يوم ترك لحود وزير الخارجية الأميركية في "صالون بعبدا" وذهب - حسان الحسن

السبت 10 آب , 2024 05:39 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
في الأسبوع الأخير من الذكرى الـ18 للعدوان الصهيوني على لبنان في تموز 2006، لا بد من الإضاءة على بعض مواقف القامات الوطنية التي حمت المقاومة في لبنان ودورها واستمراره وفاعليته منذ المراحل الأولى لانطلاقها.
ويأتي فخامة المقاوم الرئيس العماد إميل لحود في طليعة تلك القامات، منذ كان قائدًا للجيش، يوم تمرد على أوامر الطبقة السياسية المستمرة حتى اليوم ومن يقف خلفها من الدول الغربية والعربية معًا، بضرب المقاومة في 1993، ولم يلقَ دعمًا مطلقًا في حينه، إلا من الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، بحسب تأكيد لحود في العديد من مواقفه وإطلالته الإعلامية.
واليوم في مناسبة انتصار المقاومة في عدوان تموز 2006 على العدو الصهيوني، من المسلَّم به أن هذا الإنجاز التاريخي ما كان ليتحقق لولا اعتماد لبنان على المعادلة الماسية التي أثمرت هذا النصر، والمرتكزة على أربع دعائمٍ: "الشعب، الجيش، المقاومة، والرئيس".
ومن أبرز المواقف التاريخية التي أسهمت في حماية المقاومة ودورها، يوم واجه لحود "بالصدر المكشوف" أعتى قوةٍ في العالم، دفاعًا عن حق لبنان في حماية سيادته واسترجاع أراضيه المحتلة من العدو.
ففي العشر الأخير من تموز 2005، زارت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندليزا رايس لبنان، والتقت وقتذاك رئيسي الجمهورية والحكومة العماد إميل لحود وفؤاد السنيورة. يومها ظنت رئيس الدبلوماسية الأميركية التي زارت قصر بعبدا على رأس وفدٍ أميركي مؤلفٍ من 22 دبلوماسي، في حضور وزير الخارجية فوزي صلوخ، والمستشار الإعلامي في الرئاسة الأولى رفيق شلالا، أنها (أي رايس) قادرة على ممارسة الضغط على فخامة المقاوم، على اعتبار أن لقاءهما جاء في أعقاب حملةٍ إعلاميةٍ تضليليةٍ محليةٍ ودوليةٍ موجهةٍ وغير مسبوقةٍ في تاريخ لبنان، استهدفت لحود وعائلته، واتهمته بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
 بعد أخذ الصورة التذكارية للوزيرة الأميركية مع الرئيس اللبناني، دخلت في صلب الموضوع، ودعت إلى "إنهاء دور المقاومة في جنوب لبنان، تحت مظلة تطبيق القرار الدولي 1559"، فسألها لحود: "هل اطلعتِ على محضر لقائي مع سلفك كولن باول"؟ أجابت رايس: "نعم"، رد الرئيس اللبناني: "وهل قرأتِ ماذا كان جوابي لباول؟ عندما طلب مني إنهاء دور المقاومة، فأجبتُه يومها أن المقاومة في لبنان كجورج واشنطن الذي قاد ثورة التحرير التي انتهت باستقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا".. إثر ذلك وقفت وزيرة الخارجية الأميركية وقالت: " إذًا لا داعي للكلام"، فذهب لحود إلى مكتبه من دون أن يودع رايس والوفد المرافق إلى باب القاعة حيث كان اللقاء، وغادرت ومن معها القصر الرئاسي اللبناني من دون الإدلاء بأي تصريح.. بعد ذلك دخل شلالا إلى مكتب الرئيس وسأله: "فخامتكم ماذا فعلت"؟ أجاب:  "دافعت عن حق لبنان في حماية سيادته واسترجاع أراضيه المحتلة، وأنا متمسك بهذا الحق ولم ولن أفرّط به، وليفعلوا ما يشاؤون".
غداة هذا الإصرار من فخامة المقاوم على التمسك بحماية المقاومة، بدأت القطيعة الدبلوماسية للرئاسة الأولى في لبنان، وتبعها مقاطعة سياسية داخلية من الأطراف اللبنانيين، واشتدت الحملات الإعلامية التضليلية على لحود وعائلته وبعض من فريق عمله، غير أنه لم يأبه وتصلب أكثر في مواقفه الوطنية، خصوصاً تلك الداعمة للمقاومة، وبقي صامدًا في قصر بعبدا حتى آخر دقيقة من ولايته التي انتهت في 23 تشرين الثاني 2007.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل