراجع وظيفة الاعلام اللبناني على المستوى الخارجي، وبالتالي تراجع التمويل وتقلصه لأن الممولين أيضاً، صار لديهم اعلامهم الفاعل ووسائلهم الدعائية.

 

لنعترف هنا، أن الخدمات التي كان يؤديها الإعلام في لبنان، إلى الخارج، كان لقاء وظيفة سياسية تخدم الممول، أي أنه كان يقوم بخدمة وظيفية، بهذا ارتبط كثير من وسائل الاعلام، صحافة وتلفزيوناً، وإذاعة بجهات حكومية إقليمية ودولية، مما يعني أنها صارت تلبي رغبات وإدارة هذا الخارج حتى في الشؤون الداخلية اللبنانية، إضافة الى الدفاع عن رغبات وطلبات الخارج التي كثيراً ما تتعارض مع المصالح الوطنية، وحتى بما يتعارض مع قناعات وسلوك اجتماعي أو ديني درج عليه البلد منذ تكوينه.

 

ومن الأمثلة على ذلك، دفاع البعض غير المبرر وغير المفهوم عن الارهاب التكفيري في سورية أو العراق على سبيل المثال وليس الحصر، لأن دولة اقليمية كبرى تريد ذلك، ومعاداة المقاومة التي حققت للوطن الصغير انتصارات عظمى على العدو الصهيوني، لم يحققها التاريخ العربي  أو الاسلامي منذ سقوط غرناطة في الاندلس عام 1492م.

 

ورغم مرارة هذا الواقع... وحتى فظاعته، فإن انخراط دول التمويل الخارجي، وخصوصاً النفطي بهذه الحروب العبثية المدمرة للأوطان العربية، بدءاًمن ليبيا ومروراً بتونس وسورية والعراق، وليس انتهاء باليمن، اخذ يرمي بثقله وموارد ميزانياته هذه الدول التي اخذت تفضل تمويل شبكاتها ومنظوماتها ووسائلها الاعلامية التي تملكها مباشرة، بدلاً من الاعتماد على منصات اعلامية هي ملك الغير، وخصوصاً أن بعض هذه الدول من باعة الكاز، تملك امبراطوريات اعلامية واعلانية تجعلها في غني عن استخدام المنابرالاعلامية اللبنانية، وخصوصاً في ظل التحولات الميدانية الهامة في سورية التي يحسمها الجيش العربي السوري وحلفاؤه لمصلحة الدولة الوطنية السورية، وتحول المقاومة اللبنانية الى قوة ترعب أوصال العدو، وانتصارات العراق البارزة على داعش وهزيمة الانفصال الكردي، ناهيك عن الصمود الايراني وتعزيز دور الجمهورية الاسلامية في جبهة المواجهة من خلال محور المقاومة والممانعة، في الوقت الذي يستمر فيه الأميركي بفرض الخوة والبلطجة المالية على دول الكاز العربي، مما أثر على اقتصاديات وموازنات دول النفط العربي.

 

إن حملة الاستهداف الأميركي للمنطقة شهدت كما يقول عضو المجلس الوطني للإعلام غالب قنديل في الأمس القريب "حركة الربط والتشبيك التي قادها مكتب التواصل الأميركي منذ تأسيسه بعد احتلال العراق بعلاقته الوثيقة في لبنان مع العديد من المؤسسات الإعلامية الصحافية والمرئية والمسموعة ونستطيع ان نقرا تأثير تلك العلاقات المالية والأمنية بالولايات المتحدة في ثنايا التوجهات والمواد الإعلامية التي تلقيناها وجاءتنا محملة برؤية اميركية ترويجية حول ما يجري من احداث محلية وإقليمية وفق مشيئة حكومة الولايات المتحدة وخططها مع حلفائها وحيث انساقت المنابر الإعلامية اللبنانية في شن الحملات وإدارة الحروب وتورطت في الكثير من الأفعال التضليلية عندما شاركت في تسويق جماعات الإرهاب والتكفير والتغطية على جوهرها الإجرامي أو في تبني خطاب شيطنة المقاومة الذي اعترف جيفري فيلتمان بأن وسائل الإعلام اللبنانية التي تبنته كلفته لشراء قرارها وعقولها المدبرة والأقلام والوجوه والحناجر المنفذة خمسمئة مليون دولار خلال سنوات عمله كسفير لبلاده في لبنان ولاريب في ان تلك اللعبة المهينة لفكرة وطنية الإعلام اللبناني واستقلاله استمرت بعد انتقال فيلتمان من بيروت إلى واشنطن ثم إلى نيويورك وهذا ملف وضع منذ إثارته خارج أي مساءلة قانونية وتجري التغطية عليه خلافا لأي أصول قانونية وبالتأكيد ضد الأعراف القانونية والأخلاقية للممارسة الإعلامية التي يثرثر عنها اهل الإعلام اللبناني كثيرا وبصورة انفصامية مضجرة".

 

بأي حال، ورغم الواقع المرير، فإن الإعلام اللبناني يبقى واجهة منيرة للبلاد، لكن لا بد من وضع تشريع ينظم الإعلام ويطور صناعته وتسويقه، ويضمن توزيعاً منصفاً لموازناته المحلية والخارجية، فيضمن حصص الصحف والإذاعات والتلفزيونات وتكافؤ الفرص وفق معيار الحضور والانتشار الشعبي الذي توفره دراسات احصائية موثوقة وذات مصداقية.

 

أحمد زين الدين


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل