يحيى سكاف .. 41 عاماً  من الأسر وقضيته لا تزال حية

الجمعة 08 آذار , 2019 11:36 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ لبنان

قبل 41 عاماً، وتحديداً في 11 آذار 1978 كانوا بضعة رجال وعلى رأسهم فتاة اسمها دلال المغربي، حملوا بنادقهم وعبواتهم ومدافعهم، وعيونهم، فركبوا البحر نحو فلسطين.

لم يخلفوا أبداً بالموعد.. نزلوا شاطئ حيفا.. المدينة التي عشقوها قبل أن يروها، وبدأوا مسيرة حيا على الجهاد، جابوا عمق الأرض بامتداد ثمانين كيلومتراً، وعلى مدى أكثر من 48 ساعة، أحالوا أرض "الجنة الموهومة" إلى زلزال فجروه في وجه أولئك الطارئين على أرض فلسطين.. فبثوا الرعب والخوف والفزع في قلوب قادة العدو وفي نفوس الكبار والصغار.

العملية الجريئة والنوعية: حملت اسم الشهيد كمال عدوان الذي اغتالته فرقة كومندوس صهيونية بقيادة يهودا باراك في فردان مع الشهيدين كمال ناصر ومحمد يوسف النجار (أبو يوسف) في نيسان 1973.

وقد صدر 13 بلاغاً عسكرياً عن القيادة العامة لقوات الثورة الفلسطينية منذ اليوم الأول لبدء العملية في 11 اذار 1978 حول تطورات المواجهات مع العدو في هذه العملية البطولية الجريئة، وقد جاء في البلاغ الثالث عشر والأخير الذي ورد في الساعة السادسة من مساء الرابع عشر من آذار.

على درب النضال الثوري المسلح لشعبنا الفلسطيني الذي يواجه منذ 20 عاماً عدواناً صهيونياً مستمراً على أرضه ووطنه، مضت قافلة من الأبطال ألهبها الشوق إلى وطنها الذي حرمها الاغتصاب الصهيوني من العيش في ربوعه، ولسطر قصة التحدي للبطش والقهر الصهيوني النازي الذي حرم وطن السلام من كل معاني السلام والحرية، ولقد أعطى اولئك الأبطال لشعبهم وأمتهم من دمائهم الزكية أغلى عطاء.. وهم على ثقة بأن رفاقهم سيواصلون مسيرة الكفاح المسلح، العملية الأسطورية التي نفذها مقاتلو فتح في الحادي عشر من آذار عام 1978، قيل الكثير، قيل إنها لأول مرة منذ إنشاء الكيان الصهيوني في قلب الوطن الفلسطيني صنعت زلزالاً هز سكان هذا الكيان، وإنها جعلت السادرين في نومهم يستفيقون على الوهم الأمني الذي اجتروه ثلاثين  عاماً، وقيل أيضاً إنها نقلت الثورة من مرحلة الكر والفر، إلى مرحلة تحرير الأرض والسيطرة عليها لساعات طويلة، طويلة، والتصرف بها بحكم ملكية القائمين بها لهذه الأرض.

باختصار: عن تطورات هذه العملية

مقاتلون من قوة "دير ياسين" من قوات العاصفة (حركة فتح) تسيطر على المنطقة بين تل أبيب وحيفا في عملية من أكبر عمليات المواجهة مع قوات العدو الصهيوني، فوقع بين صفوفه خسائر فادحة من القتلى والجرحى، وتحدث في عقول جنرالاته تخبطات تاريخية".

أصوات الانفجارات تهز مدينة تل أبيب.. تل أبيب.. – حيفا تحت نيران ثوار فلسطين.. ارتباك عنيف في صفوف العدو..

صدمة هائلة تصيب جموع المستوطنين.. قتلى وجرحى العدو يملؤون خمس مستشفيات بين حيفا وتل أبيب.. فدائيو فلسطين ينتشرون ويسيطرون على أماكن متعددة... بيغن يؤجل زيارته إلى واشنطن وفايتسمان يقطع زيارته لها.. إعلان حظر التجوال في "إسرائيل"..

.. وتتصدر "فلسطين" واجهة العالم، ويعود لها لونها النضالي الأصيل، شاشات التلفزيون والإذاعات والصحف ومراسلو الوكالات يجعلون من العملية شغلهم الشاغل، "إسرائيل في خطر" كل هذه الزلازل صنعتها بنادق ثوار فلسطين الذين كسروا الطوق، واخترقوا الحصار، وبدأوا محاصرة العدو في أرض يسميها "عقر داره"، والذاهبون في مهمة أشاعوا الأمل في نفوس كل أطفال فلسطيني الذي ولدوا في المنافي للعودة إلى دور أجدادهم وآبائهم.

في ذلك اليوم كانت أصوات الحشرجة تملأ نفوس الصهاينة، وتعيد آلاف المضللين إلى حالة الوعي، وعي الحقيقة، حقيقة المناضلين الفلسطينيين الذين ينفذون عملية استشهادية، وتبقى فلسطين تنتظر، مما يعزز هذا التأكيد، أن هذه المقبرة بعيد عن أعين المستوطنين الصهاينة، كما أن سلطات الاحتلال منعت المستوطنين وعائلات المصابين من عسكريين ومدنيين من دخول المستشفيات خوفاً من معرفة الأرقام الحقيقية للخسائر.

وقال التقرير صهيوني يومها: إن الإصابات لا تقل عن ثلاثمئة صهيوني، الغالبية العظمى منها عسكريون، مضيفاً إنه بسبب ظاهرة الهروب التي برزت بين قوات العدو، فقد تم تشكيل لجان تحقيق في هذا الصدد، كما أنه أمام الفشل الصهيوني في مواجهة عملية "الشهيد كمال عدوان" فإن بيغن يدرس حالياً تعيين مستشار جديد وجهازاً خاصاً به لمكافحة ما أسماه الإرهاب.

وكشف التقرير النقاب عن الإجراءات الأمنية والتدابير الاحترازية التي اتخذتها سلطات الاحتلال في المؤسسات الحيوية والمرافق العامة.

المناضل الشجاع

المناضل الشجاع يحيى سكاف (أبو جلال) لبناني، من مواليد بحنين 15\12\1959، في مطلع السبعينيات انخرط المناضل الشاب في صفوف المقاومة الفلسطينية ليكون واحداً من طلائع حركة التحرير العربية، التي تؤمن بقدسية الصراع مع المحتل، الذي اغتصب أرض فلسطين عنوة، وهجر أهلها، وأعلن عن مشروعه الاستيطاني والتوسعي الكبير بعد الحروب التي خاضها مع العرب في الأعوام 67 و73، ولأن يحي سكاف كان يعي حجم القضية الفلسطينية وما تعنيه بمقدساتها وأرضها لكل مناضل عربي ومسلم، رهن نفسه للقضية.

ترك الأسير يحيى سكاف عائلته ومدرسته يافعاً، وسار في درب المقاومة التي انخرط في صفوفها، ليكون من أوائل مجاهديها الأبطال الذين سجلوا أسماءهم في العمل الجهادي ضد العدو الغاصب، الذي أقام دولته العنصرية على أنقاض وطن هجر أهله واغتصب تراثه.

يمم يحيى سكاف وجهه نحو فلسطين، وفي ذاكرته الجنوب اللبناني الذي كان مرتعاً لجنود الاحتلال، والتحق في أول عملية فدائية نوعية كانت مهمتها تنفيذ عملية استشهادية "باسم عملية الشهيد كمال عدوان"، والتي قادتها المناضلة دلال المغربي انئذ، وعرفت باسم مجموعة دير ياسين.

لم يعرف في البدء شيء عن مصير المقاوم اللبناني الشمالي البطل، لكن بعد وقت طويل، بدأت تنكشف المعلومات أن يحيى سكاف، ما يزال حياً يرزق وهو أسير في سجون الاحتلال، وقد وردت عدة رسائل ومعلومات من أسرى تم تحريرهم من سجون العدو الصهيوني تؤكد ذلك.

وفي ذكرى أسرى يحيى سكاف يقول شقيقه جمال: في الذكرى 41 لأسر المجاهد يحيى سكاف نجدد العهد والوعد لكل الأسرى في سجون العدو الصهيوني بأننا سنستمر على نهجهم وعلى مثابرتنا وعملنا ونضالنا حتى تحرير كل أسرانا وكل أرضنا ومقدساتنا وثقتنا كبيرة بالمقاومة الباسلة وحدها، وليس بالمفاوضات، ولا المجتمع الدولي المنحاز للعدو المحتل لأرضنا ومقدساتنا.

نجدد العهد والوعد بأن الخيار الذي حمله يحيى سكاف في 11\3\1978 سنبقى معه ونحمله، فتحرير الأرض والأسرى كما أكدت الوقائع التجارب لا يتم إلا عبر المقاومة وهو الخيار الوحيد الأوحد الذي لا يفهم العدو غيره.

في ذكرى أسر يحيى سكاف نؤكد أن خيار المقاومة.. هو الخيار الصحيح، وهو الذي يجب أن تسلكه الأمة، فالمقاومة الإسلامية الباسلة بقيادة القائد الكبير سماحة السيد أبو هادي هي وحدها التي قدمت التجربة والخيار اللذين بهما تحرر معظم الجنوب وتم تبادل الأسرى على عدة مراحل..

وفي يوم يحيى سكاف نجدد الثقة والإيمان بهذا الخيار الذي به يحرر الأرض والأسرى.

 

سعيد عيتاني


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل